عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّ الذِّمِّيَّةَ كَذَلِكَ وَمِثْلُهَا فِيمَا يَظْهَرُ الْمُعَاهَدَةُ وَالْمُسْتَأْمَنَةُ فَإِنْ كَانَتْ الْمُعْتَدَّةُ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ مَنَعَهَا وَلِيُّهَا مِمَّا تُمْنَعُ مِنْهُ الْمُكَلَّفَةُ (وَدُونَ تَرْكِ مَا ذَكَرْنَا) مِمَّا تَتْرُكُهُ الْمُعْتَدَّةُ لِلْوَفَاةِ (تَنْقَضِي) عِدَّتُهَا مَعَ عِصْيَانِهَا بِعَدَمِ تَرْكِهَا ذَلِكَ إذَا عَلِمَتْ حُرْمَتَهُ كَمَا لَوْ فَارَقَتْ الْمَسْكَنَ حَيْثُ يَجِبُ مُلَازَمَتُهُ إذْ الْعِبْرَةُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ حَتَّى لَوْ بَلَغَهَا خَبَرُ وَفَاةِ الزَّوْجِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ كَانَتْ الْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةً
(وَغَيْرُ حُرَّةٍ) وَلَوْ مُكَاتَبَةً وَمُبَعَّضَةً إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا تَعْتَدُّ (بِقُرْأَيْنِ إذَا) كَانَتْ (تَعْتَدُّ لَاقْرَا) لِقَوْلِ عُمَرَ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ بِقُرْأَيْنِ؛ وَلِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا كَمَّلَتْ الْقُرْءَ الثَّانِيَ لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِهِ كَالطَّلَاقِ إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِظَارِ.
(وَنِصْفِ غَيْرِ ذَا) أَيْ: وَتَعْتَدُّ غَيْرُ الْحُرَّةِ بِنِصْفِ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَقْرَاءِ أَيْ: بِنِصْفِ أَشْهُرِ الْحُرَّةِ، وَهُوَ شَهْرٌ وَنِصْفٌ فِي عِدَّةِ الْحَيَاةِ إنْ كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَشَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الرَّقِيقَةَ الْمُتَحَيِّرَةَ تَعْتَدُّ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَارِزِيُّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا قَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْأَشْهُرَ أَصْلٌ فِي حَقِّهَا، وَلَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ، أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ فَبِبَاقِيهِ وَالثَّانِي أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ فَبِشَهْرَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ
(وَ) تَعْتَدُّ الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا (بِتَكَمُّلِ انْفِصَالِ حَمْلِ) حَيٍّ، أَوْ مَيِّتٍ (يُمْكِنُ) كَوْنُهُ (مِنْ ذِي عِدَّةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: ٢٣٤] وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْوَضْعِ وَهَذَا (فِي الْكُلِّ) مِنْ حُرَّةٍ وَغَيْرِهَا ذَاتِ أَقْرَاءٍ، أَوْ أَشْهُرٍ مُفَارِقَةٍ بِالْحَيَاةِ أَوْ بِالْوَفَاةِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ قَطْعًا.
وَالْأَقْرَاءُ وَالْأَشْهُرُ يَدُلَّانِ عَلَيْهَا ظَاهِرًا وَخَرَجَ بِانْفِصَالِهِ خُرُوجُ بَعْضِهِ، وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُجْتَنِّ فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَالرَّجْعَةِ وَلُحُوقِ الطَّلَاقِ وَالتَّوَارُثِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ وَعَدَمِ تَوْرِيثِهِ وَسِرَايَةِ عِتْقِ الْأُمِّ إلَيْهِ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَتَبَعِيَّتِهِ لِلْأُمِّ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ وَكَذَا سَائِرُ أَحْكَامِ الْجَنِينِ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا، وَفِي الْفَرَائِضِ وَحَكَى فِي بَابِ الْغُرَّةِ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ لِوُجُوبِهَا ظُهُورُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَحَقُّقُ وُجُودِهِ وَبَنَى عَلَيْهِمَا وُجُوبَ الْقَوَدِ إذَا أَخَّرَ جَانٍ رَقَبَتَهُ، وَهُوَ حَيٌّ وَوُجُوبُ الدِّيَةِ إذَا مَاتَ بَعْدَ صِيَاحِهِ وَحَكَى فِي الْأَطْعِمَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ بَعْضُهُ لَا يَحِلُّ بِذَبْحِ الْأُمِّ لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَعَنْ الْقَفَّالِ الْحِلُّ وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَرَجَّحَ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي الرَّضَاعِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَوْلَيْنِ مِنْ خُرُوجِهِ بِتَمَامِهِ وَحَكَى هُنَاكَ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ إذَا ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِهِ هَلْ يُعْتَدُّ بِهِ، أَوْ لَا وَقَوْلُ النَّظْمِ بِتَكَمُّلٍ كَقَوْلِ غَيْرِهِ بِتَمَامِ تَأْكِيدٍ وَإِيضَاحٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ مَفْهُومٌ مِنْ الِانْفِصَالِ وَخَرَجَ بِإِمْكَانِهِ مِنْ ذِي الْعِدَّةِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ، أَوْ لِأَكْثَرَ وَدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَكَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لَا تُقْطَعُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، أَوْ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْفُرْقَةِ، فَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ
ــ
[حاشية العبادي]
الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي، فَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْإِحْدَادُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ. اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: غَيْرِ زَوْجٍ مِنْ قَرِيبٍ سَيِّدٍ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ حَيْثُ لَا رِيبَةَ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْت شَارِحِينَ تَخَالَفُوا فِيهِ وَمَا فَصَّلْته أَوْجَهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ حَجَرٌ ح
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ) لَك أَنْ تَقُولَ هَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّ بَقِيَّتَهُ مِنْ الْعِدَّةِ بَلْ إنَّهَا لَا تَتَبَيَّنُ إلَّا بِتَمَامِهِ فَهَلَّا جَعَلْت قُرْءًا وَنِصْفًا، وَإِنْ تَوَقَّفَ مَعْرِفَةُ آخِرِهَا عَلَى تَمَامِ الْقُرْءِ الثَّانِي حَتَّى لَوْ رَاجَعَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا آخَرُ فِي أَثْنَاءِ الْقُرْءِ الثَّانِي تَبَيَّنَ بِتَمَامِهِ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ إنْ وَقَعَتْ فِي نِصْفِهِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَصِحَّةُ التَّزْوِيجِ إنْ وَقَعَ بِالْعَكْسِ.
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ النِّصْفُ قَدْ يَخْفَى وَلَا يَنْضَبِطُ اُعْتُبِرَ التَّمَامُ لِظُهُورِهِ وَانْضِبَاطُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ) أَيْ: سِتَّةَ عَشَرَ فَأَكْثَرُ
(قَوْلُهُ: فَلَا تَنْقَضِي بِهِ) أَيْ لِخُرُوجِ بَعْضِهِ، أَوْ بِبَعْضِهِ وَقَوْلُهُ: بَلْ حُكْمُهُ أَيْ الْجَنِينِ الَّذِي خَرَجَ بَعْضُهُ، فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَشْمَلُ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ الْخَارِجِ أَوَّلًا إذْ لَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي وَسِرَايَةُ عِتْقِ الْأُمِّ إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَوْرِيثِهِ. . إلَخْ) كُلٌّ مِنْ عَدَمِ الْإِرْثِ وَسِرَايَةُ الْعِتْقِ وَمَا بَعْدَهُمَا شَامِلٌ لِمَا إذَا انْفَصَلَ إلَّا نَحْوَ أُصْبُعٍ، أَوْ ظُفْرٍ وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ الْغُرَّةِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا) كَأَنَّهُمْ احْتَرَزُوا بِذَلِكَ عَنْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِيهَا الْعُقُودَ أَوْ الدِّيَةَ كَمَا سَيَأْتِي حِكَايَتُهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْغُرَّةِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِي تَجِبُ الدِّيَةُ إذَا جَنَى بَعْدَ الصَّبَاحِ مُرَادُهُ الْجِنَايَةُ عَلَى الْأُمِّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا.
(قَوْلُهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا) أَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ فَسَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ إذَا أَخَّرَ جَانٍ رَقَبَتَهُ (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ الدِّيَةِ إذَا مَاتَ. . إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدِّيَةِ صُورَتُهَا أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْأُمِّ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِلْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ وَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ الْإِحْدَادُ عَلَى قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ مَعْنًى وَمِثْلُ الْقَرِيبِ وَالسَّيِّدِ مَنْ يُطْلَبُ الْحُزْنُ عَلَيْهِ وَلَا رِيبَةَ كَصَدِيقٍ وَعَالِمٍ وَصَالِحٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: وَدُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ) فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْأَرْبَعَ مَتَى حُسِبَ مِنْهَا