فَزَعَمَتَاهُ، فَصَدَّقَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ فَقَطْ إذَا حَلَفَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهَا، وَالْمُصَدَّقَةُ لَا يُثْبِتُ فِي حَقِّهَا حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ، كَمَا مَرَّ فَلَمْ تَطْلُقْ، فَلَوْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا أَوْ كَذَّبَهُمَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، (أَوْ أَرْبَعًا أَوْ الثَّلَاثَ كَلَّمَا) أَيْ: وَلَوْ كَلَّمَ أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا أَيْ عَلَّقَ طَلَاقَهُنَّ بِحَيْضِهِنَّ فَزَعَمْنَهُ، (ثُمَّ سِوَى وَاحِدَةٍ يُصَدِّقُ) أَيْ ثُمَّ صَدَّقَ غَيْرَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَكَذَّبَ وَاحِدَةً، (فَزَوْجَةٌ كَذَّبَ مِنْهُ تَطْلُقُ) أَيْ: فَزَوْجَتُهُ الَّتِي كَذَّبَهَا تَطْلُقُ مِنْهُ دُونَ الْمُصَدَّقَاتِ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ صَدَّقَ الْكُلَّ طُلِّقْنَ، أَوْ كَذَّبَهُنَّ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ أَصْلًا، إذْ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ مُكَذَّبَةٍ بِحَلِفِهَا فِي حَقِّ أُخْرَى فَلَمْ يَثْبُتْ الْمُعَلَّقُ بِهِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُنَّ.
، وَلَوْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ بِأَنْتِ (طَالِقٌ إنْ شِئْتِ) بِدَرْجِ الْهَمْزَةِ وَقَعَ، (بِأَنْ تَقُولَا مَنْ كُلِّفَتْ) أَيْ بِقَوْلِ الْمُكَلَّفَةِ الْمُخَاطَبَةِ شِئْت (حَالًا) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَمْلِيكَهَا الْبُضْعَ، فَإِنْ لَمْ يُخَاطِبْهَا بِأَنْ قَالَ لَهَا، وَلَوْ حَاضِرَةً: زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شِئْت فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَالُ فِي الْمَشِيئَةِ لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ فِي الثَّانِي، وَبُعْدُهُ فِي الْأَوَّلِ بِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَشَاءَ فُلَانٌ اُعْتُبِرَ الْحَالُ فِي مَشِيئَتِهَا دُونَ مَشِيئَتِهِ، أَمَّا مَشِيئَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ فَلَا أَثَرَ لَهَا، إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ (كَمَا فِي) تَعْلِيقِ (الْإِيَّلَا وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ) بِالْمَشِيئَةِ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك إنْ شِئْت وَلِرَقِيقِهِ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ إنْ شِئْت، فَإِنَّهَا تَقَعُ بِقَوْلِ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ (شِئْتُ) حَالًا لِقَبُولِهَا التَّعْلِيقَ كَالطَّلَاقِ، فَيَجْرِي فِيهَا مَا لَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْمَشِيئَةِ فَقَوْلُهُ: شِئْت مَفْعُولُ تَقُولُ وَكَانَ فِيمَا ذُكِرَ إذَا، بِخِلَافِ مَتَى وَنَحْوِهَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَالُ، (لَا إذَا مَا عَلَّقَتْ) مَشِيئَتَهَا كَأَنْ قَالَتْ: شِئْت إنْ شِئْت أَوْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ قَالَتْ: شِئْت غَدًا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ وُجِدَ مَا عَلَّقَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ بِمَشِيئَةٍ مَجْزُومٍ بِهَا وَلَمْ تَحْصُلْ، وَمَا فِي كَلَامِهِ زَائِدَةٌ.
(وَلَوْ قَلَتْ) أَيْ يَقَعُ بِقَوْلِهَا شِئْت، وَلَوْ أَبْغَضَتْ (بِالْقَلْبِ ذَا) أَيْ مَا شَاءَتْهُ، إذْ التَّعْلِيقُ حَقِيقَةً بِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ لَا بِمَا فِي الْبَاطِنِ، وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ: لَا إذَا مَا عَلَّقَتْ كَانَ أَوْلَى، وَلَوْ خَرِسَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ فَأَشَارَ إلَيْهَا وَقَعَ، وَلَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ لَمْ يَقَعْ، إذْ لَهُمْ مَشِيئَةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ حُصُولُهَا، أَوْ بِمَشِيئَةِ الْحِمَارِ فَتَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا، وَقَدْ مَرَّ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ كَيْفَ شِئْت قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَالْقَفَّالُ تَطْلُقُ شَاءَتْ أَوْ لَمْ تَشَأْ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: وَقَعَ شَاءَتْ أَوْ لَمْ تَشَأْ، كَمَا لَوْ قَالَ: عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت اهـ.
وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ أَبَيْت فَقَضِيَّةُ اللَّفْظِ: وُقُوعُهُ بِأَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ قُمْت أَوْ قَعَدْت، وَلَوْ قَالَ: أَنْت
ــ
[حاشية العبادي]
صَادِقٌ مَعَ التَّعَدُّدِ، فَلَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِأَنَّهُ لَغْوٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْله مَنْ كُلِّفَتْ) وَلَوْ سَفِيهَةً وَكَالْمُكَلَّفَةِ السَّكْرَانَةُ حَجَرٌ أَيْ الْمُتَعَدِّيَةُ. (قَوْلُهُ أَمَّا مَشِيئَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ) كَمَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ.
(فَرْعٌ) خَاطَبَهَا، وَهِيَ غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ فَصَارَتْ مُكَلَّفَةً فَوْرًا وَأَجَابَتْ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْإِكْفَاءِ بِذَلِكَ بِرّ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ) وَالْعِبْرَةُ فِي الْأَخْرَسِ وَالْخَرْسَاءِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْإِشَارَةِ بِالْمَشِيئَةِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ قَالَ أَبُو زَيْدٍ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ فِي: كَيْفَ شِئْت، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ: أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ، كَمَا اقْتَضَى تَرْجِيحُ ذَلِكَ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضِ هُنَا م ر.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ أَوْ يُرِيدَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْدُ لَهُ طَلُقَتْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ، أَوْ إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ يَبْدُوَ لِي، طَلُقَتْ فِي الْحَالِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَالِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر. (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ إلَخْ) هُوَ الْأَوْجَهُ م ر.
(قَوْلُهُ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِأَنْ تَنْطِقَ بِهِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
أَوْ الظَّنِّ الْقَوِيِّ
(قَوْلُهُ أَوْ كَذَّبَهُنَّ إلَخْ) أَيْ وَحَلَفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يَثْبُتُ إلَخْ) لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِحَيْضِهَا وَحَيْضِ الْأُخْرَى وَحَيْضُهَا وَإِنْ ثَبَتَ بِيَمِينِهَا لَكِنْ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ الْأُخْرَى فِي حَقِّهَا بِيَمِينِ الْأُخْرَى، وَلَا حَيْضُهَا فِي حَقِّ الْأُخْرَى بِيَمِينِهَا هِيَ، وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ حَلَفَ وَلَا طَلَاقَ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ وَلَمْ يُوجَدَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً بِأَنْ قَالَ وَهِيَ غَائِبَةٌ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَأَخْبَرَهَا شَخْصٌ بِذَلِكَ فَشَاءَتْ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ أَيْ بِقَوْلِ الْمُكَلَّفَةِ الْمُخَاطَبَةِ شِئْت) أَيْ لَوْ قَالَتْهَا كَارِهَةً بِقَلْبِهَا؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لِخَفَائِهِ لَا يُقْصَدُ التَّعْلِيقُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ التَّعْلِيقُ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ اهـ. مُحَلَّى.
(قَوْلُهُ أَمَّا مَشِيئَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ فَلَا أَثَرَ لَهَا) أَيْ مَا لَمْ يَرِدْ اللَّفْظُ بِذَلِكَ اهـ. ق ل أَيْ بِأَنْ قَالَ: إنْ قُلْت شِئْت وَقَعَ بِمَشِيئَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِتَعْلِيقِهِ بِالْقَوْلِ صَرَفَ لَفْظَ الْمَشِيئَةِ عَنْ مُقْتَضَاهُ مِنْ كَوْنِهِ تَصَرُّفًا يَقْتَضِي الْمِلْكَ أَوْ شِبْهَهُ، هَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي تَعْلِيلِهِ، وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَحْضُ تَلَفُّظِهِ بِالْمَشِيئَةِ، فَهُوَ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ ذَلِكَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: ذَلِكَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مُجَرَّدَ تَلَفُّظِهِ بِهَا لِمَا أَمَرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ غَيْرُهُ اهـ. كَرْخِيٌّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَشَأْ) أَيْ الطَّلَاقَ بِأَنْ شَاءَتْ عَدَمَهُ، وَحِينَئِذٍ لَا خِلَافَ.
(قَوْلُهُ فَقَضِيَّةُ اللَّفْظِ إلَخْ)