لِحُصُولِ الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ فِي الْحَالَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إعْتَاقَ الْكُلِّ عَنْهَا كَأَنْ نَوَى إعْتَاقَ نَصِيبِهِ فَقَطْ عَنْهَا لَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا وَهَلْ يَنْصَرِفُ نَصِيبُهُ إلَيْهَا فِيهِ وَجْهَانِ (أَوْ يُغْصَبُ) بِبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ (ذَا) أَيْ: الرَّقِيقُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مَجْرُورًا بِالْحَرْفِ أَيْ: وَلَوْ كَانَ عِتْقُ الرَّقِيقِ مَعَ غَصْبِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ إذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ لِكَمَالِ رِقِّهِ، سَوَاءٌ عَلِمَ عِتْقَ نَفْسِهِ أَمْ لَا وَمِثْلُهُ الْآبِقُ
(أَوْ كَانَ) الرَّقِيقُ (رَهْنًا) أَيْ مَرْهُونًا (أَوْ جَنَى) عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ عِتْقَ كُلٍّ مِنْهُمَا يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ (إنْ نَفَذَا) عِتْقُهُمَا بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا (أَوْ كَانَ مَرْجُوًّا) أَيْ: أَوْ كَانَ (مَرِيضًا) مَرْجُوًّا لِبُرْءٍ (فَفَنِيَ) أَيْ: مَاتَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِقِيَامِ الرَّجَاءِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ وَاتِّصَالِ الْمَوْتِ بِهِ قَدْ يَكُونُ لِعِلَّةٍ أُخْرَى (وَعَكْسُ هَذَا الْقَوْلِ) بِأَنْ يَكُونَ مَرَضُهُ غَيْرَ مَرْجُوِّ الْبُرْءِ كَالسُّلِّ فَبَرَأَ يُجْزِئُ (بِالتَّبَيُّنِ) لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ قَدْ بَانَ خِلَافُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ لَا يَتَبَيَّنُ إجْزَاؤُهُ وَالْفَرْقُ تَحَقُّقُ الْيَأْسِ فِي الْعَمَى وَعُرُوضُ الْبَصَرِ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ بِخِلَافِ الْمَرَضِ لَكِنْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ بِجِنَايَةٍ فَأَخَذَ دِيَتَهُ ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ لِأَنَّ الْعَمَى الْمُحَقَّقَ لَا يَزُولُ (وَ) لَوْ كَانَ (أَخَرْسًا) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ (يُفْهِمُ) بِإِشَارَتِهِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الَّذِي يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ فَاعْتَبَرَا فَهْمَهُ إشَارَةَ غَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي يُفْهِمَا فَاعْتُبِرَ إفْهَامُهُ بِإِشَارَتِهِ غَيْرَهُ وَعِبَارَةُ النَّظْمِ تَحْتَمِلُهُمَا، وَإِنْ كُنْت قَرَّرْتهَا أَوَّلًا عَلَى مَا فِي الْحَاوِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُرَادٌ، وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا نَظَرَ إلَى تَلَازُمِهِمَا غَالِبًا
(وَالْمُنْفَصِلَهْ) أَيْ: وَيُجْزِئُ الرَّقِيقُ الَّذِي انْفَصَلَتْ أَصَابِعُ (عَشْرٌ لِرِجْلَيْهِ مَعًا) أَيْ: جَمِيعًا لِأَنَّ فَقْدَهَا لَا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ
(وَ) الَّذِي انْفَصَلَتْ لَهُ (أَنْمُلَهْ) مِنْ يَدَيْهِ، وَلَوْ مِنْ كُلِّ أُصْبُعٍ أُنْمُلَةً؛ لِأَنَّ الْأُصْبُعَ بَعْدَهَا كَأُصْبُعٍ قَصِيرٍ فَلَا يُخِلُّ فَقْدُهَا بِالْعَمَلِ (إلَّا مِنْ الْإِبْهَامِ) لِأَنَّهَا أُنْمُلَتَانِ فَتَخْتَلُّ مَنْفَعَتُهَا بِذَلِكَ (وَ) يُجْزِئُ الَّذِي انْفَصَلَ مِنْهُ (الْخِنْصَرُ مَعْ بِنْصِرِهِ لَا إنْ بِكَفٍّ) وَاحِدَةٍ (اجْتَمَعْ) انْفِصَالُ ذَلِكَ لِاخْتِلَالِ الْمَنْفَعَةِ بِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ أَصَابِعِ الْيَدِ وَلَا مَقْطُوعُ الْإِبْهَامِ أَوْ السَّبَّابَةِ، أَوْ الْوُسْطَى وَأُنْمُلَتَيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَشَلَلُ الْعُضْوِ كَذَهَابِهِ (وَلَا) الْغَائِبُ (الَّذِي يُفْقَدُ) خَبَرُهُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُتَيَقَّنٌ وَالْمُسْقَطُ مَشْكُوكٌ فِيهِ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ تَجِبُ لِلِاحْتِيَاطِ فَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْهَا ثُمَّ بَانَتْ حَيَاتُهُ بَانَ الْإِجْزَاءُ لِحُصُولِ الْعِتْقِ فِي مِلْكِهِ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَيَّدَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ فَإِنْ كَانَ أَجْزَأَ قَطْعًا.
