لِنَفْيِ النَّسَبِ حَالَ عِلْمِهِ بِالْوَلَدِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشُّفْعَةِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ بِالْإِمْسَاكِ فَلَوْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ النَّفْيِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهُ بِعُذْرٍ كَأَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلًا فَأَخَّرَ حَتَّى يَصِحَّ أَوْ حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ فَقَدَّمَهَا أَوْ كَانَ جَائِعًا، أَوْ عَارِيًّا فَأَكَلَ، أَوْ لَبِسَ، أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ إعْلَامُ الْقَاضِي بِذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَجِدْهُ فَأَخَّرَ لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى النَّفْيِ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا وَبِمَوْضِعِهِ قَاضٍ فَإِنْ نَفَى الْوَلَدَ عِنْدَهُ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَهُ حَتَّى يَرْجِعَ فَفِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ الْمَنْعُ مِنْهُ.
وَفِي التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ جَوَازُهُ فَقَدْ يُرِيدُ الِانْتِقَامَ مِنْهَا بِالشُّهْرَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ السَّيْرُ فِي الْحَالِ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ فَلْيَشْهَدْ وَإِلَّا فَلْيَسِرْ وَلْيَشْهَدْ فَإِنْ أَخَّرَ السَّيْرَ، أَوْ لَمْ يَشْهَدْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ أَشْهَدَ فِي الْأُولَى قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ النَّفْيِ فِي الْحَالِ أَنْ يُوجِدَهُ عَقِبَ الْعِلْمِ بِالْوَلَدِ، بَلْ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيَذْكُرَ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي مَعَ مَا يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ يُلَاعِنُ إذَا أَمَرَهُ الْحَاكِمُ (لَا فِي الْحَمْلِ) فَلَا يَجِبُ اللِّعَانُ فِي الْحَالِ، بَلْ لَهُ انْتِظَارُ وَضْعِهِ إذْ مَا يُتَوَهَّمُ حَمْلًا قَدْ يَكُونُ رِيحًا (لَا إنْ يَقُلْ عَرَفْتُ) أَنَّهَا حَامِلٌ (وَالْإِعْرَاضُ) مِنِّي (عَنْ اللِّعَانِ) كَانَ (لِعَسَى إجْهَاضُ) أَيْ: لِرَجَائِي إجْهَاضَهُ فَأُكْفَى اللِّعَانُ فَلَا يَنْفِيهِ بَعْدُ وَيَلْحَقُ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْمُنْفَصِلِ طَمَعًا فِي أَنْ يَمُوتَ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْوَضْعِ أَخَّرْت لِأَنِّي جَهِلْت الْوَضْعَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا قَالَ فِي الشَّامِلِ إلَّا أَنْ يَنْتَشِرَ الْخَبَرُ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ وَأَقَرَّهُ وَيُصَدَّقُ الْحَاضِرُ أَيْضًا إنْ احْتَمَلَتْ الْمُدَّةُ جَهْلَهُ.
وَلَوْ قَالَ أَخْبَرْت بِالْوَضْعِ وَلَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ فَإِنْ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يَقْبَلُ خَبَرَهُ كَصَبِيٍّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ ثِقَةٍ، فَلَا، وَلَوْ قَالَ عَلِمْت الْوَضْعَ وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي النَّفْيَ فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: أَوْ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَاشِئًا بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ قُبِلَ، أَوْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ النَّاشِئِينَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَوَجْهَانِ كَنَظِيرِهِ مِنْ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ
(ثُمَّ) بَعْدَ النَّفْيِ (إنْ اسْتَلْحَقَ) الْوَلَدَ لَحِقَهُ وَوَرِثَهُ، وَإِنْ قُسِّمَتْ تَرِكَتُهُ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ عَنْ الْقَفَّالِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةٌ لِلْمُلَاعِنِ وَقَالَ هُنَا عَنْ التَّتِمَّةِ إنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشٍ صَحِيحٍ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ اسْتِلْحَاقُهُ لِبَقَاءِ حَقِّهِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لُحُوقُهُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ جَازَ لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ فِيهِ قَبْلَ النَّفْيِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَلَعَلَّ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُنَا وَالِاسْتِلْحَاقُ قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا كَهَذَا وَلَدِي وَقَدْ يَكُونُ ضِمْنِيًّا (كَالتَّأْمِينِ) وَنَحْوِهِ بِأَنْ يَقُولَ آمِينَ أَوْ نَعَمْ وَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءً، أَوْ نَحْوَهَا (فِي) جَوَابِ مَنْ قَالَ لَهُ مُهَنِّئًا بِوَلَدٍ (مُتِّعْتَ مَوْلُودَكَ) أَيْ بِوَلَدِك، أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَك وَلَدًا صَالِحًا، أَوْ نَحْوَهُ بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يُعْرَفْ غَيْرٌ) أَيْ: وَلَدًا آخَرَ (لَهُ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ.
