وَالْعَوْدُ لِلْقَوْلِ مُخَالَفَتُهُ يُقَالُ: قَالَ فُلَانٌ قَوْلًا ثُمَّ عَادَ لَهُ وَعَادَ فِيهِ أَيْ: خَالَفَهُ وَنَقَضَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَادَ فِي هِبَتِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَوْدِ إلَى الْقَوْلِ فَإِنَّهُ قَوْلُ مِثْلِهِ.
وَمَقْصُودُ الظِّهَارِ وَصْفُ الْمَرْأَةِ بِالتَّحْرِيمِ وَإِمْسَاكُهَا يُخَالِفُهُ وَهَلْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ، أَوْ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدُ شَرْطٌ، أَوْ بِالْعَوْدِ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ أَوْجُهٌ بِلَا تَرْجِيحٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَرْجِيحِهِمْ أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ تَجِبُ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهَا بِأَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَطَأْ لَكِنَّهُ جَزَمَ فِي بَابِ الصَّوْمِ بِأَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ وَنَقَلَهُ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْقَفَّالِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَأَمَّا بَعْدَ الْوَطْءِ فَفِيهَا الْخِلَافُ فِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْفَوْرِ وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ قَطَعَ النِّكَاحَ عَقِبَ الظِّهَارِ، أَوْ مَعْرِفَةِ مَا ذُكِرَ بِطَلَاقٍ، وَلَوْ رَجْعِيًّا، أَوْ بِمَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ، أَوْ انْفِسَاخٍ، أَوْ شِرَاءٍ بِأَنْ تَكُونَ رَقِيقَةً، أَوْ تَعَذَّرَ قَطْعُهُ بِجُنُونٍ وَنَحْوِهِ وَمَا لَوْ لَمْ يُعْرَفْ وُجُودُ الْمُعَلَّقُ بِهِ، فَلَا عَوْدَ فِيهِمَا وَمَا لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ عَلَّقَ بِهِ فَفَعَلَ عَالِمًا ثُمَّ نَسِيَ عَقِبَهُ الظِّهَارَ كَانَ عَائِدًا كَمَا شَمَلَهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ أَيْضًا.
وَقِيلَ تَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ حِنْثِ النَّاسِي وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ إذْ نِسْيَانُهُ الظِّهَارَ عَقِبَ فِعْلِهِ عَالِمًا بِهِ بَعِيدٌ نَادِرٌ، أَمَّا لَوْ فَعَلَ نَاسِيًا لِلظِّهَارِ فَلَا ظِهَارَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَإِذَا اشْتَغَلَ بِالْقَطْعِ فَلَا يَضُرُّ طُولُ الْفَصْلِ فَقَوْلُهُ يَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ أَنْت طَالِقٌ كَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك فِي مَنْعِ الْعَوْدِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت زَانِيَةٌ أَنْت طَالِقٌ فَهُوَ عَائِدٌ لِاشْتِغَالِهِ بِالْقَذْفِ قَبْلَ الطَّلَاقِ لَا إنْ قَالَ يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ كَمَا لَوْ قَالَ يَا زَيْنَبُ أَنْتِ طَالِقٌ وَعُطِفَ عَلَى أَمْسَكَ قَوْلُهُ: (أَوْ رَاجَعَ الرَّجْعِيَّةَ) فَإِنَّهُ يَصِيرُ عَائِدًا، سَوَاءٌ ظَاهَرَ بَعْدَ طَلَاقِهَا رَجْعِيًّا أَمْ قُبَيْلَهُ أَمْسَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّ عَقِبَ الظِّهَارِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَكُونُ عَائِدًا بِالْإِسْلَامِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِمْسَاكِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ الرِّدَّةِ تَبْدِيلٌ لِلدِّينِ الْبَاطِلِ بِالْحَقِّ وَالْحِلُّ تَابِعٌ لَهُ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ إمْسَاكٌ، أَمَّا قَبْلَ مُرَاجَعَتِهَا، فَلَا عَوْدَ؛ لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ
وَقَوْلُهُ: (الْمُطَلَّقَهْ) إيضَاحٌ وَتَكْمِلَةٌ (أَوْ الَّتِي) وَفِي نُسْخَةٍ الَّذِي (ظَاهَرَهَا وَطِي " تِي ") عُطِفَ عَلَى أَمْسَكَ أَيْضًا أَيْ: أَوْ وَطِئَهَا الْمُظَاهِرُ (فِي مُدَّةِ الظِّهَارِ ذِي التَّأْقِيتِ) فَإِنَّهُ يَصِيرُ عَائِدًا وَلَا يَكُونُ عَائِدًا فِيهِ بِمَا فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ إذْ الْحُرْمَةُ فِيهِ مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِمْسَاكُ لِمَا بَعْدَ الْمُدَّةِ لَا لِلْوَطْءِ فِيهَا، فَلَا يَقَعُ مُخَالِفًا لِلْوَصْفِ بِالتَّحْرِيمِ وَبِعَوْدِهِ بِالْإِمْسَاكِ، أَوْ بِالرَّجْعَةِ أَوْ بِالْوَطْءِ فِيمَا ذُكِرَ (تَحْرُمُ) عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ (كَالْحَائِضِ) فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ كَالْقُبْلَةِ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مَعْنًى لَا يُخِلُّ بِالْمِلْكِ كَالْحَيْضِ (حَتَّى كَفَّرَا) أَيْ: يَسْتَمِرُّ التَّحْرِيمُ حَتَّى يُكَفِّرَ بِمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ فِي الْآيَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ حَيْثُ قَالَ فِي التَّحْرِيرِ وَالصَّوْمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِي الْإِطْعَامِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ.
وَمُرَادُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ مَعَ تَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
الظِّهَارِ الْمُعَلَّقِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَجْعِيًّا) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَمْ يُرَاجِعْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَذَّرَ. . إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَطَعَ النِّكَاحَ (قَوْلُهُ بِجُنُونٍ) وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُمْسِكْهَا بَعْدَ الْإِفَاقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا عَوْدَ فِيهِمَا) أَيْ مَا لَوْ قَطَعَ النِّكَاحَ. . إلَخْ وَمَا لَوْ يَعْرِفُ. . إلَخْ
(قَوْلُهُ: عُطِفَ عَلَى أَمْسَكَ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَتَبَادَرُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ الَّتِي. . إلَخْ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الَّتِي مُبْتَدَأٌ مَوْصُولٌ بِقَوْلِهِ ظَاهِرُهَا وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ وَطِئْتِي وَالْعَائِدُ " تِي "، وَهُوَ مِنْ بَابِ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ عُطِفَ عَلَى أَمْسَكَ أَيْضًا أَنَّ الْمَعْطُوفَ هَذِهِ الْجُمْلَة عَلَى جُمْلَةِ أَمْسَكَ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْمَعْطُوفَ الْفِعْلُ بِأَنْ عَطَفَ وُطِئَ عَلَى أَمْسَكَ فَمُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ وُطِئَ وَقَعَ خَبَرًا كَمَا تَقَرَّرَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْمَعْطُوفَ فِعْلٌ مُقَدَّرٌ نَاصِبٌ لِقَوْلِهِ: الَّتِي مُفَسَّرٌ بِ وُطِئَ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ. . إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْإِمْسَاكَ لِلْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ كَانَ عَائِدًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: يَحْرُمُ كَالْحَائِضِ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيَحْرُمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَطْءٌ وَكَذَا لَمْسٌ وَنَحْوُهُ بِشَهْوَةٍ فِي الْأَظْهَرِ قُلْت الْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ حَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ، أَوْ مُضِيِّ وَقْتٍ تَمَتُّعٌ حَرُمَ بِحَيْضٍ. اهـ. ثُمَّ حَمَلَ فِي شَرْحِهِ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ حَتَّى يُكَفِّرَا) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْكَفَّارَةِ اسْتَمَرَّتْ الْحُرْمَةُ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ: فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ وُقُوعُهُ إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نِيَّةِ الْمُبْتَدَأِ صَيْرُورَتُهُ كَالْمَلْفُوظِ بِهِ حَتَّى يَكُونَ اللَّفْظُ صَرِيحًا وَيَلْزَمُ مَا ذُكِرَ وَقَدْ صَرَّحَ ق ل بِأَنَّهُ إذَا نَوَى الْمُبْتَدَأَ يَكُونُ كِنَايَةً وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَطَأْ) جَرَى عَلَى هَذَا م ر قَالَ ع ش فَإِنْ وَطِئَ صَارَتْ فَوْرِيَّةً وَفِي ق ل أَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ عَصَى بِالْوَطْءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ عَلَّقَ) أَيْ: وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ قَوْلِهِ حَيْثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ. . إلَخْ مَا لَوْ عَلَّقَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ فَعَلَ نَاسِيًا لِلظِّهَارِ. . إلَخْ) أَيْ وَقَصَدَ بِالتَّعْلِيقِ أَحَدَ أَقْسَامِ الْحَلِفِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي م ر
(قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الظِّهَارِ ذِي التَّأْقِيتِ) وَالْمَكَانُ كَالزَّمَانِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي مَكَانِ كَذَا، أَوْ الْعَوْدِ فِيهِ بِالْوَطْءِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَوْدِ وَقَبْلَ التَّكْفِيرِ أَفَادَهُ ع ش، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّرْحِ فِي الْمُؤَقَّتِ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ) أَيْ بِمُبَاشَرَةٍ بِخِلَافِ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ وَق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَفِي الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَصَحَّ هُنَا، وَفِي الْحَيْضِ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِغَيْرِ النَّظَرِ، وَأَمَّا هُوَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ جَوَازُهُ بِشَهْوَةٍ قَطْعًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْقُبْلَةِ) إلَّا إذَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْتَعَ بِهَا، أَوْ نَحْوِهَا لَوَطِئَ وَإِلَّا حَرُمَ. اهـ. م ر وَع ش