طَرِيقَتِهِمْ فَيَعْتِقُ الْمُشْتَرَى بِلَا شَكٍّ اهـ. وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَادُلِ مَا فِي الْبَسِيطِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْمُشْتَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ عِتْقُهُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِيهِ.
(وَ) لَوْ عَلَّقَ (وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ) زَوْجَتَيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ بِنَقِيضَيْنِ (يُمْنَعْ عَنْهُمَا) وُجُوبًا إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالُ، لِحُرْمَةِ أَحَدِهِمَا بِوُجُودِ أَحَدِ الْوَصْفَيْنِ فِي مِلْكِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ لِتَحَقُّقِ حُصُولِ أَحَدِهِمَا فِي مِلْكِ الْوَاحِدِ، (كَأَنْ) طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْ زَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ ثُمَّ (نَسِي) الْمُعَيَّنَةَ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَنْهُمَا وَلَا تُطَالِبَانِهِ بِالْبَيَانِ إنْ صَدَّقَتَاهُ فِي النِّسْيَانِ، وَإِنْ كَذَبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ: أَنَا الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْعَتِيقَةُ لَمْ يَكْفِهِ فِي الْجَوَابِ لَا أَدْرِي، بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا أَوْ لَمْ يَعْتِقْهَا، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا
(وَ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: (طَالِقٌ إحْدَاكُمَا) أَوْ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (أَوْ) لِأَمَتَيْهِ: (حُرَّةٌ) إحْدَاكُمَا أَوْ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ، (عَيَّنَ) وُجُوبًا (مَنْ هِيَ) الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْعَتِيقَةُ (مِنْهُمَا) أَيْ:
ــ
[حاشية العبادي]
الْآخَرِ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ بِمَا ذُكِرَ، إذْ قَدْ يَقْصِدُ بِالشِّرَاءِ الِافْتِدَاءَ. (قَوْلُهُ وَالْمُوَافِقُ إلَخْ) وَلِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي أَنَّ كُلًّا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَ الْآخَرِ وَلَمْ يَتَكَاذَبَا، كَانَ لِكُلٍّ التَّصَرُّفُ فِيمَا اشْتَرَاهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ فِي مِلْكِ الْوَاحِدِ) لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا بِطَلَاقٍ أَوْ بَيْعٍ فَهَلْ يُطْلَقُ تَصَرُّفُهُ فِي الْأُخْرَى؟
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَنْهُمَا) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ وَالتَّوَصُّلُ إلَى بَيَانِ الْحَالِ، سَوَاءٌ صَدَّقَتَاهُ أَمْ كَذَّبَتَاهُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ تَصْدِيقَهُمَا لَهُ مَانِعٌ مِنْ إلْزَامِ الْقَاضِي لَهُ بِالْبَيَانِ بِرّ. (قَوْلُهُ وَقَالَتْ: أَنَا الْمُطَلَّقَةُ إلَخْ) وَلَوْ ادَّعَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ أَنَّهُ يَعْلَمُ الَّتِي عَنَاهَا بِالطَّلَاقِ، وَلَمْ تَقُلْ فِي دَعْوَاهَا: إنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ وَسَأَلْت تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا، وَحَلَفَ لَهَا كَذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ ادَّعَتْ فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ، حَلَفَ بَتًّا أَنَّهُ لَيْسَ غُرَابًا بِخِلَافِ إنْكَارِهِ لِنَحْوِ دُخُولِ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ بِهِ طَلَاقُ زَوْجَتِهِ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَهُنَا عَلَى نَفْيِ صِفَةٍ، وَهِيَ الْغُرَابِيَّةُ فِي الْغَيْرِ، وَنَفْيُ الصِّفَةِ كَثُبُوتِهَا فِي إمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا، قَالَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَيَّدَا لُزُومَ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ الْغُرَابِيَّةِ بِمَا إذَا تَعَرَّضَ لَهُ فِي الْجَوَابِ، وَإِلَّا بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى لَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ اُكْتُفِيَ مِنْهُ بِذَلِكَ كَنَظَائِرِهِ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ وَطَالِقٌ إحْدَاكُمَا) يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمَتِهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طُلِبَ مِنْهُ التَّعْيِينُ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ هُنَا مَا لَمْ يُرِدْ الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ الْأَمَةَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْأَوْقَاتِ، وَمِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا فِعْلَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَكَرَّرُ بِعَيْنِ الْحُرِّيَّةِ فِي إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ بَيْعَهُ لِعَبْدِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْآخَرَ عَتِيقٌ، لَكِنَّهُ اقْتِضَاءٌ غَيْرُ قَوِيٍّ لِضَعْفِ الدَّلَالَةِ الْفِعْلِيَّةِ عَنْ الْقَوْلِيَّةِ لِاحْتِمَالِ بَيْعِهِ لِلْحُرِّ، فَلِمُجَرَّدِ هَذَا الِاقْتِضَاءِ مَنَعْنَاهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلِضَعْفِهِ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ، فَعَمِلْنَا بِكُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ مَصْلَحَةِ الْعَبْدِ وَمَصْلَحَةِ السَّيِّدِ اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ حَجَرٌ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّ كُلًّا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا لِآخَرَ وَلَمْ يَتَكَاذَبَا، كَانَ لِكُلٍّ التَّصَرُّفُ فِيمَا اشْتَرَاهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) لِثُبُوتِ مِلْكِهِ عَلَى عَبْدِهِ الْمُقْتَضِي عِتْقَ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَ.
(قَوْلُهُ طَالِقٌ إحْدَاكُمَا) مِثْلُهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَزَوْجَتِي طَالِقٌ، فَلَا يَقَعُ إلَّا طَلَاقٌ وَاحِدٌ عَلَى وَاحِدَةٍ مُبْهَمَةٍ، وَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُضَافَ يَعُمُّ، وَكَذَا الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي اللُّغَةِ، وَالْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ قَدْ نَقَلَهُمَا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الْوَاحِدَةِ عَمَلًا بِالْيَقِينِ، فَلَا يَقَعُ فِي عَلَيَّ الطَّلَاقُ، إلَّا طَلْقَةٌ وَلَا تَطْلُقُ فِي نَحْوِ زَوْجَتِي طَالِقٌ، إلَّا زَوْجَةٌ اهـ. شَيْخُنَا ذ عَنْ الرَّوْضِ وَحَوَاشِيهِ.
(قَوْلُهُ عَيَّنَ وُجُوبًا) أَيْ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَلَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْيِينُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ وَحَقُّ اللَّهِ إنَّمَا هُوَ فِي الِاعْتِزَالِ، وَقَدْ أَوْجَبْنَاهُ، وَإِذَا عَيَّنَ ابْتَدَأَتْ الْعِدَّةَ مِنْ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ مِنْ الْإِيقَاعِ، وَلَا بِدَعَ فِي تَأَخُّرِ الْعِدَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالْوَطْءِ وَلَا تُحْسَبُ، إلَّا مِنْ التَّفْرِيقِ، وَتَجِبُ فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ بِالطَّلَاقِ وَلَا تُحْسَبُ، إلَّا مِنْ الطُّهْرِ، وَإِذَا عَيَّنَ وَاحِدَةً لِلطَّلَاقِ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلزَّوْجِيَّةِ وَعَكْسُهُ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَمَّنْ عَيَّنَهَا إلَى التَّعْيِينِ فِي غَيْرِهَا، وَإِذَا حَلَفَ بِالثَّلَاثِ أَوْ بِطَلْقَتَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً لِدُخُولِهَا فِي الْيَمِينِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ عَلَيْهَا الْعَدَدَ فَتَبِينُ بِطَلْقَةٍ وَيَلْغُو بَاقِي الطَّلَاقِ، كَمَا لَوْ خَاطَبَهَا بِالْعَدَدِ ابْتِدَاءً، وَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ مَنْ حَدَثَتْ زَوْجِيَّتُهَا بَعْدَ الْيَمِينِ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِيهِ، وَلَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لِلطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ لِلْمُطَلَّقَةِ وَلَمْ تَطْلُقْ، إلَّا وَاحِدَةٌ، وَلَا يُوَزِّعُ مَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ وَكَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةِ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تُفِيدُ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهَا بِذَلِكَ، بَلْ لَوْ كَانَ فِي زَوْجَاتِهِ مَنْ بَقِيَ لَهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، امْتَنَعَ