للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الْأَمَتَيْنِ، إنْ لَمْ يَقْصِدْهَا وَبَيَّنَهَا، إنْ قَصَدَهَا لِتَتَمَيَّزَ الْمُحَرَّمَةُ عَنْ غَيْرِهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ: بَلْ صَرِيحُهُ وُجُوبُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ حَقِّهِمَا، وَحَقُّ اللَّهِ فِيهِ الِانْعِزَالُ، وَقَدْ أَوْجَبْنَاهُ قَالَ: وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي مَا يُفْهِمُ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ السُّبْكِيّ فِي اخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، وَتَقَدَّمَ رَدُّهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ إمْسَاكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ مَمْنُوعٌ بِخِلَافِ اثْنَيْنِ.

(وَوَارِثٌ) أَيْ وَعَيَّنَ وَارِثُ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ إنْ مَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، سَوَاءٌ مَاتَ بَعْدَ الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الْأَمَتَيْنِ أَمْ بَيْنَهُمَا، (لَا إنْ يَمُتْ قَبْلَهُمَا) ، فَلَا يُعَيِّنُ وَارِثُهُ، إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَمِيرَاثُ زَوْجَةٍ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ يُوقَفُ بِكُلِّ حَالٍ إلَى الِاصْطِلَاحِ، سَوَاءٌ خَلَفَ زَوْجَةً أَمْ أَكْثَرَ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا، فَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا لِلطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ: أَنَّ مَوْتَهُ مَعَهُمَا كَمَوْتِهِ بَعْدَهُمَا، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا: بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَعْيِينُ الْوَارِثِ فِي الطَّلَاقِ كَبَيَانِهِ فِيهِ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ صَحَّحَهَا الْغَزَالِيُّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ

ــ

[حاشية العبادي]

نَظَائِرِهِ ثَمَّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ اثْنَتَيْنِ) يُرَدُّ بِأَنَّ إمْسَاكَ الْأَجْنَبِيَّةِ مَمْنُوعٌ فِي الْإِسْلَامِ أَيْضًا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ وَوَارِثٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ: ثُمَّ وَارِثٌ فِي عِتْقٍ وَكَذَا فِي طَلَاقٍ بَائِنٍ اهـ. وَتَقْيِيدُ الطَّلَاقِ بِالْبَائِنِ قَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي آخِرَ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ: هَذَا كُلُّهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ كَالْمَوْرُوثِ. (قَوْلُهُ أَيْ وَعَيَّنَ وَارِثُ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالتَّعْيِينِ مَا يَشْمَلُ الْبَيَانَ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا، بَلْ صَرِيحُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَوْ بَيَّنَهُمَا) أَيْ: لَوْ عَيَّنَ الْأُولَى لِلنِّكَاحِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تُهْمَةِ الْإِرْثِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ بِرّ. (قَوْلُهُ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ) هَذَا مَمْنُوعٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، حَتَّى مَسْأَلَةِ الْأَمَتَيْنِ، إذْ قَدْ يَتَعَلَّقُ فِيهَا الْغَرَضُ بِإِرْقَاقِ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لِارْتِفَاعِ قِيمَتِهَا وَكَثْرَةِ أَكْسَابِهَا دُونَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهَا بِعَكْسِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت اعْتِرَاضَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

(قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا لِلطَّلَاقِ) لِنَحْوِ قِلَّةِ تَرِكَتِهَا وَكَثْرَةِ تَرِكَتِهِ الْأُخْرَى. (قَوْله كَمَا يَقْتَضِيهِ تَعْلِيلُهُمْ) بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ (قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ خَرَجَ الْعِتْقُ) فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُعَيِّنَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، فَيَخْلُفُ الْوَارِثُ الْمُورِثَ فِيهِ كَمَا فِي خِيَارِ الْبَيْعَةِ وَالشُّفْعَةِ إلَخْ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا أَيْ الْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ، قَامَ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِي التَّبْيِينِ لَا التَّعْيِينِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ، وَتَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ: مِنْ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ أَيْضًا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ مَاتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا لَمْ يُعَيِّنْ وَارِثَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ، إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّوْزِيعُ أَيْضًا، وَإِنْ بَانَتْ بِهَا لِمَا عُلِمَ مِنْ امْتِنَاعِ التَّعْيِينِ فِي أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ تَعْيِينُ مَنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ بَعْدَ الْإِيقَاعِ؛ لِأَنَّ التَّصْحِيح أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مِنْ حِينِ الْإِيقَاعِ، فَتَبِينُ بِالتَّعْيِينِ فِي إحْدَاهُمَا، إذْ الْمَيِّتَةُ مَاتَتْ غَيْرَ زَوْجَةٍ، وَأَنَّ الْمُبَانَةَ بَانَتْ قَبْلُ فَتَلْغُوَ إبَانَتُهَا بَعْدُ، أَمَّا مَنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ قَبْلَ الْإِيقَاعِ، بِأَنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَقَبْلَ الصِّفَةِ، فَلَا يَصِحُّ تَعَيُّنُهَا بَعْدَ الصِّفَةِ، لِاسْتِحَالَةِ الْحِنْثِ فِي الْمَيِّتَةِ وَالْمُبَانَةِ وَامْتِنَاعِ تَقَدُّمِ الْحِنْثِ عَلَى الصِّفَةِ، فَيُعَيِّنُ غَيْرَهُمَا كَذَا اسْتَظْهَرَهُ النَّاشِرِيُّ وَتَبِعَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَوَلَدُهُ.

وَاسْتَظْهَرَ الْبُلْقِينِيُّ الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا زَوْجَةٌ عِنْدَهُ فَتَبَيَّنَ بِالتَّعْيِينِ فِي أَحَدِهِمَا أَنَّ الْمَيِّتَةَ مَاتَتْ غَيْرَ زَوْجَةٍ، وَأَنَّ الْمُبَانَةَ بَانَتْ قَبْلُ، وَلَا بِدَعَ فِي تَقَدُّمِ الْحِنْثِ عَلَى الصِّفَةِ لِاسْتِحَالَتِهِ عِنْدَهَا، وَقَدْ قِيلَ: بِذَلِكَ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الْخُلْعِ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّل وَإِذَا مُتْنَ أَوْ بِنَّ كُلُّهُنَّ أَوْ، إلَّا وَاحِدَةٌ بَقِيَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالتَّعْيِينِ لِتُعْلَمَ الْمُطَلَّقَةُ، وَلَا تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ الْبَاقِيَةُ بِدُونِ تَعْيِينٍ، هَذَا كُلُّهُ فِي التَّعْيِينِ بَعْدَ التَّنْجِيزِ أَوْ بَعْدَ الصِّفَةِ فِي التَّعْلِيقِ، أَمَّا التَّعْيِينُ قَبْلَهَا فَصَحِيحٌ أَيْضًا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ: مِنْ كَوْنِهِ يُعَيِّنُ بِاللَّفْظِ فِي وَاحِدَةٍ لَا أَكْثَرَ، وَلَا فِيمَنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَلَا يُوَزَّعُ لَكِنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، إذْ لَا مَحْذُورَ فِي الْإِبْهَامِ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَإِنَّمَا صَحَّ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ، فَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدَةً تَعَيَّنَتْ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ قَبْلَ الصِّفَةِ بَطَلَ التَّعْلِيقُ، وَلَا يُعَيِّنُ غَيْرَهَا، وَإِنْ بَقِيَتْ زَوْجَةً إلَى الصِّفَةِ طَلَقَتْ حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً أَوْ مُبَانَةً قَبْلَ التَّعْيِينِ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ التَّعْلِيقَ بَطَلَ بِالْمَوْتِ أَوْ الْإِبَانَةِ، وَلَا يُعَيِّنُ غَيْرَهَا، وَإِنْ مُتْنَ أَوْ بِنَّ، إلَّا وَاحِدَةٌ تَعَيَّنَتْ لِلتَّعْلِيقِ بِدُونِ تَعْيِينٍ، أَوْ كُلُّهُنَّ بَطَلَ التَّعْلِيقُ وَلَا يَعُودُ بِتَجْدِيدِ نِكَاحِ الْمُبَانَاتِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَعُودُ بِذَلِكَ، وَأَنَّ الْيَمِينَ يَنْحَلُّ بِالْبَيْنُونَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُولُوا: بِصِحَّةِ تَعْيِينِ مَنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَقَبْلَ الصِّفَةِ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ فِيمَا مَرَّ قِيَاسًا عَلَى مَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِيمَا مَرَّ إلْغَاءُ الْحِنْثِ مَعَ إمْكَانِهِ بِتَعْيِينِ غَيْرِ الْمَيِّتَةِ وَالْمُبَانَةِ، أَوْ الْتِزَامُ الْحِنْثِ قَبْلَ الصِّفَةِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ الْحِنْثِ، هَذَا هُوَ مَنْصُوصُ الْمَذْهَبِ الْمُوَافِقِ لِمَا فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا فِي ع ش مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ اهـ. شَيْخُنَا ذ رَحِمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ: وَلَا وَجْهَ لَهُ قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ بَقَاءَهُمَا عِنْدَهُ قَدْ يَجُرُّ إلَى مَحْذُورٍ لِتَشَوُّفِ نَفْسِ كُلٍّ إلَى الْآخَرِ اهـ. شَرْحُ م ر وَع ش وَحَجَرٌ قَالَ سم: لَكِنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ دَارِهِ أَوْ بَلَدِهِ أَيْ: إنَّهُ يَأْتِي فِي الرَّجْعِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يَجِبُ فِيهَا التَّعْيِينُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ إمْسَاكَ الْأَجْنَبِيَّةِ إمْسَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>