للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآيَةَ أَيْ: إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي، إنْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ، فَلَوْ كَلَّمَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ أَوْ وُجِدَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، فَلَا وُقُوعَ، وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ، فَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ مِثْلُهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَدَاةُ، فَلَوْ وَسَّطَ الْجَزَاءَ فَقَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيُحْتَمَلُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ إذَا كَلَّمَتْ، وَيُحْتَمَل عَكْسُهُ فَيُرَاجَعُ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ، فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ.

(وَطَالِقٌ إنْ كُنْتِ حَامِلًا ذَكَرْ) بِنَصْبِ ذَكَرٍ، وَالْوَقْفِ عَلَيْهِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (وَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ بِطَالِقٍ، (وَالضِّعْفَ لِلْأُنْثَى ذَكَرْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَفِي قَوْلِهِ: إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، (فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ: الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى يَقَعُ كُلُّ الطَّلَاقِ لِتَبَيُّنِ وُجُودِ الصِّفَتَيْنِ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ التَّلَفُّظِ، فَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَقَعَ طَلْقَةٌ أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ أَوْ خُنْثَى فَوَاحِدَةٌ، وَتُوقَفُ الْأُخْرَى إلَى الْبَيَانِ

(وَ) فِي قَوْلِهِ زَوْجَتِي طَالِقٌ (كُلَّمَا وَقَعْ) مِنِّي (طَلَاقُهَا، فَطَلَّقَ) رَجْعِيًّا (الْكُلُّ) أَيْ كُلَّ الطَّلَاقِ (يَقَعْ) ، لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ، فَيَقَعُ بِوُقُوعِ الْأُولَى طَلْقَةً ثَانِيَةً وَبِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ ثَالِثَةً، فَقَوْلُهُ الْكُلَّ يَقَعُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ، (لَا) فِي قَوْلِهِ (إنْ يَكُنْ حَمْلُك ذَا) أَيْ ذَكَرًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، (أَوْ تَا) أَيْ أُنْثَى، فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا، (فَمَا) يَقَعُ (شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ كَوْنُ جَمِيعِ الْحَمْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَمْ يُوجَدْ.

وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك ذَا أَوَتَا، (وَ) فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (إنْ وَلَدْتِ) ذَكَرًا وَطَلْقَتَيْنِ إنْ وَلَدَتْ أُنْثَى، (إنْ تَلِدْهُمَا مَعًا) يَقَعْ (ثَلَاثٌ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ، وَهِيَ زَوْجَةٌ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ، فَلَوْ وَلَدَتْ أَوَّلًا الذَّكَرَ طَلُقَتْ وَاحِدَةً أَوْ الْأُنْثَى فَثِنْتَيْنِ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْمُتَأَخِّرِ، وَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ، (وَ) إنْ تَلِدْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (غُلَامَيْنِ) فَقُلْ: (هُمَا كَالْفَرْدِ) أَيْ كَالْغُلَامِ الْوَاحِدِ، فَيَقَعُ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ ذَكَرًا الْجِنْسُ، وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَيَيْنِ فَكَالْأُنْثَى لِذَلِكَ (لَا بِآخِرٍ) أَيْ لَا يَقَعُ بِالْوَلَدِ الْآخَرِ (فِي) قَوْلِهِ: (كُلَّمَا) وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ مُتَعَاقِبِينَ، لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ فَيُصَادِفُ الطَّلَاقُ الْبَيْنُونَةَ (كَطَالِقٌ) أَيْ: كَمَا لَا يَقَعُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (مَعَ انْقِضَاءِ الْعِدَّهْ) أَوْ مَعَ مَوْتِي لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ

