للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةَ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ كَوْنُ الدَّاعِي غَيْرَ فَاسِقٍ لِلنَّهْيِ عَنْ الْإِجَابَةِ لِطَعَامِ الْفَاسِقِينَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَكَوْنُ طَعَامِهِ حَلَالًا وَكَوْنُ الْمَدْعُوِّ غَيْرَ قَاضٍ وَعَدَمُ عُذْرٍ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَوُجُودِ مَحْرَمٍ، أَوْ نَحْوِهِ إذَا دَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ الرِّجَالَ وَأَنْ يَخُصَّهُ بِالدَّعْوَةِ، فَلَوْ فَتَحَ الْبَابَ وَقَالَ: لِيَحْضُرْ مَنْ يُرِيدُ، أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُدْعُ مَنْ شِئْت لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ وَلَمْ تُسَنُّ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ حِينَئِذٍ لَا يُورِثُ وَحْشَةً وَأَنْ لَا يُعَارِضَ الدَّاعِي غَيْرَهُ، فَلَوْ دَعَاهُ اثْنَانِ قُدِّمَ بِالسَّبْقِ، ثُمَّ بِقُرْبِ الرَّحِمِ، ثُمَّ بِقُرْبِ الدَّارِ ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ وَلَوْ اعْتَذَرَ الْمَدْعُوُّ لِلدَّاعِي فَرَضِيَ بِتَخَلُّفِهِ سَقَطَ الْوُجُوبُ، وَأَنْ يَكُونَ لِلدَّاعِي مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فَلَا تَجِبُ إجَابَةُ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِ مَالِهِ عَنْ إتْلَافِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: نَعَمْ لَوْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ أَبٌ، أَوْ جَدٌّ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَا يُعْذَرُ بِالشِّبَعِ.

(وَالْأَكْلُ) لِلضَّيْفِ جَائِزٌ (عَنْ قَرِينَةٍ) أَيْ: بِقَرِينَةٍ تَقْتَضِيهِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنٍ لَفْظًا كَأَنْ قَدَّمَ إلَيْهِ الْمَأْكُولَ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ، كَمَا فِي الشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ فِي الطُّرُقِ وَلِخَبَرِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَذَلِكَ إذْنٌ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَدْ تَقْتَضِي الْقَرِينَةُ عَدَمَ الْأَكْلِ كَأَنْ انْتَظَرَ الْمَالِكُ آخَرَ، فَلَا يَأْكُلُ حَتَّى يَحْضُرَ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْمَالِكُ لَفْظًا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ الشِّبَعِ، كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ وَالْعُرْفِيِّ فِيمَا وَرَاءَهُ (قُلْتُ وَلَا يُطْعِمُ) الضَّيْفُ مِنْهُ (هِرَّةً وَلَا مَنْ سَأَلَا) إلَّا بِإِذْنٍ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يُلَقِّمُ بَعْضُ الْأَضْيَافِ بَعْضًا إلَّا إذَا فَاوَتَ بَيْنَهُمْ، فَلَيْسَ لِمَنْ خُصَّ بِنَوْعٍ أَنْ يُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْهُ.

وَظَاهِرُهُ الْمِنَّةُ سَوَاءٌ خُصَّ بِالنَّوْعِ الْعَالِي أَمْ السَّافِلِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي (وَ) الْأَكْلُ لِلضَّيْفِ، أَوْلَى مِنْ إمْسَاكِهِ (فِي صِيَامِ النَّفْلِ) وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ (إنْ شَقَّ عَلَى دَاعٍ) لَهُ إمْسَاكُهُ جَبْرًا لِخَاطِرِ أَخِيهِ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى إمْسَاكُهُ، وَأَمَّا صِيَامُ الْفَرْضِ فَيُمْتَنَعُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُوسَعًا، كَمَا فِي بَابِهِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُفْطِرَ الْأَكْلُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا (وَلَا يَأْخُذُ) مِمَّا قُدِّمَ لَهُ (قَدْرًا جَهِلَا رِضًا بِهِ) أَيْ: جَهِلَ رِضَا مَالِكُهُ بِهِ، فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا عَلِمَ رِضَاهُ بِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَإِذَا عَلِمَ رِضَاهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا يَخُصُّهُ، أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ عَنْ طَوْعٍ لَا عَنْ حَيَاءٍ وَيَحْرُمُ التَّطَفُّلُ وَهُوَ حُضُورُ الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا إذَا عُلِمَ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأُنْسِ وَالِانْبِسَاطِ (وَجَائِزٌ أَنْ يَرْجِعَا مَالِكُهُ) فِيهِ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْتَلِعَا) أَيْ: يَبْتَلِعَهُ الضَّيْفُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ الِازْدِرَادِ وَفِي مِلْكِهِ لَهُ خِلَافٌ قَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَمْلِكُهُ بَلْ هُوَ إتْلَافٌ بِإِذْنٍ قَالَ الْإِمَامُ: فِي الْغَصْبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأَيْمَانِ وَحَكَيَا هُنَا عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَعَلَيْهِ هَلْ يَمْلِكُهُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ بِأَخْذِهِ، أَوْ بِمَضْغِهِ فِي الْفَمِ، أَوْ بِالِازْدِرَادِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُهُ قَبْلَهُ وُجُوهٌ يَنْبَنِي عَلَيْهَا التَّمَكُّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ التَّتِمَّةِ تَرْجِيحُ الْأَخِيرِ وَحُكِيَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْأَخِيرَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَا يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ كَالنِّسَاءِ

(قَوْلُهُ: أَنْ يَطْعَمَ غَيْرَهُ مِنْهُ) أَيْ: إلَّا مَعَ قَرِينَةِ رِضَى الْمَالِكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. .

(قَوْلُهُ: وَرَجَحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَمَعَ مِلْكِهِ بِالْوَضْعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُضُورَ أَيْ الْجُلُوسَ، كَمَا فَسَّرَهُ ق ل كَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: أَجْنَبِيَّةٌ) بِأَنْ كَانَتْ إمَّا وَصِيَّةً فَعَلَتْ الْوَلِيمَةَ مِنْ مَالِهَا فَإِنَّهَا كَالْأَبِ، وَالْجَدِّ فِي وُجُوبِ إجَابَةِ دَعَوْتِهِمَا إذَا فَعَلَا الْوَلِيمَةَ مِنْ مَالِهِمَا كَمَا فِي الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى الْخَطِيبِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ بِالسَّبْقِ) فِي ح ل وَلَوْ لِغَيْرِ عُرْسٍ، وَالْمُتَأَخِّرَةُ لِعُرْسٍ وَفِي غَيْرِهِ الْعِبْرَةُ بِالْوَاجِبَةِ الْإِجَابَةُ وَلَوْ مُتَأَخِّرَةً فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَذَرَ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ عُذْرُهُ غَيْرَ مُرَخَّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ لِاعْتِذَارٍ وَلَا قَبُولٍ، تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبٌ، أَوْ جَدٌّ) قَيَّدَ، كَمَا فِي ق ل وَفِي الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى الْخَطِيبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُمَا الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: إذَا ادَّعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْذَرُ بِالشِّبَعِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْحُضُورُ لَا الْأَكْلُ.

(قَوْلُهُ: فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ: الْعُرْفِيِّ ق ل. (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْخُذُ قَدْرًا جَهْلًا إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَيَحْرُمُ أَكْلُ لُقَمٍ كِبَارٍ وَسُرْعَةُ ابْتِلَاعٍ خُصُوصًا إنْ قَلَّ الطَّعَامُ، أَوْ لَزِمَ حِرْمَانُ غَيْرِهِ، وَيَحْرُمُ عَدَمُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ كَجَمْعِ تَمْرَتَيْنِ أَوْ زِيَادَةٍ عَلَى مَا يَخُصُّهُ أَوْ يُمَاثِلُهُمْ فِيهِ لَوْ كَانَ أَكُولًا أَوْ مَا لَا يَعْلَمْ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ مَا لَا يَعْلَمْ إلَخْ لَعَلَّ مَعْنَاهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ رُفْقَةٌ، لَكِنْ لَا يَعْلَمُ إلَخْ وَإِلَّا فَتَحْرِيمُ عَدَمِ النَّصَفَةِ مَعَ عِلْمِ رِضَا الْمَالِكِ بَعِيدٌ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَرَجَحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) نَعَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>