للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَقْسِمَ لِلْبَاقِيَاتِ إنْ طَلَبْنَ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَيْلٌ وَلَا أَخْبَرَ مُخْبِرٌ بِمَا ذَكَرَ، وَلَهُنَّ التَّأْخِيرُ إلَى الْإِفَاقَةِ لِتَتِمَّ الْمُؤَانَسَةُ هَذَا كُلُّهُ إنْ أُطْبِقَ جُنُونُهُ، فَإِنْ تَقَطَّعَ وَضُبِطَ كَلَيْلَةٍ وَلَيْلَةٍ لَمْ يَخُصَّ بَعْضَهُنَّ بِالْإِفَاقَةِ، كَمَا قَالَ (وَوَقْتَ عَقْلٍ لَا يَخُصُّ إنْ ضُبِطْ) قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ: بَلْ يَطْرَحُ أَوْقَاتَ الْجُنُونِ كَأَوْقَاتِ الْغَيْبَةِ، وَيَقْسِمُ فِي أَوْقَاتِ إفَاقَتِهِ فَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ وَلَا قَضَاءَ بِسَبَبِهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: يُرَاعِي الْقَسْمَ فِي أَوْقَاتِ الْإِفَاقَةِ وَيُرَاعِيهِ الْوَلِيُّ فِي أَوْقَاتِ الْجُنُونِ، وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ وَنَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَهَذَا حَسَنٌ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهَا: أَحْسَنُ وَكَلَامُ النَّظْمِ كَالْحَاوِي يَحْتَمِلُ الْمَقَالَتَيْنِ وَهُوَ إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ، وَإِنْ حُمِلَ فِي التَّعْلِيقَةِ كَلَامُ الْحَاوِي عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَضْبِطْ فَكَالْمُطْبَقِ نَعَمْ لَوْ قَسَمَ لِوَاحِدَةٍ زَمَنَ الْجُنُونِ وَأَفَاقَ فِي نَوْبَةٍ أُخْرَى قَضَى لِلْأُولَى مَا جَرَى فِي زَمَنِ الْجُنُونِ لِنَقْصِهِ، كَمَا قَالَ (وَلْيَقْضِ لِلْأُخْرَى لِفَوْتِ مَا شُرِطْ) مِنْ الضَّبْطِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ وَطْءٌ أَنْ يَطُوفَ بِهِ لِعَدَمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْقَسْمِ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَطَلَبَتْ الْبَاقِيَاتُ لِحُصُولِ الْأُنْسِ بِالصَّبِيِّ كَالْمَجْنُونِ وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ.

(وَلَيْلَةٌ أَقَلُّهُ) أَيْ: الْقَسْمِ أَيْ: أَقَلُّ نُوَبِهِ لَيْلَةٌ لِمَا فِي تَبْعِيضِهَا مِنْ تَنْغِيصِ الْعَيْشِ وَلِعُسْرِ ضَبْطِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ، وَمِنْ هُنَا لَا يَجُوزُ الْقَسْمُ بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى وَالْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِيَقْرَبَ عَهْدُهُ بِهِنَّ (وَفِي الْأَصَحْ ثَلَاثُ الْأَقْصَى) أَيْ: وَأَكْثَرُ نُوَبِ الْقَسْمِ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَلَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ؛ لِأَنَّ فِيهَا إيحَاشًا وَهَجْرًا لَهُنَّ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي أَنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا فَقِيلَ: إلَى سَبْعٍ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَدْ تَسْتَحِقُّ لِلْجَدِيدَةِ، كَمَا سَيَأْتِي وَقِيلَ: مَا لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَ سِنِينَ وَقِيلَ: مَا لَمْ يَبْلُغْ مُدَّةَ تَرَبُّصِ الْمُولِي ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ وَعَزَا الثَّالِثَ مِنْهَا إلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ وَهَذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ بَلْ قَالَ فِي بَسِيطِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تَقْدِيرَ بِزَمَانٍ وَلَا تَوْقِيتَ أَصْلًا وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ إلَى الزَّوْجِ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدٌ إلَى مُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا وَفِي النِّهَايَةِ نَحْوُهُ وَعَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ لَوْ عَبَّرَ قَائِلُهُ فِيهِ بِمَا لَمْ يَبْلُغْ فَوْقَ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ لَكَانَ، أَوْلَى (بِقُرْعَةٍ فَتَحْ) أَيْ: افْتَتَحَ بِهَا وُجُوبًا الْقَسْمَ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ تَحَرُّزًا عَنْ التَّرْجِيحِ فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا وَبَعْدَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا يَقْرَعُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ، ثُمَّ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ ثُمَّ يُرَاعِي التَّرْتِيبَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ فَقَدْ ظَلَمَ وَيَقْرَعُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ فَإِذَا تَمَّتْ أَقْرَعَ لِلْأُولَى وَكَأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ أَيْ: فَيَقْرَعُ بَيْنَ الْجَمِيعِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَارِحُ الْهَادِي (وَجَازَ أَنْ يَتْرُكَهُنَّ) بِلَا مَبِيتٍ وَجِمَاعٍ (دَهْرَهْ) ؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُمَا، لَكِنَّ الْأَوْلَى خِلَافُهُ بَلْ فِي الْبَسِيطِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فَقَدْ يَحْمِلُهُنَّ ذَلِكَ عَلَى الْفُجُورِ.

(وَضِعْفُ مَا لِأَمَةٍ لِلْحُرَّهْ) فَدَوْرُهُمَا أَثْلَاثُ لَيْلَتَانِ لِلْحُرَّةِ وَلَيْلَةٌ لِلْأَمَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَ لِلْحُرَّةِ ثَلَاثًا وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً وَنِصْفًا وَالْمُبَعِّضَةُ كَالْأَمَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (لَا لِلَّتِي تَعْتِقُ قَبْلَ اسْتِقْصَا) أَيْ: قَبْلَ تَمَامِ (لَيْلَتِهَا) فَلَيْسَ ضِعْفُ مَا لَهَا لِلْحُرَّةِ فَلَوْ بَدَأَ فِي الْقَسْمِ بِالْحُرَّةِ فَعَتَقَتْ فِي أَوْلَى لَيْلَتَيْهَا الْأَمَةُ أَتَمَّهَا وَبَاتَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْعَتِيقَةِ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ أَتَمَّهَا وَبَاتَ عِنْدَ الْعَتِيقَةِ لَيْلَتَيْنِ، وَلَوْ خَرَجَ بَقِيَّتَهَا لِنَحْوِ مَسْجِدٍ

ــ

[حاشية العبادي]

الْأُولَى إذْ يَجِبُ أَيْضًا عَلَى الْوَلِيِّ فِيهَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: وَعَلَى الْوَلِيِّ لِلْمَجْنُونِ إلَخْ قُلْتُ: الْوُجُوبُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِسُقُوطِهِ إذَا لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَلَمْ يَقْسِمْ لِبَعْضِهِنَّ، كَمَا فِي الْعَاقِلِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُتَصَوَّرُ سُقُوطُهُ. .

(قَوْلُهُ: إنْ طَلَبْنَ) فَلَوْ طَلَبْنَ التَّأْخِيرَ إلَى الْإِفَاقَةِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ مَوْقِعُهُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَهُنَّ التَّأْخِيرُ إلَى الْإِفَاقَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ وَلَا قَضَاءَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: ثُمَّ قَالَ أَيْ: فِي الْأَصْلِ وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ وَجْهًا أَنَّهُ يَقْضِي لِلْبَاقِيَاتِ، ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ هُوَ مَا حَكَاهُ أَبُو الْفَرَجِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَبَاعَدْنَ جِدًّا وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً بِالْمَشْرِقِ وَالْأُخْرَى بِالْمَغْرِبِ وَقَدْ يَرِدُ حِينَئِذٍ وُجُودُ الْإِيحَاشِ بِطُولِ مُدَّةِ الْوُصُولِ إلَيْهَا زِيَادَةً عَلَى نَوْبَةِ غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْإِيحَاشُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِطُولِ الْمُدَّةِ عِنْدَ ضَرَّتِهَا لَا بِطُولِهَا فِي السَّعْيِ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَا لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَ سِنِينَ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا يَظْهَرُ بَعْدَهَا بِدَلِيلِ أَنَّ أَحْكَامَ الْإِيلَاءِ إنَّمَا تَثْبُتُ بَعْدَهَا وَقَدْ يُجَابُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَوْ قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَبَقِيَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ دَوْرٍ وَطَلَبْنَهُ وَكَانَ لَا يُؤْمَنُ ضَرَرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ الطَّوَافُ بِهِ وَكَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوبِ حِينَئِذٍ سم عَلَى حَجَرٍ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ الشَّرْحِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الطَّوَافُ بِالْمَجْنُونِ عَلَيْهِنَّ سَوَاءٌ أَمِنَ مِنْهُ الضَّرَرَ أَمْ لَا إلَّا إنْ طُولِبَ بِقَضَاءِ قَسْمٍ. اهـ. وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ الِاسْتِثْنَاءِ بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ خَوْفَ الْوَلِيِّ عَلَيْهِنَّ مِنْهُ عُذْرٌ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ عَنْهُ عِنْدَ خَوْفِ الضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: إنْ طَلَبْنَ) قُيِّدَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَاقِلُ إذَا قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَجَبَ بِلَا طَلَبٍ تَخْفِيفًا عَلَى وَلِيِّ ذِي الْجُنُونِ مَعَ كَوْنِهِ مَظِنَّةَ الْإِيذَاءِ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: لَوْ عَبَّرَ قَائِلُهُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ بُلُوغَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فِيهِ الْمَحْذُورُ الَّذِي يَلْزَمُ الْمُوَلِّي بِخِلَافِ مَا دُونَهُ

(قَوْلُهُ: أَتَمَّهَا وَبَاتَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْعَتِيقَةِ) أَيْ: إنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ لِلْحُرَّةِ عَلَى لَيْلَةٍ، وَإِلَّا فَلَهُ تَوْفِيَةُ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَإِقَامَةُ مِثْلِهِمَا عِنْدَ الْعَتِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَضُرُّ بِهِ لَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>