للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا أَطَؤُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَهَذِهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَيَكُونُ مُولِيًا وَجْهًا وَاحِدًا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَخَرَجَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَا لَوْ قَدَّرَ فِي يَمِينٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ فَلَيْسَ إيلَاءً؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْبِرُ عَنْ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَفْنَى صَبْرُهَا، أَوْ يَقِلُّ.

قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ تَتَأَتَّى الْمُطَالَبَةُ فِي مِثْلِهَا وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ وَفِي كَلَامِ الرُّويَانِيِّ مَا يُوَافِقُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ عَجِيبٌ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَى مَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِزَمَانٍ تَتَأَتَّى فِيهِ الْمُطَالَبَةُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ

(أَوْ قَدَّرَا) بِمُسْتَبْعَدٍ حُصُولُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَأَنْ قَدَّرَ (بِمِثْلِ) وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُهَا (حَتَّى يَنْزِلَ الْمَسِيحُ) عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (أَوْ) حَتَّى (يَخْرُجَ الدَّجَّالُ) أَوْ الدَّابَّةُ، أَوْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا (أَوْ رَبِيحُ) عَلَمُ رَجُلٍ أَيْ: أَوْ حَتَّى (يَمُوتَ) رُبَيْحٌ مَثَلًا (أَوْ يَقْدَمَ حَيْثُ يَعْلَمُ) وَلَوْ بِأَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ

(فِي أَشْهُرٍ أَرْبَعَةٍ لَا يَقْدَمُ) لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ، أَوْ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ، أَوْ شَكَّ أَنَّهُ يَقْدَمُ فِيهَا، وَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَقْدَمْ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ قَصْدِ الْمُضَارَّةِ، أَوْ لَا فَإِنْ قَالَ فِي صُورَةِ بُعْدِ الْمَسَافَةِ ظَنَنْت قُرْبَهَا فَهَلْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالْأَقْرَبُ مِنْهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَصْدِيقُهُ وَكَالتَّعْلِيقِ بِمَوْتِ رُبَيْحٍ وَنَحْوِهِ التَّعْلِيقُ بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى

(وَهْوَ) أَيْ: حَلِفُ الزَّوْجِ (كَأَنْ يُعَلِّقَ) بِالْوَطْءِ (الطَّلَاقَا وَالْعِتْقَ) أَيْ: أَحَدَهُمَا، أَوْ الظِّهَارَ (أَوْ يَلْتَزِمَ) بِهِ (الْإِعْتَاقَا وَالصَّوْمَ) أَيْ أَحَدَهُمَا، أَوْ الْحَجَّ أَوْ الصَّلَاةَ، أَوْ نَحْوَهُمَا كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ، أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ، أَوْ فَأَنْتِ، أَوْ فَضَرَّتُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ صَوْمٌ، أَوْ حَجٌّ أَوْ صَلَاةٌ كَمَا سَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي النَّظْمِ؛ لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ بِالْوَطْءِ يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَيَتَحَقَّقُ الْإِضْرَارُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى حَلِفًا فَيَشْمَلُهُ إطْلَاقُ آيَةِ الْإِيلَاءِ، وَفِي مَعْنَى الْحَلِفِ الظِّهَارُ كَقَوْلِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً فَإِنَّهُ إيلَاءٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَتَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَالْتِزَامُ الْإِعْتَاقِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (دُونَ قُرْبِ حِنْثٍ) كَقَوْلِهِ لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكُنَّ فَلَيْسَ إيلَاءً، وَإِنْ قَرُبَ مِنْ الْحِنْثِ بِوَطْءِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إذْ لَا حِنْثَ بِوَطْئِهِمَا، بَلْ وَلَا بِوَطْءِ الثَّالِثَةِ نَعَمْ بِوَطْئِهَا يَصِيرُ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ كَمَا سَيَأْتِي

(وَ) دُونَ قَوْلِهِ (عَلَيَّ صِيَامُ هَذَا الشَّهْرِ إنْ وَطِئْتُ) زَوْجَتِي (مَيْ) فَلَيْسَ إيلَاءً لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا لَوْ ذَكَرَ شَهْرًا يَنْقَضِي قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَزَمَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ، أَوْ مُعَيَّنٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْيَمِينِ كَأَنْ قَالَ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ ذِي الْقَعْدَةِ، أَوْ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ فَإِنَّهُ إيلَاءٌ وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ مُولِيًا إنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ الْمُدَّةِ وَإِلَّا، فَلَا

. وَقَدْ أَخَذَ فِي أَمْثِلَةِ التَّعْلِيقِ فَقَالَ (كَإِنْ) أَيْ: كَقَوْلِهِ إنْ (وَطِئْتُهَا فَعَبْدِي مُعْتَقُ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) إنْ وَطِئْتهَا فَعَبْدِي مُعْتَقٌ (عَنْ ظِهَارِي) فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ ظَاهَرَ وَلَزِمَهُ الْإِعْتَاقُ عَنْ الظِّهَارِ فَعِتْقُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَتَعْجِيلُ عِتْقِهِ عَنْ الظِّهَارِ زِيَادَةٌ عَلَى مُوجِبِ الظِّهَارِ الْتَزَمَهَا بِالْوَطْءِ وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلْمَنْعِ مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُولٍ ظَاهِرًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا بَاطِنًا

(ثُمَّ) إذَا وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا (عَنْهُ يَعْتِقُ) أَيْ يَعْتِقُ عَبْدُهُ عَنْ ظِهَارِهِ حَقِيقَةً، أَوْ مُؤَاخَذَةً لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عِنْدَ الْوَطْءِ أَعْتَقْتُك عَنْ ظِهَارِي (وَإِنْ يَزِدْهُ) أَيْ: قَوْلُهُ: إنْ وَطِئْتهَا فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي (إنْ أُظَاهِرْ فَتَلَا) مِنْ التُّلُوِّ فَفَاعِلُهُ (ظِهَارُهُ) أَوْ مِنْ التِّلَاوَةِ فَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الزَّوْجِ وَمَفْعُولُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

لَمْ يُحْكَمْ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ مُولٍ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةٌ هِلَالِيَّةٌ لَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ الْعَدَدُ لِنَقْصِ الْأَهِلَّةِ، أَوْ بَعْضِهَا تَبَيَّنَ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ مُولِيًا وَقَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ وَقَوْلُهُ: تَبَيَّنَ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ مُولِيًا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَأْثَمُ إثْمَ الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ ابْتِدَاءً أَنَّ ذَلِكَ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ فَلَمْ يَقْصِدْ الْمُدَّةَ الْمَخْصُوصَةَ الْمُحَقِّقَةِ لِلْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ بِأَشْهُرٍ) أَيْ: فِي شَهْرٍ

(قَوْلُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى) لِحُصُولِ الْيَأْسِ مِنْ الْوَفَاءِ مُدَّةَ الْعُمْرِ هُنَا لَا فِي الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَانْ يُعَلِّقْ. . إلَخْ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ يُوهِمُ أَنَّ الْإِيلَاءَ مُنْحَصِرٌ فِي التَّعْلِيقِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَالصَّوَابُ فِي شَرْحِهِ أَنْ يُقَالَ: وَهُوَ أَيْضًا كَانْ يُعَلِّقْ. . إلَخْ. اهـ. بِرّ أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ بِمُجَرَّدِهَا حَيْثُ عَبَّرَ بِكَافِ التَّمْثِيلِ دَلَّتْ عَلَى عَدَمِ الِانْحِصَارِ فِي التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ، أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ دُونَ مَا قَبْلَهَا وَهِيَ أَيْ: الْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ يَمِينُ لَجَاجٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. اهـ.

أَقُولُ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَهُ مِمَّا فِيهِ الْتِزَامٌ كَمَا فِي فِعْلَيْ صَوْمِ يَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ، أَوْ حَجٍّ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا فِي أَنْتِ حَرَامٌ، أَوْ طَالِقٌ أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ لَا أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ مُطْلَقًا كَمَا تُوهِمُهُ تِلْكَ الْعِبَارَةُ فَانْظُرْهَا سم

(قَوْلُهُ: لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ) أَيْ: بِمُضِيِّ الشَّهْرِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ أَيْ الْإِيلَاءِ

(قَوْلُهُ: فِي أَمْثِلَةِ التَّعْلِيقِ) أَيْ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ، وَهُوَ كَأَنْ يُعَلِّقَ. . إلَخْ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِمُسْتَبْعَدٍ. . إلَخْ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمُحَقَّقَ إذْ نُزُولُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُحَقَّقُ الْبُعْدِ نَظَرًا لِمَا وَرَدَ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْ الدَّجَّالِ

(قَوْلُهُ: وَالصَّوْمُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُقَيِّدُهُ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمُدَّةِ وَإِلَّا، فَلَا إيلَاءَ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَهَا. اهـ. قَالَ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: يُسَمَّى حَلِفًا) لِأَنَّهُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ، أَوْ مَنْعٌ، وَأَمَّا الْيَمِينُ فَخَاصٌّ بِمَا يَكُونُ بِاَللَّهِ. اهـ. ق ل

(قَوْلُهُ: فَعَلَيَّ صَوْمُ ذِي الْقَعْدَةِ) وَإِنَّمَا كَانَ إيلَاءً لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ لَزِمَهُ صَوْمُ بَاقِيهِ وَيَقْضِي يَوْمَ الْوَطْءِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أَطَأُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ صَوْمُ بَاقِيهِ وَيَقْضِي يَوْمَ الْوَطْءِ كَمَا فِي ق ل

<<  <  ج: ص:  >  >>