كَامِلَةٍ.
وَتَقْيِيدُهُ هَذَا بِإِرَادَةِ سَنَةٍ بَيْنَهُمَا فِي صُورَتِهَا يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْهَا بَيْنَ إرَادَةِ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِطْلَاقِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ مُلْحَقَةٌ بِمَا إذَا أَرَادَ سَنَةً بَيْنَهُمَا، وَكَلَامُ الْحَاوِي فِيهَا مُتَدَافِعٌ، فَإِنَّهُ قَيَّدَ أَوَّلًا بِإِرَادَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَثَانِيًا بِإِرَادَةِ سَنَةٍ، وَذِكْرُهُمَا ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إيضَاحٌ (وَ) إنْ يَقُلْ فِي قَوْلِهِ: (طَالِقٌ إحْدَاكُمَا) أَوْ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (لِزَوْجَةٍ) لَهُ (وَغَيْرِهَا) ، كُنْت (مُكَلِّمَا) بِهِ (لِغَيْرِ عِرْسِي) قُبِلَ مِنْهُ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ: بِنْتك طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت بِنْتَهَا الَّتِي لَيْسَتْ زَوْجَتِي، فَيُقْبَلُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ، نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهَا امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ، وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِزَوْجَتِهِ وَرَجُلٍ أَوْ دَابَّةٍ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت الرَّجُلَ أَوْ الدَّابَّةَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ: زَيْنَبُ طَالِقٌ، وَاسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ وَقَالَ: أَرَدْت فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ، وَاسْمُهَا زَيْنَبُ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ.
وَفَارَقَتْ مَسْأَلَتُنَا بِأَنَّ إحْدَاكُمَا تَتَنَاوَلُهُمَا تَنَاوُلًا وَاحِدًا، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ زَوْجَتِهِ وَلَا بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَفِي تِلْكَ صَرَّحَ بِاسْمِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا لَا غَيْرَهَا، (وَبِشَهْرٍ أَوَّلِ) أَيْ: وَإِنْ يَقُلْ أَرَدْت بِقَوْلِي: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً أَوْقَعْتُهَا) فِيهِ رَاجَعْتهَا، أَوْ هِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ أَوْ بَائِنٌ (فَلْيُقْبَلْ) مِنْهُ بِيَمِينِهِ، وَتَكُونُ عِدَّتُهَا مِنْ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ إنْ صَدَّقَتْهُ، وَمِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ إنْ كَذَّبَتْهُ.
(وَ) إنْ يَقُلْ: أَرَدْت بِهِ طَلَاقًا (بَائِنًا) وَقَعَ مِنِّي فِي الْمَاضِي ثُمَّ جَدَّدْت الْعَقْدَ، (وَمِنْ سِوًى) بِالتَّنْوِينِ أَيْ أَوْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِي فَلْيُقْبَلْ مِنْهُ بِيَمِينِهِ، (إنْ عُلِمَا ذَاكَ) أَيْ الطَّلَاقَ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعَ نِكَاحِهِ، بِأَنْ عُرِفَ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ، وَيُخَالِفُ مَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يُحْتَجْ فِيهِ إلَى الْعِلْمِ بِذَلِكَ لِاعْتِرَافِهِ ثَمَّ بِطَلَاقٍ فِي هَذَا النِّكَاحِ، وَهُنَا أَرَادَ صَرْفَهُ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَيُحْكَمْ بِطَلَاقِهَا فِي الْحَالِ، كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ.
