ثُبُوتُ ذَلِكَ لِجِنْسِ الْمَاءِ وَفِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ وَخَرَجَ بِمَا قَلَّ مَا كَثُرَ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِأَنْ جُمِعَ حَتَّى كَثُرَ وَإِنْ قَلَّ بَعْدُ بِتَفْرِيقِهِ.
وَوَجْهُ إخْرَاجِ مَا كَثُرَ انْتِهَاءً أَنَّ مَا قَلَّ ظَرْفٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا اُسْتُعْمِلَ وَهُوَ الِاشْتِرَاطُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: اُشْتُرِطَ فِي زَمَنِ قِلَّتِهِ عَدَمُ اسْتِعْمَالِهِ لَا فِي زَمَنِ كَثْرَتِهِ، أَوْ ظَرْفٌ لَاسْتُعْمِلَ وَالْمُرَادُ مَا اُسْتُعْمِلَ قَلِيلًا وَاسْتَمَرَّتْ قِلَّتُهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ بِمَاءٍ خَالِصٍ يَكْثُرُ طُهْرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَادَتْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَوَجْهُ إخْرَاجِ مَا كَثُرَ انْتِهَاءً) أَقُولُ: لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ فُرِّقَ هَذَا بَعْدَ كَثْرَتِهِ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ أَقُولُ: وَهَذَا يَرِدُ أَيْضًا عَلَى إخْرَاجِ مَا كَثُرَ ابْتِدَاءً فَإِنْ قِيلَ هَذَا لَمْ يَتَّصِفْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُؤَثِّرِ قُلْنَا لَوْ أَرَادَ الْمُؤَثِّرَ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّقْيِيدِ بِزَمَنٍ قُلْته فَلْيُتَأَمَّلْ.
[حاشية الشربيني]
خَبَثٍ كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَحَوَاشِيهَا الْيَمَنِيَّةِ وَقَوْلُهُ: وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ طَهُورٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: ذَهَبَ إلَيْهِ طَوَائِفُ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُد وَابْنِ الْمُنْذِرِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: فِي فَرْضٍ) أَيْ: لِتَحْصِيلِهِ إذْ الْفَرْضُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ رَفْعِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَرْضٍ) أَيْ: أَصَالَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مِنْ رَفْعِ إلَخْ فَلَوْ نَذَرَ الْغُسْلَ الْمَنْدُوبَ أَوْ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ لَمْ يَكُنْ مَاؤُهُمَا مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَارِضٌ كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُمْ يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ خَاصٌّ بِنَذْرِ اللَّجَاجِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ وِفَاقٍ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ قِيلَ: إنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِيهِمَا كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ فِي نَفْلِ الطَّهَارَةِ كَالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ غَيْرُ طَهُورٍ فِي الْجَدِيدِ لَكِنَّهُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِذِكْرِ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ فَوَجْهُ التَّقْيِيدِ أَنَّهُ قَصَدَ إيرَادَ مِثَالٍ لِمَا لَيْسَ عِبَادَةً أَصْلًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) حَالٌ وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً أَيْ: إنْ كَانَ نَجَسًا وَإِنْ إلَخْ دَلِيلٌ لِطَهَارَتِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ كَأَبِي حَنِيفَةَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْقَ نَجَسًا) ظَاهِرٌ فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ فِي رَفْعِ النَّجَسِ: إنَّهُ لَمْ يَلْقَ نَجَسًا مُؤَثِّرًا فِيهِ بِأَنْ كَانَ وَارِدًا بِشَرْطِهِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّلَفَ) أَيْ: الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَإِنَّمَا لَمْ يَجْمَعُوا مَاءَ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِاخْتِلَاطِهِ غَالِبًا بِمَاءِ الْأُولَى فَكَانَ الْجَمْعُ مَظِنَّةَ الْمَحْذُورِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ إلَخْ) فَهُمَا عِبَارَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِعْمَالِ فِي فَرْضِ الْأُولَى لِشُمُولِهِ طُهْرَ السَّلَفِ وَتُرَابَ التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ انْتِقَالِ الْمَنْعِ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُهُمَا لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهِمَا فَإِنَّ عَدَمَ الِانْتِقَالِ مَمْنُوعٌ بَلْ انْتَقَلَ وَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ بِمَعْنَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ لَمْ يَرْتَفِعْ كَذَا فِي الْإِيعَابِ وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ إلَخْ نَظَرٌ تَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: بِانْتِقَالِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ) يَزِيدُ دَفْعُ مَا أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ الْحَدَثُ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَدَثَ لَيْسَ شَيْئًا مُحَقَّقًا يُفْرَضُ انْتِقَالُهُ إلَى الْمَاءِ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّ بِالِاسْتِعْمَالِ يَرْتَفِعُ مَنْعٌ كَانَ فِي الْبَدَنِ وَهُوَ كَوْنُهُ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَيَحْدُثُ مَنْعٌ فِي الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً أُخْرَى فَعَبَّرَ عَنْ ارْتِفَاعِ مَنْعٍ وَحُدُوثِ مَنْعٍ بِالِانْتِقَالِ تَوَسُّعًا، وَعِبَارَةُ أَدَاءِ الْفَرْضِ أَوْضَحُ وَأَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الْغُسَالَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْمُرَادُ بِتَأَدِّي الْغَرَضِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ رَفْعُ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعُ حُكْمِهِ كَمَا فِي صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَأَثُّرَ الْمَاءِ كَمَا فِي غُسَالَةِ النَّجَاسَةِ اهـ. فَكَلَامُهُ فِي بَيَانِ وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ عِنْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ فَقَطْ لَكِنَّ الشَّارِحَ عَمَّمَ فَلَا بُدَّ مِنْ جَوَابِ ع ش الْمَسْطُورِ بِهَامِشِ الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَيَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ) فِيهِ أَنَّ الطَّهَارَةَ فِي طَاهِرِ الَّذِي هَذَا مُبَالَغَةٌ فِيهِ وَصْفٌ لَازِمٌ لَا مُتَعَدٍّ وَالْمَقْصُودُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِمَعْنَى مُطَهِّرٍ بِدَلِيلِ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا إلَخْ. فَإِنَّ الطَّهُورَ فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَعْنَى الْمُطَهِّرِ لَمْ يَسْتَقِمْ لِفَوَاتِ مَا اخْتَصَّتْ بِهِ الْأُمَّةُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَعَ زِيَادَةٍ وَفِي الرَّشِيدِيِّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِتَكَرُّرِ الطَّهَارَةِ مَعْنًى حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: يَأْتِي اسْمًا إلَخْ) كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ لِلْمُبَالَغَةِ وَهِيَ أَنْ يَدُلَّ عَلَى زِيَادَةٍ فِي مَعْنَى فَاعِلٍ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي التَّعَدِّي كَضَرُوبٍ أَوْ اللُّزُومِ كَصَبُورٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَحَلِّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَبِهَا عَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ لِكِفَايَةِ كُلٍّ فِي الْجَوَابِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَدِلَّةِ) الْمُرَادُ بِالْأَدِلَّةِ الْعِلَّتَانِ السَّابِقَتَانِ وَالْآيَةُ فَإِنَّ الْعِلَّتَيْنِ تَقْتَضِيَانِ عَدَمَ التَّكْرَارِ بِخِلَافِ الْآيَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا أُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مَا قَلَّ ظَرْفٌ لَاسْتُعْمِلَ أَيْ: مَا اُسْتُعْمِلَ زَمَنَ قِلَّتِهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا جُمِعَ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ حَالَ قِلَّتِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ فِي زَمَنِ قِلَّتِهِ) فِيهِ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ إنَّمَا هُوَ الْآنَ لَا فِي زَمَنِ الْقِلَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ اشْتِرَاطُهُ الْآنَ يُؤَثِّرُ اشْتِرَاطَهُ زَمَنَ قِلَّتِهِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ زَمَنَ الْقِلَّةِ لِيُفِيدَ أَنَّ الضَّارَّ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ قَلِيلٌ فَمَآلُ الْجَوَابَيْنِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute