للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِبَلَدٍ وَكَتَبَ إلَى الْبَاقِيَاتِ يَسْتَحْضِرُهُنَّ وَجَبَ الْقَضَاءُ مِنْ وَقْتِ كِتَابَتِهِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، بَلْ الصَّوَابُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا كُلُّهُ إذَا سَاكَنَهَا، فَإِنْ اعْتَزَلَهَا مُدَّةَ الْإِقَامَةِ لَمْ يَقْضِ، وَخَرَجَ بِالْقُرْعَةِ مَا لَوْ سَافَرَ بِدُونِهَا فَيَقْضِي لِلْمُقِيمَةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَبِتْ عِنْدَ مَنْ هِيَ مَعَهُ، إلَّا إذَا تَرَكَهَا بِبَلَدٍ وَفَارَقَهَا، كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، ثُمَّ قَالَا نَقْلًا عَنْهَا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقْضِيَ إلَّا مَا بَاتَ عِنْدَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ خَلَفَهَا بِبَلَدٍ، أَمَّا لَوْ سَافَرَ لِنَقْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ، وَلَوْ بِقُرْعَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ قَضَى إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبَعْضٍ كَمَا فِي الْحَضَرِ، بَلْ يَنْقُلُهُنَّ جَمِيعًا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِوَكِيلِهِ، أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ لِتَضَرُّرِهِنَّ بِالتَّخَلُّفِ وَيَأْسِهِنَّ عَنْ الْبَيْتُوتَةِ وَالتَّحَصُّنِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ، وَلَوْ نَقَلَ بَعْضَهُنَّ بِنَفْسِهِ وَبَعْضَهُنَّ بِوَكِيلِهِ بِلَا قُرْعَةٍ قَضَى لِمَنْ مَعَ وَكِيلِهِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ بِالْقُرْعَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَجِبُ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ لِاشْتِرَاكِهِنَّ فِي السَّفَرِ، وَلَوْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ بِقُرْعَةٍ وَأُخْرَى بِلَا قُرْعَةٍ عَدَلَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إذَا رَجَعَ قَضَى لِلْمُخَلَّفَةِ مِنْ نَوْبَةِ الَّتِي لَمْ يَقْرَعْ لَهَا، وَلَوْ نَكَحَ فِي طَرِيقِهِ جَدِيدَةً قَضَى حَقَّ زِفَافِهَا، ثُمَّ سَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُسْتَصْحَبَةِ، وَلَا قَضَاءَ لِلْمُخَلَّفَةِ وَهَذَا فِي مُدَّةِ سَفَرِهِ، فَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ، أَوْ أَقَامَ مُدَّتَهَا قَضَى مَا وَرَاءَ أَيَّامِ الزِّفَافِ مِنْ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (أَوْ) سَافَرَ بِقُرْعَةٍ (بِالْبَعْضِ) كَثِنْتَيْنِ لَا لِنَقْلِهِ جَازَ (لَهُ تَخْلِيفُ مَنْ قَدْ قُرِعَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: قَرَعَتْهَا الْأُخْرَى بِخُرُوجِ قُرْعَةِ التَّخَلُّفِ لَهَا وَقُرْعَةِ السَّفَرِ لِلْأُخْرَى فَيَخْلُفُهَا (فِي مَنْزِلَهْ) مِنْ مَنَازِلِ سَفَرِهِ كَبَلَدٍ، وَلَا يَخْلُفُهَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ.

(وَمِنْ ذَوَاتَيْ جِدَّةٍ إذَا خَرَجْ) أَيْ: وَإِذَا خَرَجَ لِلسَّفَرِ بِقُرْعَةٍ (بِزَوْجَةٍ) مِنْ جَدِيدَتَيْنِ (فَحَقُّهَا) مِنْ الزِّفَافِ (فِيهِ) أَيْ: فِيمَا فَازَتْ بِهِ فِي السَّفَرِ (انْدَرَجْ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ زَوَالِ الْحِشْمَةِ (وَلْيَبْقَ لِلْأُخْرَى) الْمُقِيمَةِ حَقَّ الزِّفَافِ يَقْتَضِيهِ بَعْدَ عَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ قَبْلَ السَّفَرِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ، كَمَا لَوْ قَسَمَ لِبَعْضٍ وَسَافَرَ وَفَارَقَ حَقَّ الْمَظْلُومَةِ، إذَا سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ حَيْثُ لَا يَنْدَرِجُ فِي السَّفَرِ بِأَنَّ مَحَلَّهُ نَوْبَةُ الضَّرَائِرِ وَأَيَّامُ السَّفَرِ حَقٌّ لَهَا خَاصَّةً بِخِلَافِ حَقِّ الزِّفَافِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لِتَحْصِيلِ الْأُنْسِ وَإِذْهَابِ الْوَحْشَةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالصُّحْبَةِ فِي السَّفَرِ.

