للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمُ بَيْنَ الثَّلَاثِ بِالسَّوِيَّةِ.

(وَسُنَّ) لِلسَّيِّدِ (قَسْمٌ فِي الْإِمَا) سَوَاءٌ كُنَّ مُسْتَوْلَدَاتٍ أَمْ لَا لِئَلَّا يَحْقِدَ بَعْضُهُنَّ عَلَى بَعْضٍ (وَسُنَّا مَبِيتُهُ لِفَرْدَةٍ) زَوْجَةٍ، أَوْ سُرِّيَّةٍ تَحْصِينًا لَهَا، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ سَنَا تَكْمِلَةً (وَالْأَدْنَى) فِي السُّنَّةِ مَبِيتُهُ عِنْدَ الزَّوْجَةِ الْفَرْدَةِ (فِي لَيْلَةٍ مِنْ كُلِّ أَرْبَعٍ) اعْتِبَارًا بِمِنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ (وَمَنْ مَضَى إلَى) مَسْكَنِ (ذِي) أَيْ: زَوْجَةٍ لَهُ (وَدَعَا ذِي) أَيْ: أُخْرَى إلَى مَسْكَنِهِ (يَأْثَمَنْ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيحَاشِ (قُلْتُ: مُضِيُّهُ لِقُرْبَى سُكْنَى) أَيْ: الْمَسْكَنِ (وَمَنْ) أَيْ: أَوْ لِمَنْ (خَشِي) عَلَيْهَا فِي خُرُوجِهَا (لِحُسْنِهَا) ، أَوْ شَبَابِهَا (يُسْتَثْنَى) مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَكَذَا مُضِيُّهُ لِبَعْضٍ بِقُرْعَةٍ، كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُمَا عَنْ النَّصِّ وَرَأَى الْإِمَامُ الْقَطْعَ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مُضِيُّهُ لِبَعِيدَةِ الْمَسْكَنِ لِمَشَقَّةِ السَّيْرِ عَلَيْهَا لِكِبَرٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَعْذُورَةً بِمَرَضٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ يَقْسِمُ لَهَا فِي بَيْتِهَا (وَلْتُجْمَعَا) أَيْ: الزَّوْجَتَانِ جَوَازًا (دُونَ الرِّضَى) مِنْهُمَا (فِي لَائِقٍ) بِهِمَا (مِنْ مَسْكَنٍ مُنْفَصِلِ الْمَرَافِقِ) مِنْ نَحْوِ مُسْتَرَاحٍ وَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمَرْقًى إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَسْكَنَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ مَرَافِقُهُ لَمْ يَجُزْ جَمْعُهُمَا فِيهِ، وَلَوْ لَيْلَةً إلَّا بِرِضَاهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُولِدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ فَإِنْ رَضِيَتَا بِهِ جَازَ، لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمُرُوءَةِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ إلَيْهِ وَالزَّوْجَاتُ كَالزَّوْجَتَيْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَكَذَا زَوْجَةٌ وَسُرِّيَّةٌ وَلَهُ جَمْعُ إمَائِهِ بِمَسْكَنٍ.

(وَالْأَصْلُ) فِي الْقَسْمِ (لَيْلٌ لِأُولِي السُّكُونِ فِي اللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِمْ وَالنَّهَارُ تَبَعٌ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّرَدُّدِ فِي الْحَوَائِجِ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: ٦٧] وَقَالَ {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: ١٠] {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١١] وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّيْلَةِ، أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ التَّوَارِيخُ، فَإِنَّ أَوَّلَ الْأَشْهُرِ اللَّيَالِي (لَا الْحَارِسِ) لِلْحَوَانِيتِ وَغَيْرِهَا لَيْلًا (وَ) لَا (الْأَتُّونِيّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَهُوَ وَقَّادُ الْحَمَّامِ فَالْأَصْلُ لَهُمَا النَّهَارُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِمَا وَاللَّيْلُ تَبَعٌ وَمَنْ فِي مَعْنَاهَا مِثْلُهُمَا (وَ) الْأَصْلُ (لِلَّذِي سَافَرَ وَقْتَ أَنْ نَزَلْ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَإِنَّهُ وَقْتُ الْخَلْوَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْخَلْوَةُ إلَّا حَالَةَ السَّيْرِ بِأَنْ كَانَ فِي مِحَفَّةٍ، أَوْ نَحْوِهَا، وَحَالَةَ النُّزُولِ يَكُونُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي خَيْمَةِ مَثَلًا يَكُونُ الْأَصْلُ حَالَةَ السَّيْرِ حَتَّى يَلْزَمَهُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ.

(فَرْعٌ)

لَوْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً لَيْلًا وَيَسْتَرِيحُ نَهَارًا وَتَارَةً عَكْسُهُ فَأَرَادَ أَنْ يُبَدِّلَ الْأَصْلَ بِالتَّابِعِ بِأَنْ يَجْعَلَ لِوَاحِدَةٍ لَيْلَةً تَابِعَةً وَنَهَارًا مَتْبُوعًا، وَلِلْأُخْرَى عَكْسُهُ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ (لَكِنْ عَلَى الضَّرَّةِ) غَيْرِ ذَاتِ النَّوْبَةِ (فِي الْأَصْلِ دَخَلْ) جَوَازًا (لِمَرَضٍ خِيفَ) مِنْهُ الْمَوْتُ، وَلَوْ ظَنًّا قَالَ الْغَزَالِيُّ: أَوْ احْتِمَالًا (زَمَانًا قَلَّا) أَيْ: قَلِيلًا وَكَالْمَرَضِ كُلُّ ضَرُورَةٍ كَحَرِيقٍ وَشِدَّةِ طَلْقٍ (وَ) دَخَلَ فِي (الْغَيْرِ) أَيْ: غَيْرِ الْأَصْلِ جَوَازًا (فِي) حَاجَةٍ (مُهِمَّةٍ) أَيْ: بِسَبَبِهَا زَمَانًا قَلِيلًا كَدَفْعِ نَفَقَةٍ وَوَضْعِ مَتَاعٍ وَأَخْذِهِ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي الْإِقَامَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ وَلَهُ كُلُّ تَمَتُّعٍ بِلَا وَطْءٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْأَصْلِ لِضَرُورَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

وَكَأَنَّ اللَّيْلَةَ الْبَاقِيَةَ لِلْقَدِيمَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا بَقِيَّةُ دُورِهِمَا فَيَكُونُ لِلْجَدِيدَةِ مِثْلُ نِصْفِهَا

(قَوْلُهُ: وَبِئْرٍ) يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْبِئْرِ إذَا وَكَّلَهُمَا إلَى مَائِهَا فَإِنْ الْتَزَمَ حَمْلَ الْمَاءِ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى إحْدَاهُمَا كَفَى م ر. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُكْرَهُ إلَخْ) ، بَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ قَصَدَ بِهِ إيذَاءَ الْأُخْرَى، أَوْ لَزِمَ مِنْهُ رُؤْيَةٌ مُحَرَّمَةٌ لِلْعَوْرَةِ م ر. (قَوْلُهُ: وَكَذَا زَوْجَةٌ وَسُرِّيَّةٌ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُهُمَا بِغَيْرِ رِضَى الزَّوْجَةِ وَيَجْمَعُهُمَا بِرِضَاهَا وَإِنْ لَمْ تَرْضَ السُّرِّيَّةُ

(قَوْلُهُ: قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا) اُنْظُرْ لَوْ تَفَاوَتَ وَقْتُ النُّزُولِ بِالْقِلَّةِ، وَالْكَثْرَةِ هَلْ يَكْفِي جَعْلُ الْقَلِيلِ لِوَاحِدَةٍ وَالْكَثِيرِ لِأُخْرَى.

(قَوْلُهُ: كُلُّ ضَرُورَةٍ) وَيَحْرُمُ الدُّخُولُ لِحَاجَةٍ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَعِبَادَةٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَإِنْ دَخَلَ فِي الْأَصْلِ إلَخْ) بَقِيَ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ وَإِلَّا الدُّخُولُ فِي الْأَصْلِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَمْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الَّتِي لَمْ يُوَفِّ حَقَّهَا فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ نِصْفُ نِصْفٍ إلَّا أَنَّ الْأُولَى قَدْ اسْتَوْفَتْ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِهَا فَثَبَتَ حَقُّهُ لِلثَّانِيَةِ فَكَمُلَتْ لَهَا لَيْلَةٌ، وَالْجَدِيدَةُ لَمْ تَأْخُذْ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْئًا فَوَجَبَ لَهَا نِصْفٌ مُسْتَأْنَفٌ. اهـ. وَلَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْجَدِيدَةَ لَمَّا حَدَثَتْ بَعْدَ قَسْمِ لَيْلَةٍ لِإِحْدَى الْقَدِيمَتَيْنِ كَانَ وَقْتُ حُدُوثِهَا كَأَنَّهُ ابْتِدَاءُ الدَّوْرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، وَكَانَتْ اللَّيْلَةُ الْبَاقِيَةُ كَأَنَّهَا مَقْسُومَةٌ بَيْنَ الْقَدِيمَتَيْنِ إذْ لَمْ تُوجَدْ وَفِي الدَّوْرِ غَيْرُهَا، بَلْ حَدَثَتْ فِي نِصْفِ دَوْرِهِمَا فَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا قَسْمًا بِنِسْبَةِ تَوْزِيعِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً مِنْ أَوَّلِ الدَّوْرِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ قَسْمًا بِنِسْبَةِ تَوْزِيعِ جَمِيعِ الدَّوْرِ عَلَيْهِنَّ فَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَجْعَلَ لَهَا دَوْرًا كَامِلًا كَانَ دَوْرُهَا إنْصَافًا، هَذَا غَايَةُ تَحْقِيقِ مُرَادِهِمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: ثُمَّ يَقْسِمُ يُفِيدُ أَنَّ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ بِقَسْمٍ مُبْتَدَأٍ فَيَكُونُ بِقُرْعَةٍ وَإِلَّا لَقَالَ: ثُمَّ يَبِيتُ بِنَاءً عَلَى الْقَسْمِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ قَسَمَ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا ثُمَّ زُفَّتْ لَهُ جَدِيدَةٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ لِلْجَدِيدَةِ ثُلُثُ لَيْلَةٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ) أَيْ: بِقُرْعَةٍ ق ل.

(قَوْلُهُ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ} [يونس: ٦٧] إلَخْ) التِّلَاوَةُ هُوَ بِلَا وَاوٍ.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>