للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ بِلَا عِوَضٍ لَمْ يُعْتَبَرْ قِيمَةُ الْبُضْعِ مِنْ الثُّلُثِ.

(وَفِي اخْتِلَاعِ أَمَةٍ) ، وَلَوْ سَفِيهَةً (وَ) قَدْ (أَذِنَا سَيِّدُهَا) فِيهِ (يَكُونُ) مُسَمَّاهُ حَيْثُ عَيْنُهُ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ (مِمَّا عَيَّنَا وَ) يَكُونُ مِنْ (كَسْبِ هَذِهِ) الْأَمَةِ (وَمَا تَتَّجِرُ فِيهِ) لِسَيِّدِهَا (مُسَمَّى سَيِّدٍ) حَيْثُ (يُقَدَّرُ) أَيْ: يَقْدِرُهُ (دَيْنًا وَمَهْرُ الْمِثْلِ لِلْإِطْلَاقِ) أَيْ: حَيْثُ يُطْلَقُ فَقَوْلُهُ: مُسَمًّى سَيِّدِ إلَى آخَرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ يَكُونُ وَمَا قَبْلَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى خَبَرِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسِبَةً، وَلَا مَأْذُونًا لَهَا فِي التِّجَارَةِ بَقِيَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهَا إلَى عِتْقِهَا وَيَسَارِهَا (وَمَا تَزِدْ) هـ الْأَمَةُ عَلَى الْمُقَدَّرِ فِي التَّقْدِيرِ وَعَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْإِطْلَاقِ (تَغْرَمْهُ بِالْإِعْتَاقِ) أَيْ: بِسَبَبِهِ يَعْنِي بَعْدَهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا لَوْ جَرَى الْخُلْعُ بِرَقَبَتِهَا.

(وَالشَّرْطُ وَالْإِخْبَارُ) مِنْ الزَّوْجَةِ كَطَلِّقْنِي عَلَى أَنَّ لَكِ عَلَيَّ أَلْفًا وَكَطَلِّقْنِي وَلَكِ عَلَيَّ أَلْفٌ (كَالْتِزَامِ) مِنْهَا لِلْعِوَضِ بِصِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ كَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ. وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الْتِزَامٌ بِلَا كَافٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَرِيحُ الْتِزَامٍ مِنْهَا فَإِذَا طَلَّقَهَا عَقِبَهُ وَقَعَ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى، أَمَّا فِي الشَّرْطِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْإِخْبَارِ فَلِصَلَاحِيَّةِ صِيغَتِهِ لِلِالْتِزَامِ قَالَ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: ٧٢] وَلِقَرِينَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا عَقِبَ السُّؤَالِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهَا: طَلِّقْنِي وَأَضْمَنُ لَكِ كَذَا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الضَّمَانِ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ بِخِلَافِ قَوْلِهَا: طَلِّقْنِي وَأُعْطِيكَ كَذَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَقِبَهُ رَجْعِيًّا وَالشَّرْطُ وَالْإِخْبَارُ مِنْ الزَّوْجِ كَطَلَّقْتُكِ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْكِ أَلْفًا وَكَطَلَّقْتُكِ وَلِي عَلَيْكِ أَلْفٌ (غَيْرُ مُصَرِّحَيْنِ بِالْإِلْزَامِ) مِنْهُ لَهَا بِعِوَضٍ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِمَا رَجْعِيًّا سَوَاءٌ قَبِلَتْ أَمْ لَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ صِيغَةُ شَرْطٍ وَلَيْسَ مِنْ قَضَايَا الطَّلَاقِ فَيَلْغُو كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَكِ، أَوْ عَلَى أَنَّ لَكِ عَلَيَّ كَذَا.

وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ ذَلِكَ صَرِيحُ إلْزَامٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا، وَلَا شَرْطًا، بَلْ جُمْلَةً مَعْطُوفَةً عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهَا وَفَارَقَ جَانِبَ الزَّوْجَةِ بِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ لَهَا الْتِزَامُ الْمَالِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةِ حُمِلَ لَفْظُهُ عَلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ فِي الْإِلْزَامِ حَتَّى لَوْ قَالَ: أَرَدْت مَا يُرَادُ بِطَلَّقْتُكِ بِكَذَا وَصَدَّقَتْهُ وَقَعَ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى إنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِخْبَارِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَشِعْ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِلْزَامِ وَإِلَّا فَهُوَ كَقَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ عَلَى أَلْفٍ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يُسْبَقْ طَلَبُهَا بِعِوَضٍ وَإِلَّا، فَإِنْ أَبْهَمَتْهُ كَطَلِّقْنِي بِعِوَضٍ، فَإِنْ أَجَابَ بِمُعَيَّنٍ كَطَلَّقْتُكِ وَلِي عَلَيْكِ أَلْفٌ فَمُبْتَدِئٌ، فَإِنْ قَبِلَتْ بَانَتْ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ، أَوْ بِمُبْهَمٍ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ عَيَّنَتْهُ فَأَجَابَ بِذِكْرِهِ وَقَعَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهَةً) تُحْمَلُ عَلَى مَنْ طَرَأَ سَفَهُهَا بَعْدَ رُشْدِهَا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهَا م ر وَكَتَبَ أَيْضًا: فِيهِ إشْكَالٌ فِيمَا إذَا لَزِمَ الْمَالُ ذِمَّتَهَا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسِبَةً وَلَا مَأْذُونَةً وَلَمْ يُعَيِّنْ السَّيِّدُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْحُرَّةِ السَّفِيهَةِ وَمُجَرَّدُ إذْنِ السَّيِّدِ لَا يَقْتَضِي مَزِيَّتَهَا عَلَيْهَا، وَقَدْ يُوَجَّهُ إذْ لَمْ يَلْزَمْ ذِمَّتَهَا بِأَنْ عَيَّنَ السَّيِّدُ، أَوْ كَانَتْ مُكْتَسِبَةً، أَوْ مَأْذُونَةً بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْحُرَّةِ لِلضَّرَرِ عَلَيْهَا وَلَا ضَرَرَ هُنَا، وَقَدْ يُقَالُ: لَا أَثَرَ لِعَدَمِ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ مُعَاوَضَةٌ وَالسَّفَهَ يُنَافِي فِي صِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ: مُسَمَّاهُ) اسْمُ يَكُونُ وَقَوْلُهُ: مِمَّا عَيَّنَا خَبَرُ يَكُونُ وَقَوْلُهُ: " كَسْبِ " عَطْفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ فِي الْخَبَرِ وَقَوْلُهُ: سُمِّيَ سَيِّدُ مُسَمًّى عَطْفٌ عَلَى اسْمِ يَكُونُ. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى خَبَرِهَا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ إلَّا أَنْ يُقَدِّرَ " مِنْ ". (تَنْبِيهٌ)

