عِدَّةُ الشُّبْهَةِ سَابِقَةً لِكَوْنِهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ لَمْ تَنْقُضْ وَخَرَجَ بِالرَّجْعَةِ التَّجْدِيدُ فَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ وَالرَّجْعَةُ شَبِيهَةٌ بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ وَعَلَى هَذَا جَرَى جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ كَمَا سَيَأْتِي لَكِنْ سَوَّى الشَّيْخَانِ بَيْنَهُمَا فَقَالَا وَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، أَوْ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ بَائِنًا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ نَعَمْ لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالْمَاوَرْدِيِّ لَا؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْآنَ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ حُكْمًا وَلِهَذَا يَثْبُتُ التَّوَارُثُ قَطْعًا لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ لِلْخِلَافِ فِي صُورَةِ التَّجْدِيدِ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيُّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إلَى آخِرِهِ.
وَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَهَلْ لَهُ التَّجْدِيدُ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَنْعِ، وَفِي التَّهْذِيبِ فِيهِ الْوَجْهَانِ وَصَحَّحَ الْمَنْعَ. اهـ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجْعَةِ وَالتَّجْدِيدِ أَنَّهَا فِي حُكْمِ الدَّوَامِ وَعِدَّةُ غَيْرِهِ لَا تُنَافِي دَوَامَ نِكَاحِهِ بِخِلَافِ الِابْتِدَاءِ. اهـ. وَأَنَّثَ النَّاظِمُ ضَمِيرَ (قَبْلَهَا) الْعَوْدَةُ إلَى الْعِدَّةِ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالِاعْتِدَادِ وَبِهَا عَبَّرَ الْحَاوِي فَقَالَ وَيُرَاجِعُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَقَبْلَهَا (وَ) يُرَاجِعُ (قَبْلَ أَنْ تَضَعْ) حَمْلَهَا الْمُشْتَبَهَ السَّابِقَ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهَا إمَّا فِي عِدَّتِهِ، أَوْ قَبْلَهَا وَلَا تَصِحُّ بَعْدَ الْوَضْعِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ عِدَّتِهِ بِالْحَمْلِ إلَّا أَنْ يُلْحِقُهُ الْقَائِفُ بِغَيْرِهِ فَيَتَبَيَّنُ صِحَّتُهَا وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِمَّا قَبْلَهَا
(وَانْقَطَعَتْ) أَيْ: الْعِدَّةُ (بِخَلْطَةِ الزَّوْجِ) أَيْ: مُخَالَطَتِهِ الْمُعْتَادَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَلَوْ بِالْخَلْوَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ كَالْخَلْوَةِ لَيْلًا دُونَ نَهَارٍ (لِمَنْ تَعْتَدُّ لَا بِالْوَضْعِ) بَلْ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (فِيمَنْ لَمْ تُبَنْ) مِنْهُ أَيْ: فِي الرَّجْعِيَّةِ لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ فِيهَا بِخِلَافِ الْبَائِنِ وَخَرَجَ بِمُخَالَطَتِهِ دُخُولُهُ الدَّارَ الَّتِي هِيَ فِيهَا وَلَمْ يَخْتَلِ مَعَهَا وَبِالزَّوْجِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي مُخَالَطَةُ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ: إلَّا أَنْ تَكُونَ بِشُبْهَةٍ مَعَ جِمَاعٍ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ الْآتِي وَبِقَوْلِهِ لَا بِالْوَضْعِ الْمَزِيدِ أَيْضًا اعْتِدَادُهَا بِالْوَضْعِ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ وَإِذَا انْقَطَعَتْ الْعِدَّةُ بِالْمُخَالَطَةِ، فَلَا
ــ
[حاشية العبادي]
وَالرَّوْضَةِ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيَتَوَارَثَانِ وَيَلْحَقُهَا طَلَاقٌ قَبْلَ الْوَضْعِ وَبَعْدَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْمَنْعَ) أَقُولُ يُؤَيِّدُ الْمَنْعَ حُكْمُهُمْ فِي الْحَمْلِ الْمُشْتَبَهِ السَّابِقِ بِأَنَّ التَّجْدِيدَ يَكُونُ مَرَّتَيْنِ إذْ قَضِيَّةُ الْجَوَازِ هُنَا أَنْ يَكْتَفِيَ فِي الْمُشْتَبَهِ بِالتَّجْدِيدِ قَبْلَ الْوَضْعِ فَتَدَبَّرْ بِرّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَعْدَ الْوَضْعِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا عُرِضَ بَعْدَ الْوَضْعِ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ انْفَرَدَ صَاحِبُهُ بِالدَّعْوَى لَحِقَهُ، وَإِنْ فُقِدَ الْقَائِفُ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَعَذَّرَ عَرْضُهُ انْقَضَتْ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ الْوَطْءَ قُرْآنِ احْتِيَاطًا وَتَصِحُّ رَجْعَتُهَا مَعَ هَذَا الْحَمْلِ لَا بَعْدَهُ فَلَوْ رَاجَعَ بَعْدَهُ أَيْ: فِي الْقَدْرِ الْمُتَيَقِّنِ أَنَّهُ مِنْ الْأَقْرَاءِ لَا فِيمَا وَجَبَ احْتِيَاطًا كَالْقُرْأَيْنِ فِي تَصْوِيرِهِ السَّابِقِ وَبَانَ أَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ، أَوْ رَاجَعَ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ الْوَضْعِ وَبَعْدَهُ فِي بَاقِي الْعِدَّةِ صَحَّ، وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَنَكَحَهَا أَيْ: الزَّوْجُ مَرَّةً وَاحِدَةً قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ فَإِنْ بَانَ بِالْقَائِفِ أَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ صَحَّ، أَوْ نَكَحَهَا مَرَّتَيْنِ قَبْلَ الْوَضْعِ وَبَعْدَهُ فِي بَاقِي عِدَّتِهِ صَحَّ وَإِنْ نَكَحَهَا الْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ قَبْلَ الْوَضْعِ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا بَعْدَهُ فِي بَاقِي عِدَّةِ الزَّوْجِ فَلَوْ بَانَ أَيْ: فِي هَذِهِ بِالْقَائِفِ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ الزَّوْجِ صَحَّ اهـ.
وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْوَضْعِ لَمْ يَصِحَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا فِي عِدَّةِ الزَّوْجِ حِينَئِذٍ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لِوَاطِئِ الشُّبْهَةِ نِكَاحَ الْمَوْطُوءَةِ فِي عِدَّتِهِ الْمَعْلُومَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ لِلْمُطَلِّقِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ غَرِيبَةٌ وَيُؤَيِّدُهَا أَنَّ الزَّوْجَ يَصِحُّ تَجْدِيدُهُ إذَا كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ صَارَ أَجْنَبِيًّا لِكَوْنِ الطَّلَاقِ بَائِنًا مَعَ تَأَخُّرِ عِدَّةِ وَاطِئِ الشُّبْهَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ الْمَحْضِ ثُمَّ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى م ر فَاسْتَغْرَبَهُ وَاسْتَبْعَدَهُ وَمَالَ لِلْفَرْقِ وَأَنَّ الْعِلَّةَ قَاصِرَةٌ فَلْيُحَرَّرْ م ر
[حاشية الشربيني]
وَطَلَاقِهِ عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ. اهـ. ق ل
(قَوْلُهُ وَانْقَطَعَتْ بِخَلْطَةِ الزَّوْجِ. . إلَخْ) وَلَهَا فِي مِقْدَارِ عِدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ حُكْمُ الرَّجْعِيَّةِ وَفِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ حُكْمُ الْبَائِنِ إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَمَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ الْأَحْكَامِ حَالَ الْمُعَاشَرَةِ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ الْعِدَّةِ ثَابِتٌ لَهَا أَيْضًا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمُعَاشَرَةِ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ الْمُبْتَدَأَةُ أَوْ الْمُكَمَّلَةُ. اهـ. شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فَلَا رَجْعَةَ. . إلَخْ) وَكَذَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ نَعَمْ تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا لِعَانٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا إيلَاءٌ وَلَا تَوَارُثٌ وَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ وَفَاةٍ لَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَيْسَ لَهُ تَزَوُّجُ نَحْوِ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ عَلَيْهَا وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا مَالَ وَلَيْسَ لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إلَّا هَذِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ تَزَوُّجُ نَحْوِ أُخْتِهَا اعْتَمَدَ الشَّيْخُ الطُّوخِيُّ الْجَوَازَ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ عَلَيْهَا أَيْ: لِأَنَّهَا بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا أَشْبَهَتْ الرَّجْعِيَّةَ وَهِيَ لَا يَصِحُّ عَقْدُ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَقْدًا وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً فِي الرَّجْعَةِ حَيْثُ جَازَتْ وَمُقْتَضَى هَذَا اسْتِمْرَارُ عَدَمِ صِحَّةِ عَقْدِهِ عَلَيْهَا إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَلْحَقُهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الدَّمْهُوجِيُّ وَشَيْخُنَا الْقُوَيْسِنِيُّ وَهُوَ مُفَادُ مَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute