للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَمْعُهُ بِمَعْنَى الطُّهْرِ قُرُوءٌ كَمَا فِي الْآيَةِ وَبِمَعْنَى الْحَيْضِ أَقْرَاءٌ كَمَا فِي «قَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِك» فَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِقُرْءٍ أَوْفَقُ لِنَظْمِ الْقُرْآنِ وَكَلَامِ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِأَقْرَاءٍ أَوْفَقُ لِجَمْعِ الْقِلَّةِ الْمُرَادِ هُنَا وَأَطْهَارًا بَدَلٌ مِنْ ثَلَاثَةَ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفُ بَيَانٍ لِلْقُرُوءِ (يَحْتَاشُهَا) أَصْلُهُ يَحْتَوِشُهَا قُلِبَ الْوَاوُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا أَيْ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ يَحْتَوِشُ كُلًّا مِنْهَا (دَمٌ) أَيْ: دَمَا حَيْضَيْنِ، أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَلَوْ طَلَّقَ مَنْ لَمْ تَحِضْ لَمْ يُحْسَبْ مَا طَلَّقَ فِيهِ قُرْءٌ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ بَعْدَ الْحَيْضِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوِشُ الطُّهْرَ بِتَمَامِهِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ تُحْسَبُ طُهْرًا وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ هَلْ يُعْتَبَرُ مِنْ الطُّهْرِ الْمُحْتَوِشِ شَيْءٌ أَمْ يَكْفِي الِانْتِقَالُ

(وَلَوْ) كَانَتْ (حُبْلَى) مِنْ (زِنَا) فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ لِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ بِالْأَقْرَاءِ لَا بِالْوَضْعِ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَقْرَاءُ فِي زَمَنِ الْحَمْلِ أَمْ بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مَجْهُولَ الْحَالِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ، وَفِي النِّهَايَةِ خِلَافُهُ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ

(وَ) إنْ (امْرَأَةٌ) حُرَّةٌ (لَمْ تَرَ حَيْضًا أَصْلَا) ، وَإِنْ رَأَتْ نِفَاسًا كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ (أَوْ نَسِيَتْ) عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا، أَوْ أَحَدَهُمَا (أَوْ بَلَغَتْ لِأَعْلَى مُدَّةِ يَأْسِ نِسْوَةِ الْعَشِيرِ لَهَا) أَيْ عَشِيرَتِهَا مِنْ الْأَبَوَيْنِ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ لِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ (ثَلَاثَةً) أَيْ بِثَلَاثَةٍ (مِنْ الشُّهُورِ) .

أَمَّا الَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] أَيْ: فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ، وَأَمَّا النَّاسِيَةُ فَلِزِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهَا فِي التَّرَبُّصِ حَتَّى تَيْأَسَ مِنْ الْحَيْضِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيهَا إذَا لَمْ تَحْفَظْ دَوْرَهَا فَإِنْ حَفِظَتْهُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَدْوَارٍ مِنْهُ سَوَاءٌ زَادَتْ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ أَمْ لَا، أَمَّا مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعِلَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا قَبْلَ الْيَأْسِ فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ حَتَّى تَحِيضَ فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ تَيْأَسُ فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ وَوَجْهُ اعْتِبَارِ يَأْسِ الْعَشِيرَةِ تَقَارُبُهُنَّ طَبْعًا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى التَّرْجِيحِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي شَرْحَيْهِ تَرْجِيحَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَأْسُ كُلِّ النِّسَاءِ بِحَسَبِ مَا بَلَغَنَا خَبَرُهُ لِأَطُوفَ نِسَاءَ الْعَالَمِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَأَعْلَى سِنِّ الْيَأْسِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ أَعْلَى الْيَأْسِ مَا رَأَتْهُ فِيهِ وَيُعْتَبَرُ بَعْدُ بِذَلِكَ غَيْرُهَا وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ إنْ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَوَّلِ الْهِلَالِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ بَعْدَهُ لِغَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ شَهْرَانِ بِالْهِلَالِ ثُمَّ يَكْمُلُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ.

وَأَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ يَأْتِي (وَبَاقِ طُهْرٍ) أَوَّلٍ مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي احْتَوَشَهُ الدَّمَانِ لِذَاتِ أَقْرَاءٍ يُعَدُّ كَأَحَدِ الْأَقْرَاءِ الْكَامِلَةِ فَلَوْ طَلَّقَهَا وَبَقِيَ مِنْ طُهْرِهَا الْمُحْتَوِشِ بِدَمَيْنِ لَحْظَةٌ كَفَاهَا بَعْدَ تِلْكَ اللَّحْظَةِ قُرْآنِ وَلَا يَبْعُدُ تَسْمِيَةُ قُرْأَيْنِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ كَمَا حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] عَلَى شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَبَعْضِ ذِي الْحِجَّةِ وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَعْتَدَّ بِالْبَاقِي قُرْءًا لَكَانَ أَبْلَغَ فِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: عَطْفُ بَيَانِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّوَافُقِ فِي التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ أَوْ عَلَى زِيَادَةِ أَلْ فِي الْقُرْءِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْجِنْسُ (قَوْلُهُ: أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنْ رَأَتْ نِفَاسًا كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ يَقْتَضِي تَصْوِيرَ هَذَا بِمَا إذَا تَقَدَّمَ الْحَيْضُ عَلَى النِّفَاسِ وَكَذَا إذَا تَقَدَّمَ النِّفَاسُ لَكِنْ حَاضَتْ بَعْدَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُحْسَبُ مَا طَلَّقَ فِيهِ قُرْءًا. . إلَخْ) وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا أَصْلًا قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ، بَلْ كَذَا الْحُكْمُ لَوْ رَأَتْ نِفَاسًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ النَّوَوِيِّ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مَجْهُولَ الْحَالِ) أَيْ: مَعَ الْعِلْمِ بِانْتِفَائِهِ عَنْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَفِي النِّهَايَةِ خِلَافٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ كَالزِّنَا فِي أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ كَمَا تَقَرَّرَ وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ تَجَنُّبًا عَنْ تَحَمُّلِ الْإِثْمِ بِقَرِينَةِ آخِرِ كَلَامِ قَائِلِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلِزِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهَا. . إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَارِضٍ، أَوْ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا تَرَبُّصَهَا لِلْيَأْسِ وَكَمَا يُحْتَمَلُ حَيْضُهَا قَبْلَ الْيَأْسِ يُحْتَمَلُ زَوَالُ التَّخْيِيرِ قَبْلَ الْيَأْسِ فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ زَوَالَ التَّخْيِيرِ أَبْعَدُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَفِظَتْهُ اعْتَدَّتْ. . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَذَا لَوْ شَكَّتْ فِي قَدْر أَدْوَارِهَا وَلَكِنْ قَالَتْ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُجَاوِزُ سِتَّةً مَثَلًا أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ وَتَجْعَلُ السِّتَّةَ دَوْرَهَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) لِأَنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ تَرَ حَيْضًا أَصْلًا. . إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ) الَّتِي هِيَ النَّاسِيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَبْلَغَ)

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّهَيُّؤُ بَلْ التَّهَيُّؤُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الصَّبِيِّ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا هُنَاكَ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ) فَلَوْ انْقَطَعَ قَبْلَ تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَمَا إذَا أَيِسَتْ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ قَبْلَ تَمَامِهَا. اهـ. رَوْضٌ سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ صَارَ أَعْلَى الْيَأْسِ مَا رَأَتْهُ فِيهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ صَارَ أَعْلَى الْيَأْسِ زَمَنُ انْقِطَاعِهِ الَّذِي لَا عَوْدَ بَعْدَهُ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّرْحِ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ بَعْدَ ذَلِكَ. . إلَخْ أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ اعْتَدَّ قَبْلُ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ فَيُعِيدُ الْعِدَّةَ بِالْأَشْهُرِ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ الْأَكْثَرِ إنْ لَمْ يَنْكِحْ قَبْلَ التَّبَيُّنِ بِذَلِكَ وَإِلَّا مَضَى رَاجِعْ التُّحْفَةَ

(قَوْلُهُ وَبَاقِ طُهْرٍ أَوَّلٍ) خَرَجَ الطُّهْرُ الثَّالِثُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِهِ بِالْحَيْضِ بَعْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>