لَا يَجِبُ لَهَا مُؤْنَةُ التَّنَظُّفِ لِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ عَنْهَا، وَلَوْ ظَهَرَ بِهَا إمَارَاتُ الْحَمْلِ وَلَوْ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا فَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ اسْتَرَدَّ الزَّائِدَ عَلَى نَفَقَةِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَتُسْأَلُ عَنْ قَدْرِ أَقْرَائِهَا فَإِنْ عَيَّنَتْ قَدْرَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَإِنْ قَالَتْ لَا أَعْلَمُ مَتَى انْقَضَتْ عِدَّتِي سُئِلَتْ عَنْ عَادَتِهَا فَإِنْ ذَكَرَتْ عَادَةً مَضْبُوطَةً عُمِلَ بِقَوْلِهَا وَإِنْ قَالَتْ عَادَتِي مُخْتَلِفَةٌ أَخَذْنَا بِأَقَلِّ عَادَاتِهَا وَرَجَعَ بِمَا زَادَ وَلَوْ قَالَتْ نَسِيت عَادَتِي فَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَخْذًا بِغَالِبِ الْعَادَاتِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهِ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ (أَوْ) إلَى أَنْ (وَضَعَتْ) أَيْ الْبَائِنُ حَمْلَهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَلَا يَجِبُ دَفْعُ النَّفَقَةِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ الْحَمْلُ فَيَجِبُ دَفْعُهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ فَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ اُسْتُرِدَّ.
(وَإِنْ قَضَى) أَيْ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ وَضْعِ حَمْلِهَا فَأَوْجَبَ لَهَا النَّفَقَةَ (عَلَى أَحَدْ وَجْهَيْنِ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَصْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ وَهِيَ إذَا كَانَتْ بَائِنًا لَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ بَلْ تَعْتَدُّ عَنْ فُرْقَةِ الْحَيَاةِ وَهِيَ كَأَنَّهَا تُوجِبُ هَذِهِ النَّفَقَةَ دُفْعَةً فَتَصِيرُ كَدَيْنٍ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْحَاضِنَةِ لِلْوَلَدِ وَلَا نَفَقَةَ لِلْحَاضِنَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَرَجَّحَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ لَكِنْ الثَّانِي أَسَدْ) أَيْ أَقْوَى (مِثْلُ الْإِمَامِ اخْتَارَهُ) وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا إذَا بَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ بِعَارِضٍ كَرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ فَإِنْ بَانَتْ بِفَسْخٍ بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إذْ الْفَسْخُ بِذَلِكَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ أَمَّا إذَا بَانَتْ الْحَامِلُ بِمَوْتِ الزَّوْجِ فَلَا لِخَبَرِ «لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ حَمْلِهَا كَمَا مَرَّ وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَكَذَا النَّفَقَةُ بِسَبَبِهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ فِي مَسْأَلَةِ الْغَزَالِيِّ السَّابِقَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ فِيهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَاغْتُفِرَ بَقَاؤُهَا فِي الدَّوَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ.
(أَوْ) إلَى أَنْ (حَبِلَتْ) أَيْ الْمُمَكِّنَةُ (مِنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) حَصَلَتْ مِنْ الْوَاطِئِ فَتَسْقُطُ بِذَلِكَ نَفَقَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ بِذَلِكَ.
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَلَوْ ظَهَرَ بِهَا. . . إلَخْ) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ فَلَا إشْكَالَ فِي تَقْيِيدِ الِاسْتِرْدَادِ بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ دَفْعُهَا. . . إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ مَا مَضَى قَبْلَ ظُهُورِ الْحَمْلِ لِتَبَيُّنِ وُجُوبِهِ (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ) أَيْ الْجَمِيعَ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ) فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَيْهَا فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَقَوْلُهُ: بَلْ تَعْتَدُّ أَيْ الْبَائِنُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا) أَيْ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ إذْ الْفَسْخُ بِذَلِكَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ. اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ التَّرْجِيحَ لِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَأَنَّ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةً إلَيْهِ وَأَنَّ الْأَصْلَ رَجَّحَهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ هَذَا التَّعْلِيلِ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْفَسْخَ مُطْلَقًا إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ فَكَيْفَ يُرَجَّحُ هَذَا الْحُكْمُ وَيُعَلَّلُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ وَمِنْهَا أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْفَسْخِ بِالْمُقَارِنِ وَالْفَسْخِ بِالْحَادِثِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ وَمِنْهَا أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ لَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى رَفْعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَبْحَثِ تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا ثَمَّ أَسْبَابًا لِسُقُوطِ جَمِيعِ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ انْتِفَاءِ دَفْعِ الْعَقْدِ فِيهَا مِنْ أَصْلِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مَعَ زِيَادَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي بَابِ الْخِيَارِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْفَسْخَ بِالْعَيْبِ الْمُقَارِنِ يُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ بَعْدَهُ لَا الْمُسَمَّى وَعَلَّلَ الشِّقَّ الثَّانِيَ بِتَعْلِيلَيْنِ قَالَ مَا نَصُّهُ وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ الْمُسَمَّى وَلَا رُجُوعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الدُّخُولَ جَرَى فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى تَسْمِيَةٍ صَحِيحَةٍ فَأَشْبَهَ الرِّدَّةَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمِنْهَا خُرِّجَ هَذَا الْقَوْلُ قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الْقِيَاسِ فَإِنَّ الْفَسْخَ عِنْدَنَا لَا يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ. اهـ. فَتَأَمَّلْ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا وَجَبَتْ) أَيْ حَالَ الْبَيْنُونَةِ.
[حاشية الشربيني]
بِخِلَافِ الصِّغَرِ.
(قَوْلُهُ: لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ) أَيْ لَا لِلْحَمْلِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ لَتَقَدَّرَتْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ وَلَمَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْسِرِ وَلَمَا اخْتَلَفَتْ بِيَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ م ر وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فَسْخٍ بِعَارِضٍ كَرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِمُقَارِنٍ فَإِنَّهُ لَمَّا قَارَنَ الْعَقْدَ كَانَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا بِكَوْنِهِ يُرْفَعُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ إنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إذَا كَانَ الْفَسْخُ بِعَارِضٍ وَلَوْ كَانَ مِنْهَا كَرِدَّتِهَا وَإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالصَّدَاقِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالِانْفِسَاخِ بِالْعَارِضِ إذَا كَانَ مِنْهَا وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ، وَقَدْ فَاتَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِفَسْخٍ) لَمْ يَقُلْ أَوْ انْفِسَاخٍ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُقْتَضِي لَهُ كَالرَّضَاعِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ كَانَ الْعَقْدُ بَاطِلًا مِنْ أَصْلِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَرْفَعُهُ مِنْ حِينِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَسْتَحِقُّ بِهِ مُؤْنَةً. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute