للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَلَامِ النَّاظِمِ، كَمَا سَتَرَاهُ (مُطْلَقُ) لَفْظِ (خُلْعٍ وَفِدَاءٍ) بِأَنْ لَمْ يُذْكَرْ مَعَهُ عِوَضٌ كَأَنْ قَالَ: خَالَعْتُكِ، أَوْ فَادَيْتُكِ فَقَبِلَتْ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ، كَمَا سَيَأْتِي لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِ الْخُلْعِ وَالْفِدَاءِ بِعِوَضٍ فَيَرْجِعُ إلَى الْمَرَدِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالْخُلْعِ عَلَى مَجْهُولٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ خَالَعَ بِخَمْرٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَكَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالنِّكَاحِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ هُنَا كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلَيْهِمَا وَعَدُّهُ لَهُ مِنْ الصَّرَائِحِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَالَ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالنَّشَائِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ.

وَحَكَى فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي صَرَاحَةِ ذَلِكَ قَوْلَيْنِ بِلَا تَصْحِيحٍ ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا بِصَرَاحَتِهِ فَذَاكَ إذَا ذَكَرَ الْمَالُ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فَكِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صَرَاحَتِهِ ذِكْرُ الْعِوَضِ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِينَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا قَالَ: وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَصَرَائِحُ الطَّلَاقِ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَلْفَاظٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَأَقْوَى مَأْخَذٍ فِي صَرَاحَتِهِ اشْتِهَارُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْقُرْآنِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الِاشْتِهَارَ غَيْرُ مُقْتَضٍ لِلصَّرَاحَةِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

وَمَا قَالَاهُ إنَّمَا يَصْلُحُ لِرَدِّ مَأْخَذِ الِاشْتِهَارِ لَا لِرَدِّ مَأْخَذِ الِاسْتِعْمَالِ، وَيَصِحُّ الْخُلْعُ بِسَائِرِ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ وَمَحَلُّ إيجَابِ مُطْلَقِ الْخُلْعِ وَالْفِدَاءِ مَهْرُ الْمِثْلِ إذَا كَانَ مَعَ الزَّوْجَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَلَا، بَلْ تُطْلَقُ مَجَّانًا، وَلَوْ نَفَى الْعِوَضَ فَقَالَ: خَالَعْتُكِ، أَوْ فَادَيْتُكِ بِلَا عِوَضٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِنْ قَبِلَتْ أَضْمَرَ الْتِمَاسَ الْجَوَابِ أَمْ لَا وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ خَالَعْتكِ وَلَمْ يَلْتَمِسْ جَوَابَهَا سَوَاءٌ أَجَابَتْهُ أَمْ لَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ.

(وَ) الْخُلْعُ (بِمَا) هُوَ، أَوْ بَعْضُهُ، أَوْ (أَجَّلَهُ أَوْ قَدْرُهُ مَا عُلِمَا) أَيْ: مَجْهُولٌ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ عِنْدَ فَسَادِ الْعِوَضِ، كَمَا فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ؛ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ فَسَادِ رُجُوعِ الْعِوَضِ الْآخَرِ لِمُسْتَحِقِّهِ وَالْبُضْعُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ فَوَجَبَ رَدُّ بَدَلِهِ، كَمَا فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: وَبِمَجْهُولٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ النَّظْمِ بِقَوْلِهِ: أَوْ قَدْرُهُ لِتَنَاوُلِهِ مَجْهُولَ الصِّفَةِ (وَفَاسِدُ) أَيْ: وَالْخُلْعُ بِفَاسِدِ (الشَّرْطِ) كَشَرْطِ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَهِيَ حَامِلٌ، أَوْ عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا، أَوْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، أَوْ أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ، كَمَا فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ (وَ) كَذَا خُلْعُهَا (بِاَلَّذِي غُصِبْ وَغَيْرِ مَالٍ) كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَحُرٍّ كَنَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ بِذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَقَوْلُهُ: وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعِوَضُ، وَالْمُعَوَّضُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: إذَا ذُكِرَ الْمَالُ) وَكَذِكْرِهِ نِيَّتَهُ فَإِنْ ذَكَرَ الْمَالَ، أَوْ نَوَاهُ بَانَتْ وَوَجَبَ الْمَالُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ م ر وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَيْ: وَلَا نَوَاهُ. (قَوْلُهُ: فَكِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ) فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَّا بِنِيَّةٍ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ أَضْمَرَ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَبِلَتْ وَكَانَتْ رَشِيدَةً بَانَتْ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ سَفِيهَةً وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ الْقَبُولِ وَقَعَ رَجْعِيًّا م ر. (قَوْلُهُ: بَلْ تَطْلُقُ مَجَّانًا) فِيهِ وَقْفَةٌ إذَا أُضْمِرَ الْتِمَاسُ جَوَابِ الْأَجْنَبِيِّ وَقُبِلَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَبِلَتْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ الْوُقُوعُ إذَا لَمْ تُقْبَلْ، وَقَدْ أُضْمِرَ الْتِمَاسُ الْجَوَابِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَجَّلَهُ، أَوْ قَدَّرَهُ) ضَمِيرُ كُلٍّ مِنْ " أَجَّلَهُ وَقَدَّرَهُ عَائِدٌ إلَى مَا، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَضْبِيبِهِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ مَالٍ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَحِرٍ) أَيْ: وَإِنْ صَرَّحَ بِوَصْفِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ الْخُلْعِ، وَالْمُفَادَاةِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَلَفْظُ الْخُلْعِ، وَالْمُفَادَاةِ وَتَرْجَمَتُهُمَا مَعَ ذِكْرِ الْمَالِ، أَوْ دُونَهُ صَرِيحٌ. اهـ. . (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ.

(قَوْلُهُ: فَذَاكَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر كَوَالِدِهِ. (قَوْلُهُ: فَكِنَايَةٌ) أَيْ: يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ إيقَاعٍ وَإِنْ أَضْمَرَ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ حَيْثُ جَعَلَهُ صَرِيحًا حِينَئِذٍ ثُمَّ إنْ أَضْمَرَ ذَلِكَ وَقَبِلَتْ وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَرَجْعِيٌّ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ فَلَا وُقُوعَ فَإِنْ لَمْ يُضْمَرْ ذَلِكَ وَقَعَ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: اشْتِهَارُهُ) أَيْ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ فَهَذَا الِاشْتِهَارُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ تَكَرُّرِهِ فِي الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ: وَاسْتِعْمَالُهُ أَيْ: الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْمُفَادَاةُ، وَالْخُلْعُ الْأَوَّلُ بِلَفْظِهِ وَالثَّانِي بِمَعْنَاهُ وَهُوَ الْمُفَادَاةُ. (قَوْلُهُ: لَا لِرَدِّ مَأْخَذِ الِاسْتِعْمَالِ) وَلَعَلَّ رَدَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ فَرَاجِعْ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ مَأْخَذَ الصَّرَاحَةِ تَكَرُّرُ اللَّفْظِ فِي الْقُرْآنِ لَا الْعُرْفِ وَالِاشْتِهَارِ. اهـ.، لَكِنْ عَوَّلَ م ر عَلَى الْوُرُودِ فِي الْقُرْآنِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَكِنَايَاتِهِ) قَالَ خ ط: وَيَصِحُّ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ لِلطَّلَاقِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعًا فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا، أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ انْتَهَى أَيْ: بِأَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ بِالْعِوَضِ وَتَنْوِي هِيَ أَيْضًا فَكِنَايَةُ الطَّلَاقِ إذَا اسْتَعْمَلَهَا فِي الْخُلْعِ احْتَاجَ إلَى ثَلَاثِ نِيَّاتٍ: قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ، وَقَصْدِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ، وَقَصْدِ كَوْنِهِ خُلْعًا. كَذَا نُقِلَ عَنْ الْبَرَّاوِيِّ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) أَمَّا لَوْ خَالَعَ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى مَا فِي كَفِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>