قَالَ فِي الرَّوْضِ " فَإِنْ قَالَ: اخْتَلِعِي بِمَا شِئْت فَلَا حَجْرَ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَهَا أَنْ تَخْتَلِعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِأَزْيَدَ مِنْهُ وَيَتَعَلَّقُ الْجَمِيعُ بِكَسْبِهَا أَوْ بِمَالِ تِجَارَةٍ بِيَدِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الزَّوْجَةِ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: الْتِزَامٌ وَقَوْلُهُ: " عَلَى أَنْ " شَرْطٌ، وَقَوْلُهُ: وَلَكُمْ إلَخْ إخْبَارٌ. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: صِيغَةٍ، وَقَوْلُهُ: السُّؤَالِ أَيْ: وَطَلِّقِي. (قَوْلُهُ: فَأَجَابَ بِذِكْرِهِ) بَقِيَ مَا إذَا أَجَابَ بِمُبْهَمٍ، فَهَلْ هُوَ مُبْتَدِئٌ؟

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهَةً) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ هُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْأُمِّ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِثْلُهُ خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ، لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ خُلْعُ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً، وَلَوْ حُكْمًا فَغَيْرُهَا وَلَوْ مُكَاتَبَةً كَالْحُرَّةِ السَّفِيهَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. وَعِبَارَةُ زي عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: أَمَةً أَيْ: رَشِيدَةً خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ سَفِيهَةً إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةِ. اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا يَعُمُّ الْمَأْذُونَةَ وَغَيْرَهَا وَفِي ع ش عَلَى م ر خِلَافُهُ فِي الْمَأْذُونَةِ ثُمَّ رَأَيْت حَجَرَ فِي التُّحْفَةِ قَالَ: إنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَاصِرٌ عَلَى الصِّحَّةِ بِالْعَيْنِ أَوْ الْكَسْبِ فِي صُورَتَيْهِمَا الْآتِيَتَيْنِ أَيْ: فِيمَا إذَا أَذِنَ وَعَيَّنَ عَيْنًا، أَوْ قَدَّرَ دَيْنًا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَلْزَمُ ذِمَّتَهَا فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْحَجْرِ، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسِبَةً وَلَا مَأْذُونًا لَهَا فِي التِّجَارَةِ بَقِيَ إلَخْ فَلَا بُدَّ أَنْ يُحْمَلَ الشَّرْحُ عَلَى السَّفِيهَةِ الْمُهْمَلَةِ حَتَّى يَتِمَّ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ كَقَوْلِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدِ الْإِلْزَامِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَفِي التُّحْفَةِ خِلَافُهُ، وَحَاصِلُ مَا فِيهَا كَ م ر وَسم أَنَّهُ يَصِحُّ قَصْدُ الْإِلْزَامِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَشِعْ الْعُرْفُ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ إنْ شَاعَ عُرْفٌ بِذَلِكَ أَيْ: بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْإِلْزَامِ صَدَقَ فِي إرَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَصْدُقْهُ الْمُخْتَلِعَةُ فِي تِلْكَ الْإِرَادَةِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ حِينَئِذٍ بِالْإِشَاعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَشِعْ عُرْفٌ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَصْدُقْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبْهَمَتْهُ إلَخْ) وَلَوْ عَيَّنَتْ فَأَجَابَ بِمُبْهَمٍ فَمُبْتَدِئٍ أَيْضًا فَإِنْ قَبِلَتْ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا وُقُوعَ. اهـ. سم وَع ش. (قَوْلُهُ: فَمُبْتَدِئٌ) عِبَارَةُ حَجَرٍ وَم ر فَكَمُبْتَدِئِ. اهـ. أَيْ: لِأَنَّهُ قَالَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>