ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَوْرَاقٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.
اهـ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى إنْكَارِ الشَّاشِيِّ؛ لِأَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّيَمُّمِ لِلْفَائِتَةِ لِتَوَهُّمِ بَقَائِهَا عَلَيْهِ لَا يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا إذْ شَرْطُهَا دُخُولُ وَقْتِ الْفَائِتَةِ وَهُوَ بِالتَّذَكُّرِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا (وَكَاجْتِمَاعِهِمْ) أَيْ: وَكَوَقْتِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ (لِشَكْوَى الْمَحْلِ) بِسُكُونِ الْحَاءِ أَيْ لِصَلَاةِ شَكْوَى الْجَدْبِ أَيْ: صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْمُرَادُ إذَا أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوهَا جَمَاعَةً وَإِلَّا فَلَوْ أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوهَا فُرَادَى صَحَّ التَّيَمُّمُ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا (وَغَسْلِ) أَوْ تَيَمُّمِ (مَيْتٍ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ: وَكَوَقْتِ انْقِضَاءِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُكَفَّنْ (لِصَلَاةِ الْكُلِّ) أَيْ: تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلِاسْتِسْقَاءِ وَانْقِضَاءِ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَوْ تَيَمُّمِهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةِ الْمَيِّتِ وَوَقْتِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِدُخُولِهِ.
وَالْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَلِلْعَجْزِ أَسْبَابٌ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ: (بِفَقْدِ مَاءٍ عَنْ ظَمَاهُ) أَيْ: عَطَشِهِ وَأَصْلُهُ ظَمَئِهِ بِالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْهَاءِ فَقُلِبَتْ الْهَمْزَةُ أَلِفًا لِلْوَزْنِ فَلَزِمَ ضَمُّ الْهَاءِ أَيْ: تَيَمَّمَ بِسَبَبِ فَقْدِ مَاءٍ (فَضَلَا) عَنْ ظَمَئِهِ (وَ) ظَمَأِ رُوحٍ (ذَاتِ حُرْمَةٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ بَهِيمَةً وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَجِدَ الْمَاءَ أَوْ يَجِدَهُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِلظَّمَأِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ سَبَبَانِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِآيَةِ التَّيَمُّمِ السَّابِقَةِ وَلِخَبَرِ «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ؛ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدَهُ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ كَالْعَادِمِ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لَوْ تَطَهَّرَ بِهِ وَاحْتِيَاجُهُ لِثَمَنِهِ كَاحْتِيَاجِهِ لِلظَّمَأِ وَخَرَجَ بِذَاتِ الْحُرْمَةِ غَيْرُهَا كَمُرْتَدٍّ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَحَرْبِيٍّ وَخِنْزِيرٍ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الْمَاءِ إلَيْهِ وَضَابِطُ الظَّمَأِ الْمُبِيحِ كَضَابِطِ الْمَرَضِ الْمُبِيحِ وَسَيَأْتِي (وَلَوْ) كَانَ الظَّمَأُ (مُسْتَقْبَلَا) فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيَتَزَوَّدُ الْمَاءَ وَإِنْ رَجَا الْمَاءَ فِي غَدِهِ وَيَحْرُمُ الْوُضُوءُ حِينَئِذٍ بِهِ وَلَا يَجِبُ الطُّهْرُ بِالْمَاءِ وَجَمْعُهُ لِلشُّرْبِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ. نَعَمْ لَوْ خَافَ عَطَشَ بَهِيمَةٍ
ــ
[حاشية العبادي]
يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْعُبَابِ وَوَقْتُ الْفَائِتَةِ إذَا ذَكَرَهَا فَلَوْ ظَنَّهَا عَلَيْهِ فَتَيَمَّمَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ بَانَتْ عَلَيْهِ
اهـ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ الرَّدُّ إذْ حَاصِلُهُ حِينَئِذٍ الْتِزَامُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَلِهَذَا أَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى إشْكَالِهِ بِقَوْلِهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ أَيْ: مَا قَالَهُ الشَّاشِيُّ بِمَا لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ عَلَى مُتَأَمِّلِهِ وَاَلَّذِي يَتَّضِحُ بِهِ هَذَا الْمَقَامُ أَنْ يُقَالَ أَمْرُهُ بِهِ لِتَوَهُّمِ ذَلِكَ إنْ سَلِمَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّذَكُّرِ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ فَلَا يَلْزَمُ صِحَّةُ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا بَلْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَذَكَّرَ اهـ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَاَلَّذِي يَتَّضِحُ بِهِ إلَخْ يُوَافِقُ الِاحْتِمَالَ السَّابِقَ فِي تَقْرِيرِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَقَدْ عَلِمْت مُخَالَفَتَهُ لِقُوَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ وَلِعِبَارَةِ الْعُبَابِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ أَوْ لَا بَلْ وَلِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوِهَا إذْ لَوْ صَحَّ التَّيَمُّمُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ لِشَرْطِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ لَمْ يُطْلِقُوا اعْتِبَارَ وَقْتِ التَّذَكُّرِ بَلْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ وَقْتَ التَّذَكُّرِ أَوْ مَا قَبْلَهُ لِشَرْطِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: إذْ مَنْ يَشْرِطُهَا) أَيْ: صِحَّةَ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: اجْتِمَاعُ النَّاسِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ أَوْ نَقُولُ مَنْ لَا يَنْتَظِرُ غَيْرَهُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إذَا أَرَادَ وَإِلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي الْجَوَازُ بِانْقِطَاعِ الْغَيْثِ وَلَوْ قَبْلَ الِاجْتِمَاعِ كَمَا يَسُوغُ التَّيَمُّمُ لِلْفَرِيضَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إنْ شَاءَ قَدَّمَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ أَوْ غَيْرِهَا بِرّ (قَوْلُهُ أَيْ: وَكَوَقْتِ انْقِضَاءِ ذَلِكَ) أَيْ بِالْفِعْلِ
(قَوْلُهُ: فَلَزِمَ ضَمُّ الْهَاءِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَضُوءُ الْمُسْلِمِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَاحْتِيَاجُهُ لِثَمَنِهِ) لِنَحْوِ شِرَاءِ طَعَامِ الْمُحْتَرَمِ (قَوْلُهُ كَمُرْتَدٍّ) أَفْتَى الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا اسْتَتَابَهُ فَامْتَنَعُوا وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ فَإِذَنْ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْمَذْكُورِينَ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَقَدْ يُقَالُ عَدَمُ إحْرَامِهَا لَا يَجُوزُ عَدَمُ سَقْيِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَقْتُولَةً شَرْعًا؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْإِحْسَانِ فِي الْقَتْلِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ تَرْكُ الْإِحْسَانِ فِي قَتْلِ الْمُبَاشَرَةِ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالْحَبْسِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِعْطَاءِ (قَوْلُهُ: صَرَفَ الْمَاءَ إلَيْهِ) لَوْ كَانَ الْمُحْتَرَمُ مُحْتَاجًا لِغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ صَرَفَهُ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَجَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: طَنَّ اهـ وَهُوَ يُخْرِجُ الْقَطْعَ بِوُجُودِهِ فِي الْغَدِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْوُضُوءُ) لَعَلَّ مَحَلَّ حُرْمَتِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُ مِائَةٍ لِمَنْ لَا يَعَافُهُ أَوْ لِمَنْ يَرْضَى بِشُرْبِهِ بِدُونِ ضَرَرٍ مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْإِنْكَارِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَوْرَاقٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْفَائِتَةُ وَقْتُهَا بِتَذَكُّرِهَا فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهَا إلَّا إذَا تَذَكَّرَهَا فَلَوْ شَكَّ هَلْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَتَيَمَّمَ لَهَا، ثُمَّ بَانَ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَقَدْ سَبَقَ فِي آخِرِ فَصْلِ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ. اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ إلَّا أَنَّهُ كَمَا تَرَى قَيَّدَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِتَبَيُّنِ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَانَ التَّيَمُّمُ صَحِيحًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكْفِيهِ فِعْلُهَا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيَكُونُ الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ انْكِشَافِ الْحَالِ كَمَا فِي الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَلَزِمَ ضَمُّ الْهَاءِ) لِمُنَاسِبَةِ الضَّمِّ لِلْأَلْفِ بِخِلَافِ الْكَسْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَفَهُ أَثِمَ) وَلَزِمَهُ الْإِعَادَةُ إنْ تَيَمَّمَ مَعَ بَقَاءِ الْمَاءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّقْيِ فَهُوَ كَإِرَاقَةِ الْمَاءِ عَبَثًا وَسَيَأْتِي. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَيَتَزَوَّدُ الْمَاءَ وَإِنْ رَجَا الْمَاءَ فِي غَدِهِ وَيَحْرُمُ الْوُضُوءُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَ الْمَاءِ فِي غَدِهِ وَلَا يَتَحَقَّقُهُ فَهَلْ لَهُ التَّزَوُّدُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ قُلْت الْأَصَحُّ الْجَوَازُ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ. اهـ. وَنَظَرَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ فِي الْوُجُوبِ فَحَرِّرْ وَاَلَّذِي فِي م ر هُوَ أَنَّهُ إنْ رَجَا الْمَاءَ فِي غَدٍ فَلَهُ التَّيَمُّمُ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَلَوْ ظَنَّ الْمَاءَ فِي غَدِهِ فَلَهُ التَّزَوُّدُ فِي