طَالِقٌ شِئْت أَوْ أَبَيْت وَقَعَ فِي الْحَالِ إذْ لَا تَعْلِيقَ، وَلَوْ قَالَ: إذَا رَضِيت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَرَدْت فَقَالَتْ: رَضِيت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَرَدْت طَلَقَتْ، وَلَوْ قَالَتْ: شِئْت قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ فِي جَوَابِ أَرَدْت وَأَقُولُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ مُرَادِفَةٌ لِلْإِرَادَةِ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ كَارِهَةً، وَالتَّعْلِيقُ بِالرِّضَى أَوْ الْإِحْبَابِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ وَلَمْ أَجِدْهُ مَسْطُورًا.
(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً إنْ شِئْتِ إنْ شَاءَتْ) أَيْ: فَشَاءَتْ (هِيَا أَكْثَرَ) مِنْ طَلْقَةٍ (فَالزَّائِدُ عَنْهَا أُلْغِيَا) لِعَدَمِ تَعْلِيقِهِ وَوَقَعَتْ الطَّلْقَةُ؛ لِأَنَّهَا إذَا شَاءَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، فَقَدْ شَاءَتْ وَاحِدَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ دُونَ ثَلَاثٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: فَقَالَتْ: شِئْت بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ النَّظْمِ بِأَنْ شَاءَتْ، لِإِفَادَتِهِ اعْتِبَارَ الْفَوْرِيَّةِ، وَإِنْ أُفِيدَ مِمَّا مَرَّ وَأَلِفُ هِيَا لِلْإِطْلَاقِ، وَكَذَا أَلِفُ أُلْغِيَا إنْ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ، وَإِلَّا فَهِيَ بَدَلٌ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ.
(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت (طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَا) بِدَرْجِ الْهَمْزَةِ (أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا، الثَّلَاثُ تُلْفَى) أَيْ تُوجَدُ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمْ يُوجَدْ لَفْظُ الثَّلَاثِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهَا، (وَطَلْقَةً) أَيْ أَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ: أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (بَلْ اثْنَتَيْنِ) وَقَعَ (الْأَنْهَى) أَيْ أَكْثَرُ الطَّلَاقِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى أَبْقَى نِصْفَ طَلْقَةٍ فَتُكْمَلُ، نَعَمْ إنْ أَرَادَ إلَّا نِصْفَهَا أَيْ الثَّلَاثِ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ ثِنْتَانِ، كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ وَأَقَرَّاهُ فَمَحَلُّ وُقُوعِ الثَّلَاثِ إذَا أَرَادَ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَتَفْسِيرُهُ بِالثَّلَاثِ يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ مَقْصُودٌ بِهِ الثَّلَاثُ، وَقَصْدُهَا مَعَ هَذَا اللَّفْظِ كَافٍ فِي وُقُوعِهَا.
وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَا قَصَدْتهَا تَقَعُ وَاحِدَةً فَقَطْ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي لَكِنَّ الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ صَوَّرُوا وُقُوعَ الْوَاحِدَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَضِيَّتُهُ: وُقُوعُ الثَّلَاثِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَظَاهِرٌ، وَفَارَقَتْ نَظِيرَهَا فِي الْإِقْرَارِ بِقُرْبِ الِاسْتِدْرَاكِ فِي الْإِخْبَارِ وَبُعْدِهِ فِي الْإِنْشَاءِ، وَبِظُهُورِ التَّعَدُّدِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ اللَّفْظَ هُنَا بَعْدَ فَصْلِ تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ.
(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ ثِنْتَيْنِ) وَقَعَ طَلْقَةً؛ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ نِصْفُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ لَا يَتَمَاثَلَانِ، فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا إضَافَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالطَّلْقَتَانِ يُشْبِهَانِ الْعَدَدَ الْمَحْضَ، (وَنِصْفًا مِنْهَا) أَيْ أَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ نِصْفًا مِنْ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي، وَقَعَ طَلْقَةً؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ، فَذِكْرُ جُزْئِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ لِقُوَّتِهِ، (أَوْ قَالَ: نِصْفَيْهِمَا) أَيْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ وَقَعَ طَلْقَةً، إلَّا أَنْ يُرِيدَ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ فَيَقَعَ ثِنْتَانِ.
(وَ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (ثُلْثَ وَسُدُسٌ وَرُبْعَ طَلْقَةٍ) وَقَعَ طَلْقَةً، إذْ كُلُّهَا أَجْزَاءُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ (كَسُبْعٍ وَخُمُسْ) ، أَيْ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ سُبُعَ وَخُمُسَ طَلْقَةٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ، وَهَذِهِ مَزِيدَةٌ عَلَى الْحَاوِي، وَهِيَ مَفْهُومَةٌ مِمَّا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى (وَلَوْ) كَانَ التَّعْلِيقُ (بِأَنْ كَرَّرَ) أَيْ مَعَ تَكْرَارِهِ (طَلْقَةً فِي تَصْوِيرِنَا لَكِنْ بِغَيْرِ عَطْفِ) بِأَنْ قَالَ: ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ رُبُعَ طَلْقَةٍ أَوْ سُبُعَ طَلْقَةٍ خُمُسَ طَلْقَةٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ فَقَطْ، إذْ الْجَمِيعُ كَكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَرَّرَهَا مَعَ الْعَطْفِ وَقَعَ بِعِدَّةِ مَرَّاتِ التَّكْرَارِ، فَيَقَعُ فِي قَوْلِهِ: ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ ثَلَاثٌ، وَفِي قَوْلِهِ سُبُعَ طَلْقَةٍ وَخُمُسَ طَلْقَةٍ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ وَعَطَفَ فَاقْتَضَى التَّغَايُرَ.