وَنُقِلَ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِهِ، وَاقْتُصِرَ فِي الْكَبِيرِ عَلَى بَحْثِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ إلَيْهِ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ
(وَ) لَوْ قَالَ: (إنْ طَلَّقْتُهَا أَوْ كُلَّمَا) طَلَّقْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ (فَطَلَّقَ) وَقَعَ (اثْنَتَانِ) . إحْدَاهُمَا: بِالتَّنْجِيزِ وَالْأُخْرَى: بِالتَّعْلِيقِ وَلَا تَقَعُ الثَّالِثَةُ فِي كُلَّمَا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ، وَهِيَ التَّطْلِيقُ لَمْ تَتَكَرَّرْ، إذْ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وُقُوعٌ لَا تَطْلِيقٌ، وَلَوْ قَالَ: مَا أَرَدْت التَّعْلِيقَ، بَلْ أَرَدْت أَنِّي كُلَّمَا طَلَّقْتهَا تَكُونُ مُطَلَّقَةً بِتِلْكَ الطَّلْقَةِ، لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيَدِينُ، فَلَوْ طَلَّقَهَا نَائِبُهُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ كَمَا أَفْهَمهُ قَوْلُ النَّظْمِ: فَطَلَّقَ؛ لِأَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَإِنَّمَا طَلَّقَ نَائِبُهُ (بَلْ إنْ اخْتَلَعْ أَوْ كَانَ) التَّطْلِيقُ (قَبْلَ الْوَطْءِ) فَقُلْ (طَلْقَةً) فَقَطْ (تَقَعْ) ، وَهِيَ الْمُنَجَّزَةُ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِهَا، وَامْتِنَاعُ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ لَيْسَ لِتَأَخُّرِ الْجَزَاءِ عَنْ الشَّرْطِ، إذْ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ تَقَارُنُهُمَا فِي الْوُجُودِ كَالْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَمَعْلُولِهَا، وَالتَّأَخُّرُ إنَّمَا هُوَ بِالرُّتْبَةِ، بَلْ امْتِنَاعُهُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، إذْ الْبَيْنُونَةُ الْحَاصِلَةُ بِالشَّرْطِ تُنَافِي وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ بِهِ، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ: أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ فِيهِ بِهِمَا، وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا مُنْفَصِلَةً عَنْ الْأُخْرَى.
ــ
[حاشية العبادي]
التَّحْلِيفِ بِمَا إذَا قَصَدَ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ: ابْنِ الْمُقْرِي فِي الْإِرْشَادِ، حَيْثُ فَرَّعَ دَعْوَاهُ الْإِرَادَةَ عَنْ قَصْدِ ذَلِكَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَالْإِطْلَاقِ) الْمَفْهُومُ مِنْ مُقَابَلَتِهِ لِإِرَادَةِ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَدَمُ إرَادَتِهَا، ثُمَّ إنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ سَنَةً بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْهَا، فَصَارَ حَاصِلُ الْمُرَادِ فِي الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ بَيْنَ كُلِّ طَلْقَتَيْنِ سَنَةً، وَلَا أَرَادَ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةَ أَيْ، وَلَا غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ إيضَاحٌ) أَيْ: وَإِلَّا فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ سَنَةٍ وَالْحُكْمُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ) أَوْ أَمَةٌ أَوْ مَنْكُوحَةٌ لَهُ فَاسِدًا. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) هَلْ يَدِينُ؟ (قَوْلُهُ وَقَالَ: أَرَدْت فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ) نَعَمْ، لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَجْنَبِيَّةُ مُطَلَّقَةً وَادَّعَى إرَادَةَ الْإِخْبَارِ بِطَلَاقِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا، وهُوَ مَحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ م ر.
(قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ) نَعَمْ، يُتَّجَهُ قَبُولُ إرَادَتِهِ لِمُطَلَّقَةٍ لَهُ أَوْ مَنْكُوحَةٍ لَهُ فَاسِدًا اسْمُهَا زَيْنَبُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَيْ الْإِرْشَادِ فِي مَسْأَلَةِ إحْدَاكُمَا الْوُقُوعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِمَا إذَا لَمْ تَطْلُقْ الْأَجْنَبِيَّةُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ لِصِدْقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا صِدْقًا وَاحِدًا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَتِيقٍ لَهُ وَلِآخَرَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ عِتْقَ الْآخَرِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ مَسْأَلَتُنَا) أَيْ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ حَيْثُ قُبِلَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَفِي تِلْكَ) أَيْ: زَيْنَبُ طَالِقٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ قَوْلُهُ: وَقَعَ مِنِّي فِي الْمَاضِي إلَخْ وَمِنْ سِوًى. (قَوْلُهُ وَيُخَالِفُ مَا مَرَّ) أَيْ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً أَوْقَعْتهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ تُنَافِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا تُنَافِيهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ زَمَانُهُمَا.
[حاشية الشربيني]
قَيَّدَ أَوَّلًا) أَيْ حَيْثُ قَالَ: إنْ عَنَى الْعَرَبِيَّةَ (قَوْلُهُ وَثَانِيًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ يَقُلْ أَرَدْت يَوْمًا أَوْ سَنَةً بَيْنَهُمَا وَيُمْكِنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute