لِلتَّغَايُرِ، وَلَا بِالثَّالِثِ لِذَلِكَ وَلِلْفَصْلِ (أَوْ) لَمْ يُؤَكِّدْ كَمَا مَرَّ لَكِنْ كَرَّرَ (قَبْلَ وَطْءٍ) ، فَلَا يَتَعَدَّدُ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، فَلَا يَقَعُ بِمَا بَعْدَهُ شَيْءٌ، (لَا إذَا قَالَ) لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا (مَعَهْ) طَلْقَةٌ أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ (أَوْ فَوْقُ) أَيْ فَوْقَهُ طَلْقَةٌ أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ تَحْتَهُ طَلْقَةٌ أَوْ تَحْتَ طَلْقَةٍ، فَيَتَعَدَّدُ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ مَعْنَى الضَّمِّ وَالْمُقَارَنَةِ فَيَقَعَانِ مَعًا بِلَا تَرْتِيبٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ بَعْدَ طَلْقَةٍ، لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِظُهُورِ التَّرْتِيبِ فِيهِ وَتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ، (أَوْ عَلَّقَ) الْمُكَرِّرُ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَإِنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ أَوْ عَكْسُهُ فَيَتَعَدَّدُ، لِتَعَلُّقِ الْكُلِّ بِالْمُعَلَّقِ بِهِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا، نَعَمْ إنْ عَطَفَ بِثُمَّ فَقَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، فَلَا تَعَدُّدَ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْفَاءِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّرَاخِي؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ التَّرْتِيبِ كَافٍ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا فَإِلْحَاقُ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ لَهَا بِالْوَاوِ أَخْذًا بِظَاهِرِ التَّعْلِيلِ فِيمَا مَرَّ بِالتَّرَاخِي فِيهِ نَظَرٌ، (لَا) الطَّلَاقَ (الْمَشْكُوكُ) فِي وُقُوعِهِ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا فَلَا يَقَعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ (كَمِثْلِ) أَنْتِ طَالِقٌ، (إلَّا أَنْ يَشَا الْمَلِيكُ) عَزَّ وَعَلَا أَيْ: طَلَاقَك، فَلَا يَقَعُ لِلشَّكِّ فِي عَدَمِ الْمَشِيئَةِ؛ وَلِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَشِيئَةِ يُوجِبُ حَصْرَ الْوُقُوعِ فِي حَالِ عَدَمِهَا، وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِهَا، وَهُوَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: (أَوْ) أَنْتِ (طَالِقٌ إنْ شَاءَ) اللَّهُ (أَوْ إنْ لَمْ) يَشَأْ اللَّهُ أَيْ طَلَاقَك، فَلَا يَقَعُ لِخَبَرِ: مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدْ اسْتَثْنَى، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ؛ وَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ مِنْ مَشِيئَةٍ أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ يَقْتَضِي الْوُقُوعَ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى، وَهُوَ مُحَالٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَكَانَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ لَانْتَفَى عَدَمُ مَشِيئَتِهِ، فَلَا يَقَعُ لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.
وَمَحَلُّ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي الْأُولَى إذَا قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ التَّعْلِيقَ، فَإِنْ سَبَقَتْ إلَى
ــ
[حاشية العبادي]
فَرْعٌ) وَلَوْ قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا: إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ، إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ، إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ تَعَدَّدَ إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ سَوَاءٌ طَالَ فَصْلٌ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَتَعَدَّدْ الْكَفَّارَةُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ، فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءً بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ لَا إذَا قَالَ: مَعَهُ أَوْ فَوْقَ إلَخْ) اعْتَمَدَ فِي الرَّوْضِ خِلَافَهُ فِي فَوْقَ وَتَحْتَ، حَيْثُ قَالَ: وَكَذَا غَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ أَيْ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ فِي قَوْلِهِ: مَعَ أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ، قَالَ: فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ لِظُهُورِ التَّرْتِيبِ فِيهَا، وَتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ، هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ، وَهُوَ فِي تَحْتَ وَفَوْقَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: طَلْقَةٌ قَبْلَهَا إلَخْ) فِي الرَّوْضِ، فَإِنْ أَرَادَ بِبَعْدَ أَنِّي سَأُطَلِّقُهَا دِينَ، أَوْ بِقَبْلِهَا أَنَّهُ أَوْ غَيْرُهُ سَبَقَ مِنْهُ طَلَاقٌ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ اهـ. أَيْ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي وَفَسَّرَ بِهَذَا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً قَبْلَهَا أَيْ: أَوْ بَعْدَهَا كَمَا فِي أَصْلِهِ كُلَّ تَطْلِيقَةٍ، فَطَلَقَتْ الْمَمْسُوسَةُ ثَلَاثًا أَيْ وَغَيْرُهَا وَاحِدَةً، قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَمَّا فِي بَعْدَهَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي قَبْلَهَا فَلِأَنَّ الْوَاقِعَ إنَّمَا هُوَ الْمُنَجَّزُ لَا الْمُضَمَّنُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّوْرُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِرّ. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ عَدَمِ وُقُوعِهِ فِي الْأُولَى، إذَا قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ التَّعْلِيقَ) كَذَا مَحَلُّ عَدَمِ وُقُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ، إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ، وَلِهَذَا عَبَّرَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - أَوْ - إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ - وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ يَقَعْ اهـ. وَعَبَّرَ بِمِثْلِهِ فِي الْمَنْهَجِ وَزَادَ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَفَسَّرَ قَصْدَ التَّعْلِيقِ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَهُ هُنَا بِالْأُولَى؛ لِأَنَّ جَمِيعَ أَقْسَامِ الْمُحْتَرَز عَنْهُ لَا يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ، إذْ لَا يُقْصَدُ التَّبَرُّكُ بِأَنْ لَمْ
[حاشية الشربيني]
مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ: لَا الْأَوَّلِ إلَخْ أَيْ: لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ظَاهِرًا وَيَدِينُ كَمَا فِي م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ.
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ مِنْ مَشِيئَةٍ أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ) فَلَوْ طَلَّقَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ، وَقَعَ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ بِهَا لَا يُقَالُ: هُوَ بِطَلَاقِهِ لَهَا عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُ فَهَلَّا وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الَّذِي عَلِمَهُ إنَّمَا هُوَ مَشِيئَةُ اللَّهِ لِهَذَا الْمُنْجَزِ، وَأَمَّا مَشِيئَتُهُ لِلْمُعَلَّقِ فَلَمْ تُعْلَمْ، فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ، فَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ لِأَيِّ طَلَاقٍ ثُمَّ طَلَّقَ، وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِمُتَعَلِّقِهَا، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لَمْ يَقَعْ لِلدَّوْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمُنَجَّزَ أَيْ إذَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ طَلَاقَك طَلَاقًا مُنَجَّزًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ إذَا أَيِسَ مِنْ الْمُنَجَّزِ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ مَحْذُورٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute