لَمْ يَقْضِ مَاضِيَهَا، أَوْ إلَى الْعَتِيقَةِ فَقَدْ أَحْسَنَ، أَوْ عَتَقَتْ فِي لَيْلَةِ نَفْسِهَا كَمَّلَ لَهَا لَيْلَتَيْنِ لِالْتِحَاقِهَا بِالْحُرَّةِ قَبْلَ الْوَفَاءِ، أَوْ بَعْدَ تَمَامِ لَيْلَتِهَا اقْتَصَرَ عَلَى تِلْكَ اللَّيْلَةِ ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا، كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ، وَلَوْ بَدَأَ بِالْأَمَةِ فَعَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا أَتَمَّهَا وَبَاتَ عِنْدَ الْحُرَّةِ لَيْلَةً وَاحِدَةً وَبَعْدَهَا، فَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ مَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالسَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يُوَفِّي الْحُرَّةَ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَوِّي وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ قَدْ اسْتَوْفَتْ لَيْلَتَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا، فَتَسْتَوْفِي الْحُرَّةُ بِإِزَائِهَا لَيْلَتَيْنِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ: إنْ عَتَقَتْ فِي أُولَى لَيْلَتَيْ الْحُرَّةِ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ خَرَجَ حَالًا لِمُسَاوَاتِهَا الْحُرَّةَ قَبْلَ وَفَائِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَقَدْ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْجَدِيدِ مَا يُخَالِفُهُ وَاسْتَشْكَلَ الْمَاوَرْدِيُّ النَّصَّ بِأَنَّ عِتْقَ الْأَمَةِ يُوجِبُ تَكْمِيلَ حَقِّهَا، وَلَا يُوجِبُ نُقْصَانَ حَقِّ غَيْرِهَا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْحُرَّةُ عَلَى حَقِّهَا وَتَسْتَقْبِلُ زِيَادَةَ الْأَمَةِ بَعْدَ عِتْقِهَا. قَالَ: فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ بِعِتْقِهَا حَتَّى مَرَّ عَلَيْهَا أَدْوَارٌ وَهُوَ يَقْسِمُ لَهَا قَسْمَ الْإِمَاءِ لَا يَقْضِي لَهَا مَا مَضَى وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا. اهـ.
وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ عِنْدَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ.
(وَهْوَ) أَيْ: الزَّوْجُ عِنْدَ الزِّفَافِ (بِسَبْعٍ) مِنْ اللَّيَالِيِ (خَصَّا جَدِيدَةً مَا وُطِئَتْ) فِي قُبُلِهَا وَهِيَ الَّتِي يَكْفِي سُكُوتُهَا فِي الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ (أَمَّا سِوَى بِكْرٍ) يَعْنِي الثَّيِّبَ بِوَطْءٍ (فَبِالثَّلَاثِ خَصَّهَا هُوَ) لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، ثُمَّ قَسَمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَسَمَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ زَوَالُ الْحِشْمَةِ بَيْنَهُمَا وَزِيدَ لِلْبِكْرِ؛ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ وَالْحِكْمَةُ فِي الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِ أَنَّ الثَّلَاثَ مُغْتَفِرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَالسَّبْعُ عَدَدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا تَكْرَارٌ، وَلَا فَرْقَ فِي الْجَدِيدَةِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَالْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ حَتَّى لَوْ وَفَاهَا حَقَّهَا وَأَبَانَهَا وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ لِعَوْدِ الْجِهَةِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ، أَوْ مُسْتَفْرِشَتَهُ، ثُمَّ نَكَحَهَا، وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْبِكْرِ ثَلَاثًا وَافْتَضَّهَا، ثُمَّ أَبَانَهَا وَنَكَحَهَا فَلَهَا حَقُّ الثَّيِّبِ وَقِيلَ: يُكَمِّلُ عَلَى الْأَوَّلِ.
