للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ، أَوْ سَاقِطٌ» «وَكَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ الْأَوَّلَ وَإِسْنَادَ الثَّانِيَ، فَيَحْرُمُ التَّفْضِيلُ وَإِنْ تَرَجَّحَتْ وَاحِدَةٌ بِشَرَفٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَسْمُ مَعَ امْتِنَاعِ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأُنْسُ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ التَّخْصِيصِ الْمُوحِشِ لَا الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالنَّشَاطِ وَلَا يَمْلِكُهُ.

وَلِهَذَا لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنْ التَّمَتُّعَاتِ لَكِنْ تُسْتَحَبُّ، وَخَرَجَ بِالزَّوْجَاتِ الْإِمَاءُ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَدْلُ - الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْقَسْمِ - فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ، كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّصْرِيحُ بِالزَّوْجَتَيْنِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (خَلَا مُعْتَدَّةٍ) عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَا يَجِبُ لَهَا قَسْمٌ لِحُرْمَةِ الْخَلْوَةِ بِهَا (وَ) خَلَا (نَاشِزًا) بِأَنْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ تَأْثَمْ بِنُشُوزِهَا كَمَجْنُونَةٍ وَخَلَا أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَمِثْلُهَا صَغِيرَةٌ، لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا (مُمَثِّلَا) النُّشُوزَ (بِأَنْ دَعَاهُنَّ إلَى مَسْكَنِهِ فَلَمْ تُجِبْهُ) وَاحِدَةٌ وَلَوْ لِشُغْلٍ فَهِيَ نَاشِزَةٌ لِلُزُومِ الْإِجَابَةِ لَهُنَّ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فِي مَسَاكِنِهِنَّ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَوْنًا لَهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ ذَلِكَ مَنْ لَهَا عُذْرٌ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَمَنْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ وَخَفَرٍ لَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ فَلَا يَلْزَمُهُمَا إجَابَتُهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ لَهُمَا فِي بَيْتِهِمَا، وَكَلَامُ النِّهَايَةِ يُشِيرُ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيهَا وَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الرُّويَانِيُّ، وَخَرَجَ بِمَسْكَنِهِ مَسْكَنُ إحْدَاهُنَّ؛ إذْ لَا يَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا (أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَرْحَلُ) أَيْ: تُسَافِرُ وَلَوْ لِغَرَضِهِ فَنَاشِزَةٌ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ إلَّا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهُ نَعَمْ لَوْ بَاتَ عِنْدَ الْحُرَّةِ لَيْلَتَهَا، فَسَافَرَ السَّيِّدُ بِالزَّوْجَةِ الْأَمَةِ قَضَى لَهَا الزَّوْجُ إذَا تَمَكَّنَ؛ لِأَنَّ الْفَوَاتَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (أَوْ) تَرْحَلُ (لِغَرَضٍ شَرْعِيِّ لَهَا) كَحَجٍّ وَتِجَارَةٍ وَلَوْ بِإِذْنِهِ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ لِمَصْلَحَتِهَا وَإِذْنِهِ رُفِعَ الْإِثْمُ عَنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ فَيَقْضِي حَقَّهُمَا مِنْ نُوَبِ الْبَاقِيَاتِ.

(فَرْعٌ)

