وَ) فِي الثَّانِيَةِ (شِئْتُ أَوْ قَالَتْ لَهُ) فِيهَا: (قَبِلْتُ وَ) فِي الثَّالِثَةِ ضَمِنْت وَفِي الرَّابِعَةِ شِئْت أَوْ قَبِلْت (مَعَ) قَوْلِهِمَا فِيهِمَا. (طَلَّقْتُ) سَوَاءٌ قَدَّمَتْهُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ أَخَّرَتْهُ، وَأَفْهَمَ اعْتِبَارُهُ الْمَعِيَّةَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا التَّطْلِيقَ بِشَرْطٍ، فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا، وَلَا يُغْنِي عَنْ الضَّمَانِ الْإِعْطَاءُ وَلَا الْمَشِيئَةُ؛ لِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَلَوْ ضَمِنَتْ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَقَعْ أَوْ أَكْثَرَ وَقَعَ لِوُجُودِ الصِّفَةِ مَعَ زِيَادَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: خَالَعْتُكِ أَوْ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَكْثَرَ لِاشْتِرَاطِ التَّوَافُقِ فِي صِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ.
وَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا: الِالْتِزَامُ كَمَا مَرَّ مِثْلُهُ وَاكْتِفَاؤُهُ بِقَبِلْت بَدَلَ شِئْت تَبِعَ فِيهِ كَأَصْلِهِ الْغَزَالِيِّ وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَعَيُّنُ الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهَا فَيَنْصَرِفُ إلَيْهَا دُونَ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَشِيئَةٍ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ حَتَّى لَا يُغْنِيَ الِالْتِزَامُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَا الْإِسْقَاطُ عَنْ الْإِبْرَاءِ، وَيُحْتَمَلُ إغْنَاءُ الْمُرَادِفِ كَهَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ دُونَ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ لَهُ، وَمِثْلُ إنْ فِيمَا ذُكِرَ إذَا وَنَحْوُهَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَجَاوَبَتْ بِأَلْفٍ اعْتِبَارَ الْجَوَابِ فَوْرًا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ بِمَتَى أَوْ نَحْوِهَا كَمَا مَرَّ
(وَ) لَوْ قَالَ: (طَلَّقَتْ) وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعِوَضِ (وَقَدْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْ بِأَلْفٍ) فَيُنْظَرُ (إنْ قَصَدْ بِهِ ابْتِدَاءً) لَا جَوَابًا (فَهْوَ رَجْعِيٌّ) لِاحْتِمَالِهِ، فَإِنْ اتَّهَمَتْهُ حَلَّفَتْهُ (وَإِنْ يُجِبْ بِهِ) أَيْ يَقْصِدْ بِهِ الْجَوَابَ، (أَوْ لَمْ يُرِدْ) بِهِ (شَيْئًا) مِنْ ذَلِكَ (تَبِنْ) مِنْهُ بِالْأَلْفِ، فَلَوْ تَرَكَ الْبَيَانَ حُكِمَ لَهُ بِالْبَيْنُونَةِ وَالْعِوَضِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَ (إنْ عَدَدًا) مِنْ الطَّلَاقِ كَطَلْقَتَيْنِ (تَطْلُبْ) زَوْجَتُهُ (بِأَلْفٍ فَاتَّفَقْ) جَوَابُهُ مَعَ طَلَبِهَا، بِأَنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ فِي الْمِثَالِ (أَوْ زَادَ) عَلَى مَا طَلَبَتْهُ كَأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (أَوْ أَفَادَهَا) الْبَيْنُونَةَ (الْكُبْرَى) ، كَأَنْ طَلَبَتْ مِنْهُ ثَلَاثًا، وَكَانَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةً، طَلَّقَهَا الْوَاحِدَةَ (اسْتَحَقْ) عَلَيْهَا (أَلْفًا) ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِتَضَمُّنِهِ الْإِجَابَةَ، كَمَا لَوْ زَادَ الْعَامِلُ فِي الْجَعَالَةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ إذَا قَالَ: بِعْنِي هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ: بِعْتُكَهُ مَعَ ذَاكَ بِأَلْفٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ، وَالْخُلْعُ شَبِيهٌ بِالْجَعَالَةِ؛ وَلِأَنَّ تَمْلِيكَ الزَّائِدِ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْبَائِعُ بِخِلَافِ إيقَاعِ الزَّائِدِ عَلَى طَلْقَتَيْنِ.
وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِحُصُولِ مَقْصُودِ الثَّلَاثِ بِتِلْكَ الْوَاحِدَةِ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ الْكُبْرَى سَوَاءٌ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا إلَّا وَاحِدَةٌ أَمْ لَا، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهَا فِي الْعَدَدِ وَلَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى، بِأَنْ نَقَصَ عَنْهُ وَلَمْ يُفِدْهَا الْكُبْرَى اسْتَحَقَّ (الْقِسْطَ) أَيْ قِسْطُ الْمُسَمَّى (مِمَّا نَطَقَا) بِهِ مِنْ الْعَدَدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا طَلَبَتْهُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، فَلَوْ طَلَبَتْ ثَلَاثًا أَوْ عَشْرًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً، وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهَا اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ أَوْ عُشْرَهُ، وَإِنْ طَلَّقَ، وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ ثِنْتَيْنِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْهِ أَوْ عُشْرَيْهِ أَيْ خُمُسَهُ، أَوْ نِصْفَ وَاحِدَةٍ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الثُّلُثِ أَيْ السُّدُسَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ نَظَرًا لِمَا أَوْ قَعْهُ لَا لِمَا وَقَعَ، أَوْ وَاحِدَةً وَنِصْفًا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَلْفِ لَا ثُلُثَيْهِ نَظَرًا لِذَلِكَ.
، وَلَوْ (قَالَتْ:) طَلَّقَنِي (ثَلَاثًا بِكَذَا) كَأَلْفٍ، وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ (فَطَلَّقَا وَاحِدَةً بِهِ وَطَلْقَتَيْنِ مَجَّانًا اقْتَصِرْ) أَنْتَ فِي الْإِيقَاعِ (عَلَى هَاتَيْنِ) الطَّلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ مَجَّانًا فَتَقَعَانِ رَجْعِيَّتَيْنِ، وَلَا تَقَعُ الْأُولَى لِعَدَمِ التَّوَافُقِ كَمَا لَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ، وَهَذَا مَا قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ الْقِيَاسُ الْحَقُّ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الشَّيْخَانِ إنَّهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: ثُمَّ الزَّائِدُ يَلْغُو ضَمَانُهُ، وَإِذَا قَبَضَ فَهُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعِوَضِ) وَكَذَا لَوْ تَعَرَّضَ لَهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَصْدِ الِابْتِدَاءِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُلْت مِنْ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا الْوَاحِدَةَ) لَوْ طَلَّقَهَا نِصْفَهَا يَسْتَحِقُّ أَيْضًا الْأَلْفَ كَمَا فِي خَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا) شَامِلٌ لِثِنْتَيْنِ فَقَطْ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ صُورَةُ الْعَشْرِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ) لَوْ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا فَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا سَبَقَ عَنْ خَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ اسْتِحْقَاقُ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى. (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَلْفِ) أَيْ فِيمَا إذَا طَلَبَتْ ثَلَاثًا
(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي زِقَّ خَمْرٍ فَأَنْت طَالِقٌ، فَإِنْ أَتَتْ بِخَمْرٍ مَغْصُوبَةٍ بِأَنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً أَوْ لِذِمِّيٍّ، فَإِنْ قُلْنَا فِي الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ: يَقَعُ الطَّلَاقُ فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْوُقُوعُ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ هُنَا مُضَافٌ إلَى مَا لَا يَتَأَتَّى مِلْكُهُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا تَخْتَصُّ بِهِ يَدًا، كَمَا حُمِلَ لَفْظُ الْعَبْدِ عَلَى مَا اُخْتُصَّتْ بِهِ مِلْكًا اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْوُقُوعَ فِي مَسْأَلَةِ الْخَمْرِ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَغْصُوبِ عَكْسُ مَا فِي الشَّرْحِ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْوُقُوعِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءٍ مُعَيَّنٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لِلْغَيْرِ، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْخَمْرِ، وَقَدْ حَكَى فِي الرَّوْضَةِ الْخِلَافَ فِيهَا وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: لَا يَقَعُ وَالثَّانِي: وُقُوعُهُ لِلْإِشَارَةِ وَيَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ سَوَاءٌ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْقِنَّ الْمَغْصُوبَ أَوْ قِنًّا مَغْصُوبًا لِتَصْرِيحِهِ بِالْمَانِعِ فِيهِمَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ لَيْسَ بِلَازِمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَوْ أَفَادَهَا الْكُبْرَى) أَيْ بِثَلَاثٍ فِي الْحُرِّ وَثِنْتَيْنِ فِي غَيْرِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