وَقَدْ مَنَعَ الْبُلْقِينِيُّ بَحْثَ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ الْحَلِفَ الْوَاحِدَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَاحِدٍ وَقَعَ لَا تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ فَالْيَمِينُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَبَعَّضُ فِيهَا الْحِنْثُ وَمَتَى حَصَلَ فِيهَا حِنْثٌ حَصَلَ الِانْحِلَالُ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (أَوْ لَمْ يَقُلْ كُلَّ) بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَلَمْ يُرِدْ وَاحِدَةً فَمُولٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ حَمْلًا لَهُ عَلَى عُمُومِ السَّلْبِ فَإِنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ فَيَحْنَثُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ وَيَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ عَنْ الْبَاقِيَاتِ أَمَّا إذَا أَرَادَ وَاحِدَةً فَمُولٍ مِنْهَا فَقَطْ وَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ أَوْ الْبَيَانِ كَمَا قَالَ (وَإِنْ يُرِدْ هُنَا) وَاحِدَةً (مُبْهَمَةً عَيَّنَهَا أَوْ) مُعَيَّنَةً (بَيَّنَا) أَيْ بَيَّنَهَا وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ (لَا أَطَأْكُنَّ) بِإِسْكَانِ الْهَمْزَةِ لِلْوَزْنِ (فَبِالْمُجَامَعَهْ) أَيْ: فَإِنْ جَامَعَ (ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ) مِنْهُنَّ
(فَذَا) أَيْ: فَهُوَ مُولٍ (فِي الرَّابِعَهْ) فَقَطْ لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِوَطْئِهَا بِخِلَافِ الْبَاقِيَاتِ كَمَا مَرَّ، سَوَاءٌ وَطِئَهُنَّ فِي الْقُبُلِ أَمْ فِي الدُّبُرِ فِي النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَنَاوَلُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ الْجِمَاعِ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَعَذُّرِ الْحِنْثِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَصَوُّرِ الْوَطْءِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَطْءِ إنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْحَيَاةِ
(وَ) كَأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ (لَا أَطَأْ) كِ (فِي الْعَامِ إلَّا عِدَّهْ كَذَا) كَثَلَاثٍ (وَيَسْتَوْفِي) تِلْكَ الْعِدَّةَ (وَتَبْقَى الْمُدَّهْ) أَيْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الْعَامِ فَمُولٍ مِنْ حِينَئِذٍ لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِالْوَطْءِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ، أَوْ اسْتَوْفَى وَبَقِيَ دُونَ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ بِمُولٍ
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ فَقَالَ (فَإِنْ مَضَتْ أَشْهُرُهُ الْمَحْكِيَّهْ) فِيمَا مَرَّ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ مِنْ زَمَانِ الْإِيلَاءِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ، وَلَوْ مُبْهَمَةً (وَمِنْ زَمَانِ رَجْعَةِ الرَّجْعِيَّهْ) إنْ كَانَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ وَهَذَا فِيمَنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهَا حَالًا وَإِلَّا فَمِنْ زَمَانِ إمْكَانِهِ كَمَا فِي صَغِيرَةٍ وَمَرِيضَةٍ وَمُتَحَيِّرَةٍ وَمُحْرِمَةٍ وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْإِيلَاءِ مِنْهُنَّ (وَلَمْ يَحِلَّ) أَيْ: الْإِيلَاءُ (بِزَوَالِ) الْمَحْذُورِ كَزَوَالِ (الْمِلْكِ عَنْ رَقِيقِهِ) الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ بِوَطْئِهَا وَكَبَيْنُونَةِ زَوْجَتِهِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى وَطْءِ هَذِهِ (وَلَمْ يَطَأْهَا فِي الزَّمَنْ) أَيْ: زَمَنِ الْإِيلَاءِ
(وَمَا بِهَا مَانِعُ وَطْءٍ إلَّا نِفَاسًا، أَوْ حَيْضًا وَصَوْمًا) أَوْ اعْتِكَافًا (نَفْلَا تُطَالِبُ) أَيْ: فَإِنْ مَضَتْ الْأَشْهُرُ الْمَذْكُورَةُ وَالْحَالَةُ أَنَّهُ لَمْ يَنْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَلَيْسَ بِالزَّوْجَةِ مَانِعُ وَطْءٍ غَيْرُ مَا ذُكِرَ طَالَبَتْ (الزَّوْجَ بِهِ) أَيْ: بِالْوَطْءِ الْمُرَادِ بِالْفَيْئَةِ فِي آيَةِ الْإِيلَاءِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهَا وَإِنَّمَا طَالَبَتْهُ بِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِيهِ فَإِنْ أَبَى طَالَبَتْهُ بِالطَّلَاقِ فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَاعْتَمَدَهُ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الطَّرَفِ الثَّالِثِ وَحُكِيَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهَا تُرَدِّدُ الْمُطَالَبَةَ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَا فِي الطَّرَفِ الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي إمْهَالِهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ إلَى قَاضٍ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: فَإِنْ مَضَتْ أَشْهُرُهُ لِثُبُوتِهِ بِالْآيَةِ بِخِلَافِ الْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا أَمَّا إذَا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ، أَوْ كَانَ بِهَا مَانِعُ وَطْءٍ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا حِسًّا، أَوْ شَرْعًا مِنْ نَحْوِ غَيْبَةٍ وَحَبْسٍ وَجُنُونٍ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْحَالِفَ الْوَاحِدَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ. . إلَخْ) سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ وَذِكْرُهُ الْأَشْيَاءَ بِالْوَاوِ بِلَا إعَادَةِ النَّفْيِ كَشَيْءٍ جَعَلَا قَوْلَ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ أَعَادَ حَرْفَ النَّفْيِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَلَا الْعِنَبَ حَنِثَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَمِينَانِ، فَلَا تَنْحَلُّ إحْدَاهُمَا بِالْحِنْثِ فِي الْأُخْرَى. اهـ. فَقَدْ يَخْفَى جَعْلُ ذَلِكَ يَمِينَيْنِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ يَمِينًا وَاحِدَةً مَعَ أَنَّهُ بِمَعْنَاهُ إذْ مَعْنَى لَا أَطَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ لَا أَطَأُ هَذِهِ وَلَا هَذِهِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَوْنُهُ بِمَعْنَاهُ لَا يَقْتَضِي أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي الْحُكْمِ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ الَّذِي يُنْظَرُ إلَيْهِ فِي الْأَيْمَانِ خُصُوصًا مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْعَاطِفِ النَّائِبِ عَنْ الْعَامِلِ وَمَعَ إعَادَةِ النَّافِي الْمُقْتَضِي لِتَعَدُّدِ حُكْمِ الْعَامِلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ بِأَيِّ وَاحِدٍ وَقَعَ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَسْأَلَةُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكُنَّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَاقَوْلُ لَك أَنْ تَقُولَ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِالْمُتَعَدِّدِ تَعَلُّقُهُ بِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ لَا بِمَجْمُوعِهِ كَمَا فِي لَا أَطَؤُكُنَّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَبَعَّضُ فِيهَا الْحِنْثُ. . إلَخْ) يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ الْوَاحِدَةُ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَذِكْرُهُ الْأَشْيَاءَ بِالْوَاوِ بِلَا إعَادَةِ النَّفْيِ كَشَيْءٍ جَعَلَا مِنْ قَوْلِهِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ أَعَادَ حَرْفَ النَّفْيِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ حَنِثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَمِينَانِ فَلَا تَنْحَلُّ إحْدَاهُمَا بِالْحِنْثِ فِي الْأُخْرَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا وَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَدَخَلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ. اهـ.
(قَوْلُهُ الْمَحْكِيَّةُ) أَيْ: الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: وَمُظَاهَرٌ مِنْهَا) يَقْتَضِي هَذَا كَمَا تَرَى أَنَّهُ فِي الْإِيلَاء مِنْهَا لَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِهِ وَالْوَجْهُ خِلَافٌ لِإِمْكَانِ الْكَفَّارَةِ فَالْوَطْءُ حَالًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ أَوَّلِ الْبَابِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا تُحْسَبَ الْمُدَّةُ فِي الْمُظَاهِرِ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ التَّكْفِيرِ لَكِنَّ شَيْخَنَا لَا يُسَلِّمْ ذَلِكَ إلَّا بِنَقْلِ.
(قَوْلِهِ نِفَاسًا، أَوْ حَيْضًا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُقَارِنِ لِلْإِيلَاءِ وَالطَّارِئِ بَعْدَهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ إنَّ الْبِرَّ وَالْحِنْثَ يَتَعَلَّقَانِ بِوَطْءِ الْمَيْتَةِ رَوْضٌ
(قَوْلُهُ: إنَّهَا تَرَدُّدٌ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ وَلَعَلَّ فَائِدَةَ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْقَاضِي عَلَى قَوْلِ التَّرْدِيدِ حَتَّى يُطَالِبَ بِالْفَيْئَةِ وَيَمْتَنِعَ مِنْهَا أَيْضًا وَعَلَى قَوْلِ التَّرْتِيبِ يُطَلِّقُ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْفَيْئَةِ فَتَدَبَّرْ. كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا ذ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِهَا مَانِعٌ) أَيْ: أَوْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ الَّتِي هِيَ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَنْحَلَّ إمَّا لِوُجُودِهِ