للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَاقْتَصَرَ بِالْمَنْعِ عَلَى مَا ظَهَرَ وَلَا يُقَالُ: لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ خِضَابٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَذِكْرُ تَرْكِ الْخَضْبِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ

(وَ) تَتْرُكَ (الطِّيبَ) فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ (وَفِي الطَّعَامِ وَالْكُحْلِ إنْ حُرِّمَ) أَيْ الطِّيبُ (فِي الْإِحْرَامِ) عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَاب الْحَجِّ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ نَعَمْ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ جَازَ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَيُسْتَثْنَى حَالَةَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ كَمَا قَدَّمْتُهُ فِي بَابِهِ لِخَبَرِ «وَلَا تَمَسَّ طِيبًا إلَّا إذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ، أَوْ أَظْفَارٍ» قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْح مُسْلِمِ وَلَيْسَا مِنْ مَقْصُودِ الطِّيبِ رُخِّصَ لَهَا فِيهِمَا لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ لَا لِلتَّطْيِيبِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ الْكَائِنِ مَعَهَا حَالَةَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ

(وَ) تَتْرُكُ (دَهْنَ شَعْرٍ) لِرَأْسِهَا وَلِحْيَتِهَا إنْ كَانَتْ بِدُهْنٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ، أَمَّا سَائِرُ الْبَدَنِ، فَلَا يَحْرُمُ دَهْنُهُ بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ كَالشَّيْرَجِ وَالسَّمْنِ لَا بِمَا فِيهِ طِيبٌ كَدُهْنِ الْبَانِ وَالْبَنَفْسَجِ.

(وَ) تَتْرُكُ (اكْتِحَالَ) الْإِثْمِدِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ، وَهُوَ الْكُحْلُ الْأَسْوَدُ (وَالصَّبْرِ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْبَاءِ كَمَا فِي النَّظْمِ وَبِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ، وَهُوَ الْأَصْفَرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا طِيبٌ لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرَيْنِ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الزِّينَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَيْضَاءَ، أَوْ سَوْدَاءَ وَذِكْرُ الصَّبْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) اكْتِحَالَهَا بِذَلِكَ (فِي لَيْلِهَا لِلرَّمَدِ) ، أَوْ نَحْوِهِ.

(وَ) الْحَالَةُ أَنَّهَا (بِالنَّهَارِ مَسَحَتْ) فَلَا يَحْرُمُ قِيَاسًا فِي الْإِثْمِدِ وَنَصًّا فِي الصَّبْرِ فَفِي أَبِي دَاوُد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنَهَا صَبْرًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ إنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ أَيْ: يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ فَلَا تَجْعَلِيهِ إلَّا بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ لَيْلًا فَأَذِنَ لَهَا فِيهِ لَيْلًا بَيَانًا لِجَوَازِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنُكَحِّلُهَا فَقَالَ: لَا - مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا» كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ، أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفَ عَلَى عَيْنِهَا، أَوْ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْبُرْءُ بِدُونِهِ لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ زَادَهَا عَبْدُ الْحَقِّ قَالَتْ إنِّي أَخْشَى أَنْ تَنْفَقِئَ عَيْنُهَا قَالَ لَا، وَإِنْ انْفَقَأَتْ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ انْفَقَأَتْ عَيْنُهَا فِي زَعْمِك لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَقِئُ، أَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ نَهَارًا أَيْضًا فَيَجُوزُ فِيهِ

(لَا) اكْتِحَالَ (الْأَبْيَضِ) كَالتُّوتِيَا، فَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَا زِينَةَ فِيهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَجِبُ تَرْكُ تَحْمِيرِ الْوَجْنَةِ وَتَبْيِيضِهَا بِالْأَسْفِيذَاجِ وَتَصْفِيرِهَا بِمَا لَهُ صُفْرَةٌ وَتَرْكُ تَسْوِيدِ الْحَاجِبِ وَتَصْغِيرِهِ وَتَطْرِيفِ الْأَصَابِعِ وَنَقْشِ الْوَجْهِ وَأَنَّهُ يُبَاحُ التَّزْيِينُ بِالْفُرُشِ وَالسُّتُورِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ وَغَسْلِ الرَّأْسِ وَامْتِشَاطِهِ وَدُخُولِ الْحَمَّامِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَلْمُ الْأَظْفَارِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ لِغَيْرِ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَهِيَ مَجْفُوَّةً بِالطَّلَاقِ، أَوْ مَفْسُوخًا نِكَاحُهَا فَالْفَسْخُ مِنْهَا، أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا، فَلَا يَلِيقُ بِهَا فِيهِمَا إيجَابُ التَّفَجُّعِ، أَوْ مَوْطُوءَةً بِشُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ أُمِّ وَلَدٍ فَلِأَنَّ التَّفَجُّعَ لِإِظْهَارِ مَا فَاتَ مِنْ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُوجَدْ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِلْمُطَلَّقَةِ، وَفِي مَعْنَاهَا الْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا وَيُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ الْإِحْدَادُ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ: فَيَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ أَيْ: يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ.

وَتَقْيِيدُ الْمَرْأَةِ فِي الْخَبَرِ بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ جَرَى

ــ

[حاشية العبادي]

رَأَيْت شَيْخَنَا رَدَّهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَظْهَرُ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَشَعْرُ الرَّأْسِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَكُونُ تَحْتَ الثِّيَابِ كَالرِّجْلَيْنِ، وَفِي إطْلَاقِهِ أَنَّ جَمِيعَهُ مِمَّا يَظْهَرُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْته حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: نُبْذَةً) يُحْتَمَلُ نَصْبُهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ بِأَلَّا وَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ: إذَا ظَهَرَتْ بِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ الْأَمْسِ نُبْذَةً إذَا إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ لِرَأْسِهَا وَلِحْيَتِهَا) يَنْبَغِي وَغَيْرُهُمَا كَالْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَتْ أَيْ: لِحْيَتُهَا وَقَوْلُهُ: بِدُهْنٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَدُهْنٍ (قَوْلُهُ: غَيْرِ زَوْجٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَهُوَ فِي شَرْحِ م ر أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ) أَيْ: لَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ: تُغَلْغِلِينَ بِهِ رَأْسَك الدَّالُّ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ فِي الْكُلِّ لَا فِي خُصُوصِ مَا يَظْهَرُ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ وَالْخَوْفُ مِنْ الْوُقُوعِ فِي خِضَابِ مَا يَظْهَرُ لَا لِتَحْرِيمِ خِضَابِ غَيْرِ مَا يَظْهَرُ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: إنْ حَرُمَ فِي الْإِحْرَامِ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر أَنَّ الْمُحْرِمَةَ لَا تُتْبِعُ أَثَرَ حَيْضِهَا مِسْكًا بِخِلَافِ الْمُحِدَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ فَالْمُصَنِّفُ جَرَى عَلَى ضَعِيفٍ فِي الْمَحْرَمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الطِّيبَ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَيْهَا هُنَا أَكْثَرَ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ نَحْوِ الْحِنَّاءِ وَالْمُعَصْفَرِ عَلَيْهَا هُنَا لِإِثْمٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: يَشُبُّ) بَابَهُ رَدَّ. اهـ. مُخْتَارٌ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَتَصْفِيرِهِ) أَيْ خِضَابِهِ بِالصُّفْرَةِ وَأَمَّا تَصْغِيرُهُ بِالْغَيْنِ وَهُوَ التَّزْجِيجُ فَيَحِلُّ وَقِيلَ يَحْرُمُ أَيْضًا ق ل

(قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ الْإِحْدَادُ. . إلَخْ) الْمُرَادُ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ فَلَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>