(كَالْعَكْسِ) بِأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ طَارِقٌ ثَلَاثًا فَشَاءَ ثَلَاثًا أَوْ فَوْقَهَا، فَلَا يَقَعُ لِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا أَوْ شَاءَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَقَعَ وَاحِدَةٌ (أَوْ) قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إِنْ شِئْتِ) لَا يَقَعُ (إذَا تَشَاءُ) هِيَ (طَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ الْوَاحِدَةِ أَوْ الثِّنْتَيْنِ لَيْسَتْ مَشِيئَةً لِلثَّلَاثِ، (أَوْ عَلَّقَاهُ بِمُنَاقِضَيْنِ) أَيْ بِنَقِيضَيْنِ كَأَنَّ عَلَّقَ أَحَدُهُمَا بِكَوْنِ هَذَا الطَّائِرِ غُرَابًا، وَالْآخَرُ بِكَوْنِهِ غَيْرَ غُرَابٍ وَطَارَ وَلَمْ يُعْرَفْ، لَمْ يَقَعْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَوْ انْفَرَدَ لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ لِلشَّكِّ، فَتَعْلِيقُ الْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ، (وَفِي) التَّعْلِيقِ بِنَقِيضَيْنِ لِعِتْقِ (رَقِيقِ مُعْسِرَيْنِ) لَمْ يَتَفَاوَتَا فِيهِ إذَا (بَاعَا) هـ لِثَالِثٍ، أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْآخَرِ (يَعْتِقُ نِصْفُهُ) عَلَى الْمُشْتَرِي لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ يَقِينًا فِي النِّصْفِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ كَمَا مَرَّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهِ عَتَقَ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ.
وَخَرَجَ بِمُعْسِرَيْنِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي الْمُوسِرَانِ فَيَعْتِقُ الْجَمِيعُ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ أَحَدِهِمَا، فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَسْرِي إلَى الْبَاقِي وَيُوقَفُ الْوَلَاءُ، وَلِكُلٍّ أَنْ يَدَّعِيَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ عَلَى الْآخَرِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا الْمُعْسِرُ وَالْمُوسِرُ، فَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ، إذْ لَا يَخْلُو الْحَالُ مِنْ حِنْثِهِ أَوْ حِنْثِ صَاحِبِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى نَصِيبِهِ، بِخِلَافِ نَصِيبِ الْمُوسِرِ لِلشَّكِّ وَلِلْمُعْسِرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْإِرْثُ وَنَحْوُهُمَا، وَلَوْ تَبَادَلَ الْمُعْسِرَانِ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ بِالْآخَرِ تَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيمَا انْتَقَلَ عَنْهُ، حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَ جَوَازُ التَّبَادُلِ بِالْقَطْعِ بِفَسَادِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ بِفَسَادِهِ مُعَيَّنًا كَنَظِيرِهِ فِي تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا، (وَلَا ارْتِجَاعَا) لِلْمُشْتَرِي عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعِينَ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ بَقَاءَ مِلْكِهِ عَلَى نَصِيبِهِ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالتَّعْلِيقَيْنِ أَمْ لَا،
(وَ) لَوْ عَلَّقَ اثْنَانِ الْعِتْقَ (فِي رَقِيقَيْنِ) لَهُمَا بِنَقِيضَيْنِ، ثُمَّ (اشْتَرَى) مَثَلًا (فَرْدُهُمَا) أَيْ أَحَدُهُمَا رَقِيقَ الْآخَرِ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا، وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ وَالتَّعْيِينُ فِي أَحَدِهِمَا، لِاتِّحَادِ الْمِلْكِ الْآنَ كَمَا لَوْ كَانَا فِي مِلْكِهِ أَوَّلًا، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَكِنْ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ أَوْ جَمَاهِيرُهُمْ بِتَعَيُّنِ الْعِتْقِ فِي الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ قَبْلَ الشِّرَاءِ: حَنِثْت فِي يَمِينِك أَوْ مَا حَنِثْت أَنَا، تَعَيَّنَ الْعِتْقُ فِي الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا رَقِيقَهُ وَاشْتَرَى الْآخَرَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَفِي الْوَسِيطِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ مَا فِي الْبَسِيطِ وَقَالَ فِيهِ: إنَّهُ الْقِيَاسُ إنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ وَاقِعَةٌ قَدْ انْقَضَتْ، كَمَا لَا تُقْضَى الصَّلَاةُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَحَرِّي الْقِبْلَةِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ ضَعِيفٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى التَّحَرِّي.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الْأَقْيَسُ احْتِيَاطًا لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ وَغَرَامَتَهَا أَشَدُّ مِنْ الْقِبْلَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِ رَقِيقِهِ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ، وَأَنَّ الَّذِي عَتَقَ هُوَ رَقِيقُ الْآخَرِ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ الْعِرَاقِيِّينَ، أَمَّا عَلَى
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا الَّذِي عَتَقَ أَوْ دَاخِلٌ فِيمَا يُعْتَقُ. (قَوْلُهُ فَيُعْتَقُ الْجَمِيعُ) فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ إلَخْ) قَدْ يُنْظَرُ فِي هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّ فَسَادَ الْمُعَاوَضَةِ مُتَعَيِّنٌ بِالنَّظَرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ مَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ إمَّا الْجُزْءُ الْحُرُّ أَوْ الْمُقَابَلُ بِعَيْنِ الْجُزْءِ الْحُرِّ، وَكِلَاهُمَا لَا يُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ، وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْقِبْلَةِ بِأَنَّ كُلَّ جِهَةٍ حَالَ الصَّلَاةِ إلَيْهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهَا الْقِبْلَةُ، فَحِينَ الصَّلَاةِ إلَى كُلِّ جِهَةٍ لَا يَلْزَمُ حُصُولُ الْمُفْسِدِ بِالنَّظَرِ لِتِلْكَ الْجِهَةِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ الْمُفْسِدَ بِالنَّظَرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ لَازِمُ الْحُصُولِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَتَأَمَّلْهُ. سم.
(قَوْلُهُ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ) وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَجَرٌ. إذْ الْعَقْدُ مُتَعَدِّدٌ، فَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَلَا بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ.
(قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْعِتْقُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: مَجَّانًا وَقَوْلُهُ فِي الْمُشْتَرِي: وَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا رَقِيقَهُ وَاشْتَرَى رَقِيقَ الْآخَرِ) قَدْ يَشْمَلُ مُبَادَلَةَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا، بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَادُلِ أَنَّهُ لَا تَبَادُلَ هُنَا. (قَوْلُهُ رَقِيقَهُ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا رَقِيقَهُ بِرَقِيقِ الْآخَرِ، وَلَعَلَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُبَادَلَةِ، إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ مُبَادَلَةِ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ بِالْآخَرِ وَمُبَادَلَةِ أَحَدِ الرَّقِيقَيْنِ بِالْآخَرِ.
(قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إقْدَامَهُ إلَخْ) أَيْ: إقْدَامَهُ عَلَى شِرَاءِ رَقِيقِ
ــ
[حاشية الشربيني]
رَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَهُ فِيمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ بَاعَاهُ لِثَالِثٍ) أَوْ وَرِثَهُ وَقَوْلُهُ: يُعْتَقُ نِصْفُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ: مَجَّانًا وَإِنَّمَا عَتَقَ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ حُرٌّ يَقِينًا، وَقَدْ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَاحِدٌ، فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الْعِتْقِ مَا دَامَ نَصِيبُ كُلٍّ مِلْكَهُ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ حِينِ الْبَيْعِ لَا أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ عَتَقَ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ) لِأَنَّهُ إمَّا الَّذِي عَتَقَ أَوْ دَاخِلٌ فِيمَا عَتَقَ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ مِنْ حِنْثِهِ) فَيَكُونُ عِتْقُ نَصِيبِهِ تَنْجِيزًا، وَقَوْلُهُ أَوْ حَنِثَ صَاحِبُهُ فَيَكُونُ عِتْقُهُ سِرَايَةً.
(قَوْلُهُ فِي تَحَرِّي الْقِبْلَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا صَلَّى رُبَاعِيَّةً مَثَلًا كُلَّ رَكْعَةٍ لِجِهَةٍ بِالِاجْتِهَادِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إلَخْ) لَكِنَّهُ قَالَ: إنَّ الْأَوَّلَ أَفْقَهُ (قَوْلُهُ بِتَعْيِينِ إلَخْ) لَعَلَّهُ لِزَعْمِ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ تِلْكَ) أَيْ بَيْعَهُ لِعَبْدِهِ الدَّالَّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْعَتِيقُ. (قَوْلُهُ كَمَا لَا تَنْقَضِي إلَخْ) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ كُلًّا قَدْ انْقَضَى حُكْمُهُ بِانْقِضَائِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