للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ صَرَّحَ بِوَصْفِهِ كَقَوْلِهِ: بِهَذَا الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا، كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: وَمِنْ أَبِيهَا يَجْرِي إلَى آخِرِهِ (لَا دَمٍ) أَيْ: لَا الْخُلْعُ بِدَمٍ، أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ كَالْحَشَرَاتِ فَلَا يُوجِبُ مَهْرَ الْوُقُوعِ الطَّلَاقَ رَجْعِيًّا وَهَذَا زَادَهُ هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْحَاوِي، وَلَا يَخْفَى أَنَّ خُلْعَ الْكُفَّارِ بِعِوَضٍ غَيْرِ مَالٍ صَحِيحٌ كَمَا فِي أَنْكِحَتِهِمْ، فَإِنْ وَقَعَ إسْلَامٌ بَعْدَ قَبْضِهِ كُلِّهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا، أَوْ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ فَالْقِسْطُ، وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَيْنٍ فَتَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ خَرَجَتْ مُسْتَحِقَّةً، أَوْ مَعِيبَةً فَرَدَّهَا، أَوْ فَاتَتْ مِنْهَا صِفَةٌ مَشْرُوطَةٌ فَرَدَّهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْعِوَضِ فِي يَدِهَا كَالْمَهْرِ فِي يَدِهِ فِي أَنَّهُ مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ وَقِيلَ ضَمَانَ يَدٍ.

(وَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ: وَالْخُلْعُ بِأَنْ (طُلِبْ) مِنْهُ (تَطْلِيقُ نِصْفِ طَلْقَةٍ) مَثَلًا بِأَنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ (أَوْ) طَلِّقْ (نِصْفِي أَوْ أُصْبُعِي) مَثَلًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ، كَمَا طَلَبَتْ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَقَبِلَتْ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ وَمَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ يُوجِبُ هُنَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَذِكْرُ الْأُصْبُعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) أَيْ: وَالْخُلْعُ بِقَوْلِهَا لَهُ طَلِّقْنِي (فِي غَدٍ بِأَلْفِ) ، أَوْ إنْ طَلَّقْتَنِي غَدًا فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ (فَفِي غَدٍ، أَوْ قَبْلَهُ طَلَّقَهَا) يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِإِثْبَاتِ الطَّلَاقِ فِي الذِّمَّةِ فَلَوْ قَالَ: قَصَدْتُ الِابْتِدَاءَ صَدَقَ بِيَمِينِهِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْغَدِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا لِلْمُخَالَفَةِ وَفَارَقَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ حَصَلَ ثَمَّ غَرَضُهَا وَزَادَ فَكَانَ، كَمَا لَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَإِنْ ذَكَرَ مَالًا لَمْ يَقَعْ إلَّا بِقَبُولٍ (وَقَوْلُهَا) لَهُ طَلِّقْنِي (فِي) هَذَا (الشَّهْرِ) بِأَلْفٍ، أَوْ إنْ طَلَّقْتَنِي فِيهِ فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ (إنْ وَافَقَهَا) بِأَنْ طَلَّقَهَا فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِإِثْبَاتِ الطَّلَاقِ فِي ذِمَّتِهِ وَتَأْجِيلِهِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الشَّهْرِ فَمُبْتَدِئٌ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا فِيهِ وَقَالَ: قَصَدْتُ الِابْتِدَاءَ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ " طَلَّقَهَا " " تَطَالَقَا " وَبَدَلُ " إنْ وَافَقَهَا " " حَيْثُ وَافَقَا ".

