يَفِيَا بِهِ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَعْدُ إلَى الزَّوْجِ، فَكَأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ.
(وَ) عَادَ إلَيْهِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمَهْرُ (بَدَلُ الْوَاجِبِ) لَهُ مِنْ كُلِّ الْمَهْرِ، أَوْ نِصْفِهِ، وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ، بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ (يَوْمَ التَّلَفِ) لَهُ فِي يَدِهَا (مِنْ بَعْدِهَا) أَيْ: الْفُرْقَةِ وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ بِلَا تَعَدٍّ مِنْ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا قَبَضَتْهُ عَنْ مُعَاوَضَةٍ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ كَانَ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَلَفِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ قَدْ ثَبَتَ فِي عَيْنِ الْوَاجِبِ فَاسْتَحَقَّهَا، ثُمَّ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدٍ ضَامِنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ، بَلْ نَقَصَ فِي يَدِهَا وَلَوْ بِجِنَايَتِهَا، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ عَادَ بِهِ (مَعْ أَرْشِ نَقْصٍ) لَهُ (يَقْتَفِي) أَيْ: يَتَّبِعُ الْفُرْقَةَ، وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ قَدَّمَ مَا قَيَّدَهُ بِهِ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ بَعْدِهَا لَمَا احْتَاجَ إلَيْهِ (وَعَادَ لِلزَّوْجِ أَقَلُّ الْقِيَمِ) لِلْمَهْرِ الْمُتَقَوِّمِ (فِي يَوْمَيْ الْإِقْبَاضِ وَالتَّحَتُّمِ) أَيْ: وُجُوبُ الْمَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ، أَوْ غَيْرِهَا (لِتَلَفٍ) أَيْ: عِنْدَ تَلَفِهِ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَإِعْتَاقِهِ وَبَيْعِهِ (مِنْ قَبْلِهَا) أَيْ: الْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَةٍ يَوْمَ الْوُجُوبِ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهَا لَا تَعَلُّقَ لِلزَّوْجِ بِهَا وَالنَّقْصُ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِهِ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا.
وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ أَيْضًا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِنْ تَعْبِيرِ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: مِنْ قَبْلِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ التَّقْيِيدِ فِيمَا مَرَّ بِبَعْدِهَا، بَلْ تَرْكُهُ أَوْلَى لِيَكُونَ مَفْهُومُ الْبَعْدِيَّةَ شَامِلًا لِلْقَبْلِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ فَإِنَّهَا مِثْلُهَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ (كَالْحُكْمِ) فِيمَا (لَوْ عَلَّقَتْ) الزَّوْجَةُ الْمُوسِرَةُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ (الْإِعْتَاقَ) لِلرَّقِيقِ الْمَجْعُولِ صَدَاقًا عَلَى صِفَةٍ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِأَقَلِّ قِيمَةٍ فِيمَا تَقَرَّرَ (كَالتَّدْبِيرِ) لَهُ، فَإِنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ، فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ تَفْوِيتُهَا كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمُدَبَّرَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ، وَالْعَوْدُ بِهِ يُفَوِّتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَعَدَمُ الْعَوْدِ بِهِ لَا يُفَوِّتُ حَقُّ الزَّوْجِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ابْتَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ وَدَبَّرَ الْعَبْدَ ثُمَّ ظَهَرَ بِالثَّوْبِ عَيْبٌ، أَوْ اتَّهَبَ مِنْ أَصْلِهِ عَبْدًا فَدَبَّرَهُ، فَإِنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِمَا لَا يَمْنَعُ الْعَوْدَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضٌ مَحْضٌ وَمَنْعُ الْعَوْدِ فِي الْمُتَّهَبِ يُفَوِّتُ الْحَقَّ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ فِيهِمَا.
وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِي بِالْمُوسِرَةِ الْمُعْسِرَةُ، فَإِنَّ الْعَوْدَ يَكُونُ بِعَيْنِ الْعَبْدِ وَعَطَفَ عَلَى عَلَّقَتْ قَوْلَهُ: (أَوْ لَازِمُ حَقٍّ بِصَدَاقٍ اعْتَلَقْ) أَيْ: أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ مَعَ قَبْضٍ وَإِجَارَةٍ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِأَقَلِّ الْقِيَمِ (إنْ هُوَ لَمْ يَصْبِرْ) بِالْعَوْدِ بِهِ (إلَى زَوَالِ حَقْ) لِتَضَرُّرِهِ بِالتَّأْخِيرِ (أَوْ) صَبَرَ بِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهِ وَ (بَادَرَتْ بِدَفْعِ قِيمَةٍ) لِلْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلٍ لِلْمِثْلِيِّ (إلَى صَاحِبِهَا) أَيْ: الزَّوْجِ (فَلَازِمٌ) لَهُ (أَنْ يَقْبَلَا) أَيْ: الْقِيمَةَ، أَوْ الْمِثْلَ لِدَفْعِ خَطَرِ الضَّمَانِ عَنْهَا، فَإِنْ قَالَ: أَعُودُ بِهِ وَأَتَسَلَّمُهُ ثُمَّ أُسَلِّمُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ
ــ
[حاشية العبادي]
يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إنْ وُجِدَتْ مُرْضِعَةٌ غَيْرُ الْأُمِّ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ وَكَانَ تَرْكُ الْإِرْضَاعِ مِمَّا يَضُرُّ الْوَلَدَ وَجَبَ لِلضَّرُورَةِ
(قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِهَا) بِخِلَافِ التَّلَفِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ فَالْمُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيمَتِهِ الْإِصْدَاقُ إلَى الْقَبْضِ، كَمَا سَيَأْتِي عَلَى الْأَثَرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ: الْمَعِيَّةَ مِثْلُهَا أَيْ: الْقَبْلِيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَعَطَفَ عَلَى عَلَّقَتْ إلَخْ) إنْ جُعِلَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدِ، فَالْمَعْطُوفُ اعْتَلَقَ الْمُقَدَّرُ الرَّافِعُ " لِلَازِمِ "، أَوْ الْجُمَلِ جَازَ جَعْلُ الْجُمْلَةِ اسْمِيَّةً، أَوْ فِعْلِيَّةً وَقَوْلُهُ: قَوْلُهُ: إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي، أَوْ قَدْ أَبَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَازِمُ) يُمْكِنُ إعْرَابُهُ فَاعِلًا بِمَا يُفَسِّرُهُ اعْتَلَقَ فَيَظْهَرُ الْعَطْفُ. (قَوْلُهُ: كَرَهْنٍ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُرْتَهِنَ فَلَوْ رَهَنَتْهُ عِنْدَ الزَّوْجِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهَا فَإِذَا طَلَّقَهَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ النِّصْفُ لَهُ، فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ انْفَسَخَ الرَّهْن؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَتْ الْعَيْنَ مِنْهُ فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ بِهَا الزَّوْجُ بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ: أَعُودُ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ صَبَرَ فِي صُورَةِ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالتَّزْوِيجِ بِأَنْ قَالَ - مَعَ اخْتِيَارِهِ رُجُوعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي صُورَتِهِ - أَنَا أَصْبِرُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَوْ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ وَزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَطَرِ الضَّمَانِ حَتَّى يَقْبِضَ هُوَ الْمُسْتَأْجَرَ، وَالْمَرْهُونَ وَالْمُزَوَّجَ وَيُسَلِّمُهَا، أَيْ: الْعَيْنَ الْمُصَدَّقَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ لَهَا لِتَبْرَأَ، أَيْ: الزَّوْجَةُ مِنْ الضَّمَانِ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ حِينَئِذٍ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ فِي صُورَتِهِ فِي نِصْفِهَا. اهـ.
وَقَوْلُهُ: فِي نِصْفِهَا، قَضِيَّتُهُ انْتِقَالُ مِلْكِ النِّصْفِ الْآخَرِ إلَيْهِ، إذْ لَوْ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ كَانَ الْوَجْهُ بَقَاءَ الرَّهْنِ فِي الْجَمِيعِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ السَّابِقُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْتَقِلْ مِلْكُ النِّصْفِ إلَيْهِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى مِنْ اسْتِشْكَالِ التَّخَلُّصِ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ بِأَنَّ مِلْكَهَا مُسْتَمِرٌّ فِي حَالِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ) إلَّا إذَا طُولِبَتْ بِهِ فَامْتَنَعَتْ مِنْ التَّسْلِيمِ فَإِنَّهَا تَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ. اهـ. عب سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لَوْ عَلَّقَتْ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَتْ بِهِ لِجَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ وَالتَّدْبِيرِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَسَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: يَكُونُ لِعَيْنِ الْعَبْدِ) فَيَبْطُلُ التَّعْلِيقُ وَالتَّدْبِيرُ فِي النِّصْفِ إنْ كَانَ الرُّجُوعُ فِيهِ وَيَبْقَى النِّصْفُ الْآخَرُ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ هُوَ لَمْ يَصْبِرْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَمْ يَصْبِرْ الزَّوْجُ د لِزَوَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ وَلَا رَضِيَ بِالرُّجُوعِ مَعَ تَعَلُّقِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصْبِرْ بِالْعَوْدِ بِهِ) أَيْ: لَمْ يُؤَخِّرْ الْعَوْدَ بِهِ إلَى زَوَالٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَبَرَ إلَخْ) فِي ق ل إنَّ لَهَا إلْزَامَهُ بِأَخْذِ نِصْفِ الْبَدَلِ، أَوْ نِصْفَ الْعَيْنِ حَالًّا وَإِلْزَامَهُ بِقَبْضِهَا مِمَّنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ لِتَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِهَا أَيْ: تُخَيِّرُهُ مَعَ إلْزَامِهِ إنْ