(وَ) لَا (الْمُسْتَوْلَدَهْ) لِأَنَّهَا نَاقِصَةُ الرِّقِّ بِاسْتِحْقَاقِهَا الْعِتْقَ وَامْتِنَاعِ بَيْعِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ عِتْقُ الْكُلِّ، فَلَا يُنَافِي إجْزَاءَ نَصِيبِهِ عَنْهَا مَعَ التَّكْمِيلِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَنْصَرِفُ نَصِيبُهُ) فَيَكْمُلُ عَلَيْهِ مَا يُوَفِّي رَقَبَتَهُ حَجَرٌ وَم ر وَقَوْلُهُ وَجْهَانِ جَزَمَ بِالِانْصِرَافِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: وَالْخِنْصَرُ مَعَ بِنَصْرِهِ) فَأُنْمُلَتَانِ مِنْهُمَا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْعِتْقِ) وَاغْتُفِرَ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِحُصُولِ الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَنْهَا وَنَوَى حِينَئِذٍ صَرْفَ عِتْقِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ أَيْضًا إلَيْهَا لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ حِينَئِذٍ صَرْفَ ذَلِكَ إلَيْهَا لَمْ يَنْصَرِفْ إلَيْهَا، أَمَّا نَصِيبُهُ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهَا فَيُكْمِلُ عَلَيْهِ مَا يُوَفِّي رَقَبَةً. اهـ. وَالْمُصَنِّفُ جَمَعَ الْقِسْمَيْنِ بِقَوْلِهِ نَوَى لَهَا الْجَمِيعَ وَقَدْ فَصَّلَهُ الشَّارِحُ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ هَذَا يُشْكِلُ. . إلَخْ) حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ م ر وَع ش فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ ثُمَّ عَادَ حَيْثُ يَسْتَرِدُّ الدِّيَةَ أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يُنَافِي الْجَزْمَ بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَى يُنَافِيهِ نَظَرًا لِحَقِيقَتِهِ الْمُتَبَادَرَةِ مِنْ حُصُولِ صُورَتِهِ فَلَمْ يُجْزِئْ الْأَعْمَى، وَلَوْ عَادَ بَصَرُهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي بِهِ مُجَرَّدُ غِشَاوَةٍ لِفَسَادِ النِّيَّةِ حَالَ الْعِتْقِ.
وَالْمَدَارُ ثَمَّ عَلَى مَا يُمْكِنُ عَادَةً عَوْدُهُ وَبِالزَّوَالِ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ أَعْمَى فَوَجَبَ الِاسْتِرْدَادُ وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ عَدَمُ إجْزَاءِ الزَّمِنِ وَالْمَجْنُونِ، وَلَوْ بَرِئَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْعَمَى الْمُحَقَّقُ حَالَ الْعِتْقِ آيَسَ مَعَهُ مِنْ عَوْدِ الْبَصَرِ بِخِلَافِهِمَا فَهُمَا كَمَرِيضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ثُمَّ بَرِئَ. اهـ. مُلَخَّصًا فَرَاجِعْهُمَا، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي النِّيَّةِ مُغْتَفَرٌ هُنَا لِسُهُولَةِ أَمْرِهَا بِعَدَمِ وُجُوبِ تَعَيُّنِهَا وَلَا يُرَدُّ عَدَمُ صِحَّةِ عِتْقِ الْأَعْمَى إذَا أَبْصَرَ بَعْدُ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مَا يَصِلُ الْإِنْسَانُ إلَى حَالَةِ عَدَمِ رَجَاءِ الْبُرْءِ ثُمَّ يَعِيشُ وَلَا كَذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ صُورَةِ الْعَمَى فَكَانَ الْمَانِعُ ثَمَّ أَقْوَى فَأَثَّرَ فِي النِّيَّةِ مَا لَمْ يُؤَثِّرْ هُنَا. اهـ. وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ عِتْقِ الْأَعْمَى إذَا أَبْصَرَ وَصِحَّةِ عِتْقِ مَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إذَا بَرِئَ فَيُقَالُ مِثْلُهُ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالزَّمِنِ وَالْمَجْنُونِ وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ الْيَسِيرُ فِيهِمَا لِمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ. . إلَخْ) جَزَمَ بِهِ م ر وَق ل وَغَيْرُهُمَا
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ) أَيْ: فِطْرَةِ الْمَفْقُودِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ: مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَقَوْلُهُ: بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِبَارَةُ شَرْحِ م ر