(وَالْخُلْعُ) بِعَيْنٍ (مَعْ مَنْ كُوتِبَتْ مَأْذُونَهْ) كَانَتْ (أَوْ لَا) يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي ذِمَّتِهَا إلَى الْعِتْقِ وَهَذَا مَرْجُوحٌ فِي الْمَأْذُونَةِ وَإِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: الْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ هُنَا إنْ خَلَعَهَا بِإِذْنٍ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ فَإِنَّ هَذَا لَا يُطَابِقُ مَا صَحَّحَهُ كَالرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ بِالْمُسَمَّى، كَمَا فِي الْقِنَّةِ، وَلَا مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا مِنْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْ التَّبَرُّعَاتِ وَقَوْلِ الرَّافِعِيِّ عَقِبَ هَذَا فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ خُلْعُهَا وَهُوَ نَصُّهُ هُنَا فَخُلْعُهَا بِإِذْنٍ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ لَا يَقْتَضِي تَنَاقُضًا غَايَتُهُ أَنَّهُ نَبَّهَ كَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ النَّصَّ يُخَالِفُ الْمُصَحَّحَ الْمُوَافِقَ لِنَصِّهِ عَلَى صِحَّةِ هِبَةِ الْمُكَاتَبِ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ إذْ أَجَازَ هِبَتَهُ بِلَا عَوْدِ شَيْءٍ إلَيْهِ فَالْخُلْعُ أَجْوَزُ لِعِوَضِ الْبُضْعِ إلَيْهَا، وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَرَّقَ بِأَنَّ الْخُلْعَ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ النِّكَاحِ بِلَا قُرْبَةٍ، وَلَا مِنَّةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَهَذَا الْفَرْقُ لَا يُجْدِي؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ حَجْرِ الرِّقِّ إنَّمَا هُوَ مَنْعُ التَّصَرُّفِ مِنْ الْمَالِ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ زَالَ هَذَا الْمَعْنَى (وَمَعْ مَنْ اُسْتُرِقَّتْ) أَيْ: وَالْخُلْعُ مَعَ الرَّقِيقَةِ (دُونَهْ) أَيْ: دُونَ إذْنٍ (يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ) فِي ذِمَّتِهَا إلَى الْعِتْقِ وَإِنْ وَقَعَ الْخُلْعُ بِدَيْنٍ كَشِرَاءِ الْقِنِّ بِلَا إذْنٍ كَذَا رَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَصْلَيْ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ فِي صُورَةِ الدَّيْنِ الصِّحَّةَ بِالْمُسَمَّى وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَفَّالِ وَالشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَفَارَقَ شِرَاءَ الْقِنِّ بِلَا إذْنٍ بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخُلْعِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الْخَمْرَ فَأَنْت طَالِقٌ اشْتَرَطَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْإِعْطَاءَ حَالًّا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ قَالَهُ الْقَاضِي بِرّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِوَصْفِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِوَصْفِهِ، فَتَبَيَّنَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَهِيَ تُفَارِقُ الْأَجْنَبِيَّ فِي ذَلِكَ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِالْوَصْفِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ طَلِّقْ نِصْفِي) لَعَلَّ الْأَوْجَهَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا: أَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْ نِصْفِي، وَيَجْعَلُ " قِيلَ " الْمُقَدَّرَةَ عَطْفًا عَلَى " طَلَبَ "

(قَوْلُهُ: فَفِي غَدٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الطَّلَاقَ بِالْمَالِ وَلَا قَصَدَ أَنَّهُ عَنْ سُؤَالِهَا وَلَا الِابْتِدَاءَ. (قَوْلُهُ: صَدَقَ بِيَمِينِهِ) شَامِلٌ لِصُورَتَيْ غَدٍ وَقَبْلَهُ. .

(قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَكَرَ) أَيْ: فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الْغَدِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الشَّهْرِ) وَأَمَّا الطَّلَاقُ قَبْلَهُ فَغَيْرُ مُتَصَوَّرٍ مَعَ التَّعْبِيرِ بِهَذَا الشَّهْرِ نَعَمْ، قَدْ يُتَصَوَّرُ بِقَوْلِهِ: فِي هَذَا الشَّهْرِ الْآتِي بَعْدَ هَذَا.

(قَوْلُهُ: وَالْخُلْعُ بِعَيْنٍ) أَفْهَمَ أَنَّ الْخُلْعَ بِدَيْنٍ يُوجِبُ الْمُسَمَّى فِي ذِمَّتِهَا، وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى الْمُسْتَرَقَّةِ الْآتِيَةِ لَمْ تَنْقُصْ عَنْهَا، وَلَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِي ثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهَا لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونَةِ أَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَالْخُلْعُ مَعَ الرَّقِيقَةِ) أَيْ:

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَا شَيْءَ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَالزَّوْجَةِ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: ضَمَانَ عَقْدٍ) أَيْ فَيَضْمَنُ بِمُقَابِلِهِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقِيلَ: ضَمَانَ يَدٍ فَيَضْمَنُ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ.

(قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>