للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهَا، بَلْ يُوَفِّيهَا حَقَّ الزِّفَافِ ثُمَّ يَقْسِمُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَظْلُومَةِ بِالْقُرْعَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، لِلْقَدِيمَةِ لَيْلَتُهَا، وَلَيْلَتَا الْقَضَاءِ وَلَيْلَةٌ لِلْجَدِيدَةِ فَإِذَا دَارَ هَكَذَا ثَلَاثَ نُوَبٍ، فَقَدْ وَفَّى الْقَدِيمَةَ تِسْعًا وَبَقِيَ لَهَا لَيْلَةٌ، فَإِنْ كَانَ الِابْتِدَاءُ بِهَا بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَهَا لِتَمَامِ الْعَشْرِ، ثُمَّ ثُلُثَ لَيْلَةٍ لِلْجَدِيدَةِ إذْ حَقُّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ، أَوْ كَانَ الِابْتِدَاءُ بِالْجَدِيدَةِ بَاتَ عِنْدَهَا ثُلُثَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ لَيْلَةً عِنْدَ الْقَدِيمَةِ وَكَذَا لَوْ غَابَتْ إحْدَى زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ وَظَلَمَ وَاحِدَةً مِنْ الْحَاضِرَاتِ، ثُمَّ عَادَتْ الْغَائِبَةُ فَهِيَ كَالْجَدِيدَةِ (فَإِنْ بِلَيْلٍ تَمَّ) الْقَضَاءُ، أَوْ حَقُّ الْقَسْمِ (يَقْصِدْ) أَيْ: الزَّوْجُ (مَسْجِدَا وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَيْسَ مَنْزِلًا لِوَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ أَيْ: يَخْرُجُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ خُرُوجِهِ فَيَقْعُدُ، كَمَا قَالَ (قُلْتُ: لِخَوْفٍ قَعَدَا) إلَى زَوَالِهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَمَتَّعَ بِهَا.

(فَرْعَانِ)

لَوْ قَسَمَ لِوَاحِدَةٍ، ثُمَّ فَارَقَ الْأُخْرَى قَبْلَ الْوَفَاءِ عَصَى لِتَفْوِيتِهِ حَقَّهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثٌ فَبَاتَ عِنْدَ ثِنْتَيْنِ عِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ فَارَقَ إحْدَاهُمَا فَفِي التَّهْذِيبِ يَبِيتُ عِنْدَ الْمَظْلُومَةِ عَشْرًا تَسْوِيَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَاقِيَةِ وَفِي التَّتِمَّةِ خَمْسًا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْعَشْرِ مِنْ حَقِّهِمَا، وَقَدْ بَطَلَ حَقُّ إحْدَاهُمَا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ اقْتَصَرَ شَيْخُنَا الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِصَارِهِ لَهَا، لَكِنَّ كَلَامَ التَّتِمَّةِ أَوْجَهُ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهُمْ: إنَّ الْقَضَاءَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ بِهَا وَإِنَّ مَا بَاتَهُ فِي حَالِ فُرْقَتِهَا عِنْدَ الْمَظْلُومَةِ لَا يُحْسَبُ.

(نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّةٍ لَوْ وَهَبَتْ) أَيْ:، وَلَوْ وَهَبَتْ إحْدَى نِسَائِهِ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّتِهَا كَانَ (لَهُ امْتِنَاعٌ) مِنْ قَبُولِهَا؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ بِهَا حَقُّهُ (لَا لِضَرَّةٍ) مَوْهُوبٍ مِنْهَا أَيْ: لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَلْ يَكْفِي رِضَاهُ وَإِنْ (أَبَتْ) وَيَبِيتُ عِنْدَهَا نَوْبَتَيْهَا «، كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَهَبَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ» ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلَوْ وَهَبَتْ حَقَّهَا مِنْ جَمِيعِ الضَّرَّاتِ، أَوْ أَسْقَطَتْهُ مُطْلَقًا سَوَّى بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ (وَ) إنْ وَهَبَتْهَا (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ (خَصَّهَا) وَفِي نُسْخَةٍ خَصَّهُ أَيْ: الْحَقَّ (بِمَنْ شَا) مِنْهُنَّ، وَلَوْ فِي كُلِّ دَوْرٍ بِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَيَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ (وَوَصَلْ) نَوْبَتَيْهِمَا (إنْ اتِّصَالُ نَوْبَتَيْهِمَا حَصَلْ) وَإِلَّا فَلَا يَصِلُهُمَا لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ حَقُّ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَقَيَّدَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا طَالَ الزَّمَنُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا طَالَ فَوْقَهَا م ر. (قَوْلُهُ: لِلْقَدِيمَةِ لَيْلَتُهَا) كَأَنْ وَصَفَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِأَنَّهَا لَيْلَتُهَا بِالنَّظَرِ لِلْجَدِيدَةِ الْمُشَارِكَةِ لَهَا فِي الْقَسْمِ وَإِلَّا فَهَذِهِ اللَّيْلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْقَضَاءِ أَيْضًا، وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِنْ الثَّلَاثِ نُوَبٍ تِسْعًا بَلْ سِتًّا. (قَوْلُهُ: وَلَيْلَتَا الْقَضَاءِ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَظْلُومَ بِهِ الثِّنْتَانِ. (قَوْلُهُ: تِسْعًا) أَيْ: بِالنَّظَرِ لِلْمَظْلُومِ بِهِمَا وَإِلَّا فَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا تِسْعٌ بِالنَّظَرِ لِلْجَدِيدَةِ الْمُشَارِكَةِ لَهَا فِي هَذَا الْقَسْمِ. (قَوْلُهُ: إذْ حَقُّهَا وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعٍ) وَاللَّيْلَةُ الْبَاقِيَةُ كَأَنَّهَا لِلثَّلَاثِ لِكُلٍّ ثُلُثٌ فَتَسْتَحِقُّ الْجَدِيدَةُ ثُلُثًا. (قَوْلُهُ: فَهِيَ كَالْجَدِيدَةِ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ تُسْقِطُ الْغَيْبَةُ حَقَّهَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: الْقَضَاءُ، أَوْ حَقُّ الْقَسْمِ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ التَّامُّ بِاللَّيْلِ حَقَّ الْقَسْمِ، كَمَا فِي الْمِثَالِ وَقَدْ يَكُونُ الْقَضَاءُ، كَمَا لَوْ كَانَ بَاتَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الضَّرَّتَيْنِ تِسْعًا وَنِصْفًا، فَإِنَّهُ بَعْدَ الْأَدْوَارِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمِثَالِ يُبْقِي لِلْمَظْلُومَةِ نِصْفَ لَيْلَةٍ، فَإِذَا بَاتَهَا عِنْدَهَا خَرَجَ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: عَصَى إلَخْ) أَقُولُ: الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وُجُوبُ إعَادَةِ تِلْكَ الْأُخْرَى لِيُوَفِّيَهَا مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ بِهَا؛ لِأَنَّ وَفَاءَ حَقِّهَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِعَادَةِ فَيَجِبُ، كَمَا لَوْ عَصَى بِإِتْلَافِ شَيْءٍ، أَوْ بِغَصْبِهِ، ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الِاكْتِسَابُ إذَا تَعَيَّنَ لِأَدَائِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ تَحْصِيلِ سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ لَا يَجِبُ لِثُبُوتِ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْإِعَادَةِ بِدَلِيلِ عِصْيَانِهِ قَبْلَهَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ السَّعْيِ فِيمَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ أَدَاءِ الْوُجُوبِ وَذَلِكَ وَاجِبٌ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَعْلَهُمْ هَذَا الْفِرَاقَ مِنْ أَقْسَامِ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ وَهُوَ لَا يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ إلَى النِّكَاحِ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لِوُجُوبِ تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِغَيْرِ هَذَا بِدَلِيلِ مَا قَرَّرُوهُ مِنْ تَوَقُّفِ التَّوْبَةِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَيَلْزَمُ أَنَّ مَنْ طَلَّقَهَا فِي حَيْضٍ مَثَلًا يَجِبُ رَدُّهَا إلَى النِّكَاحِ لِيَنْدَفِعَ بِهِ مَا حَصَلَ لَهَا مِنْ ضَرَرِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ قُلْتُ: الْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ ثَبَتَ لَهَا حَقٌّ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَقَدْ فَوَّتَهُ بِهِ فَيَجِبُ.

(قَوْلُهُ: تَدَارَكَهُ) بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ حَقٌّ حَتَّى يَكُونَ بِالطَّلَاقِ مُفَوِّتًا لَهُ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَى الطَّلَاقِ إضْرَارُهَا وَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ يَظْهَرُ أَنَّ مَنْ زَعَمَ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي مَسْأَلَتِنَا مُحْتَجًّا بِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ: فَقَدْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ سَبَبُ نَفْسِ الْوُجُوبِ بِسَبَبِ أَدَائِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ سم. (قَوْلُهُ: لَا لِضَرَّةٍ أَبَتْ) أَيْ: امْتَنَعَتْ لَا يُقَالُ: حَاصِلُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ أَنَّ الضَّرَّةَ الْمُمْتَنِعَةَ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ إشْكَالَهُ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ امْتِنَاعَ الضَّرَّةِ لَيْسَ لَهَا فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَاضِحٌ سم.

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ، وَالْمُوَالَاةُ تُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ لِلْإِرْشَادِ مِنْ بَيْنِ اللَّيْلَتَيْنِ بِتَقْدِيمِ اللَّيْلَةِ الْمَوْهُوبَةِ وَتَأْخِيرِ حَقِّهِ جَازَ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ: أَقُولُ هُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَفْوِيتُ حَقِّ رُجُوعِ الْوَاهِبَةِ لَوْ أَرَادَتْ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَجْدِيدُ نِكَاحِ الْأُخْرَى لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا كَمَا لَوْ بَاتَ عِنْدَ غَيْرِ ذَاتِ النَّوْبَةِ ثُمَّ فَارَقَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا لِيُوَفِّيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>