للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الرَّدِّ طَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ، فَخَالَعَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلِ وَجَدَّدَ النِّكَاحَ وَلَمْ تَخْرُجْ لَمْ تَطْلُقْ، كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ.

(تَنْبِيهٌ) دَخَلَ فِي عَرُوضِ الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ وَضَرْبِهِ التَّذْيِيلُ، وَهُوَ زِيَادَةُ حَرْفٍ سَاكِنٍ عَلَى وَتِدٍ مَجْمُوعٍ فِي آخِرِ الْجُزْءِ، (وَبَعْدَ لَحْظٍ) أَيْ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ لَحْظَةٍ يُمْكِنُ فِيهَا أَنْ يُطَلِّقَ، وَلَمْ يُطَلِّقْ (إنْ تَنُبْ عَنْ إنْ إذَا) بِأَنْ قَالَ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ، وَإِذَا ظَرْفُ زَمَانٍ كَمَتَى فِي التَّنَاوُلِ لِلْأَوْقَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ: مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ تَقُولَ: مَتَى شِئْت أَوْ إذَا شِئْت وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت، فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ إنْ فَاتَنِي تَطْلِيقُك، وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ. وَقَوْلُهُ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ أَيْ وَقْتٌ فَاتَنِي فِيهِ التَّطْلِيقُ، وَفَوَاتُهُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ التَّطْلِيقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ، وَكَذَا فِيمَا ذُكِرَ مَتَى وَنَحْوُهَا كَمَا عُرِفَ مِنْ الْفَرْقِ السَّابِقِ.

(وَ) يَقَعُ فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ (بَعْدَ حِينٍ وَإِلَى) أَيْ أَوْ إلَى (حِينِ كَذَا) أَيْ بَعْدَ لَحْظَةٍ (وَ) كَذَا فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ أَوْ إلَى (زَمَنٍ) لِمَا مَرَّ فِي إذَا، (لَا) إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ أَوْ إلَى (حُقْبٍ أَوْ عَصْرٍ وَلَا) بَعْدَ، أَوْ إلَى (دَهْرٍ) ، وَذِكْرُ الدَّهْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَذَا) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي الثَّلَاثَةِ (كَبَعْدَ مَوْتِي جُعِلَا) أَيْ: جُعِلَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي، فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَا يَبْقَى إلَى انْقِرَاضِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ بِنَاءً عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ الْعَصْرَ: مِنْ أَنَّهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ يَحْوِي أُمَمًا وَيَنْقَرِضُ بِانْقِرَاضِهِمْ، وَفِي مَعْنَاهُ الْحُقْبُ وَالدَّهْرُ.

وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا زَادَهُ بِقَوْلِهِ: فَذَا إلَى آخِرِهِ تَبِعَ فِيهِ كَشَيْخِهِ الْبَازِرِيِّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ فِي تَفْسِيرِ الْعَصْرِ الْمُلْحَقِ بِهِ الْآخَرَانِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْحَاوِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ بَعْدَ لَحْظَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ أَصْلًا، كَمَا أَفْصَحَ بِهِ النَّاظِمُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَا ذُكِرَ بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِ الْحُقْبِ الْمُلْحَقِ بِهِ الْآخَرَانِ بِثَمَانِينَ سَنَةً أَوْ بِثَلَاثِينَ سَنَةً، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ لَحْظَةٍ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا عَنْهُمْ فِي الْحُقْبِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ أَيْ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى التَّفَاسِيرِ السَّابِقَةِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا بُعْدَ، فَقَدْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْحُقْبَ وَالْعَصْرَ بِالدَّهْرِ وَالدَّهْرَ بِالزَّمَنِ، وَأَمَّا الْحُقْبُ بِضَمِّ الْقَافِ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَوَقَعَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ فُرُوعٌ. لَوْ قَالَ: إنْ تَرَكْت طَلَاقَك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ طَلُقَتْ، فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ سَكَتَ لَمْ تَقَعْ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ طَلَاقَهَا، وَلَوْ قَالَ: إنْ سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ، فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ سَكَتَ وَقَعَتْ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ، وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ: أَنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ عَلَى التَّرْكِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى السُّكُوتِ، وَقَدْ وُجِدَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: سَكَتَ عَنْ طَلَاقِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ أَوَّلًا، وَلَا يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ: تَرَكَ طَلَاقَهَا إذَا لَمْ يَتْرُكْهُ أَوَّلًا، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك أَوْ كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ، وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ تَسَعُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِلَا تَطْلِيقٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ

(وَ) فِي قَوْلِهِ: زَوْجَتِي (طَالِقٌ إنْ كَلَّمَتْ) زَيْدًا (إنْ دَخَلَتْ) دَارِهِ مَثَلًا، يَقَعُ الطَّلَاقُ (إنْ أَوَّلًا بَعْدَ أَخِيرٍ فَعَلَتْ) بِأَنْ دَخَلَتْ ثُمَّ كَلَّمَتْ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ شَرْطٌ لِلْأَوَّلِ، فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلتَّعْلِيقِ، وَيُسَمَّى اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هود: ٣٤]

ــ

[حاشية العبادي]

هَذَا يَدُلُّ عَلَى حَمْلِ مَا صَدَرَ عَلَى الْحَلِفِ دُونَ مُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: ثَلَاثًا ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْبَائِنِ هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَاب. (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ) أَيْ: إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بَائِنًا، وَإِلَّا طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْخُلْعِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ السَّابِقِ عَلَى مَا فِيهَا مِمَّا عُلِمَ مِنْ الْهَامِشِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى إنْ قُبِلَ ظَاهِرًا اهـ. وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُقَامُ مَقَامَ الْآخَرِ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَرَادَ بِإِنْ مَعْنَى إذَا قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَطُ، وَإِنْ أَرَادَ بِغَيْرِهَا أَيْ: بِغَيْرِ إنْ وَقْتًا مُعَيَّنًا دِينَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ الْكَلَامُ فِيهِ أَيْضًا لِصِدْقِهِ بِاللَّحْظَةِ، فَإِنَّهَا أَزْمَانٌ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ وَطَالِقٌ إنْ كَلَّمَتْ، إنْ دَخَلَتْ إلَخْ) كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ تَأْخِيرَ الْجَزَاءِ عَنْ الشَّرْطَيْنِ وَتَقْدِيمَهُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا فِعْلُ الْأَخِيرِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ إنْ أَوَّلًا بَعْدَ أَخِيرٍ فَعَلَتْ) فَلَوْ فَعَلَتْ الْأَوَّلَ أَوَّلًا ثُمَّ الثَّانِيَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي إلَخْ) هَذَا الْفَرْعُ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْوَقْعِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ الضَّرْبِ إذَا أَبَانَهَا، وَلَمْ يَقَعْ ضَرْبٌ إلَى الْمَوْتِ كَمَا سَبَقَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ.

(قَوْلُهُ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>