(وَ) لَوْ قَالَ: (إنْ وَلَدْتِ وَلَدًا فَفَرْدَهْ) أَيْ: فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (وَ) إنْ وَلَدْت (ذَكَرًا) فَأَنْت طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ نَالَ) الزَّوْجَةَ (الْوَالِدَهْ) أَيْ: الَّتِي وَلَدَتْ (ذَكَرًا الْكُلُّ) أَيْ: كُلَّ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ مَا وَلَدَتْهُ وَلَدٌ وَذَكَرٌ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً، أَوْ فَقِيهًا فَطَلْقَتَيْنِ، فَكَلَّمَتْ رَجُلًا فَقِيهًا يَقَعُ ثَلَاثٌ، (وَ) إنْ وَلَدَتْ (خُنْثَى) وَقَعَ طَلْقَةٌ (وَاحِدَهْ) ، لِلشَّكِّ فِي ذُكُورَتِهِ، وَيُوقَفُ مَا عَدَاهَا إلَى الْبَيَانِ.

(وَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (لِسُعَادَ) أَيْ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ تُجِبْ) زَوْجَهَا، (وَ) عَلَى (مَنْ لَا تَطْلُقُ بَائِنًا) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ، (وَ) قَدْ (نَادَى) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (جُمْلَا) بِأَلِفِ الْإِطْلَاقِ، وَهِيَ زَوْجَتُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ الْمُتَوَلِّي انْحَلَّتْ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ كَلَّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ، وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا لَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْت لَابِسَةَ حَرِيرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ أَوَّلًا غَيْرَ لَابِسَةٍ، فَإِنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْحَلُّ بِذَلِكَ، وَقَدْ وَافَقَ الْمُتَوَلِّي عَلَى ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ فَلَا وُقُوعَ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَرَّةِ الْأُولَى، كَذَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِي صُورَةِ: إنْ دَخَلَتْ، إنْ كَلَّمَتْ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ حَجَرٌ (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ.

(فَرْعٌ) قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ، إنْ كَلَّمْت، وَأَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْكَلَامِ أَوْ عَكْسَهُ قُبِلَ مِنْهُ مَا أَرَادَ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِلَّا اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ اهـ. (قَوْلُهُ فَيُرَاجَعُ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: فَلَوْ أَطْلَقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ فَعَنْ بَعْضِهِمْ يُجْعَلُ الْمُقَدَّمُ مُقَدَّمًا وَالْمُؤَخَّرُ مُؤَخَّرًا، وَيَطَّرِدُ هَذَا فِي كُلِّ جُزْءٍ تَوَسَّطَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ، وَمُسْتَنَدُهُ أَنْ يُقَدَّرَ جَزَاءُ الثَّانِي مَا دَلَّ عَلَى جَزَاءِ الْأَوَّلِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، فَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَأَنْت طَالِقٌ، وَتُجْعَلُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ كَلِمَةُ جُزْءٍ لِلْأَوَّلِ، قَالَ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ أَنْ يُقَدَّرَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ التَّعْبِيرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنِّي سَلَكْت فِي تَقْرِيرِ مَا فِي الْخَادِمِ عَلَى مَا يُوَافِقُ تَمْثِيلَ الشَّارِحِ أَعْنِي إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَاَلَّذِي فِي الْخَادِمِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، وَالْخَطْبُ سَهْلٌ بِرّ.

(قَوْلُهُ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ جُعِلَ الْمُتَقَدِّمُ مُقَدَّمًا وَالْمُؤَخَّرُ مُؤَخَّرًا

(قَوْلُهُ بِنَصْبِ ذَكَرٍ) بِنَزْعِ الْخَافِضِ (قَوْلُهُ فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ: وَلَوْ مُرَتَّبًا فِي التَّوْأَمَيْنِ بِرّ.

(قَوْلُهُ إنْ تَلِدْهُمَا مَعًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَكَذَا مُتَعَاقِبَيْنِ، إنْ كَانَ بَعْدَهُمَا ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ أَيْ: بِأَنْ يَلْحَقَ الزَّوْجَ، وَإِلَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ، فَإِنْ شُكَّ فِي التَّعَاقُبِ فَالْوَاقِعُ طَلْقَةٌ وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ اهـ. (قَوْلُهُ مُتَعَاقِبَيْنِ) مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِآخَرَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

اسْتَوْجَهَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

(قَوْلُهُ فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، وَكَانَ مَا بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>