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ: لَوْ ظَهَرَ زِنَاهَا حَلَّ لَهُ مَنْعُ قَسْمِهَا وَحُقُوقِهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ (عَلَى) الزَّوْجِ (الْعَاقِلِ) وَلَوْ سَفِيهًا وَمُرَاهِقًا بِمَعْنَى أَنَّهُ إنْ جَارَ فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ إنْ عُلِمَ (وَ) عَلَى (الْوَلِيِّ) لِلْمَجْنُونِ (وَهْوَ) أَيْ: قَسْمُهُ (بِأَنْ يَطُوفَ بِالْمَجْنُونِ) عَلَى زَوْجَاتِهِ، أَوْ بِدَعْوِهِنَّ إلَيْهِ، أَوْ يَطُوفُ بِهِ عَلَى بَعْضٍ وَيَدْعُو بَعْضًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (إنْ لَمْ يُؤْذِهِ الْوَطْءُ) وَظَهَرَ مِنْهُ مَيْلٌ إلَى النِّسَاءِ، أَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: يَنْفَعُهُ الْوَطْءُ (وَصَوْلُهُ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ صِيَالَهُ (أُمِنْ) فَإِنْ انْتَفَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا وُجُوبَ عَلَى الْوَلِيِّ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ إنْ أَضَرَّ بِهِ الْوَطْءُ هَذَا إنْ جُنَّ قَبْلَ قَسْمِهِ لِبَعْضِهِنَّ، أَوْ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي النَّظْمِ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَيْلِ الْقَلْبِ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) فِيهِ نِزَاعٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: حَلَّ لَهُ مَنْعُ قَسْمِهَا) وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بَاطِنًا مُعَاقَبَةً لَهَا لِتَلَطُّخِ فِرَاشِهِ، أَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَدَعْوَاهُ عَلَيْهَا ذَلِكَ مَقْبُولَةٌ، بَلْ وَلَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ) أَيْ: الْمُرَاهِقَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ: تُفَارِقُ هَذِهِ الْحَالَةَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) أَيْ إنْ قَدَرَ فَلَمَّا كَانَ غَيْرَ دَاخِلٍ تَحْتَ الْقُدْرَةِ لَمْ يَجِبْ، فَإِذَا وُجِدَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ اُسْتُحِبَّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَخَلَا أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ إلَخْ) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ لِزَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْجَمْعِ إلَخْ) فَإِنَّهُ حَرَامٌ إلَّا بِرِضَاهُمَا. اهـ. م ر، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْكَنِ مَا يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ مِنْ دَارٍ وَبَيْتٍ وَحُجْرَةٍ فَاَللَّوَاتِي يَلِيقُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ دَارٌ لَا يَجْمَعُهُنَّ فِي دَارٍ وَاَللَّوَاتِي يَلِيقُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حُجْرَةٌ لَا يَجْمَعُهُنَّ فِي حُجْرَةٍ وَهَكَذَا وَإِذَا جَمَعَهُنَّ فِي حُجَرٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَرَافِقُ كُلٍّ غَيْرَ مَرَافِقِ الْأُخْرَى، كَذَا فِي الْأَنْوَارِ قَالَ سم: وَتَجْوِيزُ إسْكَانِ بَعْضِهِنَّ فِي السُّفْلِ وَبَعْضِهِنَّ فِي الْعُلْوِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ السَّطْحِ. اهـ. وَفِي الِاقْتِضَاءِ نَظَرٌ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَسَافَرَ السَّيِّدُ بِالْأَمَةِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ أَنْ بَاتَ عِنْدَ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّمَا يَجِبُ لَهَا الْقَسْمُ إذَا سَلَمَتْ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ حَقَّهَا لَمَّا قَسَمَ لِلْحُرَّةِ وَقَدْ كَانَتْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةُ فَلَمَّا سَافَرَ بِهَا لَمْ تَسْقُطْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ بِخِلَافِ النَّاشِزَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي وَاعْتَمَدَهُ م ر قَالَ: لِأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ فَهِيَ مَعْذُورَةٌ. اهـ. وَكَأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ مَجْمُوعُ اسْتِحْقَاقِهَا بِالْقَسْمِ لِلْحُرَّةِ مَعَ الْعُذْرِ أَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَرَدَ عَلَيْهِ النَّاشِزَةَ بَعْدَ الْقَسْمِ أَوْ الشِّقِّ الثَّانِي، وَرَدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ سَافَرَ بِهَا قَبْلَ الْقَسْمِ لِلْحُرَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِغَرَضِهِ) وَلَوْ مَعَ غَرَضِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ. اهـ. م ر حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>