الْخَادِمَةِ لَكِنْ ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى الزَّوْجِ لِلْمَخْدُومَةِ الطَّبْخُ وَالْغَسْلُ وَنَحْوُهُمَا دُونَ حَمْلِ الْمَاءِ إلَيْهَا لِلشُّرْبِ وَالْمُسْتَحَمُّ إذْ التَّرَفُّعُ عَنْ ذَلِكَ رُعُونَةٌ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ مَا يَخْتَصُّ بِهَا كَحَمْلِ الْمَاءِ لِلْمُسْتَحَمِّ وَصَبِّهِ عَلَى يَدِهَا وَغَسْلِ خِرَقِ الْحَيْضِ وَنَحْوِهَا دُونَ الطَّبْخِ وَالْكَنْسِ وَالْغَسْلِ فَلَا يَجِبُ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا خَادِمِهَا بَلْ عَلَى الزَّوْجِ فَيُوَفِّيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَالْكَلَامَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ النَّوْعَيْنِ لَا يَتَوَظَّفَانِ عَلَى خَادِمِهَا حَتَّى يَفْرِضَ تَوْزِيعَ الْوَاجِبِ وَتَخْفِيفَ بَعْضِهِ وَالْعُمْدَةُ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ زَادَ النَّوَوِيُّ الَّذِي أَثْبَتَهُ الزَّازُ مِنْ الطَّبْخِ وَالْغَسْلِ وَنَحْوِهِمَا هُوَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْمَخْدُومَةِ وَاَلَّذِي نَفَاهُ الْبَغَوِيّ هُوَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ كَغَسْلِ ثِيَابِهِ وَالطَّبْخِ لِأَكْلِهِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي ذَلِكَ أَيْ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا تَسْتَحْيِي مِنْهُ وَالْعُمْدَةُ فِيهِ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ.
(وَأَنَّهُ يُبْدِلُ مَنْ تَأْلَفُهَا) أَيْ وَلِلزَّوْجِ إبْدَالُ خَادِمَتِهَا الْمَأْلُوفَةِ لَهَا (لِرَيْبٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِمَعْنَى رِيبَةٍ بِكَسْرِهَا كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (أَوْ خِيَانَةٍ يَعْرِفُهَا) لَا لِغَيْرِهِمَا. لِأَنَّ الْقَطْعَ عَنْ الْمَأْلُوفِ شَدِيدٌ فَلَا يُرْتَكَبُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ خِيَانَةٍ يَعْرِفُهَا مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِ الْخَادِمَةِ ابْتِدَاءً فَالْمُتَّبَعُ اخْتِيَارُهُ لَا اخْتِيَارُهَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَكْفِيَهَا الْخِدْمَةَ بِأَيِّ خَادِمَةٍ كَانَتْ.
(وَ) لَهُ (مَنْعُهَا مِنْ) تَنَاوُلِ (مُمْرِضٍ وَمُنْتِنِ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (وَمِنْ خُرُوجٍ) مِنْ مَسْكَنِهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مُلْزَمَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ نَعَمْ إنْ أَعْسَرَ وَأُمْهِلَ أَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ فَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِتَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ بِكَسْبٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ سُؤَالٍ وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا أَوْ كَانَتْ تَكْتَسِبُ بِمَا لَا يُحْوِجُهَا إلَى الْخُرُوجِ كَغَزْلٍ وَخِيَاطَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَفِّهَا حَقَّهَا لَا يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا (وَ) مِنْ (دُخُولِ الْمَسْكَنِ أُصُولُهَا) بِالرَّفْعِ بِالْفَاعِلِيَّةِ لِدُخُولٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ لَهُ مَنْعَ أُصُولِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ وَكَذَا مَنْعُ غَيْرِهِمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ دُخُولِهِمْ مَسْكَنَهَا عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مُؤَدَّى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ دُخُولِهِمْ عَلَيْهَا لِفَسَادِ هَذَا ظَاهِرًا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إدْخَالِ قُمَاشٍ وَأَثَاثٍ لَهَا إلَى مَكَانِهِ.
(لَا) مِنْ (فَرْدَةٍ مِنْ الْإِمَا) أَيْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ اسْتِخْدَامِ أَمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا يَمْنَعُهَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى وَاحِدَةٍ دُخُولًا وَاسْتِخْدَامًا وَإِنْ أَنْفَقَتْ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهَا وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَغَيْرِ أَمَةٍ أَيْ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ اسْتِخْدَامِ غَيْرِ أَمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَحْسَنُ كَمَا لَا يَخْفَى وَالْحُرَّةُ كَالْأَمَةِ فِيمَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ وَمُوَافَقَةً لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَنْفَقَا أَمَتَهَا.
(وَجَازَ) لِلزَّوْجَةِ (أَنْ تَعْتَاضَ) مِنْ الزَّوْجِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ وَاجِبِهَا الَّذِي اسْتَقَرَّ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ (الدِّرْهَمَا) وَالدِّينَارَ وَالثِّيَابَ وَنَحْوَهَا لِاسْتِقْرَارِهِ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ كَدَيْنِ الْقَرْضِ بِخِلَافِ الْخُبْزِ وَالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ لَا يَجُوزُ اعْتِيَاضُ شَيْءٍ مِنْهَا عَنْ النَّفَقَةِ؛؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَمَا لَوْ اعْتَاضَتْ عَنْ الْبُرِّ حَيْثُ وَجَبَ شَعِيرًا أَوْ دَقِيقَهُ أَوْ خُبْزَهُ جَازَ وَاحْتَرَزُوا بِالِاسْتِقْرَارِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهَا وَبِكَوْنِهِ لِمُعَيَّنٍ عَنْ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ.
(وَبِالنُّشُوزِ) مِنْهَا (فَلْيَعُدْ) زَوْجُهَا (مَا يَبْذُلُ) أَيْ فِيمَا بَذَلَهُ أَيْ أَعْطَاهُ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا نَفَقَةَ يَوْمٍ أَوْ كِسْوَةَ فَصْلٍ فَنَشَزَتْ فِي أَثْنَائِهِ اسْتَرَدَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهَا زَجْرًا لَهَا.
(وَعَادَ بِالْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا أَوْ بِإِبَانَتِهَا فِيمَا بَذَلَهُ لَهَا (لِمَا يُسْتَقْبَلُ) مِنْ الزَّمَنِ (وَكَانَ مِلْكَهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مَلَكَتْهُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ.
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَحْسَنُ) كَأَنَّ وَجْهَ الْأَحْسَنِيَّةِ أَنَّ عَدَمَ الْمَنْعِ مِنْ الْوَاحِدَةِ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ وَالْمُحْتَاجُ إلَيْهِ بَيَانُ الْمَنْعِ مِنْ الزِّيَادَةِ.
(قَوْلُهُ أَيْ عَنْ وَاجِبِهَا الَّذِي اسْتَقَرَّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا لِاحْتِمَالِ سُقُوطِهَا بِنُشُوزٍ وَفِيهِ وَقْفَةٌ. اهـ. وَفِي الرَّوْضِ قَبْلَ هَذَا وَلَهَا بَيْعُ نَفَقَتِهِ الْيَوْمَ لَا الْغَدَ مِنْهُ أَيْ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا مِنْ غَيْرِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ كَالرَّوْضَةِ قَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا أَمَّا نَفَقَةُ الْغَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا بَيْعُهَا مُطْلَقًا لِعَدَمِ مِلْكِهَا. اهـ. أَيْ وَأَمَّا النَّفَقَةُ الْمَاضِيَةُ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَوْ لِغَيْرِ الزَّوْجِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ) يَنْبَغِي وَغَيْرِهِمَا كَالظُّرُوفِ م ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ. . . إلَخْ) إذَا عَوَّضَهَا الدَّرَاهِمَ مَثَلًا فَإِنْ عَوَّضَهَا عَنْ جَمِيعِ مَا وَجَبَ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا جَازَ بِشَرْطِهِ أَوْ عَنْ بَعْضِ ذَلِكَ كَالنَّفَقَةِ مَثَلًا جَازَ وَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مَا كَانَ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّعْوِيضِ فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ عَنْ الْجَمِيعِ وَقَالَتْ بَلْ عَنْ النَّفَقَةِ فَقَطْ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهَا وَعَدَمُ بَرَاءَتِهِ مِنْهُ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا دَرَاهِمَ وَقَالَ: دَفَعْتُهَا عِوَضًا وَقَالَتْ لَمْ أَرْضَ بِالتَّعْوِيضِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ وَادَّعَى قَصْدَ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ هُنَاكَ لَا يُعْتَبَرُ رِضَا الدَّائِنِ، وَلَوْ تَرَاضَيَا أَنْ يَدْفَعَ دَرَاهِمَ عَنْ النَّفَقَةِ مَثَلًا فَلَهُمَا الرُّجُوعُ لَكِنْ كُلُّ مَا أُخِذَ قَبْلَ الرُّجُوعِ يَسْقُطُ بِهِ الْحَقُّ لِوُجُودِ التَّرَاضِي م ر.
ــ
[حاشية الشربيني]
الزَّكَاةُ الْمُعَجَّلَةُ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ.
(قَوْله مُتَّفِقَانِ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ مَا نَفَاهُ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مَا أَثْبَتَهُ الْآخَرُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: هُوَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ) إذْ لَا حَاجَةَ لِنَفْيِ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهَا إذْ لَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ إلَخْ) عَطَفَ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَنْ تَعْتَاضَ إلَخْ) ، الْحَاصِلُ أَنَّ الِاعْتِيَاضَ بِالنَّظَرِ لِلنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَمِنْ غَيْرِهِ وَبِالنَّظَرِ لِمُسْتَقْبِلَةٍ لَا يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَبِالنَّظَرِ لِلْحَالَّةِ