وَخَرَجَ بِالْجَدِيدَةِ الرَّجْعِيَّةُ لِبَقَائِهَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَيُوَالِي بَيْنَ السَّبْعِ وَالثَّلَاثِ بِلَا قَضَاءٍ لِلْبَاقِيَاتِ؛ لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِالْمَفْرِقِ فَلَوْ فَرَّقَ لَمْ يُحْسَبْ فَيُوفِيهَا حَقَّهَا وَلَاءً، ثُمَّ يَقْضِي مَا فَرَّقَ وَالتَّخْصِيصُ بِمَا ذُكِرَ وَاجِبٌ لِلْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَإِنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ فِي نِكَاحِهِ أُخْرَى يَبِيتُ عِنْدَهَا، وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ؛ لِأَنَّ لَهُ تَرْكَهُنَّ، كَمَا مَرَّ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمَا: لَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِهِ غَيْرَهُمَا وَجَبَ لَهُمَا حَقُّ الزِّفَافِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَمْ يَقْضِ مَاضِيَهَا) أَيْ: فَلَا يَلْزَمُهُ لِلْعَتِيقَةِ إلَّا لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: إنْ قُلْتَ هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ حَقًّا لِلْحُرَّةِ وَجَبَ إذَا نَامَ عِنْدَهَا اللَّيْلَةَ أَنْ لَا يَقْضِيَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لَهَا وَجَبَ قَضَاؤُهُ، قُلْتُ كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا مَا قَبْلَ الْعِتْقِ تَابِعًا لِمَا بَعْدَهُ إنْ خَرَجَ، أَوْ اسْتَمَرَّ، أَمَّا إذَا خَرَجَ فَلِوُقُوعِ التَّابِعِ حَالَ نَقْصِهَا، وَأَمَّا إذَا اسْتَمَرَّ فَلِوُقُوعِ الْمُتَبَرِّعِ حَالَ الْكَمَالِ وَأَيْضًا هُوَ فِي الْأَوَّلِ مُمْتَثِلٌ وَفِي الثَّانِي مُقَصِّرٌ. اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ: خَرَجَ حَالًا) بِهَذَا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِعِلْمِ الزَّوْجِ م ر
(قَوْلُهُ: عَلَى الثَّيِّبِ) اُنْظُرْ حِكْمَةَ التَّقْيِيدِ بِالثَّيِّبِ مَعَ أَنَّ الْبِكْرَ كَذَلِكَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي عَلَى الْبِكْرِ اُنْظُرْ حِكْمَةَ التَّقْيِيدِ فِيهِ بِالْبِكْرِ مَعَ أَنَّ الثَّيِّبَ كَذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت تَوْجِيهَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرُ الْمِثْلَ لِنُدْرَتِهِ فِي الْبِكْرَيْنِ، وَالْعِلْمِ بِهِ بِالْأُولَى مِنْ الثَّيِّبَيْنِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي النُّدْرَةِ فِي الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ لِعَوْدِ الْجِهَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ وَكَثُرَ. (قَوْلُهُ: يَبِيتُ عِنْدَهَا) التَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ دُونَ الْمَاضِي فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ بَاتَ عِنْدَهَا وَقَصَدَ تَرْكَ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا بَعْدَ نِكَاحِ
[حاشية الشربيني]
غَيْرُهُ: وَالثَّلَاثُ كَاللَّيْلَتَيْنِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ أَحْسَنَ) ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ نَوْبَتِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُوَفِّي الْحُرَّةَ) مُعْتَمَدٌ م ر وَقَوْلُهُ: وَقَالَ إلَخْ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: مَا وَطِئَتْ) أَيْ: عِنْدَ الدُّخُولِ لَا عِنْدَ الْعَقْدِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: وَافْتَضَّهَا ثُمَّ أَبَانَهَا) أَمَّا لَوْ أَبَانَهَا بِكْرًا فَقَدْ اسْتَقْرَبَ ع ش أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا إذَا جَدَّدَ نِكَاحَهَا سَبْعٌ وَيَسْقُطُ بَاقِي السَّبْعِ الْأَوَّلِ وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: يَجِبُ لَهَا مَعَ السَّبْعِ بَاقِي السَّبْعِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا حَقُّ الثَّيِّبِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لَهَا مَا فَاتَ بِالْإِبَانَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا لَمْ تَبْقَ عَلَى ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ إلَّا مُدَّةَ الثَّلَاثِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّبْعَ لَا تَجِبُ إلَّا لِمَنْ بَقِيَتْ زَوْجَةٌ مُدَّتَهَا وَحِينَئِذٍ لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ تَوْفِيَةِ حَقِّهَا ثُمَّ نَكَحَهَا لَزِمَهُ تَوْفِيَةُ حَقِّهَا بِلَا خِلَافٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا حَقُّ الثَّيِّبِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إنْ قُلْنَا: يَتَجَدَّدُ حَقُّ الزِّفَافِ بَاتَ عِنْدَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ زِفَافِ الثَّيِّبِ وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَجَدَّدُ بِأَنَّ أَرْبَعًا تَتْمِيمًا لِلزِّفَافِ الْأَوَّلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَقْضِي مَا فَرَّقَ) أَيْ مِنْ نَوْبَتِهَا م ر وَظَاهِرُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute