لِلنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ فَلَا يَتَجَاوَزُ مَحَلَّ وُرُودِهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَمَحْلُ النَّصِّ وَإِلَّا فَالْمَأْمُورُ بِغُسْلٍ مَسْنُونٍ يَتَيَمَّمُ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْقِيَاسُ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ كَذَلِكَ (لِلْمُؤَقَّتَهْ) فَرْضًا وَلَوْ بِنَذْرٍ أَوْ نَفْلًا (فِيهِ) أَيْ: فِي وَقْتِهَا عِلْمًا أَوْ ظَنًّا؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَوْ نَقَلَ التُّرَابَ قَبْلَهُ وَمَسَحَ بِهِ الْوَجْهَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَوْ شَكَّ هَلْ نَقَلَ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِ وَإِنْ صَادَفَ أَنَّهُ نَقَلَ فِيهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَمَسْحِ الْخُفِّ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ وَمَسْحَ الْخُفِّ رُخْصَةٌ لِلتَّخْفِيفِ لِجَوَازِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلِ فَلَا يَضِيقُ بِاشْتِرَاطِ الْوَقْتِ؛ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ طَهَارَةُ رَفَاهِيَةٍ فَالْتَحَقَتْ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ ضَرُورَةٌ فَاخْتَصَّ بِحَالِهَا كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ تُبَحْ قَبْلَ الْوَقْتِ.
فَإِنْ قُلْت: التَّيَمُّمُ بَدَلٌ وَمَا صَلَحَ لِلْمُبْدَلِ صَلَحَ لِلْبَدَلِ قُلْنَا مُنْتَقَضٌ بِاللَّيْلِ وَبِيَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَصْلُحُ لِعِتْقِ الْكَفَّارَةِ وَالثَّانِيَ لِنَحْرِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ دُونَ بَدَلِهِمَا وَهُوَ الصَّوْمُ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ التَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ فَيُصَلِّي بِهِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ كَمَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ النَّظْمِ إلَّا أَنْ يُتَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا بِخِلَافِ طُهْرِ دَائِمِ الْحَدَثِ كَمَا سَيَأْتِي لِتَجَدُّدِ حَدَثِهِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ.
(وَمَتْبُوعٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَبِهَا عَبَّرَ الْحَاوِي أَيْ: تَيَمَّمَ لِلْمُؤَقَّتَةِ فِي وَقْتِهَا أَوْ وَقْتِ مَتْبُوعِهَا فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِلْعَصْرِ وَقْتَ الظُّهْرِ بَعْدَ فِعْلِهَا إذَا أَرَادَ جَمْعَهُمَا تَقْدِيمًا بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ لَكِنْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا لَمْ يَجُزْ أَدَاؤُهَا بِهِ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ) اُنْظُرْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَزِيمَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَجَاوَزُ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ عَمَّا هُنَا بِانْتِفَاءِ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ أَيْ: فِي وَقْتِهَا الْمَفْهُومِ) مِنْ الْمُؤَقَّتَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَدَّدَ النِّيَّةَ هُنَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَسَحَ كَفَى بِرّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَادَفَ أَنَّهُ نَقَلَ فِيهِ) هَذَا وَاضِحٌ إذَا مَسَحَ حَالَ الشَّكِّ، أَمَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَقَلَ فِيهِ ثُمَّ مَسَحَ فَالْوَجْهُ إجْزَاءُ هَذَا الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: أَيْ: تَيَمَّمَ لِلْمُؤَقَّتَةِ فِي وَقْتِهَا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَتْبُوعٌ عُطِفَ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ وَهُوَ هَا مِنْ قَوْلِهِ وَقْتَهَا وَهُوَ غَرِيبٌ وَيُمْكِنُ عَطْفُهُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ إلَيْهِ عَلَى الْهَاءِ فِي فِيهِ أَيْ: وَوَقْتٍ مَتْبُوعٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ أَدَاؤُهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ بَطَلَ التَّيَمُّمُ وَعَلَّلَ الْبُطْلَانَ فِي شَرْحِهِ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا ثُمَّ قَالَ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ لَكِنْ بَطَلَ الْجَمْعُ لِطُولِ الْفَصْلِ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَنَافِلَةً وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ تَأْبَاهُ هَذَا وَلَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ بَلْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي بَقَاءَهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ حَتَّى لَوْ صَلَّى بِهِ مَا ذُكِرَ صَحَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا صَحَّ تَبَعًا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ بِالتَّيَمُّمِ غَيْرَ مَا نَوَاهُ دُونَ مَا نَوَاهُ اهـ
[حاشية الشربيني]
اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ) عِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَلَا يَجُوزُ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ فَلَا يُؤْمَرُ بِهَا لِلنَّجَاسَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا كَالْغُسْلِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَلَا يُؤْمَرُ بِهَا لِلنَّجَاسَةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِطَهَارَةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ: كَالْغَسْلِ هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ مَعْنَاهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا وَجَوَّزَ أَحْمَدُ التَّيَمُّمَ عَنْ النَّجَاسَةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي وُجُوبِ إعَادَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ عَامٌّ فِي الرُّخْصَةِ وَالْعَزِيمَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ) أَيْ يَتَيَمَّمُ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ وَإِنْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ مِرَارًا كَأَنْ بَقِيَ وُضُوءُهُ وَحَضَرَتْهُ صَلَوَاتٌ قَالَ ع ش، أَمَّا لَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا عَنْ حَدَثٍ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَقَائِهِ عَلَى وُضُوئِهِ وَبَقَائِهِ عَلَى تَيَمُّمِهِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ مَعَ بَقَاءِ الْوُضُوءِ وَلَمْ يُطْلَبْ مَعَ بَقَاءِ التَّيَمُّمِ أَنَّهُ هُنَا بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ الْمَطْلُوبِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ مِنْ فِعْلِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَعَ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ عَنْ الْحَدَثِ فَهُوَ تَكْرَارٌ لِمَا فَعَلَهُ مُسْتَقِلًّا وَهُوَ رُخْصَةٌ طُلِبَ تَخْفِيفُهَا فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهَا. اهـ.
وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ فِي جَوَازِ تَجْدِيدِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْحَدَثِ وَجْهَيْنِ الْمَشْهُورُ لَا يُسْتَحَبُّ وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَالرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ سُنَّةٌ وَلَا فِيهِ تَنْظِيفٌ وَاخْتَارَ الشَّاشِيُّ اسْتِحْبَابَهُ كَالْوُضُوءِ. اهـ. وَتَعْلِيلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُشِيرُ لِلْفَرْقِ السَّابِقِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي وَقْتِهَا) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَجَوَّزَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَاحْتَجَّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوُضُوءِ وَمَسْحِ الْخُفِّ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَرَدَّهُ الْأَصْحَابُ بِمَا فِي الشَّرْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: رُخْصَةٌ لِلتَّخْفِيفِ) أَيْ لَا رُخْصَةٌ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّيَمُّمِ.
(قَوْلُهُ: لِجَوَازِهِ إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ لِلتَّخْفِيفِ لَا لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت: إلَخْ) هَذَا أَحَدُ أَدِلَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَقْتِ إلَخْ) فَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ أَدَاؤُهَا بِهِ) أَيْ وَلَا غَيْرِهَا بَلْ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute