للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّوَرُ (عَلَى فُرْشٍ) تُدَاسُ (وَمُتَّكًّا) ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَطَبَقٍ وَخِوَانٍ وَقَصْعَةٍ (وَدِهْلِيزٍ فَلَا) تَمْنَعُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّ مَا يُوطَأُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ، وَالْمَنْصُوبُ مُرْتَفِعٌ يُشْبِهُ الْأَصْنَامَ، وَالْمُصَوَّرُ عَلَى الدِّهْلِيزِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ الْحُضُورِ، فَكَانَ كَالْخَارِجِ عَنْ الْمَنْزِلِ (إلَّا) إذَا كَانَتْ الدَّعْوَةُ (لِشَخْصٍ بِالْحُضُورِ شَتَّتَهْ) أَيْ: أَزَالَ الْمُنْكَرَ بِحُضُورِهِ، فَتَجِبُ إجَابَتُهُ إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ، وَخَرَجَ بِصُوَرِ الْحَيَوَانِ صُوَرُ الشَّجَرِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ فَلَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ.

(وَحَرَّمُوا) عَلَى الْمَدْعُوِّ (حُضُورَهُ) أَيْ: الْمُنْكَرَ حَيْثُ لَا يَزُولُ بِحُضُورِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالرِّضَى بِهِ وَفِي الْخَبَرِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدُ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى حَضَرَ نَهَاهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا فَلْيَخْرُجْ وُجُوبًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْخُرُوجُ كَأَنْ كَانَ لَيْلًا وَخَافَ قَعَدَ كَارِهًا وَلَا يَسْتَمِعُ لِمَا يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ، وَيُنْكِرُ بِقَلْبِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِجِوَارِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّحَوُّلُ وَإِنْ بَلَغَهُ الصَّوْتُ وَلَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ حَرُمَ الْحُضُورُ عَلَى مُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ، وَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ مِنْ حُرْمَةِ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ صُوَرٌ مَمْنُوعَةٌ وَفُرُشُ حَرِيرٍ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّيْسَابُورِيّ فِي الْهَادِي فِيهِمَا وَالْبَارِزِيُّ فِي الْأَوْلَى وَنَقَلَهُ فِيهَا صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَيَانُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ لَكِنْ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُمْ مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ يُفْهِمُهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَ) حَرَّمُوا (صَنْعَتَهْ) أَيْ: الْمُنْكَرَ فَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ وَلَوْ عَلَى الْأَرْضِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ الْمُصَوِّرِينَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَتَحْرُمُ صَنْعَةُ فُرُشِ الْحَرِيرِ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ افْتِرَاشُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ لَعِبَ الْبَنَاتِ «لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْمُنْكَرِ الْمُسْقِطِ لِلْإِجَابَةِ كَوْنُ النِّسَاءِ عَلَى السُّقُوفِ، وَالْمَرَافِقِ. اهـ. وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كُنَّ يَقْصِدْنَ النَّظَرَ إلَى الرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى فُرُشٍ) اُنْظُرْ لِمَ مَنَعَ فُرُشُ الْحَرِيرِ وُجُوبَ الْحُضُورِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ الصُّوَرُ عَلَى الْفِرَاشِ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ حُرْمَةُ الصُّوَرِ لِشَبَهِهَا بِالْأَصْنَامِ وَلَا تُشْبِهُهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُرْتَفِعَةً وَلَا كَذَلِكَ الْحَرِيرُ. (قَوْلُهُ: وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ) لِأَنَّهُ، كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ لَا يُشْبِهُ حَيَوَانًا فِيهِ رَوْحٌ. اهـ. قِيلَ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ قَطْعَ مَا لَا يَبْقَى الْحَيَوَانُ بِدُونِهِ كَقَطْعِ الرَّأْسِ وَلَا فَرْقَ، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الصُّورَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهَا ظِلٌّ وَغَيْرِهَا كَالْمَنْقُوشَةِ بِنَحْوِ السَّتْرِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ فَقُيِّدَ بِالْأَوَّلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: حَرُمَ الْحُضُورُ) هَذَا إذَا كَانَ الْفَاعِلُ يَعْتَقِدُ أَيْضًا تَحْرِيمَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمُ الْحُضُورُ وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْحُضُورُ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ التَّحْرِيمَ. اهـ. لَكِنْ يَسْقُطُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ مَعَ وُجُودِ مَا يَحْرُمُ فِي اعْتِقَادِهِ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ الْفَاعِلُ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ، وَمُرِيدُ الْحُضُورِ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ حَرُمَ الْحُضُورُ أَيْضًا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ حُضُورُ الْمُنْكَرِ لِغَيْرِ إزَالَتِهِ مُمْتَنِعٌ، فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَذَا حُكْمُ جَوَازِ الْحُضُورِ وَامْتِنَاعِهِ، وَأَمَّا الْإِنْكَارُ فَإِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، أَوْ يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا، كَمَا هُوَ حَاصِلُ مَجْمُوعِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَابِ السَّيْرِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ هُنَا لَا إنْ كَانُوا شَرَبَةَ نَبِيذٍ يَعْتَقِدُونَهُ أَيْ: حِلَّهُ فَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ كَالْمُنْكَرِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ الْحُضُورَ وَالدُّخُولَ مَسْأَلَتَانِ حُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ. (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ وَلَوْ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ) ، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَا لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْأَرْضِ) فَعُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالِاسْتِدَامَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَلَائِكَةِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَقَصْعَةٍ) بِخِلَافِ الْإِبْرِيقِ لِارْتِفَاعِهَا. اهـ. م ر سم. (قَوْلُهُ: وَدِهْلِيزٍ فَلَا) فَلَا يُكْرَهُ الْمُرُورُ بِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْرُمُ حُضُورُهُ أَيْ الْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ لَا الْمُرُورُ بِهِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ) بِأَنْ كَانَتْ لِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ حَتَّى تَجِبَ الْإِجَابَةُ، كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: إجَابَةً إلَخْ وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّ الْوُجُوبَ إنَّمَا هُوَ لِإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ بَقَاءِ الْوُجُوبِ لِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ حَيْثُ جَازَ الْحُضُورُ لِلْإِزَالَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: حُضُورَهُ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ: يَحْرُمُ حُضُورُ بَيْتٍ فِي حُجْرَةٍ مِنْهُ صُورَةٌ وَإِنْ كَانَ الْحُضُورُ فِي حُجْرَةٍ أُخْرَى مِنْهُ عَلَى الْأَوْجَهِ، بَلْ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ فَفِي حُضُورِ الدَّارِ الَّتِي هُوَ بِهَا إقْرَارٌ عَلَيْهِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر نَظِيرَهُ فِي آلَةِ اللَّهْوِ. (قَوْلُهُ: وَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ وَفِيهِ أَنَّهُ وَإِنْ لَزِمَهُ، لَكِنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لَا الدُّخُولُ فَدُخُولُ الْمَحَلِّ الَّذِي فِيهِ الصُّورَةُ مَكْرُوهٌ، وَحُضُورُهَا بِالْجُلُوسِ فِيهِ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مُسْقِطًا لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ) مُعْتَمَدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>