وَهُوَ غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا عَقِبَ ذَلِكَ، وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ.
قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ: وَيُوَافِقُهُ مِنْ حَيْثُ الْمُدْرَكِ مَا صَحَّحُوهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا، فَتَلِفَ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ قَالَا أَعْنِي الشَّيْخَيْنِ: وَعُرُوضُ الطَّلَاقِ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ الضَّرْبِ وَنَحْوِهِ كَعُرُوضِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى مِنْ الطَّلَاقِ عَدَدٌ يُمْكِنُ فَرْضُهُ مُسْتَنِدًا إلَى قُبَيْلِ الطَّلَاقِ، وَأَمَّا فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ، فَإِنَّمَا يُفْرَضُ فِيهِ الْبَيْنُونَةُ بِالِانْفِسَاخِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بَطَلَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفْرَضَ فِي طَلَاقِ الْوَكِيلِ، فَإِنَّهُ لَا يُفَوِّتُ الصِّفَةَ.
فَرْعَانِ: لَوْ سَرَقَتْ مِنْهُ دِينَارًا فَقَالَ: إنْ لَمْ تَرُدِّيهِ عَلَيَّ فَأَنْت طَالِقٌ، وَقَدْ أَنْفَقَتْهُ لَمْ يَقَعْ إلَى الْيَأْسِ، فَإِنْ تَلِفَ الدِّينَارُ وَهُمَا حَيَّان لَمْ تَطْلُقْ كَالْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي، نَعَمْ إنْ تَلِفَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَهُوَ غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ الْغَلَطُ هُوَ هَذَا، وَالصَّوَابُ عَدَمُ وُقُوعِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تُخَلِّصُ مِنْ الْيَمِينِ وَتَمْنَعُ الْوُقُوعَ، إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ إنْ لَمْ، كَمَا حَرَّرَهُ السُّبْكِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا: أَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَيْضًا مُطْلَقًا فِي مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: وَفَسْخٍ حَيْثُ رَجْعِيٌّ إلَخْ لِوُجُودِ الْبَيْنُونَةِ بِالْفَسْخِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ كَوْنَ الْبَيْنُونَةِ مُخَلِّصَةً مَانِعَةً مِنْ الْوُقُوعِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا لَمْ تَدْفَعْهُ الْبَيْنُونَةُ بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ، بَلْ يَقَعُ قُبَيْلَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ هَذَا مُنَافِرٌ كُلَّ التَّنَافُرِ لِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ الْآتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي لِلشَّارِحِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ إلَخْ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذَا التَّعْلِيقِ رَجْعِيٌّ، وَقَدْ حَكَمَا بِأَنَّ الْخُلْعَ مُخَلِّصٌ مِنْهُ، لَكِنَّهُ صَوَّرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ فِي فَصْلٍ قَالَ: إنْ ابْتَلَعْت شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ، بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ بَائِنًا ثُمَّ حَكَى مَسْأَلَةَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَقَوْلُهُ فِيهَا: إنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْقَضَتْ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْخُلْعِ، وَبَطَلَ الْخُلْعُ، وَعَقَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ، إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا كَمَا مَثَّلْنَا لَزِمَ أَنْ لَا يَصِحَّ الْخُلْعُ كَمَا قَالَ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: إنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ الْخُلْعِ لِبَقَائِهَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْخُرُوجِ حِينَئِذٍ، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا تَطْلُقَ إلَّا قُبَيْلَ الْفَجْرِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِي الْبَائِنِ، وَأَنَّ وُقُوعَهُ قَبْلَ الْخُلْعِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ، فَلَا يَقَعُ لِلدَّوْرِ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ، إذْ لَا مَانِعَ اهـ.
نَعَمْ اعْتِرَاضُهُ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا الَّذِي هُوَ صُورَةُ مَسْأَلَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَبَيْنَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا الَّذِي هُوَ صُورَةُ مَسْأَلَتِنَا، فَالْعُمْدَةُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَمَا حَقَّقَهُ السُّبْكِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُمَا الْآتِيَ وَعُورِضَ إلَخْ. (قَوْلُهُ كَعُرُوضِ الْفَسْخِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْعَارِضُ بَائِنًا وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا لَغَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ إلَى الْيَأْسِ) مَفْهُومُهُ الْوُقُوعُ بِالْيَأْسِ أَيْ مَعَ التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّهُ حَلِفٌ. (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ كَالْمُكْرَهِ)
[حاشية الشربيني]
عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ فَتَلِفَ فِي الْغَدِ) أَمَّا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْغَدِ، وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا إذَا تَلِفَ فِيهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ لَا بِإِتْلَافِهِ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ فِيهِ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ حِنْث مِنْ حِينِ التَّلَفِ، إذْ لَا مَعْنَى لِانْتِظَارِ مُضِيِّ الْغَدِ مَعَ تَحَقُّقِ الْيَأْسِ، وَلَوْ خَالَعَ هُنَا بَعْدَ التَّمَكُّنِ وَلَمْ يَفْعَلْ إلَى مُضِيِّ الْغَدِ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ الْبَاجِّي وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِمْ، وَحَنِثَ عِنْدَ م ر وَز ي تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ.
(قَوْلُهُ وَعُرُوضُ الطَّلَاقِ كَالْخُلْعِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute