للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ مَعَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا بَعْدَهُ لِظَاهِرِ خَبَرِ: (لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا) لَنَا الْخَبَرُ السَّابِقُ وَقَوْلُهُ: لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا كَانَ إفْتَاءً لَا حُكْمًا

(كَذَا) يَثْبُتُ بِلِعَانِهِ (سُقُوطُ حَدْ) قَذْفٍ وَجَبَ عَلَيْهِ (لِزَوْجَةٍ) لَهُ لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] إذْ ظَاهِرُهَا أَنَّ لِعَانَهُ كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِهِ (وَالْأَجْنَبِيّ) أَيْ: يَثْبُتُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ سُقُوطُ حَدِّ قَذْفِهِ لِلزَّوْجَةِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ الْمُعَيَّنِ الَّذِي قَذَفَهَا بِهِ (بِنُطْقِهِ بِهِ) أَيْ: مَعَ نُطْقِهِ بِذِكْرِ الْأَجْنَبِيِّ فِي لِعَانِهِ كَأَنْ يَقُولَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ، سَوَاءٌ وَجَبَ حَدٌّ أَمْ حَدَّانِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ قَامَتْ فِيهَا حُجَّةٌ مُصَدَّقَةٌ فَانْتَهَضَتْ شُبْهَةٌ دَارِئَةٌ لِلْحَدِّ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِ لَهُ كَمَا فِي الزَّوْجَةِ لَوْ تَرَكَ ذِكْرَهَا طَرِيقُهُ أَنْ يُعِيدَ اللِّعَانَ وَيَذْكُرُهُ وَالتَّعْزِيرُ كَالْحَدِّ فِيمَا ذَكَرَ وَلَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ اللِّعَانِ وَلَا بَيِّنَةَ فَحُدَّ بِطَلَبِهَا فَجَاءَ الْأَجْنَبِيُّ يَطْلُبُ الْحَدَّ اُسْتُوْفِيَ مِنْهُ حَدٌّ آخَرُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ، وَلَوْ ابْتَدَأَ الْأَجْنَبِيُّ بِطَلَبِ حَقِّهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لَهُ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقَدْ يَنْبَنِيَانِ عَلَى أَنَّ حَقَّهُ يَثْبُتُ أَصْلًا أَوْ تَبَعًا لِحَقِّهَا، وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ حَقِّهِ فَلِلْآخَرِ الْمُطَالَبَةُ وَلِلزَّوْجِ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ (كَذَا) يَثْبُتُ بِلِعَانِهِ سُقُوطُ (إحْصَانُهَا فِي حَقِّهِ) فَلَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ، أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّا صَدَّقْنَاهُ فِيهَا لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ لِأَنَّهُ قَذَفَ بَائِنًا وَلَا وَلَدَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَاعَنَتْ لِلِعَانِهِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ فِي حَقِّهِ كَالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَيُحَدُّ كَمَا يُحَدُّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَقِيلَ يَسْقُطُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، فَلَا يَسْقُطُ فَلَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ لَزِمَهُ الْحَدُّ لَاعَنَتْ، أَوْ لَمْ تُلَاعِنْ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ مُخْتَصٌّ بِالزَّوْجِ فَيَقْتَصِرُ أَثَرُهُ عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُ الْعِرْسَ) أَيْ: الزَّوْجَةَ (بِهِ) أَيْ بِلِعَانِ الزَّوْجِ (حَدُّ الزِّنَا) لِثُبُوتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: ٨] الْآيَةَ هَذَا إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى النِّكَاحِ أَوْ أَطْلَقَهُ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ وَلَاعَنَ لِنَفْيِ النَّسَبِ عَلَى مَا مَرَّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُلَاعِنَ وَيَسْتَوِي فِي لُزُومِ الْحَدِّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ الْمُسْلِمَةَ وَالذِّمِّيَّةَ إنْ رَضِيَتْ بِحُكْمِنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ

(إنْ رَضِيَتْ ذِمِّيَّةٌ بِحُكْمِنَا) لِانْقِطَاعِ خُصُومَةِ الزَّوْجِ مَعَهَا بِلِعَانِهِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ حَدُّ الزِّنَا، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالذِّمِّيُّ لَا يُجْبَرُ عَلَى حَدِّهِ تَعَالَى فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِحُكْمِنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِعَدَمِ اللِّعَانِ حِينَئِذٍ وَهَذَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ النَّصِّ لَكِنَّهُمَا ضَعَّفَاهُ ثُمَّ صَحَّحَا أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّيْنِ إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا هَلْ يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَحَمَلَ الرَّافِعِيُّ كَالْجُمْهُورِ النَّصَّ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَمْ يَرْضَ هُوَ بِحُكْمِنَا وَطَلَبَتْهُ هِيَ فَهَلْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى اللِّعَانِ وَيُعَزَّرُ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ أَوْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى رِضَاهُ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَبَقِيَ مِنْ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ انْتِفَاءُ النَّسَبِ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ هُنَا لِعِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ، وَهُوَ لِنَفْيِ الِانْتِسَابِ، وَأَمَّا تَشْطِيرُ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَحِلُّ نِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي عِدَّتِهَا فَلَيْسَتْ مِنْ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ، بَلْ مِنْ ثَمَرَاتٍ لَازِمَةٍ أَعْنِي الْبَيْنُونَةَ الْمَعْلُومَةَ مِنْ حُرْمَةِ الْأَبَدِ مَعَ أَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي مَحَالِّهَا

(وَلَمْ يَجِبْ) حَدُّ الزِّنَا عَلَى الزَّوْجَةِ يَعْنِي: يَسْقُطَ عَنْهَا (إنْ لَاعَنَتْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: ٨] الْآيَةَ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهَا إلَّا هَذَا الْحُكْمُ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا، أَوْ بِإِقْرَارِهَا لَمْ يُمْكِنْهَا دَفْعُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ لَا تُقَاوِمُ الْبَيِّنَةَ وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوَّلًا بِالزَّوْجَةِ الْأَجْنَبِيَّةُ حَتَّى لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ شُبْهَةٍ -

ــ

[حاشية العبادي]

لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ أَبَدًا وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي قَوْلِهِ فِي الْجَنَّةِ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ الْمَانِعِ مِنْ الْجَمْعِ فِي الْجَنَّةِ. اهـ. م ر

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ وَجَبَ حَدٌّ أَوْ حَدَّانِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ بِقَذْفِهِ لَهَا بِمُعَيَّنٍ عَلَيْهِ حَدٌّ، أَوْ حَدَّانِ وَقَدْ أَشَارَ صَاحِبُ الرَّوْضِ إلَى هَذَا الْخِلَافِ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَحُدَّ لِقَذْفِهَا فَطَالَبَهُ الرَّجُلُ وَقُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ أَيْ: حَدٌّ لَهَا وَحَدٌّ لِلرَّجُلِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِهِ فَلَهُ اللِّعَانُ. اهـ. وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا مِمَّا كَتَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ أَمْ حَدَّانِ، فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ بِسُقُوطِ حَدِّ قَذْفِ الزَّوْجَةِ وَالرَّجُلِ أَيْ: سُقُوطِ حَدِّ قَذْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا لَا يَخْفَى إذْ مَعَ الشُّبْهَةِ لِأَحَدِهِمَا لَا حَدَّ لِأَجْلِهِ إنْ لَمْ يَرْمِهِ بِالزِّنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَمْ حَدَّانِ) أَيْ: كَأَنْ تَنْتَفِيَ الشُّبْهَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِلِعَانِ الزَّوْجِ) خَرَجَ غَيْرُ الزَّوْجِ فَلَا يَلْزَمُهَا بِلِعَانِهِ حَدُّ الزِّنَا وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْعُبَاب بِالْهَامِشِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَهُ) مَحَلُّهُ فِي الْإِطْلَاقِ إذَا قَذَفَهَا وَالْعِصْمَةُ بَاقِيَةٌ بِرّ (قَوْلُهُ: إنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ. إلَخْ) قَدْ يَكُونُ الزَّوْجُ مُسْلِمًا فَهَلَّا جَعَلَا حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ تَرَافُعِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ

(فَرْعٌ) قَذَفَ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَاعَنَ دُونَهَا حُدَّتْ، وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْهَا عُزِّرَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ إنْ لَاعَنَتْ) صَرَّحَ الشَّيْخُ عَزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ بِوُجُوبِ لِعَانِهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ كَاذِبًا لِئَلَّا تُجْلَدَ أَوْ تُرْجَمَ وَيَفْتَضِحَ أَهْلُهَا بِرّ حَجَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَثْبُتُ أَصْلًا) هُوَ الْأَوْجَهُ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُحَدُّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ) لَوْ قَذَفَهَا بِزِنًا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ وَجَبَ حَدٌّ وَاحِدٌ وَلَا لِعَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ بِزِنًا آخَرَ فَيَتَعَدَّدُ الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ مُوجِبِ الْقَذْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ دُونَ الْأَوَّلِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُلَطِّخْ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْهَا بِاللِّعَانِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَتْ. . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ بِحُكْمِنَا. اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ضَعْفِ مَا هُنَا بِقَوْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَبِمَا نَقَلَهُ بَعْدُ

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>