وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ التَّتِمَّةِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَضْعِ فِي إنْ " أَقْبَضْتنِي " ذَكَرَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ فِي وَسِيطِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ فِي " إنْ قَبَضْتُ مِنْكِ " وَبَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ فَرْقٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: اشْتِرَاطُ أَخْذِهِ مِنْهَا بِيَدِهِ إنَّمَا هُوَ فِي " إنْ قَبَضْتُ مِنْك " وَكَلَامُ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ دَالٌّ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ أَقْبَضْتِنِي فَيَكْفِي وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهَا أَقَبَضَتْهُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ. اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَإِنَّهُمَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَا مَسْأَلَةَ الْإِقْبَاضِ قَالَا: وَلَوْ قَالَ: إنْ قَبَضْتُ مِنْكِ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إنْ أَقْبَضْتِنِي وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ، وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَبْضًا.
(وَوَقَعَ الطَّلَاقُ) بَائِنًا فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ دَرَاهِمَ مَثَلًا (بِالْمَغْلُوبِ) مِنْهَا أَيْ: بِإِعْطَائِهِ (مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ) وَيَمْلِكُهُ، كَمَا فِي الْغَالِبِ لِشُمُولِ الِاسْمِ وَغَلَبَةِ الْعُرْفِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَخَالَعْتُكِ، أَوْ طَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَرَغْبَةِ النَّاسِ فِيمَا يُرَوِّجُ غَالِبًا، وَلَا تُؤَثِّرُ فِي التَّعْلِيقِ لِقِلَّتِهِ، وَلَا فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَقَدْ يَتَقَدَّمُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ أَخْذٌ بِيَدِهِ مِنْهَا، وَلَوْ مُكْرَهَةً وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ، قَوْلَهُ: وَلَوْ مُكْرَهَةً حَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى الْوَهْمِ أَقُولُ: سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ حِنْثًا وَلَا مَنْعًا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْفِعْلِ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا
ــ
[حاشية الشربيني]
وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ إلَخْ) الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ اشْتِرَاطُ الْأَخْذِ بِالْيَدِ فِي الْقَبْضِ، وَالْإِقْبَاضُ اقْتَرَنَ بِهِ قَرِينَةُ تَمْلِيكٍ أَمْ لَا وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ الِاخْتِيَارِ فِيمَا عَدَا الْإِقْبَاضَ مَعَ قَرِينَةِ التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ إعْطَاءً وَلَا يَكُونُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ: وَوَقَعَ الطَّلَاقُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَتَنْزِلُ أَيْ: الدَّرَاهِمُ فِي الْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ، وَالْإِقْرَارُ عَلَى الدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدِ لَا عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا عَلَى الزَّائِدَةِ، أَوْ النَّاقِصَةِ وَإِنْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْوَازِنَةِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ أَعْطَتْهُ الْوَازِنَةُ لَا مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ طَلُقَتْ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهَا وَيُطَالَبُ بِالْغَالِبِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَشْتَمِلُ عَلَى صِفَةٍ وَمُعَاوَضَةٍ فَأَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ بِالصِّفَةِ وَأَلْزَمْنَا الْغَالِبَ عَلَى مُوجِبِ الْمُعَاوَضَةِ وَإِنْ غَلَبَتْ الْمَغْشُوشَةُ وَأَعْطَتْهَا لَهُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْفِضَّةَ وَالتَّفْسِيرُ بِهَا كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَرَدْتهَا وَلَا تَطْلُقُ أَيْ: إنْ لَمْ يَقُلْ أَرَدْتُهَا إلَّا بِإِعْطَاءِ الْخَالِصَةِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا الْخَالِصَةَ وَيُطَالِبُهَا بِالْمَغْشُوشَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَشْتَمِلُ عَلَى صِفَةٍ إلَخْ فَلَوْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ خَالِصًا فَأَعْطَتْهُ مَغْشُوشًا تَبْلُغُ نَقْرَتَهُ أَلْفًا طَلُقَتْ لِمَا مَرَّ أَنَّ لَفْظَ الدَّرَاهِمِ لِلْفِضَّةِ وَلَمْ تُوجَدْ عَادَةٌ صَارِفَةٌ.
وَالْغِشُّ عَيْبٌ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا بِبَدَلِ الْمَغْشُوشِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعِوَضِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْوَازِنَةِ الَّتِي مِنْ غَيْرِ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَيْ: مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيُطَالِبُ بِالْغَالِبِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ غَلَبَتْ الْمَغْشُوشَةُ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا مِنْهَا لَا تَبْلُغُ نَقْرَتَهَا أَلْفًا خَالِصَةً وَقَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا الْخَالِصَةَ الْأُولَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ: وَلَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَتْهُ وَتُعْطِيهِ مَغْشُوشَةً؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ لَهَا وَلِيُفِيدَ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: طَلُقَتْ لِمَا مَرَّ أَيْ: وَمَلَكَ الْمَغْشُوشِ كَمَا رَجَّحَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ ثُمَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، كَمَا قَالَ: فَهَذَا كَقَوْلِهِ سَابِقًا: طَلُقَتْ وَلَكِنْ لَهُ إلَخْ، يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْهَا اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثَّرَ تَنْزِيلُ الْمُعَامَلَةِ عَلَى الْغَالِبِ إنَّمَا هُوَ جَوَازُ الرَّدِّ لَا بُطْلَانُ الْإِعْطَاءِ وَالتَّمْلِيكِ الَّذِي يُفِيدُهُ الْإِعْطَاءُ، فَانْظُرْ هَلْ هَذَا خَاصٌّ بِهَذَا الْبَابِ مُرَاعَاةً لِصِدْقِ التَّعْلِيقِ بِغَيْرِ الْغَالِبِ وَغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ فَلَمَّا اُعْتُبِرَ قَبْضُهُمَا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ اُعْتُبِرَ فِي الْمِلْكِ أَوْ عَامٌّ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمُعَاوَضَةُ هُنَا فِي ضِمْنِ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَا يَتَوَقَّفُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْغَالِبُ وَنَقْدُ الْبَلَدِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النَّوْعِ الْجَيِّدِ، أَوْ الرَّدِيءِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْغَالِبِ) أَيْ: كَمَا يَقَعُ بِإِعْطَاءِ الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْمُعَامَلَاتِ) فَلَوْ كَانَ الْغَالِبُ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمَ عَدَدِيَّةً نَاقِصَةَ الْوَزْنِ أَوْ زَائِدَتَهُ، لَمْ يَنْزِلْ الْإِقْرَارُ وَالتَّعْلِيقُ عَلَيْهَا وَفِي تَنْزِيلِ الْبَيْعِ، وَالْمُعَامَلَاتِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا التَّنْزِيلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُقْصَدُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ. اهـ. رَوْضَةٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ غَيْرَهَا فِي الْبَيْعِ، وَالْمُعَامَلَاتِ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ وَلَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِغَيْرِ الْمُعَاوَضَةِ الَّتِي فِي ضِمْنِ التَّعْلِيقِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَ غَيْرَ الْغَالِبِ هُنَا مَلَكَهُ، كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَمْلِكُهُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ لَهُ رَدَّهُ وَأَخْذَ الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُؤَثِّرُ فِي التَّعْلِيقِ إلَخْ) أَيْ: بَلْ يَبْقَى اللَّفْظُ عَلَى عُمُومِهِ فِيهِمَا. اهـ. رَوْضَةٌ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَقَدَّمُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ لُزُومَ الْمُقِرِّ بِهِ إلَى مَا بَعْدَ الْغَلَبَةِ يَتَعَيَّنُ الْغَالِبُ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: