للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنُشُوزٍ وَمَرَضٍ وَصِغَرٍ يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ وَفَرْضِ إحْرَامٍ، أَوْ اعْتِكَافٍ، أَوْ صَوْمٍ، فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الرَّجْعَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا ذُكِرَ لِوُجُودِ مَانِعِ الْوَطْءِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ جَارِيَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ الْمُقْتَضِيَةِ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ فَلَوْ طَرَأَ الْمَانِعُ وَزَالَ فِي الْمُدَّةِ اُسْتُؤْنِفَتْ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَالرِّدَّةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا.

وَلَا يُبْنَى عَلَى مَا مَضَى لِانْتِفَاءِ التَّوَالِي الْمُعْتَبَرِ فِي حُصُولِ الضَّرَرِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى الْحَيْضَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا فَلَوْ قَطَعَ الْمُدَّةَ لَتَضَرَّرَتْ بِطُولِهَا وَأَلْحَقَ بِهِ النِّفَاسَ الْمَزِيدَ عَلَى الْحَاوِي لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، وَأَمَّا صَوْمُ النَّفْلِ وَاعْتِكَافُهُ فَلِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ فِيهِمَا مِنْ وَطْئِهَا وَخَرَجَ بِالْمَانِعِ بِهَا الْمَانِعُ بِهِ، فَلَا يَمْنَعُ الِاحْتِسَابُ؛ لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَالْمَانِعُ مِنْهُ وَهُوَ الْمُقَصِّرُ بِإِيلَائِهِ وَقَصْدِهِ الْمُضَارَّةَ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَطَأْهَا يُوهِمُ عَدَمَ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَحِلَّ فَلَوْ قَالَ وَلَا بِوَطْءٍ عَطْفًا عَلَى بِزَوَالِ الْمِلْكِ لَانْتَفَى الْإِيهَامُ (دُونَ وَلِي وَسَيِّدٍ) لِلْمَرْأَةِ فَلَيْسَ لَهُمَا الْمُطَالَبَةُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ حَقُّهَا وَيَحْسُنُ أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ لِلزَّوْجِ عَلَى سَبِيلِ النُّصْحِ اتَّقِ اللَّهَ وَفِئْ لَهَا، أَوْ طَلِّقْهَا (بِالْقَاضِ) بِحَذْفِ الْيَاءِ وَصْلًا عَلَى لُغَةٍ قَلِيلَةٍ أَيْ: تُطَالِبُهُ بِمَا ذُكِرَ بِالرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي (إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْعِرْسِ) أَيْ: الزَّوْجَةِ (مَانِعٌ) حِينَئِذٍ مِنْ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ الْمَطْلُوبِ.

وَدَخَلَ فِي الْمَانِعِ هُنَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَثْنِهِمَا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ احْتِسَابَ الْمُدَّةِ، وَقِيَاسُ اسْتِثْنَائِهِ صَوْمَ النَّفْلِ هُنَاكَ اسْتِثْنَاؤُهُ هُنَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَانِعِ فَلَوْ عَبَّرَ هُنَاكَ بِلَا بَدَلٍ إلَّا كَمَا عَبَّرَ الْحَاوِي كَانَ أَوْلَى

(نَعَمْ إنْ كَانَا) بِأَلِفِ الْإِطْلَاقِ (بِالزَّوْجِ) مَانِعٌ (طَبْعِيٌّ) مِنْ الْوَطْءِ كَعُنَّةٍ وَمَرَضٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْوَطْءُ، أَوْ يَخَافُ مِنْهُ زِيَادَةَ الضَّعْفِ، أَوْ بُطْءَ الْبُرْءِ طَالَبَتْهُ بِأَنْ (يَفِي لِسَانَا) أَيْ: بِلِسَانِهِ أَوْ يُطَلِّقَ إنْ لَمْ يَفِ بِأَنْ يَقُولَ إذَا قَدَرْت فِئْت؛ لِأَنَّ بِهِ يَنْدَفِعُ الْأَذَى الَّذِي حَصَلَ بِاللِّسَانِ وَزَادَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَنَدِمْت عَلَى مَا فَعَلْت وَجَرَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمَرَاوِزَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ التَّأْكِيدُ وَالِاسْتِحْبَابُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَخَرَجَ بِالطَّبْعِيِّ الشَّرْعِيُّ كَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ وَظِهَارٍ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَلَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ بَلْ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُهُ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ عَلَيْهِ وَالتَّمْكِينِ مِنْهُ عَلَيْهَا فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ.

(وَإِنْ أَبَى) يَعْنِي: الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِهِ (طَلَّقَهَا مَنْ حَكَمَا) نِيَابَةً عَنْهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ وَتَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فَإِذَا امْتَنَعَ نَابَ عَنْهُ الْحَاكِمُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالْعَضْلِ وَالتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ (وَاحِدَةً) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: طَلَّقَهَا الْحَاكِمُ طَلْقَةً وَاحِدَةً لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَقَعْ الزَّائِدُ وَيُوقِعُ طَلَاقَهُ مُعَيَّنًا إنْ عَيَّنَ الزَّوْجُ فِي إيلَائِهِ الْمُولَى مِنْهَا

(وَمُبْهَمًا إنْ أَبْهَمَا) كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَأُ إحْدَاكُمَا كَمَا مَرَّ (ثُمَّ لِيُبَيِّن أَوْ يُعَيِّنْ زَوْجُهَا) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ طَلَاقِ الْحَاكِمِ مُبْهِمًا يُبَيِّنُ الزَّوْجُ الْمُولِي مِنْهَا إنْ عَيَّنَهَا وَيُعَيِّنُهَا إنْ أَبْهَمَهَا وَيُمْنَعُ مِنْ الْجَمِيعِ إلَى الْبَيَانِ، أَوْ التَّعْيِينِ

(وَسَقَطَتْ) مُطَالَبَةُ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا بِمَا مَرَّ (مَهْمَا يَغِيبُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ غَابَ (فَرْجَهَا) أَيْ:

ــ

[حاشية العبادي]

فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ (قَوْلُهُ وَمَرَضٍ وَصِغَرٍ يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ) قَدْ يُشْكِلُ ذِكْرُ الصِّغَرِ هُنَا وَكَذَا الْمَرَضُ الْمَوْجُودُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ بَيَانٌ لِمُحْتَرَزِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا بِهَا مَانِعُ وَطْءٍ الْمَفْرُوضُ فِيمَا إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ فَكَيْفَ يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا ذُكِرَ مَعَ أَنَّهُ مَانِعٌ لِابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَمِنْ زَمَانِ إمْكَانِهِ كَمَا فِي صَغِيرَةٍ وَمَرِيضَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَأَمَّا صَوْمُ النَّفْلِ وَاعْتِكَافُهُ) فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِمَا إشْعَارٌ بِأَنَّ نَفْلَ الْإِحْرَامِ كَفَرْضِهِ وَأَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْفَرْضِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَفَرْضُ إحْرَامٍ إلَخْ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ هَذَا وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى جَوَازِ التَّحْلِيلِ وَعَدَمِهِ فَحَيْثُ جَازَ لَهُ لَمْ يَكُنْ الْإِحْرَامُ مَانِعًا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَحَيْثُ لَمْ يَجُزْ لَهُ كَانَ الْإِحْرَامُ مَانِعًا.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ هُنَاكَ بِلَا) أَيْ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَانِعِ وَقَوْلُهُ: يَدُلُّ إلَّا أَيْ: الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَانِعِ

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالطَّبْعِيِّ الشَّرْعِيُّ) قَدْ يُقَالُ: هَلَّا جَعَلَ الْعَجْزَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ فِي أَنَّهُ يَفِي بِاللِّسَانِ (قَوْلُهُ: وَظِهَارٌ قَبْلَ التَّكْفِيرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُطَالَبَةَ هُنَا بِالطَّلَاقِ فَرْعُ ضَرْبِ الْمُدَّةِ وَمُضِيِّهَا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ لَا تَبْدَأُ الْمُدَّةُ إلَّا مِنْ زَمَانِ إمْكَانِ الْوَطْءِ أَيْ: وَذَلِكَ بِالتَّكْفِيرِ فَلَعَلَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا سَبَقَ الظِّهَارُ الْإِيلَاءَ وَهَذَا فِيمَا إذَا طَرَأَ عَلَى الْإِيلَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ غَابَ) عَلَى هَذَا حَشَفَةٌ فَاعِلُ يَغِيبُ وَفَرْجُهَا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَيَجُوزُ قِرَاءَةُ يَغِيبُ بِوَزْنِ يَعْلَمُ فَفَرْجُهَا فَاعِلٌ وَحَشَفَةٌ مَفْعُولٌ، أَوْ الْفَاعِلُ ضَمِيرُ الزَّوْجِ وَحَشَفَةٌ مَفْعُولٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَعَدَمِ انْحِلَالِهِ، أَوْ لِعَدَمِ وُجُودِهِ أَيْ: الْإِيلَاءِ الشَّرْعِيِّ كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، أَوْ مَرِيضَةً ابْتِدَاءً.

تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ طَرَأَ الْمَانِعُ وَزَالَ. . إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا آلَى وَأَحَدُهُمَا مُرْتَدٌّ، أَوْ وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ، أَوْ مُعْتَدَّةٌ عَنْ شُبْهَةِ تَوَقُّفِ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ عَلَى زَوَالِ ذَلِكَ بِالْإِسْلَامِ وَالرَّجْعَةِ وَالِانْقِضَاءِ، وَإِنْ طَرَأَ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ قَطَعَ الْمُدَّةَ وَاسْتُؤْنِفَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ إنْ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ الْمُدَّةِ بَطَلَتْ فِي الرِّدَّةِ وَالطَّلَاقِ لَا فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ، أَمَّا فِيهِ فَلَا تَبْطُلُ، بَلْ لَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الْمُطَالَبَةُ بِلَا اسْتِئْنَافِ مُدَّةٍ. اهـ. مِنْ م ر وَالْمَنْهَجِ وَالرَّشِيدِيِّ عَنْ سم عَنْ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: دُونَ وَلِيٍّ وَسَيِّدٍ) فَيُوقَفُ حَتَّى تَكْمُلَ بِبُلُوغٍ، أَوْ عَقْلٍ م ر

(قَوْلُهُ: كَصَوْمٍ) أَيْ: صَوْمِ فَرْضٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: طَلَّقَهَا مَنْ حَكَمَا) لَوْ طَلَّقَ الْمُولِي مَعَ طَلَاقِ الْحَاكِمِ وَقَعَا

<<  <  ج: ص:  >  >>