فَإِنْ عَرَفَ لَهُ وَلَدًا آخَرَ وَادَّعَى حَمْلَ التَّهْنِئَةِ وَالتَّأْمِينِ أَوْ نَحْوِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَتَضَمَّنْ ذَلِكَ اسْتِلْحَاقًا نَعَمْ لَوْ أَشَارَ إلَيْهِ فَقَالَ مَتَّعَكَ اللَّهُ بِهَذَا الْوَلَدِ فَقَالَ آمِينَ تَضَمَّنَ الِاسْتِلْحَاقَ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ آخَرُ وَادَّعَى حَمْلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ (لَا) إنْ قَالَ (فِي) الْجَوَابِ (جُزِيتَ خَيْرَا) أَوْ (سَمِعْتَ مَا سَرَّ) كَ، أَوْ (وُقِيتَ الضَّيْرَا) أَيْ: الضَّرَرَ، أَوْ رَزَقَك اللَّهُ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَصَدَ مُكَافَأَةَ الدُّعَاءِ بِالدُّعَاءِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ لَهُ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْعُذْرِ، أَوْ يُهَنِّئَهُ مَنْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِإِخْبَارِهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَزَادَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ: فِي لِيَسْلَمَ مِنْ بَشَاعَةِ قَوْلِ الْحَاوِي لَا جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَقَوْلُهُ: وُقِيتَ الضَّيْرَ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا
ــ
[حاشية العبادي]
النَّسَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ بَعْدَ الْحَدِّ لِظُهُورِ كَذِبِهِ
(قَوْلُهُ: أَيْ لِرَجَاءِ إجْهَاضِهِ) لَعَلَّ هَذَا تَفْسِيرُ مَعْنًى وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ فِعْلِيَّةُ عَسَى وَمَرْفُوعِيَّةُ إجْهَاضٌ بِهَا وَلَعَلَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ أَيْ: أَنْ يَحْصُلَ وَالْمَعْنَى عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: لِمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ: بَعْدَ النَّفْيِ) التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ النَّفْيِ يُوجِبُ اعْتِبَارَهُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي كَالتَّأْمِينِ إلَخْ، وَذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ: الْآتِي فِيهِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ كَالتَّأْمِينِ لَيْسَ مِثَالًا لِلِاسْتِلْحَاقِ بَعْدَ النَّفْيِ حَتَّى يَلْزَمَ اعْتِبَارُ الْقَيْدِ فِيهِ، بَلْ هُوَ نَظِيرٌ لَهُ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ قَيْدِهِ فِيهِ فَحَاصِلُ الْكَلَامِ إنْ وُجِدَ اسْتِلْحَاقُهُ بَعْدَ النَّفْيِ أَوْ وُجِدَ تَأْمِينٌ مِنْ غَيْرِ نَفْيِ لَحِقَهُ فَتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ حَسَنٌ ظَاهِرٌ، وَإِنْ خَفِيَ عَلَى بَعْضِ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ سم (قَوْلُهُ تَضَمَّنَ الِاسْتِلْحَاقَ) أَيْ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى حَمْلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ الِاشْتِبَاهُ كَأَنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ وَادَّعَى مَا ذَكَرَ، فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ الِاسْتِلْحَاقَ (قَوْلُهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ: وَإِلَّا امْتَنَعَ النَّفْيُ لِفَوَاتِ الْفَوْرِ (قَوْلُهُ: لَا لِنَسَبٍ بِمِلْكِ يَدٍ)
(فَائِدَةٌ) جَلِيلَةٌ لَوْ اسْتَبْرَأَ الْأَمَةَ وَلَمْ يَرَ مُخَيِّلَةَ زِنًا وَجَبَ نَفْيُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمِنْهَاجِ وَالنَّفْيُ فَوْرِيٌّ فَلَوْ عَلَّقَ فِي الْحَالِ بِالنَّفْيِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا مَرَّ وَإِنْ كَانَ هُنَا بِمَعْنًى آخَرَ كَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشُّفْعَةِ) مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِهِمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إعْذَارُهُمَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ كَانَتْ أَضْيَقَ فَلَا تَكُونُ إرَادَةُ دُخُولِ الْحَمَّامِ عُذْرًا هُنَا وَإِنْ كَانَتْ عُذْرًا فِيهِمَا وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ إعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْأَضْيَقِ مِنْهَا أَيْضًا فَلَا يَكُونُ أَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ عُذْرًا هُنَا وَإِنْ كَانَ عُذْرًا فِيهَا. اهـ. شَرْحُ م ر بِالْمَعْنَى
(قَوْلُهُ: أَنْ يُوجِدَهُ) أَيْ: النَّفْيُ الَّذِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ بَلْ أَنْ يَحْضُرَ. . إلَخْ فَالْمُرَادُ مِنْ النَّفْيِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْفَوْرُ إعْلَامُ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ النَّفْيُ الَّذِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللِّعَانِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ مِنْ زِنًا أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُسْنَدَ لِسَبَبٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُلَاعِنُ. . إلَخْ) عِبَارَةُ خ ط عَنْ الْمَطْلَبِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا اللِّعَانُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ النَّفْيَ. . إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ أَنَّ لِي النَّفْيَ وَإِسْقَاطُ الْفَوْرِ
(قَوْلُهُ: بِوَطْءِ شُبْهَةٍ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَوْ قَذَفَ مَنْ وَطِئَهَا فِي نِكَاحٍ