للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ نَوْبَةُ الْوَاهِبَةِ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ نَوْبَةَ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهَا بِرِضَاهَا تَمَسُّكًا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ.

(وَجَازَ عَوْدُهَا) أَيْ: الْوَاهِبَةُ فِيمَا وَهَبَتْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهُ مَوْهُوبٌ لَمْ يُقْبَضْ حَتَّى لَوْ عَادَتْ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ خَرَجَ (وَمَا قَبْلَ الْخَبَرْ فَاتَ) أَيْ: وَمَا فَاتَ مِمَّا وَهَبَتْهُ قَبْلَ وُصُولِ خَبَرِ رُجُوعِهَا فِيهِ إلَى الزَّوْجِ (يَضِيعُ) عَلَيْهَا فَلَا يَقْضِي لَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَيْلٌ (كَإِبَاحَةِ الثَّمَرْ) أَيْ:، كَمَا يَضِيعُ مَا فَاتَ مِنْ ثَمَرِسْتَانَ بِإِبَاحَةِ مَالِكِهِ لَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْهَا وَقَبْلَ وُصُولِ خَبَرِ رُجُوعِهِ إلَى الْمُبَاحِ لَهُ فَلَا يَغْرَمُهُ الْمُبَاحُ لَهُ، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ (قُلْتُ) ، لَكِنْ (الْإِمَامُ هَاهُنَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْإِبَاحَةِ (الْغُرْمَ ادَّعَى وَالصَّيْدَلَانِيُّ بِهَذَا قَطَعَا) ؛ لِأَنَّ الْغَرَامَاتِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ نَقَلَهُ عَنْهُمَا الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ تَرْجِيحُهُ وَاعْتَرَضَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الَّذِي فِي النِّهَايَةِ الْجَزْمُ بِعَدَمِ الْغُرْمِ وَرَجَّحَهُ فِي التَّنْقِيحِ قَالَ: وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا لَا أَجْرَ عَلَيْهِ، كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهَا عَنْ الْقَفَّالِ وَمَا لَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا قِصَاصَ قَطْعًا وَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَوْ رَمَى إلَى مُسْلِمٍ تَتَرَّسَ بِهِ الْكُفَّارُ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ عُلِمَ إسْلَامُهُ، وَجَبَتْ دِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ الْغُرْمَ وَفِي غَيْرِهِ عَدَمَهُ وَعَلَى الثَّانِي قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ حَيْثُ يَفْسُدُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ انْعِزَالِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِذَا انْعَزَلَ انْعَزَلَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَأَمَّا الْمُبِيحُ فَلَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَحَقُّهُ إذَا رَجَعَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُبَاحَ لَهُ قَالَ: وَمَحَلُّ اسْتِوَاءِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِي الْغَرَامَاتِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمَغْرُومُ لَهُ، فَإِنْ قَصَّرَ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الرُّجُوعِ مَانِعٌ، كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ، ثُمَّ بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حَبْسِهِ وَكَذَا فِي عَبْدٍ لَمْ يَخْرُجْ عِتْقُهُ مِنْ الثُّلُثِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُعْتِقِ مَالٌ فَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ.

(وَالزَّوْجُ إنْ سَافَرَ) ، وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا (لَا لِنَقُلْهُ) كَتَفَرُّجٍ (بِالْبَعْضِ) مِنْ نِسَائِهِ (بِالْقُرْعَةِ كَانَ) حَقُّ الْمُقِيمَةِ (مِثْلَهْ) أَيْ: مِثْلَ مَا فَاتَ عَلَى الْوَاهِبَةِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ فَيَضِيعُ عَلَيْهَا فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ قَضَاءٌ بَعْدَ عَوْدِهِ، فَصَارَ سُقُوطُ الْقَضَاءِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ لِمَشَقَّتِهِ وَقَيَّدَ الْغَزَالِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ السَّفَرُ مُرَخِّصًا قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ (لَا) مَا فَاتَ عَلَى الْمُقِيمَةِ (مُدَّةَ الْمُقِيمِ) فِي طَرِيقِهِ، أَوْ مَقْصِدِهِ إقَامَةً تَمْنَعُ الْقَصْرَ فَإِنَّهُ لَا يَضِيعُ فَلَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ لَا يَتَجَزَّأُ دُونَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ قَضَى مُدَّةَ إقَامَتِهِ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ يَنْتَظِرُهُ وَمَضَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيَقْضِي مَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ، وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ

ــ

[حاشية العبادي]

فَقَدْ جَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ عِلَلِ مَنْعِ الْوَصْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ) أَيْ: أَوْ تَوَسَّطَتْ كَأَنْ كَانَتْ الثَّالِثَةَ، وَالْمَوْهُوبَةُ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَقَدَّمَتْ) أَيْ: أَوْ تَوَسَّطَتْ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُصُولِ خَبَرِهَا إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا فَاتَ بَعْدَ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ وَكَذَا إلَى الضَّرَّةِ الْمُسْتَوْفِيَةِ دُونَهُ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ: وَالصَّيْدُ لِأَنِّي بِهَذَا قَطْعًا) وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَقَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: التَّسَامُحُ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْأَعْيَانِ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُقَاتَلَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ مَطْلُوبَةٌ مَعَ كَوْنِ دَارِهِمْ دَارَ إبَاحَةٍ، فَنَاسَبَ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَا كَذَلِكَ تَنَاوُلُ الثَّمَرِ لَيْسَ مَطْلُوبًا.

(قَوْلُهُ: فَصَارَ سُقُوطُ الْقَضَاءِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الْقَضَاءُ فِي مُقَابَلَةِ أَيَّامِ السَّفَرِ بِخِلَافِ مَنْ اسْتَحَقَّتْ

ــ

[حاشية الشربيني]

ذَاتَ النَّوْبَةِ مِنْ حَقِّهَا سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَرَامَاتِ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا.

(قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ إنْ سَافَرَ إلَخْ) وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ مُوَافَقَتُهُ عَلَى السَّفَرِ وَإِلَّا كَانَتْ نَاشِزَةً قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَجِبُ عَلَيْهِنَّ أَيْ الزَّوْجَاتِ مُوَافَقَتُهُ إذَا كَانَ السَّفَرُ مَأْمُونًا. اهـ. فِي بَابِ الْقَسْمِ، وَقَالَ فِيهِ - فِي بَابِ النَّفَقَاتِ -: وَالنُّشُوزُ مَعْصِيَةُ الزَّوْجِ فِيمَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا، بِسَبَبِ النِّكَاحِ كَأَنْ يَطْلُبَهَا لِتَنْتَقِلَ مَعَهُ إلَى حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْبِلَادِ عِنْدَ الْأَمْنِ فَتَمْتَنِعُ مِنْهُ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ السَّفَرِ وَلَوْ طَوِيلًا وَيُصَرِّحُ بِهِ شَرْحُ م ر، وَالْإِرْشَادُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُمَا هُنَا وَفِي بَابِ النَّفَقَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفَرًا قَصْرًا) وَلَوْ كَانَ لَا يَقْسِمُ لِزَوْجَاتِهِ. اهـ. رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: مُرَخِّصًا) الْمُرَادُ بِهِ سَفَرُ غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ قَصِيرًا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ وَلَوْ سَافَرَ بِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ بِقُرْعَةٍ إذْ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ مَعْصِيَةً لَا بِقُرْعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ) أَيْ بِأَنْ نَوَى قَبْلُ - وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ - إقَامَةً بِهِ مُطْلَقًا أَوْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَيَقْضِي جَمِيعَ الْأَرْبَعَةِ، فَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، أَوْ زِيَادَةً عَلَيْهَا بِدُونِ نِيَّةٍ قَضَى الزَّائِدَ عَلَى دُونِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ آخِرُ لَحْظَةٍ مِنْ الرَّابِعِ مَعَ مَا زَادَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ زِيَادَةً فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَتَرَخَّصُ فِيهِ لَا يَقْضِيهِ وَمَا لَا يَتَرَخَّصُ فِيهِ يَقْضِيهِ، وَهَذَا إنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ فِي غَيْرِ الْمَقْصِدِ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ حَصَلَتْ بِنِيَّتِهَا عِنْدَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَقَوْلُهُ: هُنَا قَضَى مُدَّةَ إقَامَتِهِ يَحْتَمِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>