(وَ) إذَا (زَوْجٌ يَلْحَظُ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ زَوْجَتِهِ (أَمَارَةَ النُّشُوزِ) قَوْلًا كَأَنْ تُجِيبَهُ بِكَلَامٍ خَشِنٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ، أَوْ فِعْلًا كَأَنْ يَجِدَ مِنْهَا إعْرَاضًا وَعَبُوسًا بَعْدَ لُطْفٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ (يَعِظُ) أَيْ: يَعِظُهَا نَدْبًا لِآيَةِ {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: ٣٤] ، وَلَا يَهْجُرُ مَضْجَعَهَا وَلَا يَضْرِبُهَا فَلَعَلَّهَا تُبْدِي عُذْرًا، أَوْ تَتُوبُ عَمَّا جَرَى مِنْهَا بِلَا عُذْرٍ، وَالْوَعْظُ كَأَنْ يَقُولَ: اتَّقِ اللَّهَ فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْكَ وَاحْذَرِي الْعُقُوبَةَ وَيُبَيِّنُ لَهَا أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَالْقَسْمَ (وَإِنْ تَحَقَّقَ) مِنْهَا (النُّشُوزُ) وَلَمْ يَتَكَرَّرْ (هَجَرَا مَضْجَعَهَا)

ــ

[حاشية العبادي]

نَوْبَتَهَا قَبْلَ سَفَرِهِ وَسَافَرَ قَبْلَ أَدَائِهَا فَلَا تَسْقُطُ نَوْبَتُهَا بِالسَّفَرِ، كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي فِي شَرْحِ وَلْيَقْضِ لِلْأُخْرَى، كَمَا لَوْ قَسَمَ لِيَقْضِ وَسَافَرَ مُدَّةَ الْمُقِيمِ فِي طَرِيقِهِ، أَوْ مَقْصِدِهِ إلَى " فَإِنَّهُ لَا يُضِيعُ " أَفْهَمَ أَنَّ مُدَّةَ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ تَضِيعُ مُطْلَقًا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَجَبَ الْقَضَاءُ لَا فِي الرُّجُوعِ أَيْ: وَجَبَ قَضَاءُ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ لَا مُدَّةِ الرُّجُوعِ وَلَا مُدَّةِ الذَّهَابِ. لَكِنْ هَلْ يَقْضِي مُدَّةَ الذَّهَابِ مِنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ فِي صُورَتِهِ السَّابِقَةِ، أَوْ لَا؟ ذَكَرَ فِيهِ الْأَصْلُ احْتِمَالَيْنِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فِي صُورَتِهِ السَّابِقَةِ أَيْ فِيمَا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَحَلٍّ آخَرَ فِي طَرِيقَةٍ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ هُنَا بِقَوْلِهِ فِي طَرِيقَةٍ. .

(قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَضَاءُ مِنْ وَقْتِ كِتَابَتِهِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ) أَيْ: وَأَمَّا مُدَّةُ الْإِقَامَةِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَلَا كَلَامَ فِي أَنَّهُ يَقْضِيهَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مُسْتَفَادٌ مِمَّا تَقَرَّرَ قَبْلُ، وَكَانَ وَجْهُ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَضَاءِ مِنْ وَقْتِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مُقِيمٌ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَقْضِي النَّظَرُ إلَى أَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ لِلِاسْتِحْضَارِ كَأَنَّهُ مُعْرِضٌ عَنْ التَّخْصِيصِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْقَضَاءُ لِمَنْ مَعَ الْوَكِيلِ) وَلَوْ أَقْرَعَ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَدْ قُرِعَتْ) أَيْ: مِنْ اللَّتَيْنِ سَافَرَ بِهِمَا

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَنْدَرِجُ فِي السَّفَرِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ بِهَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ حَقَّ الزِّفَافِ إنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ فِي نِكَاحِهِ مَنْ يَقْسِمُ لَهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى مَنْ يَقْسِمُ لَهُ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِهِ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ) يُعَدُّ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ وَلَعَلَّهُ مُخْتَلِفٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

جَمِيعَ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ. وَقَوْلُهُ: لَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ يَنْتَظِرُهُ إلَخْ أَيْ: بِدُونِ نِيَّةٍ بِدَلِيلِ قَضَاءِ الزَّائِدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَنْشَأَ سَفَرًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي كَانَ نَوَاهُ فَيَقْضِي مُدَّتَهُ لَهُنَّ وَلَوْ كَانَ قَدْ كَتَبَ لَهُنَّ يَسْتَحْضِرُهُنَّ. اهـ. طَنْدَتَائِيٌّ وَلَعَلَّهُ أَنْشَأَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ تَرَخُّصِهِ، وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبِتْ) مَشَى عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا تَرَكَهَا بِبَلَدٍ) أَيْ: فَلَا يَقْضِي مَا بَعْدَ التَّرْكِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ إلَخْ) ضَعِيفٌ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِب الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ) وَالْقُرْعَةُ إنَّمَا تَدْفَعُ إثْمَ التَّخْصِيصِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَهْجُرُ مَضْجَعَهَا) أَيْ: هَجْرًا يُفَوِّتُ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ، أَمَّا مُجَرَّدُ هَجْرِ الْمَضْجَعِ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَكَرَّرْ) أَيْ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الْوَعْظَ فِي الْهَجْرِ لَا يُفِيدُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي. (وَقَوْلُهُ: هَجْرُهُ مَضْجَعَهَا) أَيْ: وَإِنْ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ لِمَا هُوَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى. اهـ. رَشِيدِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>