للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِأَحَدِهِمَا؛ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أَتَى بِهِ إلَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا.

وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ لَوْ أَوْلَجَ مُشْكِلٌ فِي دُبُرِ رَجُلٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ فَهُمَا جُنُبَانِ أَوْ مُحْدِثَانِ نَعَمْ يَتَعَيَّنُ حَدَثُ الرَّجُلِ بِالنَّزْعِ مِنْ دُبُرِهِ (وَمَتَى دُبْرًا) بِسُكُونِ الْبَاءِ (مِنْ الْمُشْكِلِ وَاضِحٌ أَتَى) أَيْ: وَمَتَى وَطِئَ وَاضِحٌ دُبْرَ مُشْكِلٍ (أَجْنَبَ كُلٌّ) مِنْهُمَا لِتَحَقُّقِ الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتَى قُبُلَهُ لَا جَنَابَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ وَلَا حَدَثَ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ (وَ) مَتَى أَتَى وَاضِحٌ (بِخُنْثَى) مُشْكِلٍ (فِي الْحِرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَأَصْلُهُ الْحَرَحُ أَيْ: الْفَرْجُ (وَهْوَ) أَيْ: الْخُنْثَى أَتَى (بِفَرْجِ امْرَأَةٍ أَوْ دُبُرِ) مَنْ كَانَ غَيْرَ الْوَاضِحِ (أَجْنَبَ مُشْكِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ جَامَعَ أَوْ جُومِعَ (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ الْوَاضِحِ وَمَنْ أَتَاهُ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ نَعَمْ الثَّانِي يَحْدُثُ بِالنَّزْعِ.

وَبَاءُ بِخُنْثَى وَبِفَرْجٍ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ جَعْلُهَا بِمَعْنَى فِي وَفِي الْحِرِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ بِخُنْثَى وَقَوْلُهُ: أَوْ دُبُرٍ أَعَمُّ وَأَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي أَوْ دُبُرِهَا لَكِنَّهُ يَشْمَلُ دُبُرَ الْوَاضِحِ مَعَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَّا بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ) يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ فِعْلُ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْغُسْلِ لِانْدِرَاجِ ارْتِفَاعِ الْأَصْغَرِ فِيهِ فَلَا يُحْتَرَزُ إلَّا عَنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوُضُوءِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا يُتَّجَهُ الِانْدِرَاجُ عِنْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِ الْغُسْلِ وَقَدْ يُدْفَعُ هَذَا بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ هُنَا لِعَدَمِ التَّحَقُّقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبُ الْغُسْلِ فِي الْوَاقِعِ كَانَ نِيَّتُهُ فِي مَعْنَى الْغَلَطِ فَيَرْتَفِعُ الْأَصْغَرُ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ) يُتَّجَهُ أَنْ يَجْرِي هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ إذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَوْ يُعَيِّنُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ عَلَى الصَّحِيحِ إذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا وَجَبَ غَسْلُهُ عَلَى هَذَا الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ وَقَدْ وَجَبَ عَلَى هَذَا الْمُخْتَارِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُمَا فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ دَقِيقٌ وَصَرِيحُ قَوْلِهِمْ السَّابِقِ أَوْ مَذْيًا يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ أَنَّ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ لَيْسَتْ كَالثَّوْبِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِمَا أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُ فِي الْمُخْرَجِ فَقَطْ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى سم (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ) هَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَاخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا فَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ آخِرَ فُرُوضِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْوُضُوءَ وَجَبَ التَّرْتِيبُ فِيهِ وَغَسْلُ مَا أَصَابَهُ وَقِيلَ لَا يَجِبَانِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ

اهـ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ: الْأَصَحِّ وَهُوَ التَّخْيِيرُ إذَا تَوَضَّأَ وَجَبَ أَنْ يَغْسِلَ مَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْبَلَلُ مِنْ بَدَنِهِ وَالثَّوْبِ الَّذِي يَسْتَصْحِبُهُ إلَخْ اهـ (قَوْلُهُ: ثَوْبَهُ) يَنْبَغِي أَنَّ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ كَثَوْبِهِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَتَعَيَّنُ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ مَعَ تَعَيُّنِ حَدَثِهِ يَتَخَيَّرُ فَإِنْ جَعَلَهُ أَكْبَرَ اجْتَمَعَا وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّخْيِيرِ أَنَّهُ يَكْفِي الْغُسْلُ عَنْ الْجَنَابَةِ مَعَ الصَّرْفِ عَنْ الْأَصْغَرِ وَذَلِكَ لَا يَكْفِي هُنَا لِوُجُودِ الْأَصْغَرِ قَطْعًا بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوُضُوءِ كَفَى لِلشَّكِّ فِي الْجَنَابَةِ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْغُسْلِ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ الْأَصْغَرِ كَفَى أَيْضًا لِارْتِفَاعِ الْأَصْغَرِ ضِمْنًا وَإِنْ صُرِفَ عَنْهُ لَمْ يَكْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ جَمْعًا مِنْ الشُّيُوخِ الْتَزَمُوا ارْتِفَاعَ الْأَصْغَرِ بِالْغُسْلِ مَعَ الصَّرْفِ عَنْهُ وَأَنَّ الصَّرْفَ لَغْوٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الْوُضُوءَ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَذْيٌ وَلَا يَحْصُلُ الِاحْتِيَاطُ إلَّا بِغَسْلِ الثَّوْبِ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْوُضُوءِ إذًا. اهـ. أَيْ: فَمُرَاعَاةُ الِاحْتِيَاطِ تَسْتَلْزِمُ مَا ذُكِرَ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَصْلَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ الطَّهَارَةُ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ الْخَارِجُ فِي حَقِّهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا يُوجِبُ فِيهِ شَيْئًا بِخِلَافِ الشَّخْصِ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ إلَخْ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ) وَقَدْ فَعَلَ مَا يُوَافِقُ احْتِمَالَ الطَّهَارَةِ وَهُوَ الْغُسْلُ فَعَلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ مَنِيٌّ لَا مَانِعَ مِنْ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَيْنَا عَلَى مُخْتَارِ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَ أَنَّهُ مَذْيٌ وَلَمْ يَغْسِلْ مَا أَصَابَ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ جُنُبًا لَمْ يَغْتَسِلْ وَإِنْ كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يَصِحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>