قَالَ الْقُونَوِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ: الظَّاهِرُ فِي التَّكْرَارِ بِغَيْرِ عَطْفٍ التَّغَايُرُ أَيْضًا
، (وَ) لَوْ قَالَ:
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ أَوْ أَبَيْت) وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْت وَأَبَيْت قَالَ الْبَغَوِيّ اُشْتُرِطَ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا حِنْثَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ لِاسْتِحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ قِيلَ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ لِلْجَمْعِ أَنَّهَا لِمُطْلَقِهِ الصَّادِقِ بِالتَّرْتِيبِ أَيْضًا اهـ. وَهُوَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ إلَخْ) هُوَ الْأَوْجَهُ م ر. (قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: إلَخْ) وَيُرَدُّ، وَإِنْ قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ الْأَوْجَهُ بِأَنَّ هُنَا فِيهِ شَائِبَةَ تَعْلِيقٍ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ امْتِنَاعِ الرُّجُوعِ فِيهِ رِعَايَةً لِتِلْكَ الشَّائِبَةِ، وَالتَّعَالِيقُ تُنَاطُ بِالْأَلْفَاظِ الْوَاقِعَةِ فِيهَا لَا بِمُرَادِفَاتِهَا حَجَرٌ
(CheckOther
[حاشية العبادي]
harh) (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهِيَ بَدَلٌ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ) وَالْفِعْلُ عَلَى هَذَا فِعْلُ أَمْرٍ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ فَصْلٍ) وَكَذَا بِدُونِ فَصْلٍ.
(قَوْلُهُ وَقَعَ طَلْقَةٌ) فِيهِ عُمِلَ بِالْحَصْرِ دُونَ الْإِشَاعَةِ بِرّ.
(قَوْلُهُ مَعَ الْعَطْفِ) وَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ بِلَا وَاوٍ وَكَرَّرَ الطَّلْقَةَ كَنِصْفِ طَلْقَةٍ ثُلُثِ طَلْقَةٍ رُبُعِ طَلْقَةٍ، وَقَعَ ثِنْتَانِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ، وَعَطَفَ إلَخْ) وَفِي الرَّوْضِ، فَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ بِلَا وَاوٍ أَيْ وَكُرِّرَتْ الطَّلْقَةُ
ــ
[حاشية الشربيني]
يُحْتَاجُ لِفَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا، وَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ، حَيْثُ اُشْتُرِطَ مَجِيءُ الْغَدِ أَوْ الزَّمَنِ الْآخَرِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا تَعْلِيقٌ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَمَا هُنَاكَ أَوْ لِلشَّكِّ كَمَا مَرَّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ) أَيْ بَاطِنًا م ر.
(قَوْلُهُ مَقْصُودٌ بِهِ الثَّلَاثُ) صَوَّرَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَمَاتَتْ بَعْدَ تَمَامِ طَالِقٌ وَقَبْلَ قَوْلِهِ ثَلَاثًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِنَّ بِأَنْتِ طَالِقٌ لِتَضَمُّنِ إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ قَصْدَهَا، وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ فِي حَيَاتِهَا اهـ. فَجَعَلَ إرَادَةَ أَنْ يَقُولَ: ثَلَاثًا كَافِيَةً عَنْ إرَادَةِ الثَّلَاثِ بِأَنْتِ طَالِقٌ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ إرَادَةِ أَنْ يَقُولَ: ثَلَاثًا إلَى الْمَوْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ لِيُعْلَمَ مَا فِي تَقْرِيرِ الشَّارِح لِلْمَسْأَلَةِ وَحُكْمُهُ بِأَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ مَقْصُودٌ بِهِ الثَّلَاثُ، وَأَنَّ قَضِيَّتَهُ مَا ذَكَرَهُ، وَيُعْلَمُ أَيْضًا أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ هُوَ الْوَجْهُ حَيْثُ كَانَ نَاوِيًا أَنْ يَقُولَ: ثَلَاثًا الْمُتَضَمِّنَ قَصْدَهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِهِ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ إلَخْ) لَكِنَّ تِلْكَ الْقَضِيَّةَ مُخَالِفَةٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ حَيْثُ قَالُوا: لَا يَقَعُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ، إلَّا بِالنِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَقَعَ طَلْقَةً) مَا لَمْ يُرِدْ