ظِهَارَهُ أَيْ: فَظَاهِرٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي صَارَ مُولِيًا وَلَا يَصِيرُ مُولِيًا قَبْلَ ظِهَارِهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الظِّهَارِ لِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِهِ مَعَ الْوَطْءِ وَإِذَا وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا (يَعْتِقْ) ذَلِكَ الْعَبْدُ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ (وَلَكِنْ عَنْهُ) أَيْ: الظِّهَارِ (لَا) يَعْتِقُ إذْ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ لِلْعِتْقِ سَبَقَ الظِّهَارَ وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الظِّهَارِ بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ بِشَرْطَيْنِ بِغَيْرِ عَطْفٍ فَإِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُمَا اُعْتُبِرَ فِي حُصُولِ الْمُعَلَّقِ وُجُودُ الشَّرْطِ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا كَمَا صَوَّرُوا هُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجِعَ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الثَّانِي تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ، فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ إذَا تَقَدَّمَ الْوَطْءُ، أَوْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْأَوَّلُ تَعَلَّقَ بِالثَّانِي عِتْقٌ. انْتَهَى. فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ قَالَ مَا أَرَدْت شَيْئًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ مُطْلَقًا
(وَ) كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ) أَيْ: وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَصِيرُ مُولِيًا إذَا تَقَدَّمَ الظِّهَارُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ الْعِتْقِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: إذَا تَقَدَّمَ الْوَطْءُ) أَيْ: لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ وَطْءٌ بَعْدَ ظِهَارٍ وَاَلَّذِي وُجِدَ عَكْسُ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْحَلُّ حَتَّى لَوْ وَطِئَ أَيْضًا بَعْدَ الظِّهَارِ، فَلَا عِتْقَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِالظِّهَارِ مُولِيًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ الْعَنَتِ إذْ لَا عِتْقَ بِذَلِكَ الْوَطْءِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْحَلُّ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ تَعَلَّقَ بِالثَّانِي) أَيْ: وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا إيلَاءَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ قَبْلَ حُصُولِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ أَيْ: لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَبَعْدَ حُصُولِهِ لَا يَخَافُ مِنْ حُصُولِهِ مَرَّةً أُخْرَى إذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى حُصُولِهِ مَرَّةً أُخْرَى شَيْءٌ إذْ قَدْ حَصَلَ أَوَّلًا وَصَارَ الْعِتْقُ مُعَلَّقًا عَلَى مُجَرَّدِ الظِّهَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَقَوْلُهُ عَتَقَ أَيْ: إذَا تَقَدَّمَ الْوَطْءُ.
(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ مُطْلَقًا) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ يَحْتَمِلُ الْقَسَمَ الَّذِي لَا إيلَاءَ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْأَوَّلُ تَعَلَّقَ الْعِتْقُ بِالثَّانِي وَمَعَ الشَّكِّ لَا يُحْكَمُ بِالْإِيلَاءِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ سَكَتَ عَنْ الْعِتْقِ وَيُحْتَمَلُ انْتِفَاؤُهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ إنْ تَقَدَّمَ الْوَطْءُ فَالْعِبَارَةُ تَحْتَمِلُ شَرْطِيَّةَ تَقَدُّمِ الظِّهَارِ فِيهِ، أَوْ الظِّهَارَ فَهِيَ تَحْتَمِلُ شَرْطِيَّةَ تَقَدُّمِ الْوَطْءِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ مُطْلَقًا زَادَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِمَا فَسَّرَ بِهِ آيَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا} [الجمعة: ٦] مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ شَرْطٌ لِجُمْلَةِ الثَّانِي، أَوْ جَزَائِهِ أَنْ يَكُونَ مُولِيًا إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ. اهـ. وَأَقُولُ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَمْ يَبْقَ الْوَطْءُ بَعْدَ الظِّهَارِ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا بَعْدَ الظِّهَارِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْبُرُلُّسِيَّ قَالَ بِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ إذْ كَيْفَ يُقَالُ إنَّ الْإِيلَاءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ ثُمَّ الظِّهَارِ وَلَعَلَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ الْعِتْقِ إلَى الْإِيلَاءِ. اهـ.
[حاشية الشربيني]
عَلَى الْجَلَالِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْوَطْءِ فِي زِيَادَةٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ عَطْفٍ) فَإِنْ كَانَ بِعَطْفٍ فَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ كَإِنْ وَطِئْت وَإِنْ ظَاهَرْت فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَهُوَ مُولٍ حَالًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُعْتَقُ بِأَيِّ وَصْفٍ تَقَدَّمَ حَتَّى لَوْ قَالَ فِي الْجَزَاءِ: فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِكُلِّ وَصْفٍ طَلْقَةً كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضِ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ كَلَا عَطْفَ فِي كَوْنِهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يُظَاهِرَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ اجْتِمَاعَ الْوَصْفَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ، أَوْ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ إنْ رَتَّبَ مَعَ الْفَوْرِ فِي الْأَوَّلِ وَمَعَ انْفِصَالٍ فِي الثَّانِي كَذَا أَفَادَهُ فِي الرَّوْضِ. اهـ. شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ فِي حُصُولِ الْمُعَلَّقِ. . إلَخْ) فَيُحْكَمُ بِالْإِيلَاءِ إذَا ظَاهَرَ وَبِانْحِلَالِ التَّعْلِيقِ إذَا وَطِئَ بِدُونِ مُرَاجَعَةٍ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الصِّيغَةِ لُغَةً مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ الثَّانِيَ شَرْطٌ لِجُمْلَةِ شَرْطِ الْأَوَّلِ وَجَزَائِهِ مَا لَمْ يُذْكَرْ لَهُ إرَادَةٌ تُخَالِفُ ذَلِكَ وَإِلَّا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ فَكَمَا لَوْ أَرَادَ تَقَدَّمَ الظِّهَارُ حَمْلًا عَلَى الِاسْتِعْمَالِ اللُّغَوِيِّ وَلِذَا لَمْ تَلْزَمْ الْمُرَاجَعَةُ هُنَا بِخِلَافِهَا فِي تَوَسُّطِ الْجَزَاءِ فَإِنَّ الصِّيغَةَ فِيهَا مُحْتَمِلَةٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَحَمْلُهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى تَقَدُّمِ الْوَطْءِ إنَّمَا هُوَ لِقَرِينَةٍ لَفْظِيَّةٍ لَا لِاسْتِعْمَالٍ لُغَوِيٍّ. اهـ. شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الثَّانِي. . إلَخْ) فَإِنْ حَصَلَ كَمَا أَرَادَ بِأَنْ قَدَّمَ الظِّهَارَ كَانَ مُولِيًا بَعْدَ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَإِنْ أَرَادَ. . إلَخْ) وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ أَيُّهُمَا تَعَلَّقَ الْعِتْقُ بِالْآخَرِ، فَلَا تَرْتِيبَ فِيمَا يُقَدِّمُهُ وَلَا يَنْحَلُّ التَّعْلِيقُ لَكِنْ إنْ قَدَّمَ الظِّهَارَ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا، فَلَا. تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ مُطْلَقًا) أَيْ: قَدَّمَ الظِّهَارَ أَوْ الْوَطْءَ وَوَجْهُهُ فِي صُورَةِ تَعَذُّرِ الْمُرَاجَعَةِ احْتِمَالُ أَنَّهُ أَرَادَ تَقَدُّمَ الظِّهَارِ، أَوْ تَقَدُّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute