للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطَّلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الظِّهَارِ وَعَكْسِهِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَرَجَ كَظَهْرِ أُمِّي عَنْ الصَّرَاحَةِ وَقَدْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَتْ الْأُولَى رَجْعِيَّةً (وَلَوْ بِكُلِّ كِلْمَةِ أَرَادَ مَعْنَاهُ) بِأَنْ أَرَادَ بِأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ وَبِكَظَهْرِ أُمِّي الظِّهَارَ وَقَعَ (كِلَاهُمَا هُنَا إنْ يَكُنِ الطَّلَاقُ لَيْسَ بَائِنَا) بَلْ رَجْعِيًّا لِصِحَّةِ ظِهَارِ الرَّجْعِيَّةِ مَعَ صَلَاحِيَةِ قَوْلِهِ كَظَهْرِ أُمِّي لَأَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَاهُ قُدِّرَتْ كَلِمَةُ الْخِطَابِ مَعَهُ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي.

فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَلَا ظِهَارَ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا تَكْمِلَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْت كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ حَصَلَا وَلَا يَكُونُ عَائِدًا فَإِنْ رَاجَعَ فَعَائِدٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا صَحَّ الظِّهَارُ وَفِي الطَّلَاقِ وَجْهَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِ الطَّلَاقِ مُخَاطَبَةٌ. نَقَلَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَأَقَرَّاهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَتَقْيِيدُ وُقُوعِهِمَا فِيهَا إذَا نَوَاهُمَا بِمَا إذَا نَوَى الظِّهَارَ بِأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَالطَّلَاقَ بِطَالِقٌ فَإِنْ نَوَاهُمَا بِالْمَجْمُوعِ فَلَا يَقَعُ إلَّا الظِّهَارُ وَكَذَا إنْ نَوَى بِهِ أَحَدَهُمَا، أَوْ نَوَى الطَّلَاقَ بِأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَالظِّهَارَ بِطَالِقٌ

(وَ) لَوْ قَالَ (هِيَ حَرَامٌ مِثْلُ ظَهْرِ أُمِّيَا فَإِنْ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ نُوِيَا) أَيْ: نَوَاهُ الزَّوْجُ بِمَجْمُوعِ كَلَامِهِ (أَوْ) نُوِيَ (الطَّلَاقُ بِالْحَرَامِ وَاَلَّذِي يَتْلُو) الطَّلَاقَ، وَهُوَ الظِّهَارُ (بِتِلْوٍ) أَيْ: بِتَالِي الْحَرَامِ وَهُوَ كَظَهْرِ أُمِّي

(فَكَذَا) أَيْ: فَكَمَا نَوَى (فَلْيَنْفُذْ) فَيَكُونُ فِي الْأُولَى طَلَاقًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَرَامِ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ كَصَرِيحِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ ظِهَارًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَرَامِ ظِهَارٌ مَعَ النِّيَّةِ فَمَعَ اللَّفْظِ وَالنِّيَّةِ أَوْلَى وَفِي الثَّالِثَةِ طَلَاقًا وَظِهَارًا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِمَا مَرّ فِي نَظِيرِهِ (وَعَكْسُ مَا قُلْنَا) بِأَنْ نَوَى بِالْحَرَامِ الظِّهَارَ وَبِكَظَهْرِ أُمِّي الطَّلَاقَ (ظِهَارٌ) فَقَطْ إذْ الثَّانِي لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ بِصَرَاحَتِهِ فِي وَقَالَ جَمَاعَةٌ الظِّهَارُ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى خُرُوجِ قَوْلِهِ كَظَهْرِ أُمِّي عَنْ كَوْنِهِ صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ قَالَ الْقُونَوِيُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا مُنْضَمٌّ إلَى مَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الظِّهَارِ فَقَوَّى بِذَلِكَ دَلَالَتَهُ عَلَى الظِّهَارِ فَبَقِيَ عَلَى صَرَاحَتِهِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ بَقَائِهِ عَلَى صَرَاحَتِهِ تُعَيِّنُ الظِّهَارَ فِيمَا إذَا نَوَاهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا نَوَاهُمَا) بِمَجْمُوعِ كَلَامِهِ، أَوْ بِالْحَرَامِ (خُيِّرَ بَيْنَ ذَا وَذَا) وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعَا جَمِيعًا لِتَعَذُّرِ جَعْلِهِ لَهُمَا لِاخْتِلَافِ مُوجِبِهِمَا وَلَوْ أَطْلَقَ فَظِهَارٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَرَامِ ظِهَارٌ مَعَ النِّيَّةِ فَمَعَ اللَّفْظِ أَوْلَى.

وَلَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا بِالْحَرَامِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيَكُونُ مُظَاهِرًا إنْ نَوَى الظِّهَارَ بِكَظَهْرِ أُمِّي وَإِلَّا، فَلَا، وَلَوْ قَالَ أَنْت كَظَهْرِ أُمِّي حَرَامٌ كَانَ مُظَاهِرًا ثُمَّ إنْ أَطْلَقَ الْحَرَامَ أَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا فَتَأْكِيدٌ وَتَنْدَرِجُ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى فِي الْكُبْرَى، وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ، فَلَا عَوْدَ

(وَلَحْظَةً إنْ أَمْسَكَ) أَيْ:، وَإِنْ أَمْسَكَ (الْمُتَّصِفَهْ) بِالظِّهَارِ وَلَيْسَتْ رَجْعِيَّةً لَحْظَةً يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِيهَا (بِغَيْرِ قَطْعٍ) لِلنِّكَاحِ عَقِبَ الظِّهَارِ حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ (وَعَقِيبَ الْمَعْرِفَهْ) أَيْ مَعْرِفَتِهِ بِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ الظِّهَارُ (حَيْثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ قَدْ عَلَّقَهْ) صَارَ عَائِدًا فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ حَتَّى يُكَفِّرَ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] الْآيَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

يَكُونَ مَحَلُّ قَبُولِهِ الصَّرْفَ إذَا أَرَادَ بِهِ مَا لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، أَمَّا إذَا أَرَادَ بِهِ ذَلِكَ، فَلَا يَنْصَرِفُ سم (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ: وَلَفْظُ الظِّهَارِ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ قَدْ يُقَالُ: فَهَلَّا حَصَلَ الظِّهَارُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ عَنْهُ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ، فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ ذَلِكَ فِي التَّعْلِيلِ، وَإِنْ اقْتَضَى صَنِيعُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ. . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا غَيْرَ الَّذِي أَوْقَعَهُ وَكَلَامُهُمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ ذَلِكَ، فَلَا مُنَافَاةَ. اهـ.

وَكَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ بِهَامِشِهِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا غَيْرَ الَّذِي أَوْقَعَهُ هَذَا الْكَلَامُ وَلَمْ أَفْهَمْ لَهُ مَعْنًى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَ طَلَاقٍ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنَّمَا نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فَلَيْسَ فِي اعْتِقَادِهِ إيقَاعُ طَلَاقٍ إلَّا الَّذِي نَوَاهُ بِقَوْلِهِ كَظَهْرِ أُمِّي وَإِذَا لَمْ يَخْطِرْ بِذِهْنِهِ إيقَاعُ طَلَاقٍ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَفْصِلَ فِيمَا قَصَدَهُ آخِرًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَيْنَ الْأَوَّلِ، أَوْ غَيْرَهُ فَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ

(قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ) يَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَاهُ قَدْ يُفَرَّقَ بَيْنَ عَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ هُنَا، وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَدْ يُرَدُّ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا بِالنَّظَرِ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّافِعِيِّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي سم.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِقُوَّةِ الظِّهَارِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهِ هُنَا بِنِيَّتِهِ وَحْدَهُ فَأَثَّرَ انْضِمَامُ هَذَا إلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ التَّخْيِيرِ لِمُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي النِّيَّةِ سم (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ مُوجِبِهِمَا) ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الظِّهَارِ التَّحْرِيمُ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَمُوجِبَ الطَّلَاقِ التَّحْرِيمُ مَعَ انْقِطَاعِهَا بِرّ لَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ اخْتِلَافُ مُوجِبِهِمَا مَانِعًا مِنْ وُقُوعِهِمَا جَمِيعًا لَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ بِالْحَرَامِ الطَّلَاقَ وَبِكَظَهْرِ أُمِّي الظِّهَارَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّا نَقُولُ الْكَلَامُ هُنَا فِي إرَادَتِهِمَا بِالْمَجْمُوعِ وَالْمَجْمُوعُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يَصْلُحُ لِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ كُلَّ وَاحِدٍ بِلَفْظِ لِعَدَمِ إرَادَتِهِمَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ سم (قَوْلُهُ يُمْكِنُ إدْخَالُهَا) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنْ يُرَادَ بِالْعَكْسِ الْخِلَافُ وَلَا يَضُرُّ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَشْمَلُ صُورَةَ التَّخْيِيرِ أَيْضًا لِأَنَّهُ بَنَى حُكْمَهَا عَلَى الِاسْتِقْلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي. . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت مِثْلُ أُمِّي، أَوْ كَرُوحِهَا أَوْ عَيْنِهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صَرِيحَ ظِهَارٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ.

(قَوْلُهُ الْمُتَّصِفَةَ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَتَّصِفُ بِالظِّهَارِ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

قَالَ الرَّافِعِيُّ. . إلَخْ) رَدَّهُ وَالِدُ م ر بِأَنَّهُ حَيْثُ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ قُدِّرَتْ كَلِمَةُ الْخِطَابِ مَعَهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَحِينَئِذٍ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَوْضُوعِهِ، فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>