للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالتَّرَاضِي وَكَالْمُعْتَدَّةِ عَمَّا ذُكِرَ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ السُّكْنَى عَلَى الْوَاطِئِ وَالنَّاكِحِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الرَّجْعِيَّةَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَكَلَامُهُ فِي غَيْرِهَا يَقْتَضِي الْأَوَّلَ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَيْضًا مَسْكَنَ الْمُعْتَدَّةِ الْمَمْلُوكِ لَهَا فَيَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ وَتَطْلُبُ الْأُجْرَةَ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا تَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَقَائِهَا فِيهِ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ وَبَيْنَ طَلَبِ النَّقْلَةِ إلَى غَيْرِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهَا بَذْلُ مَنْزِلِهَا بِإِعَارَةٍ وَلَا إجَارَةٍ (وَإِنْ) كَانَ الْمَسْكَنُ (لِوَارِثٍ) لِذِي الْعِدَّةِ (يَرْضَى) بِإِسْكَانِهَا فِيهِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي صَوْنِ مَاءِ مُوَرِّثِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَيُسَنُّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُعَيِّنَ لَهَا مَسْكَنًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ احْتِيَاطًا لِمَنْ تَعْتَدُّ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُسْكِنْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ فَلَوْ أَسْكَنَهَا أَجْنَبِيٌّ مُتَبَرِّعًا حَيْثُ لَا رِيبَةَ فَعَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ كَتَبَرُّعِ الْوَارِثِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ جَازَ قَبُولُهُ وَلَا يَجِبُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمُعْتَدَّةِ لِلسُّكْنَى حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا بَدَلَ لَهُ فَيَجِبُ فِيهِ الْقَبُولُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ تَعْطِيلُهُ.

(وَ) لَازَمَتْ وُجُوبًا (مَسْكَنًا أَذِنْ) لَهَا ذُو الْعِدَّةِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ فِي انْتِقَالِهَا إلَيْهِ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ (إنْ تَنْتَقِلْ) إلَيْهِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ (أَوْ فِي طَرِيقٍ تَكِنْ) أَيْ أَوْ تَكُنْ هِيَ عِنْدَ الْفُرْفَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُلْ شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَأْمُومَةٌ بِالْمَقَامِ فِيهِ حَتَّى لَوْ وَصَلَتْ إلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى الْأَوَّلِ لِنَقْلِ أَمْتِعَتِهَا مَثَلًا فَحَصَلَتْ فِيهِ الْفُرْقَةُ لَزِمَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي الثَّانِي فَإِنْ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَيْهِ وَلَمْ تَكُنْ فِي طَرِيقِهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ لَزِمَهَا مُلَازَمَةُ الْأَوَّلِ، أَمَّا إذَا انْتَقَلَتْ بِلَا إذْنٍ فَيَلْزَمُهَا الْعَوْدُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي الْإِقَامَةِ فِي الثَّانِي فَتَلْزَمُهَا فِيهِ وَذِكْرُهُ الِانْتِقَالَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا بَعْدَهُ.

ثُمَّ اسْتَثْنَى مِمَّا اقْتَضَاهُ وُجُوبُ مُلَازَمَتِهَا الْمَسْكَنَ مِنْ حُرْمَةِ خُرُوجِهَا مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا) خُرُوجُهَا (لِاحْتِيَاجِ) شِرَاءِ (مَطْعَمٍ وَقُطْن) وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَيْ نَهَارًا لَا لَيْلًا إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ ذَلِكَ نَهَارًا نَعَمْ الرَّجْعِيَّةُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهَا فَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ لِضَرُورَةٍ وَكَذَا الْبَائِنُ الْحَامِلُ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا حَصَلَ لَهَا النَّفَقَةُ فَلَا تَخْرُجُ بَعْدُ لِأَجْلِهَا لَكِنْ لَهَا الْخُرُوجُ لِبَقِيَّةِ حَوَائِجِهَا مِنْ شِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَا لَوْ أُعْطِيت النَّفَقَةَ دَرَاهِمَ وَاحْتَاجَتْ إلَى الْخُرُوجِ لِشِرَاءِ الْأُدْمِ بِهَا. اهـ. وَفِي قَوْلِ النَّظْمِ لِاحْتِيَاجٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَكَالْمُعْتَدَّةِ عَمَّا ذُكِرَ الْمُعْتَدَّةُ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً وَالْمَسْكَنُ لَهَا أَوْ لِلزَّوْجِ لَكِنْ إذَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْبَقَاءُ فِي مَسْكَنِهَا الْمَمْلُوكِ لَهَا فِي عِدَّةِ الزَّوْجِ فَكَذَا فِي عِدَّةِ الْأَجْنَبِيِّ بَلْ أَوْلَى وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلِلْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ إسْكَانُهَا وَيَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ كَمَا قَدَّمْته. اهـ. (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ) حَمَلَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ اسْتَمَرَّتْ أَيْ فِي مِلْكِهَا عَلَى جَوَازِ الِاسْتِمْرَارِ فَلَا يُخَالِفُ أَصْلَ الرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ: فِي الطَّرِيقِ) بِأَنْ فُورِقَتْ بَعْدَ الْخُرُوجِ بِإِذْنِ الزَّوْجِ مِنْ مَسْكَنِهَا إلَى مَسْكَنٍ آخَرَ أَوْ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْعُمْرَانِ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ لِنُقْلَةٍ وَقَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ فَتَعْتَدُّ فِي الثَّانِي حَجَرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا) اُنْظُرْ لَوْ وُجِدَ هَذَا الْإِذْنُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى الثَّانِي وَبَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ الْأَوَّلِ بِلَا إذْنٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حِينَئِذٍ وَهِيَ فِيهِ أَوْ فِي طَرِيقِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ غَزْلٍ وَنَحْوِهِ) فِي الرَّوْضِ وَلَا

ــ

[حاشية الشربيني]

فَإِذْنُهُ الْأَوَّل لَعَلَّهُ كَانَ بِاجْتِهَادٍ نُسِخَ (قَوْلُهُ: الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَعَلَيْهَا أُجْرَتُهُ وَلِلزَّوْجِ إسْكَانُهَا. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ) مُعْتَمَدٌ ق ل (قَوْلُهُ وَفِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ) ضَعِيفٌ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا إلَخْ) لَعَلَّهُ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُوطَأُ حَيْثُ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا حُكْمُهَا كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي الْإِقَامَةِ فِي الثَّانِي) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَخْرُجُ) أَيْ لِلْأَعْذَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي ق ل إنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ.

أَمَّا غَيْرُهَا فَلَهَا الْخُرُوجُ لِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ كَالتَّأَنُّسِ بِالْجَارَةِ وَغَيْرِهِ. اهـ. لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الرَّجْعَةِ ثُمَّ رَأَيْت سم ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنٍ) أَيْ لَا تَخْرُجُ لِلْأَعْذَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَاوِي أَنَّهُ يُسْكِنُهَا حَيْثُ شَاءَ أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْكِنُهَا فِي غَيْرِ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ فَيُشْكِلُ لِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِذْنِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَسَامَحُوا فِيهِ فَتُعَدُّ مُلَازِمَةً لَهُ عُرْفًا رَاجِعْ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنٍ) أَوْ لِضَرُورَةٍ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْقِيَامَ بِجَمِيعِ مُؤَنِهَا كَالزَّوْجَةِ. اهـ. تُحْفَةٌ وَقَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنٍ وَلَا يُنَافِيهِ امْتِنَاعُ تَرْكِ مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ بِتَوَافُقِهِمَا لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهُ مُطْلَقًا سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبَائِنُ الْحَامِلُ) أَيْ تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ إلَّا بِإِذْنٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَهَا الْخُرُوجُ) أَيْ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ كَالزَّوْجَةِ كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَهَا الْخُرُوجُ) أَيْ لِلْبَائِنٍ الْحَامِلِ الْخُرُوجُ لِمَا ذُكِرَ بِدُونِ إذْنٍ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أُعْطِيت إلَخْ) وَلَا يَأْتِي هَذَا فِي الرَّجْعِيَّةِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا فِي حُكْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>