للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسَانِهِ لِتَعَوُّدِهِ بِهَا أَوْ قَصَدَ بِهَا التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَمْ لَا؟ وَقَعَ وَكَانَ إذَا وَمَتَى وَنَحْوُهُمَا

، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَجِيءَ الْغَدُ قَالَ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْغَدَ يَجِيءُ لَا مَحَالَةَ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ، وَلَوْ قَالَ: حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ قَالَ: طَلَّقْت حَفْصَةَ لَا عَمْرَةَ غَلَطٌ، كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ سَبَبُهُ سَقَمُ النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا أَوْ انْتِقَالُ نَظَرِهِ، فَإِنَّ الْبَغَوِيّ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَأْخَذِهِ فِي بَابِ الْوَقْفِ مَعَ مَا فِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ شَكَّ فِي الطَّلَاقِ، فَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ، فَإِنْ شَكَّ فِي أَصْلِهِ وَلَهُ رَغْبَةٌ رَاجَعَهَا إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، وَإِلَّا جَدَّدَ نِكَاحَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَغْبَةٌ طَلَّقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا، وَإِنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ؟ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تُحَلَّلَ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَمْ لَمْ يُطَلِّقْ شَيْئًا؟ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(كَفِي إعْتَاقِهِ وَنَذْرَهُ وَالْحَلِفِ) بِاَللَّهِ الْمُعَلَّقَاتُ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى أَوْ بِعَدَمِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ، وَكَذَا كُلُّ عَقْدٍ وَحَلٍّ، (لَا فِي الظِّهَارِ) الْمُعَلَّقِ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ وَيَلْغُو التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ إخْبَارٌ وَلَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ، وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ انْعَقَدَ وَلَغَا التَّعْلِيقُ، وَمَنَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الظِّهَارِ كَوْنَهُ إخْبَارًا وَقَالَ: الظَّاهِرُ إنَّهُ إنْشَاءٌ كَالطَّلَاقِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الظِّهَارَ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَغَيْرِهِ صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ: وَرَامَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الظِّهَارِ وَغَيْرِهِ وَلَسْت أَرَى لِمَا لَا أَفْهَمُهُ وَجْهًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ يُفْسِدُ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إقْرَارٍ وَإِنْشَاءٍ وَحَلٍّ وَعَقْدٍ وَطَلَاقٍ وَظِهَارٍ، (وَ) لَا فِي (النِّدَا) الْمُعَلَّقِ بِذَلِكَ كَيَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَلْغُو التَّعْلِيقُ، قَالُوا: لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَفْعَالِ لَا عَلَى الْأَسْمَاءِ، إذْ لَا يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ: يَا أَسْوَدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَخْتَصَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِنَحْوِ طَلَّقْتُك، وَلَا يَدْخُلُ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ قَالَ: وَقَدْ يُتَخَيَّلُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا وَيُقَالُ: قَوْلُهُ يَا كَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ ذَلِكَ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ حَالَ النِّدَاءِ وَلَا يُقَالُ لِلْحَاصِلِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ، كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ: أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ قَرِيبًا: أَنْتَ صَحِيحٌ فَيَنْتَظِمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ

(وَطَالِقُ) أَيْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَلَا الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ طَارِقُ) مَثَلًا (وَاحِدَةً) أَيْ: فَلَا تَطْلُقِينَ (فَشَاءَهَا) طَارِقٌ (أَوْ) شَاءَ (فَوْقَ ذَا) أَيْ فَوْقَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْوَاحِدَةِ كَثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ طَارِقٌ الدَّارَ، فَدَخَلَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ شَاءَ فَوْقَ وَاحِدَةٍ، فَقَدْ شَاءَ وَاحِدَةً، فَإِنْ أَرَادَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَاحِدَةً فَتَطْلُقِينَ وَاحِدَةً، قُبِلَ وَوَقَعَ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا

ــ

[حاشية العبادي]

يَشَأْ اللَّهُ، وَلَا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِعَدَمِ مَشِيئَتِهِ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ؟) يَنْبَغِي قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ قِرَاءَتِهِ بِالنُّونِ أَوْ بِالْيَاءِ الْمَضْمُومَةِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ، فَحَيْثُ قَصَدَ التَّعْلِيقَ وَقَعَ، وَإِنْ شَكَّ غَيْرُهُ، وَحَيْثُ شُكَّ هُوَ هَلْ قَصْدٌ أَوْ لَا؟ لَمْ يَقَعْ، وَلَا عِبْرَةَ بِغَيْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا: وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ، خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَكَوْنُ اللَّفْظِ لِلتَّعْلِيقِ لَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ قَصْدِهِ، كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِلْإِخْرَاجِ، وَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ، أَوْ إنْ شَاءَ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ طَلَقَتْ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَقَوْلِ الْجُرْجَانِيِّ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوُضُوءِ.

(قَوْلُهُ إنَّمَا قَالَ: ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ - إنْ شَاءَ اللَّهُ -) أَقُولُ: فِي هَذَا أَيْضًا نَظَرٌ نَظَرًا لِقَاعِدَةِ رُجُوعِ الشَّرْطِ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ السَّابِقَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ تَأْثِيرِ الْإِتْيَانِ بِالشَّرْطِ قَصْدُ التَّعْلِيقِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ، فَإِنْ قَصَدَ هُنَا مَعَ كُلٍّ مِنْ جُمْلَتَيْ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ، التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ، فَالْوَجْهُ طَلَاقُهُمَا، وَإِنْ قَصَدَ مَا ذُكِرَ مَعَ إحْدَاهُمَا فَقَطْ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ طَلَاقِ مَنْ قَصَدَ، مِنْ جُمْلَتِهَا مَا ذُكِرَ، وَطَلَاقُ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ، مَعَ جُمْلَتِهَا ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يَقِينًا) مَفْهُومُهُ حِلُّهَا لِغَيْرِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِدُونِ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِزَوْجِيَّتِهَا ظَاهِرًا.

(قَوْلُهُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) يُرِيد أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْوَرَعِ أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فِي الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ. بِرّ.

(قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ لِلْحَاصِلِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ) فَلَيْسَ الْمَانِعُ مُجَرَّدَ الِاسْمِيَّةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الذَّهَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَجِيءَ الْغَدُ) لَعَلَّ مِثْلَهُ نَحْوُهُ نَحْوَ إلَّا أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُحْتَمَلِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِالِاسْتِثْنَاءِ عَوْدَهُ لِلْأَخِيرَةِ فَقَطْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ اهـ. م ر، وَقَوْلُهُ أَطْلَقَ أَيْ نَوَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَطْلَقَ.

(قَوْلُهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَمَحَلُّهُ فِيمَنْ لَيْسَ اسْمُهَا طَالِقًا، وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَقْصِدْ الطَّلَاقَ فَحِينَئِذٍ يُفِيدُ الِاسْتِثْنَاءَ اهـ. م ر بِزِيَادَةٍ، وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ قَصْدِ الطَّلَاقِ فِيمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ حَيْثُ أَفَادَ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهِ، وَبَيْنَ نِدَاءِ مَنْ لَيْسَ اسْمُهَا ذَلِكَ حَتَّى لَمْ يُفِدْ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَاهُ إلَخْ) أَمَّا لَوْ عَلَّقَ وَاحِدٌ طَلَاقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِكَوْنِهِ غُرَابًا، وَطَلَاقَ الْأُخْرَى بِكَوْنِهِ غَيْرَهُ، فَالظَّاهِرُ: وُجُوبُ امْتِنَاعِهِ عَنْهُمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>