للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) وَقَعَ بَائِنًا (بِالْمُعَيَّنِ الَّذِي تَبَيَّنَّا) أَنَّهُ (لِلْغَيْرِ) ، أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ كَالْمُكَاتَبِ فِيمَا لَوْ عُلِّقَ بِإِعْطَاءٍ مُعَيَّنٍ لِتَعَيُّنِهِ بِالْإِشَارَةِ. (وَالزَّوْجُ لَهُ الْمَهْرُ) لَا قِيمَةُ الْمُعَيَّنِ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ، وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ غَيْرُهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَقَوْلُهُ: (هُنَا) تَكْمِلَةٌ، (وَبِغَصِيبِ) أَيْ وَوُقُوعٍ بِمَغْصُوبٍ (خَمْرَةٍ) بِأَنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً أَوْ لِذِمِّيٍّ فِيمَا لَوْ عُلِّقَ بِإِعْطَاءِ خَمْرَةٍ (لَا) بِمَغْصُوبٍ (قِنِّ وَلَا مُكَاتَبٍ) وَنَحْوُهُمَا كَمُشْتَرَكٍ وَمَرْهُونٍ، فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَمْ يَصِفْهُ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ إذَا أُضِيفَ إلَى مَا يُتَصَوَّرُ تَمْلِيكُهُ، فَافْتَرَقَ الْحَالُ بَيْنَ مَا يَقْبَلُ الدُّخُولَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ بِحَالٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُضِيفَ إلَى مَا لَا يَتَأَتَّى تَمْلِيكُهُ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ بِكَوْنِهِ مَغْصُوبًا وَغَيْرَ مَغْصُوبٍ اكْتِفَاءً بِصُورَةِ الْإِعْطَاءِ فِي مِثْلِهِ دُونَ حَقِيقَتِهِ لِتَعَذُّرِهَا، وَقِيلَ: يَقَعُ بِذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَلَا فَرْقَ، فَلَوْ وُصِفَ الْقِنُّ بِكَوْنِهِ مَغْصُوبًا فَخِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِالْوُقُوعِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهُ قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ ذَكَرَ خَمْرًا وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ فَأَعْطَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا لَوْ أَعْطَتْهُ قِنًّا لَهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ فَيَقَعُ بَائِنًا لَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا يُمْلَكُ بِمُعَاوَضَةٍ وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

(وَ) لَا يَقَعُ فِي قَوْلِهِ: (إنْ أَعْطَتْنِي عِرْسِي هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ مَرْوِيّ) فَهِيَ طَالِقٌ. (وَبَعْدُ أَعْطَتْ) لَهُ الثَّوْبَ (وَهْوَ غَيْرُ الْمَرْوِيّ) لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: خَالَعْتكِ أَوْ طَلَّقْتُك عَلَى هَذَا الثَّوْبِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ فَقَبِلَتْ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ هَرَوِيٌّ، وَفِي الْأُمِّ لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدَك فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ، فَإِذَا هُوَ حُرٌّ طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ عَبْدَهَا لَمْ يُوجَدْ، فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الصِّفَةُ قَالَ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّافِعِيَّ غَلَّبَ الْإِشَارَةَ عَلَى الْعِبَارَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَشَارَ إلَى مُعَيَّنٍ بِأَنْ قَالَ: عَبْدُك هَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا مُرَادُ نَصِّ الْأُمِّ فَفِيهَا بَعْدُ بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ مَا يَدُلُّ لَهُ دَلَالَةً ظَاهِرَةً

(وَ) وَقَعَ بَائِنًا فِي قَوْلِهِ أَنْت (طَالِقٌ مِنِّيَ إنْ ضَمِنْتِ لِي أَلْفًا أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (عَلَى كَذَا إنْ شِئْتِ أَوْ طَلِّقِي) نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا أَوْ عَلَيَّ كَذَا إنْ شِئْت، (فَجَاوَبَتْ) بِأَنْ قَالَتْ فِي الْأُولَى: (ضَمِنْتُ

ــ

[حاشية العبادي]

هَذَا الْفَرْقَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْمَغْلُوبِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِيهَا بِالْغَالِبِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِيهَا بِالْغَالِبِ يَعْنِي مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِيهَا إنَّمَا وَقَعَ بِالْإِعْطَاءِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمَّا كَانَتْ مُتَمَاثِلَةً، وَهِيَ قِيَمُ الْأَشْيَاءِ كَانَ التَّعَلُّقُ بِشَخْصٍ مِنْهَا كَتَعَلُّقٍ بِالنَّوْعِ دُونَ خُصُوصِ ذَلِكَ الشَّخْصِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَمْ يَصِفْهُ) ظَاهِرُهُ: أَنَّ الْوَصْفَ كَالتَّعْيِينِ فِي أَنَّهَا إذَا دَفَعَتْ غَيْرَ مِلْكِهَا تَبِينُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَيَكُونُ تَعْيِينُهُ بِالْوَصْفِ كَتَعْيِينِهِ بِالْإِشَارَةِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَصِفهُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ وَصَفَهُ بِالْغَصْبِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا بُرُلُّسِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَصِفْهُ) شَامِلٌ لِصِفَةِ السَّلَمِ وَغَيْرِهَا، وَقَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا صَرَّحُوا بِاسْتِثْنَاءِ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْفِ، وَأَطْلَقُوا فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ وَوَصَفَهُ بِصِفَةِ السَّلَمِ أَوْ بِغَيْرِهَا، بِأَنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا، أَنَّهَا إنْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا بِالصِّفَةِ طَلُقَتْ بِهِ فِي الْأُولَى، وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِيَةِ، وَسَكَتُوا عَنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا لَا بِالصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ إطْلَاقِهِمْ فِي ذَلِكَ مَعَ تَعْلِيلِهِمْ مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، إذْ قَضِيَّتُهُ التَّفْرِقَةُ فِي الْمَوْصُوفِ أَيْضًا فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ بِحَالٍ) أَيْ كَالْمَغْصُوبِ، وَفَارَقَ مَا سَلَف فِي الْمُعَيَّنِ لِتَعَيُّنِهِ بِالْإِشَارَةِ فِي تَحْصِيلِ الصِّفَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مِلْكَهَا لِلْجَهْلِ بِهِ (قَوْلُهُ هَذَا الْعَبْدَ) فَصَوَّرَهُ بِالْمُعَيَّنِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مَرْوِيٍّ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَرْوِيِّ، فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا كَمَا سَلَفَ فِي الشَّرْحِ، وَلَا رَدَّ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي هَامِشِهِ بِرّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ: أَوْ بَدَلَهُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ لَا بِمَغْصُوبٍ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ عَبْدُهَا مَغْصُوبًا فَأَعْطَتْهُ لِلزَّوْجِ، فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَإِنْ بَحَثَ الْمَاوَرْدِيُّ الْوُقُوعَ، نَعَمْ لَوْ خَرَجَ بِالدَّفْعِ عَنْ كَوْنِهِ مَغْصُوبًا فَلَا شَكَّ فِي الطَّلَاقِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ بَيْنَ مَا يَقْبَلُ الدُّخُولَ) كَمَا لَوْ أَعْطَتْهُ قِنًّا لَهَا فَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَا لَا يَقْبَلُهُ كَمَا لَوْ أَعْطَتْهُ الْقِنَّ الْمَغْصُوبَ أَوْ الْمُكَاتَبَ أَوْ نَحْوَهُمَا. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّ الْوُقُوعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ دُونَ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ مِلْكَهَا لِلْجَهْلِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَقِيلَ: لَا يَقَعُ وَقِيلَ: يَقَعُ رَجْعِيًّا، كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>