للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَهُ احْتَاجَ) أَيْ احْتَاجَ إلَيْهِ (لِضَعْفٍ فِي الْقُوَى) مِنْ هَرَمٍ، أَوْ زَمَانَةٍ (أَوْ مَرَضٍ أَوْ مَنْصِبٍ) لَا يَلِيقُ مَعَهُ خِدْمَةُ نَفْسِهِ فَلَا يُكَلَّفُ إعْتَاقَهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ بِعِتْقِهِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ وَإِنَّمَا يَفُوتُهُ نَوْعُ رَفَاهِيَةٍ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَسُكْنَى وَأَثَاثًا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ تَقْدِيرِ مُدَّةِ ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ تُقَدَّرَ بِالْعُمْرِ الْغَالِبِ وَأَنْ تُقَدَّرَ بِسَنَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَاتِ تَتَكَرَّرُ فِيهَا وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِيَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهَا مَعَ أَنَّ مَنْقُولَ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ.

وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بِالثَّانِي عَلَى قِيَاسِ مَا صَنَعَ فِي الزَّكَاةِ وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ لِضَعْفٍ فِي الْقُوَى يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ أَوْ مَرَضٍ وَاسْتَثْنَى فِي الْمُهِمَّاتِ مِمَّا ذَكَرَ السَّفِيهَ، فَلَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ هُنَا لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الْحَجْرِ إنَّهُ كَالْمُعْسِرِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْأَيْمَانَ تَتَكَرَّرُ عَادَةً، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ فِيهَا كَالْمُعْسِرِ جَعَلَهُ كَذَلِكَ فِي الظِّهَارِ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَالْمُكَلَّفُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ عَادَةً وَبِأَنَّ زَمَنَ الصَّوْمِ هُنَا يَطُولُ فَيَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ وَبِأَنَّ الْمُظَاهِرَ يَنْتَقِلُ بِعَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ فَإِذَا لَمْ يُكَفِّرْ السَّفِيهُ بِالْمَالِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الصَّوْمِ أَدَّى إلَى إضْرَارِهِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ ثُمَّ قَالَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ فِي الظِّهَارِ بِالْمَالِ كَمَا فِي الْقَتْلِ وَالْمُخْرِجُ لَهُ وَلِيُّهُ وَالنَّاوِي هُوَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَمَا حَكَاهُ الْجُورِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَوْ ظَاهَرَ يَصُومُ غَرِيبٌ لَا يُعْرَفُ فِي الظِّهَارِ وَلَعَلَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ وَجَدَ لِلشَّافِعِيِّ ذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَأَلْحَقَ بِهِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ ثُمَّ قَرَنَ هَذَا بِذَاكَ حَتَّى حَكَى ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ قَوَاعِدِهِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.

(تَنْبِيهٌ) مَا ذُكِرَ فِي الْحَجِّ، وَفِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ مِنْ أَنَّ كُتُبَ الْفَقِيهِ لَا تُبَاعُ فِي الْحَجِّ وَلَا تَمْنَعُ أَخْذَ الزَّكَاةِ، وَفِي الْفَلَسِ مِنْ أَنَّ خَيْلَ الْجُنْدِيِّ الْمُرْتَزَقِ تَبْقَى لَهُ يُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا، بَلْ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ

(أَوْ اقْتَنَى عَبْدًا وَدَارًا أُلِفَا وَاسْتُحْسِنَا) لَهُ لِنَفَاسَتِهِمَا وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَبِيعَهُمَا وَيَصْرِفَ بَعْضَ ثَمَنِهِمَا لِعَبْدٍ يَخْدُمُهُ وَدَارٍ تَكْفِيهِ وَبَعْضَهُ الْآخَرَ لِلْكَفَّارَةِ، فَلَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ الْعُسْرُ مُفَارَقَةَ الْمَأْلُوفِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَأْلُوفَيْنِ كُلِّفَ الْإِعْتَاقَ، وَفِي الْحَجِّ يُكَلَّفُ الْبَيْعَ لَهُ، وَإِنْ كَانَا مَأْلُوفَيْنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْحَجَّ لَا بَدَلَ لَهُ وَلِلْإِعْتَاقِ بَدَلٌ وَكَالْعَبْدِ فِيمَا ذُكِرَ الْأَمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَبْقَى لِلْمُفْلِسِ خَادِمٌ وَلَا مَسْكَنٌ أَنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا وَأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ (لَا إنْ تَكُنْ) أَيْ: الدَّارُ (وَاسِعَةً) وَأَمْكَنَهُ سُكْنَى بَعْضِهَا وَبَيْعُ بَعْضِهَا لِلْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ ذَلِكَ إذْ لَا ضَرُورَةَ وَلَا عُسْرَ وَكَلَامُهُ كَكَثِيرٍ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَأْلُوفَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُفَارِقُهَا (أَوْ يَغِبْ عَنْ مَالِهِ) أَوْ لَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قِيَاسُ نَظِيرِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْإِفْسَادِ بِعُذْرٍ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ وَلَا يَكُونُ مَا مَضَى نَفْلًا عَلَى الْإِفْسَادِ بِلَا عُذْرٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: مُدَّةُ ذَلِكَ) أَيْ: كِفَايَةُ نَفْسِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالنَّاوِي هُوَ) تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّ الْوَلِيَّ يُؤَدِّي زَكَاتَهُ وَأَنَّهُ أَعْنِي الْوَلِيَّ يَنْوِي فَيَنْبَغِي جَوَازُ نِيَّةِ الْوَلِيِّ هُنَا أَيْضًا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ فَسَاغَ لِمُبَاشِرِ أَدَائِهَا أَنْ يَنْوِيَ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَلِيقَا بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَفِي الرَّوْضِ، وَإِنْ حَصَلَ الْغَرَضَانِ أَيْ: غَرَضُ اللُّبْسِ وَغَرَض التَّكْفِيرِ بِبَيْعِ ثَوْبٍ نَفِيسٍ وَجَبَ الْبَيْعُ أَيْ وَالْإِعْتَاقُ. اهـ. وَقَيَّدَ فِي شَرْحِهِ قَوْلَهُ: ثَوْبٍ نَفِيسٍ بِقَوْلِهِ لَا يَلِيقُ بِالْمُكَفِّرِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَاقَ بِهِ لَا يُكَلَّفُ بَيْعَهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْمَأْلُوفِ وَغَيْرِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ كَكَثِيرٍ يَقْتَضِي إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ تَكُنْ وَاسِعَةً رُجُوعَ ضَمِيرِ تَكُنْ لِلدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالْمَأْلُوفَةِ فَيَكُونُ الْمُتَبَادَرُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ لِلدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ لَا لِمُطْلَقِ الدَّارِ فَكَيْفَ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَأْلُوفَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا اقْتَضَى كَلَامُهُ ذَلِكَ فِي الْمَأْلُوفَةِ فَفِي غَيْرِهَا بِالْأَوْلَى وَمُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّ كَلَامَهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَغِيبُ عَنْ مَالِهِ) فِي الرَّوْضِ، وَمَنْ لَهُ أُجْرَةٌ تَزِيدُ عَلَى كِفَايَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ لِجَمْعِهَا أَيْ: لِجَمْعِ الزِّيَادَةِ وَلَوْ تَيَسَّرَتْ أَيْ: الزِّيَادَةُ أَيْ جَمَعَهَا الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ. اهـ. أَيْ: فَلَهُ الصَّوْمُ وَلَا يَجِبُ التَّأْخِيرُ لِجَمْعِهَا وَالْإِعْتَاقُ بِهَا وَقَوْلُهُ: لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ، أَوْ مَا قَارَبَهَا. اهـ. وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ جَمْعُهَا لِنَحْوِ يَوْمٍ وَجَبَ التَّأْخِيرُ لَهُ وَلَا يَخْفَى الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ مَعْدُومَةٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْمَالِ الْغَائِبِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ قَبْلَ صِيَامِهِ وَجَبَ الْعِتْقُ. اهـ. أَيْ: اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً) هَذَا وَكَذَا قَوْلُ الْمَتْنِ، أَوْ يَغِبْ مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ تَكُنْ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِضَبْطِ مَا يَعْتَبِرُ عَدَمَ الْوُجُودِ فِيهِ هَلْ هُوَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَإِنْ لَمْ تَضْعُفْ لِحَقِّ تَمَتُّعِهِ الْفَوْرِيِّ شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ بِالْعُمْرِ الْغَالِبِ) أَيْ بِبَاقِيهِ وَبَعْدَهُ سَنَةً بِسَنَةٍ (قَوْلُهُ: بِالْعُمْرِ الْغَالِبِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُؤْنَاتِ. . إلَخْ) أَيْ: فَاعْتُبِرَ الزَّائِدُ عَلَى مَا يَتَكَرَّرُ فِي السَّنَةِ وَهَذِهِ عِلَّةُ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ أَدَّى إلَى إضْرَارِهِ) قَدْ يُقَالُ سَيَأْتِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ إذَا اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ عَلَى الْمُظَاهِرِ، وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ تَرْكُهُ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنْ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ بَقِيَتْ أَيْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، فَلَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَمَدُ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: أَوْ يَغِبْ عَنْ مَالِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>