رَجْعَةَ لَهُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْأَقْرَاءِ، أَوْ الْأَشْهُرِ بِسَبَبِ الْمُخَالَطَةِ وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ احْتِيَاطًا وَعَدَمُ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَئِمَّةِ، وَفِي الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ قَالَ عِنْدِي لَا رَجْعَةَ لَهُ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ مَا يُوَافِقُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمُفْتَى بِهِ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَالرَّافِعِيُّ نَقَلَ اخْتِيَارَ الْبَغَوِيّ دُونَ مَنْقُولِهِ. اهـ. وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَوَّبَ ثُبُوتَ الرَّجْعَةِ لَكِنْ يُعَارِضُ نَقْلَ الْبَغَوِيّ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ نَقْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مُقَابِلَهُ عَنْ الْأَئِمَّةِ كَمَا مَرَّ
(وَ) انْقَطَعَتْ عِدَّةُ مَنْ تَعْتَدُّ بِغَيْرِ الْوَضْعِ (بِالْجِمَاعِ فِي نِكَاحٍ قَدْ فَسَدْ) بِأَنْ نَكَحَهَا غَيْرُ ذِي الْعِدَّةِ فِيهَا جَاهِلًا بِالْحَالِ وَيَسْتَمِرُّ الِانْقِطَاعُ مَا دَامَتْ فِرَاشًا فَإِنْ عَلِمَ فَهُوَ زَانٍ لَا يَقْطَعُ جِمَاعُهُ الْعِدَّةَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ خَالَطَهَا بِلَا جِمَاعٍ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا حُرْمَةَ لَهُ (وَلْتَبْنِ) الْمُعْتَدَّةُ بَعْدَ التَّفْرِيقِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْعِدَّةِ قَبْلَ الْمُخَالَطَةِ أَوْ الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ (وَهِيَ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ (إنْ تَطْلُقْ بَعْدَ رَدْ) أَيْ بَعْدَ رَجْعَتِهَا اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ سَوَاءٌ وَطِئَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا لِعَوْدِهَا بِالرَّجْعَةِ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بَعْدَ رَدٍّ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بِلَا رَدٍّ لَمْ تَسْتَأْنِفْ، بَلْ تَبْنِي إذْ الطَّلَاقُ الثَّانِي مُؤَكِّدٌ لِلْأَوَّلِ وَلَا يَقْطَعُ الْعِدَّةَ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ وَلِأَنَّهُمَا طَلَاقَانِ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا وَطْءٌ وَلَا رَجْعَةٌ فَكَانَا كَمَا لَوْ أَوْقَعَهُمَا مَعًا (أَوْ) تَطْلُقُ (بَعْدَ تَجْدِيدٍ) لِلنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ (مَعَ) وُجُودِ (الْوَطْئِيَّهْ) أَيْ: وَطْئِهِ لَهَا بَعْدَ التَّجْدِيدِ (اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً لِأَجْلِ الْوَطْءِ وَدَخَلَ فِيهَا بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ لَمْ تَسْتَأْنِفْ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ فِي نِكَاحٍ جَدِيدٍ قَبْلَ الْوَطْءِ بَلْ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْعِدَّةِ (كَأَنْ يَطَا الرَّجْعِيَّهْ) بِحَذْفِ هَمْزَةِ يَطَأُ وَحَرَكَتِهَا لِلْوَزْنِ أَيْ: كَأَنْ يَطَأَ الزَّوْجُ الرَّجْعِيَّةَ فِي الْعِدَّةِ، وَلَوْ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً وَتَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ شَخْصٍ وَاحِدٍ (وَرُوجِعَتْ) هَذِهِ الْمَوْطُوءَةُ (فِيمَا تَبَقَّى) مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لَا فِيمَا زَادَ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَفِي اعْتِدَادِهَا لِتَطْلِيقٍ رَجَعَ زَوْجٌ وَهَذَا إذَا لَمْ تَحْبَلْ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَى الْوَضْعِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ
(وَإِلَى أَنْ وَضَعَتْ إذَا أَحَسَّتْ حَبَلَا) أَيْ بِالْحَبَلِ، سَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ مِنْ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ قَالُوا: لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَيْ: لِأَنَّ بَقِيَّتَهَا قَدْ تَضَمَّنَهَا الْحَمْلُ.
(وَلَازَمَتْ) وُجُوبًا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ فُرْقَةِ حَيَاةٍ أَوْ وَفَاةٍ (مَسْكَنَ فُرْقَةٍ) لَائِقًا بِهَا إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْهُ ذُو الْعِدَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ بِالْبَذَاءَةِ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا وَلِخَبَرِ «فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ: فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ: فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ) نَعَمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَالُ لَوْ طَلُقَتْ بِمَالٍ حَتَّى لَوْ خَالَعَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا مَالَ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهَا كَالْبَائِنِ إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ احْتِيَاطًا فَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَالُ فَلَا يَجِبُ م ر
[حاشية الشربيني]
الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْخَطِيبِ وَالْبِلْبِيسِيِّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ إنَّمَا هُوَ عَقْدُ الْأَجْنَبِيِّ أَمَّا عَقْدُهُ هُوَ حَيْثُ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ الْعِدَّةِ فَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ فَإِنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَلُحُوقُ الطَّلَاقِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّغْلِيظِ وَإِلَّا فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ بَائِنٌ مِنْهُ مُسْتَفْرَشَةٌ لَهُ وَهُوَ لَا يُنَافِي صِحَّةَ الْعَقْدِ فَرَاجِعْ. اهـ. بِخَطِّ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ) وَلَا رَجْعَةَ فِيهِ
(قَوْلُهُ أَوْ الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى فِي صُورَةِ الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَنَقَلَ الشَّيْخُ الْمَرْصَفِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّيْخِ الرَّشِيدِيِّ أَنَّهَا إنَّمَا تَبْنِي إنْ لَمْ تَكُنْ الْمُعَاشَرَةُ بِوَطْءٍ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةً لِهَذَا الْوَطْءِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَلْزَمُهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا عِدَّةٌ كَامِلَةٌ. اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ قَوْلَهُ: كَامِلَةٌ لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا وَطِئَ حَالَ الْمُعَاشَرَةِ أَيْ وَيُدْخِلُ فِيهَا بَقِيَّةَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. اهـ. وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى الْبِنَاءِ أَنَّهَا تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَأْنِفَةً عِدَّةً لِلْوَطْءِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فُرَيْعَةُ) بِضَمِّ الْفَاءِ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: فِي الْحُجْرَةِ) أَيْ صَحْنِ دَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَسْجِدُ بِجِوَارِهَا وَهُوَ مَحَلُّ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ الْآنَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: دَعَانِي فَقَالَ إلَخْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute