للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأُخْرَى: أَشْرَكْتُك مَعَهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقِيَاسُ أَنَّا نَجْمَعُ الثَّلَاثَ وَنُوقِعُ عَلَيْهَا نِصْفَهَا، كَمَا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِالنِّسْوَةِ فَيَقَعُ عَلَيْهَا ثِنْتَانِ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ وَفِي الْبَحْرِ قَالَ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: أَنْت شَرِيكَتُهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: وَأَنْتِ شَرِيكَتهَا أَيْ الثَّانِيَةِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ قَالَ الشَّافِعِيُّ تَطْلُقُ الْأُولَى ثَلَاثًا وَالثَّانِيَةُ ثِنْتَيْنِ وَالثَّالِثَةُ وَاحِدَةً، قَالَ الْمُزَنِيّ وَعِنْدِي تَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ: فَحَصَلَ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ يَعْنِي فِي الْأُولَى كَالثَّانِيَةِ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ أَنَّهُ أَرَادَ الْعَدَدَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: نَوَيْت الطَّلَاقَ فَالْأَوْجَهُ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً كَمَا مَرَّ.

(وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ كَأَنْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: أَشْرَكْتُك مَعَهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِشْرَاكُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ إشْرَاكَهَا مَعَهَا فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِدُخُولِ الْأُولَى طَلُقَتَا بِدُخُولِهَا، وَإِنْ أَرَادَ إشْرَاكَهَا مَعَهَا فِي أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِدُخُولِهَا كَمَا فِي الْأُولَى تَعَلَّقَ طَلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدُخُولِ نَفْسِهَا، فَلَوْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت تَوَقُّفَ طَلَاقِ الْأُولَى عَلَى دُخُولِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ.

(فَرْعٌ) أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ، وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَحَنِثَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ يُعَيِّنُهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةً حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَفَادَ الْفُرْقَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى، وَلَمْ يَقِفْ السُّبْكِيُّ عَلَى هَذَا فَقَالَ تَفَقُّهًا: الظَّاهِرُ جَوَاز ذَلِكَ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ وَلَهُ زَوْجَتَانِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ عَيَّنَ لِإِحْدَاهُمَا

ــ

[حاشية العبادي]

ذَلِكَ هَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا؟ ، (قَوْلُهُ وَنَوَى الطَّلَاقَ إلَخْ) أَيْ أَصْلَ الطَّلَاقِ فَقَطْ، فَإِنْ نَوَاهُ مَعَ الْعَدَدِ فَطَلْقَتَانِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: إلَخْ) وَفِيهِ يَعْنِي الْأَنْوَارَ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: قَسَمْت الصَّلَّاقَ بَيْنَكُمَا لَمْ تَطْلُقْ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ كَمَا فَعَلْنَا) كَأَنَّهُ يُرِيدُ مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ: أَوْقَعْت بَيْنَكُمَا ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثِنْتَانِ بِرّ. (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ فِي الْأُولَى) أَيْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْ مَسْأَلَةِ الْأَنْوَارِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْقُوتِ (فَرْعٌ) لَهُ زَوْجَتَانِ فَقَالَ: زَوْجَتِي أَوْ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا، وَلَا مَحَلًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى إحْدَاهُنَّ، وَيُعَيِّنُ خِلَافًا لِأَحْمَدَ حَيْثُ قَالَ: يَقَعُ عَلَى جَمِيعِهِنَّ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ يَلْزَمُنِي وَقُلْنَا: بِصَرَاحَةِ ذَلِكَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، أَوْ نَوَى أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ، مِنْهُمْ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ وَالْكَمَالُ سَلَارٌ شَيْخُ النَّوَوِيِّ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ فِي قَوْلِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ، أَنَّهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا اهـ. بِرّ

(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ يُعَيِّنُهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ مَا ذُكِرَ، وَلَكِنَّهُ يَمْلِكُ عَلَى زَوْجَةٍ طَلْقَةً وَعَلَى أُخْرَى ثِنْتَيْنِ وَعَلَى أُخْرَى ثَلَاثًا مَاذَا يُفْعَلُ؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: يَتَّجِهُ جَوَازُ التَّوْزِيعِ مُطْلَقًا حَيْثُ أَدْخَلَ فِيهِ ذَاتَ الطَّلْقَةِ، بَلْ يَتَّجِهُ جَوَازُ تَعْيِينِهَا وَحْدَهَا لِلطَّلَاقِ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْيَمِينِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى فَتَبِينُ بِوَاحِدَةٍ وَتَلْغُو الْبَاقِيَتَانِ، وَلَا يَقَعُ عَلَى صَاحِبَتَيْهَا شَيْءٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَاطَبَهَا ابْتِدَاءً بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ صَحَّ وَوَقَعَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ، وَلَغَا الْبَاقِيَتَانِ فَلْيَصِحَّ تَعَيُّنُهَا لَهُ فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ عَلَى صِفَةٍ مِنْ إحْدَى نِسَائِهِ عَلَى الْإِبْهَامِ، ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ عَيَّنَ إحْدَاهُنَّ، فَلَوْ عَيَّنَ مَنْ مَاتَتْ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، لَمَا صَحَّ هَذَا التَّعْيِينُ، إذْ يَلْزَمُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى الْمَيِّتَةِ، إذْ الطَّلَاقُ لَا يَسْبِقُ زَمَانَ وُجُودِ الصِّفَةِ، بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ) لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ الطَّلَاقَ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ وَنَوَى الطَّلَاقَ) أَيْ لَمْ يَقُلْ: فِي هَذَا الطَّلَاقِ، بَلْ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ فَالرَّاجِحُ فِيهِ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْأَنْوَارِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ أَطْلَقَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكَرْخِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ: فَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَصَدَ مُطْلَقَ التَّعْلِيقِ فَحُكْمُ الْأُخْرَى حُكْمُ الْأُولَى فَحَيْثُ كَانَ التَّعْلِيقُ فِيهَا عَلَى دُخُولِهَا نَفْسِهَا فَالْأُخْرَى كَذَلِكَ أَيْ: يَكُونُ طَلَاقُهَا مُعَلَّقًا عَلَى دُخُولِهَا نَفْسِهَا. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) وَلَا يَدِينُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) (فَرْعٌ) لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَلَهُ زَوْجَتَانِ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ أَرَادَ مِنْهُمَا جَعَلَهُ وَاقِعًا عَلَيْهَا نَقَلَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ عَنْ الْكَمَالِ سَلَارٍ شَيْخِ الشَّيْخِ النَّوَوِيِّ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْت: هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِيمَنْ قَالَ: حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَلَهُ امْرَأَتَانِ، أَنَّهُ تَطْلُقُ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَةً، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِمِثْلِهِ قُلْت لَا، فَإِنَّ حَلَالَ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ كُلَّ حَلَالٍ لَهُ، وَهُوَ الْمَرْأَتَانِ، فَإِنْ قُلْت: وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ، فَإِنَّهُ عَامٌّ؛ لِأَنَّهُ مُحَلًّى بِاللَّامِ قُلْت اللَّامُ مِنْ الطَّلَاقِ لَا تُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ لِشُيُوعِ الْعُرْفِ فِيهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: الْحَلَالُ مُفْرَدَاتُهُ النِّسَاءُ فَيَعُمُّ فِيهَا، وَالطَّلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>